مساعي أميركية لتصنيف جماعة الإخوان “إرهابية”.. ما الجديد؟ وما علاقة حماس؟

إسماعيل يوسف | منذ ساعتين

12

طباعة

مشاركة

رغم فشل محاولات عدة لإدراج جماعة الإخوان المسلمين على قائمة الإرهاب الأميركية، منذ عام 2015، عاد نواب جمهوريون يمنيون من تيار "ماغا" الإنجيلي المتطرف لتقديم طلبات جديدة للكونغرس لإصدار التشريع.

أما الجديد فهو إعلان إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعمها لمشروع القانون هذا ولكن بحجة أن حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، التي تهدد أمن إسرائيل والولايات المتحدة، مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين.

مشكلات قانونية تتعلق بصعوبة إثبات أي عنف للجماعة، أو قيامها بالعمل ضد مصالح واشنطن، وكذا وجود حكومات عربية تعترف بالجماعة أو ينتمي وزراء منها لهم، ووجود جمعيات أميركية لهم، يجعل من الصعوبة تمرير هذا التصنيف.

لذا بينما يزعم مؤيدو هذا التصنيف أن ارتباط الجماعة بحركة حماس يمثل تهديدا للأمن القومي الأميركي، يحذر معارضون له من أن القرار قد يضر بعلاقات واشنطن مع بعض حلفائها، ويزج بملف مكافحة الإرهاب في صراعات سياسية أوسع.

وأدرجت الولايات المتحدة رسميا أعضاء وفروعا وجمعيات خيرية تابعة لجماعة الإخوان المسلمين على قوائم الإرهاب، ومن بينها حماس، لكنها لم تُصنف الجماعة ككل. 

ما الجديد؟

حين كشف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، في 12 أغسطس/آب 2025 أن الولايات المتحدة تعمل على تصنيف جماعة الإخوان المسلمين "منظمة إرهابية"، كانت المناسبة هذه المرة هي ربط حركة "حماس" بالإخوان.

الوزير الأميركي، لم يقصر الحديث عن دراسة تصنيف "إرهابية"، على جماعة الإخوان، بل وأشار إلى مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير) الذي يدافع عن مسلمي أميركا.

ما يشير إلى أن الهدف ليس الإخوان، بقدر ما هو محاولة لتشويه المجتمع الأميركي المسلم، وتغذية صناعة الإسلاموفوبيا، وفق منظمات إسلامية.

واعترف روبيو، خلال حوار مع الإذاعي اليهودي "سيدني روزنبرغ" أن "عملية التصنيف معقدة من الناحية القانونية وتتطلب إجراءات دقيقة".

وعندما سأله المذيع عن سبب عدم تصنيف إدارة ترامب منظمة كير وجماعة الإخوان المسلمين، جماعات إرهابية، مثلما تم مع عصابات مخدرات إجرامية (!)، قال روبيو: "كل هذا قيد الإعداد"، أي يجري تجهيزه.

لكنه أكد أن "هناك فروعا مختلفة للجماعة، لذلك يجب تصنيف كل فرع على حدة"، مشيرا إلى "ضرورة جمع الأدلة وإعداد الوثائق اللازمة لتجنب الطعون القضائية على مثل هذا القرار".

وأشار إلى أن المراجعة تشمل تحديد ما إذا كانت المجموعات داعمة للإرهابيين أو إرهابية بحد ذاتها، وأن الأمر يستغرق وقتا لأن الولايات المتحدة لم تقم بهذا النوع من التصنيف منذ وقت طويل، ما يستدعي جهدا كبيرا لتعويض التأخر.

وكان عدد من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين قد قدموا في يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز 2025، مشروع قانون لإعلان جماعة الإخوان المسلمين "منظمة إرهابية".

ومنهم السيناتور الجمهوري تيد كروز، الذي ربط بين حركة حماس وجماعة الإخوان، وزعم أنها جزء منها لذا يجب حظر الإخوان مثل حماس.

وتحجج كروز وهو يعلن إعادة تقديم مشروع قانون تصنيف جماعة الإخوان المسلمين "إرهابية"، بأن الشاب المصري الذي قام بالهجوم في بولدر بولاية كولورادو ويدعى محمد سليمان، أعلن دعمه لجماعة الإخوان.

وكان سليمان قاد سيارته ودهس مظاهرة ليهود داعمين لإسرائيل وهو يهتف "الحرية لفلسطين"، وأعلن أنه فعل ذلك "كراهية للصهاينة بسبب ما يفعلونه في غزة"، بحسب شبكة "سي إن إن" في 2 يوليو 2025.

استغلال الإبادة

وزعم كروز في بيان نشرته صحيفة "ذا هيل" في 4 يونيو 2025 أن "جماعة الإخوان المسلمين تستعمل العنف السياسي لتحقيق غايات سياسية وزعزعة استقرار حلفاء أميركا، داخل الدول وخارجها".

