الأردن والسعودية وإيران.. كيف تفكر أنظمة المنطقة بعد سقوط الأسد؟
"مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي يحتاج إلى مراقبة التطورات"
يستعد المستوى العسكري والاستخباري الإسرائيلي لمجموعة متنوعة من السيناريوهات بشأن الحدود السورية، بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وفي هذا السياق، رأت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية أن سقوط النظام، في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، على يد المعارضة المسلحة، يمكن أن يهز الشرق الأوسط.
وقالت: "يبدو أن سقوط نظام الأسد، يمثل نهاية حقبة كانت فيها سلطة واحدة واضحة على معظم أنحاء سوريا، والآن، ستحتاج إسرائيل إلى تحديد مجالات جديدة للتعاون مع زعماء جدد".
وأضافت أن "الثوار السوريين يتألفون من مجموعة تنظيمات لا تتقاسم بالضرورة نفس الرؤية، باستثناء توحدها ضد نظام الأسد، عدوها المشترك".
تحركات إسرائيلية
وعلى هذا فإن مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي يحتاج إلى مراقبة التطورات، وبالتزامن مع الجهود الدبلوماسية، ستحاول إسرائيل تأمين المنطقة القريبة من الحدود عبر التفاعل مع الأطراف المسيطرة للوصول لاتفاقات تأسيسية حول سبل حفظ الاستقرار، وفق الصحيفة.
وأشارت إلى أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية وأجهزة الاستخبارات تستعد لعدة سيناريوهات "بدءا من النشاطات الثورية قرب السياج وصولا إلى محاولات الثوار السيطرة على مخازن الأسلحة غير التقليدية التي يحتفظ بها جيش النظام السوري".
وبينت أن إسرائيل تواجه محاولات إيران و"حزب الله" الحصول على أسلحة إستراتيجية، مثل صواريخ "P-800 أونيكس"، والصواريخ الباليستية، والطائرات المروحية، إلى جانب مخازن ضخمة من الأسلحة.
وفي نفس يوم سقوط الأسد، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في كلمة مصورة قرب الحدود مع سوريا: "لقد انهارت اتفاقية فصل القوات لعام 1974، وتخلى الجنود السوريون عن مواقعهم"، مضيفا: "لن نسمح لأي قوة معادية بالتموضع على حدودنا".
ووُقعت اتفاقية فصل القوات بين إسرائيل وسوريا في 31 مايو/أيار 1974، بعد حرب 6 أكتوبر/تشرين الأول 1973 وفترة استنزاف على الجبهة السورية.
وتنص الاتفاقية على انسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق جبل الشيخ التي احتلتها في الحرب، بالإضافة إلى حوالي 25 كلم مربع تشمل محيط مدينة القنيطرة وبعض المناطق التي احتلتها في حرب 1967.
كما رسمت الحدود الحالية بين الطرفين وأنشأت خطين فاصلين (إسرائيلي باللون الأزرق وسوري باللون الأحمر)، مع منطقة عازلة بينهما.
واحتل الجيش الإسرائيلي منطقة جبل الشيخ (المعروفة في إسرائيل باسم حرمون) من الناحية السورية، التي كانت تحت سيطرة نظام الأسد.
وصدقت الحكومة الإسرائيلية على قرار غزو المنطقة العازلة وجبل الشيخ، بناءً على اقتراح وزير الحرب، يسرائيل كاتس، بعد أن تبين سقوط نظام الأسد.
كذلك، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، عبر منصة "إكس": إلى السكان في البلدات التالية: أوفانية والقنيطرة والحميدية والصمدانية الغربية والقحطانية. القتال داخل منطقتكم يجبرنا على التحرك.. عليكم البقاء في منازلكم وعدم الخروج حتى إشعار آخر".
ولم تتوقف الغارات الإسرائيلية على سوريا منذ سقوط نظام الأسد، بذريعة القضاء على أسلحة كيميائية وإستراتيجية “تخشى تل أبيب وقوعها في يد المعارضة”.
