عقوبات أميركا على حميدتي و"الدعم السريع".. لماذا شملت 7 شركات إماراتية؟

منذ ٤ أيام

12

طباعة

مشاركة

فرضت الولايات المتحدة في 7 يناير/كانون الثاني 2025، عقوبات على قائد قوات الدعم السريع في السودان محمد حمدان دقلو، المعروف بـ"حميدتي"؛ "لدوره في الفظائع الممنهجة بحق الشعب السوداني".

واتهمت مليشياته التي تخوض قتالا ضد الجيش النظامي منذ أبريل/نيسان 2023، بارتكاب "إبادة جماعية" في إقليم دارفور، فضلا عن فرض عقوبات ضد سبع شركات إماراتية.

وعللت وزارة الخزانة الأميركية العقوبات على حميدتي بكونه "طرفا رئيسا" في النزاع، ولأن "جرائم الحرب والفظائع" التي كشفتها الولايات المتحدة ارتكبت تحت قيادته.

وأضافت أن "حميدتي يتحمل من خلال قيادته مسؤولية رئيسة عن الأعمال الفظيعة وغير القانونية التي تقوم بها قواته".

خطوة متأخرة؟

وصف كاميرون هدسون من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن هذه الخطوة في مقابلة مع وكالة "رويترز"، بأنها متأخرة للغاية وغرضها الرئيس وضع إدارة بايدن "على الجانب الصحيح من التاريخ". 

من جانبه، علق معهد دراسات إيطالي بأن الخطوة جاءت بمثابة "تغير مفاجئ" من جانب الإدارة الديمقراطية، بعد ضغوط قوية من بعض أعضاء مجلس الشيوخ.

في هذا الإطار، ذكر معهد "الدراسات السياسية الدولية" تبني الكونغرس الأميركي في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، قرارا قدمه السيناتور الجمهوري جون جيمس، يُصنف انتهاكات قوات الدعم السريع ومليشيات متحالفة معها في إقليم دارفور بأنها "إبادة جماعية".

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2024، قدم أعضاء آخرون قادهم كريس كونز (ديمقراطي من نيويورك) وجيم ريش (جمهوري من نيويورك)، وكلاهما عضو في لجنة العلاقات الخارجية، قانون المساءلة في السودان إلى مجلس الشيوخ لمحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب. 

وفي 6 من ديسمبر/ كانون الأول، قالت الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان "تبين لي أن عناصر في القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ارتكبوا جرائم حرب في السودان".

واتهم "أيضا عناصر في قوات الدعم السريع ومليشيات متحالفة معها" بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية وعمليات تطهير عرقي".

الجنجويد مجددا

على الرغم من أن الاتهامات بارتكاب إبادة جماعية ليس لها آثار قانونية فورية، فإن المعهد الإيطالي يشدد على أن الدول، بصفتها طرفا في اتفاقية الأمم المتحدة التي تجرم الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، ملزمة بمحاكمة مرتكبيها كلما أمكنها ذلك.

وحسب تحليله، تهدف الخطوة في المقام الأول إلى رفع مستوى الاهتمام الدولي بما يحدث في السودان على غرار ما حدث بالفعل في نفس البلد بين عامي 2003 و2004. 

وذكر أن وصف الولايات المتحدة في عام 2004 ما يحدث آنذاك في إقليم دارفور بأنه إبادة جماعية، كان بمثابة الإستراتيجية الناجحة. 

بالإضافة إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية التي أدت في نهاية المطاف إلى توقيع اتفاق سلام دارفور في عام 2006 وإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف ضد الرئيس الأسبق عمر البشير في عام 2009. 

ويذكر المعهد كذلك بتبني الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2005 مبدأ المسؤولية عن الحماية الذي أكد مسؤولية المجتمع الدولي الأوسع عن اتخاذ تدابير "في الوقت المناسب وحاسمة" لحماية المدنيين المعرضين للخطر عندما يتم التأكد من أن دولتهم التي تتحمل المسؤولية الأساسية عن حماية مواطنيها "فشلت بشكل واضح" في أداء واجبها.