"أما الفرع الفلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين فهو حركة حماس، وهي جماعة إرهابية ارتكبت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول أكبر مذبحة لليهود في يوم واحد منذ الهولوكوست، والتي شملت قتل واختطاف عشرات الأميركيين"، وفق زعمه.

وواصل الزعم أن "جماعة الإخوان استخدمت إدارة جو بايدن (السابقة) لتعزيز نفوذها وتعميقه، لكن إدارة ترامب والكونغرس الجمهوري لم يعد بإمكانهما تحمل تكلفة تجنب التهديد الذي تشكله على الأميركيين والأمن القومي الأميركي".

وفي 16 يوليو 2025، أعاد النائبان الأميركيان ماريو دياز بالارت، وجاريد موسكوفيتز، تقديم قانون تصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية لعام 2025، ضمن إستراتيجية حديثة لتصنيف الجماعة العالمية "إرهابية".

وطالبا في مشروع القانون، الرئيس ترامب ووزير الخارجية باستخدام سلطتهما القانونية لفرض عقوبات على جماعة الإخوان المسلمين بزعم أنها "منظمة إرهابية".

وسبق أن حاول ترامب على مدار أربع سنوات من إدارته الأولى تصنيف جماعة الإخوان المسلمين "إرهابية"، مع نواب كونغرس موالين له لكنه فشل، غير أن هؤلاء النواب يرون أن الوقت مناسب حاليا لتصنيفها بتقدير حماس تابعه لها.

وهذه المرة يركز فريق ترامب على الربط بين الإخوان وحماس مستغلا الإبادة المتواصلة على قطاع غزة.

وقبل 5 أيام من مغادرته البيت الأبيض، أعلن ترامب وضع حركة "حسم" ضمن المنظمات الإرهابية المصنفة أميركيا، والتي تعدها القاهرة جناحا مسلحا من إخوان مصر، فيما تنفي الجماعة علاقتها بها وتؤكد أن منهجها سلمي.

وأشار مراقبون إلى أن مشروع القانون الجديد يعتمد إستراتيجية جديدة "من الأسفل إلى الأعلى" لتحديد الفروع المشاركة مباشرة في الإرهاب قبل تصنيف المنظمة بأكملها.

مع الحرص على تجنب الانتقادات القانونية المتعلقة بفروع الإخوان التي لم تشارك في أعمال العنف بشكل مباشر.

التضييق والمحاربة

ومنذ طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، انتشرت تقارير ودراسات في أميركا وأوروبا، يقف خلف كثير منها باحثون يهود، تطالب بتصنيف الإخوان جماعة "إرهابية" لسببين.

الأول أن حماس التي هاجمت إسرائيل هي "الجناح الفلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين"، لذا يجب التركيز على البنية التحتية الأيديولوجية التي أفرزتها، وهي جماعة الإخوان المسلمين، وفق هذه التقارير الأجنبية.

والثاني أن جماعات وأحزابا تنتمي لفكر جماعة الإخوان المسلمين في العالم العربي امتدحت ما فعلته حماس، وأشادت هذه الأحزاب في تونس والمغرب والأردن وغيرها بحماس، ما يتطلب حظرها في أميركا.

أحد هذه التقرير نشره "أحمد شراعي" هو رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة "وورلد هيرالد تريبيون"، وناشر صحيفة "جيروزالم ستراتيجيك تريبيون"، في أبريل/نيسان 2025، ودعا فيه ترامب لـ"سحق الإخوان المسلمين".

وقال: إنه يجب تصنيف جماعة الإخوان المسلمين رسميا كمنظمة إرهابية أجنبية، بما يسمح للحكومة الأميركية بتجميد أصولها، ومقاضاة من يقدمون لها الدعم المادي، ودعا إدارة ترامب إلى التحرك وحظر الجماعة.

وطالب شراعي إدارة ترامب باتخاذ إجراءات قانونية ومالية ضد المنظمات الأميركية التي لها صلة بجماعة الإخوان المسلمين أو غيرها من الحركات الإسلامية الأجنبية، بزعم "تلقيهم تمويلًا من حكومات أو جهات مانحة من الخارج".

كما طالب الولايات المتحدة باستخدام نفوذها الدبلوماسي والاقتصادي لدفع حكومات الدول الحليفة إلى "قمع الأحزاب الإسلامية التي تُحرض على العنف وتُروج للاستبداد الديني". 

وفي 19 يونيو 2024، سعى المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري، في حوار مع القناة 13 العبرية لتأكيد أن هدف إنهاء حركة حماس "غير ممكن" بسبب عقيدتهم الفكرية، مؤكدا أن "الإخوان كلمة السر".

وفسر صعوبة تدمير حماس، بالفكر الذي تعتنقه الحركة، وهو فكر جماعة الإخوان المسلمين، حسب صحيفتي "هآرتس" و"يديعوت أحرونوت".

وأكد أن "حماس، هي الإخوان المسلمون"، والإخوان فكرة وأولئك الذين يعتقدون أنه من الممكن اختفائها (كفكرة) مخطئون".