إيران وحزب الله
في هذه الأثناء، تراقب إيران أبرز أصولها، ولا شك في أن نظامها يعيد تقييم استثماره في الحالة السورية، متسائلا عما إذا كان بالإمكان إنقاذ وجوده في سوريا من السقوط المحتوم، وفق جيروزاليم بوست.
"ففي النهاية، يدرك الإيرانيون أن ما تبقى لهم بعد الضربات القاسية التي وجهها الجيش الإسرائيلي لحزب الله وانهيار نظام الأسد هو برنامجهم النووي".
لذلك، فإنهم سيواجهون قريبا معضلة كبيرة: هل سيدفعون قدما في المشروع النووي كوسيلة لحمايتهم، أم يسعون إلى اتفاق مع الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، للحصول على أربع سنوات من الهدوء والحصانة من الهجوم الإسرائيلي؟
"وفي هذه المرحلة، تفضل الحكومة الإيرانية إيقاف مشروعها النووي، الذي يتقدم بطريقة مثيرة للقلق"، بحسب تقييم الصحيفة.
أما حزب الله، الذي يئن من الضربات القوية التي وجهها الجيش الإسرائيلي، يعيد حساباته ويعمل على إنقاذ مخزونه من الأسلحة في جنوب لبنان، وفق قولها.
وأضافت أن "العمود الفقري اللوجستي للحزب، سوريا، انهار أمام عينيه، مما يسلبه الدعم الكبير الذي كان يعتمد عليه".
وأردف: "قد تتراجع قدرة الحزب على مواجهة الجيش الإسرائيلي بشكل كبير، حيث سيتركز اهتمامه بشكل رئيس على فهم ما يجرى في سوريا وتأثيرات هذه الأحداث عليه وعلى مصالحه".
الأردن والسعودية وأميركا
وقالت الصحيفة: "على الحدود الشرقية، يواصل الملك عبد الله الثاني قراءة التقارير الواردة من وسائل الإعلام الأجنبية، ويستقبل المعلومات الاستخباراتية من عملائه، ويعلم أنه في أي لحظة قد يندفع الثوار إلى الأردن".
وأوضحت أن "انهيار نظام الأسد سيدفع الملك عبد الله إلى مراقبة بلاده عن كثب، والتي تعج بالعديد من القوى الداخلية التي قد تستغل الوضع الإقليمي المتوتر لتغيير الواقع السياسي في الأردن".
وأشارت إلى أن "هذا مصدر قلق لإسرائيل أيضا، نظرا لأن لديها أطول حدود وأكثرها استقرارا نسبيا مع المملكة".
وأكدت أن "أي تغيير أمني كبير على الحدود الأردنية قد يؤدي إلى إعادة توزيع قوات الجيش الإسرائيلي على القطاعات المختلفة".
وحول الموقف السعودي، قالت الصحيفة: "قد يكون انهيار النظام في سوريا نقطة تحول للمحور السني المعتدل الذي تقوده المملكة"، مؤكدا أن الأخيرة ليست في وضع يسمح لها باتخاذ موقف أو التأثير على تفكيك المحور.
وزعمت الصحيفة العبرية أن "الثوار قد يكتسبون زخما ويوسعون طموحاتهم إلى ما هو أبعد من سوريا، مما قد يؤثر على الشرق الأوسط بأكمله".
بدورها، تحافظ القوات الأميركية على تركيز كبير لقواتها في منطقة التنف، عند مثلث الحدود بين الأردن وسوريا والعراق.
وقالت جيروزاليم بوست إن "آخر ما تود الولايات المتحدة حدثه هو رؤية جنودها وهم يقاتلون الثوار، فحتى قبل سقوط نظام الأسد، اقترح مسؤولون أميركيون كبار سحب القوات بسبب المخاطر المتزايدة".
ولكن مثل هذا الانسحاب من شأنه أن يُنظَر إليه بصفته علامة ضعف، وأن يزيد احتمالية تعرض الأردن لهجمات.
وأكدت الصحيفة أنه "في هذه المرحلة، لا تزال السياسة الأميركية تجاه سوريا والمنطقة غير واضحة، مع تردد ملحوظ من جانب البيت الأبيض".