ولاحظ المعهد أن مرتكبي الإبادة الجماعية الحالية في السودان هم أنفسهم من ارتكب مثلها في السابق، مشيرا إلى الاتهامات للحكومة السودانية ومليشيات الجنجويد بارتكاب الجرائم نفسها في عام 2003 في إقليم دارفور. 

وشكلت الجنجويد نواة مليشيا الدعم السريع، مجموعة شبه عسكرية تأسست في عام 2013، وسلطت واشنطن في السابع من يناير 2025 عقوبات ضد قائدها لدوره في ارتكاب فظائع.

ماذا يعني تحرك واشنطن؟

استهدفت العقوبات الأميركية الجديدة على وجه التحديد قائد مليشيا الدعم السريع "حميدتي"، وكانت في وقت سابق قد فُرضت ضد قيادات أخرى في المليشيا من بينهم شقيقاه "القوني" و"عبد الرحيم" حمدان دقلو، بسبب تورطهم في تمويل الحرب وارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان.

كما فرض الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة عقوبات مماثلة، في حين ظل حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على دارفور قائما منذ عام 2004. 

ويشرح المعهد الإيطالي أن النتائج الضعيفة التي أحرزتها هذه التدابير، لا تشير إلى "سهولة الالتفاف عليها في ظل نظام متعدد الأقطاب فحسب، بل إلى حقيقة أن المصالح الاقتصادية للأطراف المتدخلة في الصراع السوداني لا توجد في الدول الغربية، بل في أماكن أخرى". 

ولهذا السبب، أكد أن شمول العقوبات المفروضة على 7 شركات مقرها الإمارات، واتهامها بتقديم أموال ومعدات عسكرية لقوات "الدعم السريع"، يعد العنصر الأكثر إثارة للاهتمام.

وشدد على أن دعم دولة الإمارات لقوات الدعم السريع بات الآن حقيقة واقعة، بالرغم من نفي السلطات الإماراتية تزويد المجموعة شبه العسكرية بالأسلحة.

 وأشار إلى آراء الكثير من المراقبين بضرورة التحرك ضد أبو ظبي ودعمها للمليشيا السودانية من أجل إجبار الأطراف على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.

ويذكر في هذا الصدد مبادرة تركية للتوسط من أجل إنهاء التوتر بين السودان والإمارات خلال اتصال هاتفي أجراه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان.

دور الإمارات 

الترحيب الإماراتي بالوساطة التركية، إلى جانب التراجع الواضح لقوات الدعم السريع وتكبدها هزائم وخسارتها لمناطق كانت تحت سيطرتها، يشير وفق المعهد الإيطالي، إلى "حساسية إماراتية محتملة للضغوط الأميركية". 

علاوة على ذلك، أشار إلى التحالف الأميركي الإماراتي لا في المجالات العسكرية والأمنية فحسب، بل وفي المجال التجاري أيضا.

وقال: إن "تنصيب ترامب المرتقب، على ضوء تصريحاته النارية وقوميته المتطرفة، بالإضافة إلى أولويته المطلقة الممنوحة للمصالح التجارية الأميركية، فضلا عن نفوره المعروف من المشاركة في التدخلات الإنسانية، يلقي بعلامة استفهام كبيرة على مستقبل التحرك الأميركي في الأزمة السودانية". 

ورغم استبعاده لأي دور أميركي في حل مشاكل السودان، شدد على ضرورة بقاء العقوبات قائمة وتأكيد الضغوط على الإمارات واحترام الالتزامات التي تنص عليها الاتفاقيات الدولية.

وعلى ضوء اهتمام الحزبين الجمهوري والديمقراطي داخل الكونغرس بالأزمة السودانية، أعرب عن أمله أن يستمر الضغط على الحكومة الأميركية للحفاظ على اهتمام كبير بالمسألة.

 وأن يتم تأكيد التدابير المتخذة، هذا إلى جانب أن تسهم جهود الوساطة في التوصل إلى حل سياسي.