ويرى باحثون إسرائيليون أن الإخوان المسلمين “هم الخطر على دولتهم”، لذا يروجون مع باحثين غربيين لضرورة حظر وتصنيف الإخوان جماعة إرهابية لزيادة التضييق عليها ومحاربتها.

تداعيات محتملة

ورغم صعوبة التصنيف وتوقع فشل هذه المحاولة الجديدة مثل سابقتها، تؤكد منظمات حقوقية ومجموعات إسلامية أميركية أن هذه الخطوة، في حال إقرارها، سيكون لها تداعيات محتملة.

إذ ستتيح للحكومة الأميركية فرض حظر على دخول أعضاء الجماعة إلى الأراضي الأميركية، وتجميد أصولهم، وفرض عقوبات على الكيانات المرتبطة بها.

ويؤكد باحثو "معهد السياسة الاجتماعية والتفاهم" (بحثي يركز على مسلمي أميركا)، أنه بينما يتذرع مؤيدو مشروع القانون بالأمن القومي، يعتقد معارضوه أنه محاولة مستمرة لتشويه سمعة المسلمين، وشل المجتمع المدني الأميركي المسلم، وتغذية صناعة الإسلاموفوبيا. 

وفي 17 مايو/أيار 2019، نشرت مجلة "فورين آفيرز" تقريرا حول مخاطر اعتزام ترامب تصنيف "جماعة الإخوان إرهابية" خلال ولايته الأولى، وهو ما لم يحدث.

لكن المجلة أحصت المخاطر في أن "من شأن التصنيف أن يعزز استبعاد أعضائها المعتدلين من السياسة التقليدية، الأمر الذي من شأنه أن يحفز التطرف وانتشار الجماعات المنشقة العنيفة".

كما يمكن استخدام تصنيف الجماعة "إرهابية" في استهداف مجموعة من الجماعات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها والتي تربطها صلات بالإخوان المسلمين، مثل مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية، وتغذي الإسلاموفوبيا، وفق “فورين آفيرز”.

وأكدت المجلة أن إعلان الإخوان المسلمين جماعة إرهابية “يمكن أن يحدث أضرارا خطيرة لسياسة وقانون مكافحة الإرهاب الأميركي الصادر عام 1996”.

وخلص الكاتبان في مقالهما إلى أنه "إذا تابعت إدارة ترامب تسمية جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، ستؤدي إلى تآكل القوة المقنعة للتصنيفات الأميركية، وقد ترى بلدان أخرى أن هذه الخطوة متقلبة"

معايير التصنيف

ولتصنيف أي جماعة بصفتها "منظمة إرهابية أجنبية"، يجب توفر ثلاثة شروط وفق القانون الأميركي هي أن يكون مقر المجموعة خارج الولايات المتحدة أو أن يكون لها عمليات كبيرة في الخارج.

وأن تكون منخرطة في أنشطة إرهابية، مثل الهجمات أو التفجيرات أو عمليات الاختطاف أو غيرها، أو التأثير على سياسة الحكومة من خلال العنف، أو زعزعة استقرار المجتمعات.

وأخيرا، يجب أن تشكل أنشطة المجموعة تهديدا لأمن المواطنين الأميركيين أو الأمن القومي للولايات المتحدة، بما في ذلك سياستها الخارجية أو مصالحها الاقتصادية أو الدفاعية.

ومن أجل تصنيف أي منظمة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة، تقوم وزارة الخارجية، في كثير من الأحيان بالتشاور مع وزارة العدل والخزانة ووكالات الاستخبارات، بإجراء مراجعة شاملة وتجميع الأدلة، مثل تقارير الاستخبارات.

ويجب أن يكون هذا التصنيف مُبرَّرا قانونيا، إذ يُمكن الطعن فيه أمام المحكمة (كما ذُكر في مقابلة الوزير روبيو)، وبمجرد الموافقة عليه، يُنشر التصنيف في السجل الفيدرالي ويدخل حيز التنفيذ فورا.

و"القائمة الأميركية للإرهاب"، المعروفة رسميا باسم "قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية" (Foreign Terrorist Organizations-FTO)، هي قائمة تعدها وتصدرها وزارة الخارجية الأميركية بموجب قانون "السلطات الأمنية" (Immigration and Nationality Act-INA)

وتُصنف هذه القائمة المنظمات التي تعتبرها الولايات المتحدة "إرهابية" بناء على معايير محددة، ويترتب على هذا التصنيف عقوبات اقتصادية وقانونية وسياسية.

ويتم مراجعة هذه القائمة دوريا (كل 5 سنوات)، وقد تُضاف أو تُزال منظمات منها، فعلى سبيل المثال، تم شطب منظمة “مجاهدي خلق” الإيرانية من القائمة عام 2012 بعد ضغوط سياسية.

وفي 7 يوليو 2025، تم إلغاء تصنيف "هيئة تحرير الشام" السورية كمنظمة إرهابية أجنبية بعد تحريرها دمشق وإنهاء حكم بشار الأسد، بحسب بيان صادر عن وزير الخارجية ماركو روبيو.