نهاية اتفاقية الصيد البحري مع السنغال.. كيف كشفت جشع الاتحاد الأوروبي؟

منذ ٦ أيام

12

طباعة

مشاركة

بعد خمس سنوات من العمل، أنهت السنغال والاتحاد الأوروبي الاتفاقية التي سمحت للسفن الأوروبية بالصيد في المياه السنغالية، وسط اتهامات متبادلة بعدم التعاون في مكافحة الصيد غير المشروع وفقدان السيادة الوطنية.

وقالت صحيفة "الباييس" الإسبانية إن انتهاء اتفاقية الصيد بين السنغال والاتحاد الأوروبي في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2024،، تزامن مع فوز حزب “باستيف” (الوطنيون الأفارقة في السنغال من أجل العمل والأخلاق والأخوة). 

وتمكن الحزب بقيادة باسيرو ديوماي فاي من افتكاك السلطة من الحزب الحاكم في الانتخابات الرئاسية السابقة في مارس/ آذار 2024. 

انخفاض في الدخل

وقالت صحيفة "الباييس" إن “فاي اعتلى السلطة لتعزيز الاقتصاد الوطني وإعادة التفاوض على عقود التعدين والنفط وصيد الأسماك”. 

وأكدت أنه “بالتزامن مع انتهاء العقد مع الاتحاد الأوروبي، أصبح من الممكن أن يُظهر فاي لناخبيه أنه قادر على الوفاء بوعوده”. 

وقرار عدم تجديد اتفاقية الصيد مع الاتحاد الأوروبي، تؤثر بشكل رئيس على السفن الإسبانية والفرنسية، حيث كانت تسمح الاتفاقية بصيد 10 آلاف طن من سمك التونة و1750 طنا من سمك النازلي سنويا.

ونوَّهت الصحيفة إلى أن “الصيد الجائر عادة ما يرتبط بشمال الكرة الأرضية، لكن بيان الاتحاد الأوروبي الذي أعلن نهاية الاتفاقية قدر أن الصيد الأوروبي يقل عن واحد بالمئة من إجمالي المصيد المُبلغ عنه في المياه السنغالية”.

واستطردت: “رغم هذه الأرقام، فإن الصيد الجائر يمثل مشكلة بالنسبة للسنغاليين الباحثين عن فرص عمل في قطاع صيد الأسماك، ويقع جزء من اللوم على عاتق السفن المملوكة للشمال العالمي”.

ووفقا لدراسة أجرتها مؤسسة "العدالة البيئية"، فإن “هناك سفنا ترفع العلم السنغالي، لكن المستفيدين الحقيقيين هم أجانب، بعدد لا يستهان به، ويمثل هذا النوع من السفن أكثر من نصف جميع سفن الصيد العاملة قبالة الساحل السنغالي”. 

وقد نمت سفن الصيد بشباك الجر في العقد الماضي، ولاحظ 77 بالمئة من الصيادين التقليديين الذين شملتهم الدراسة انخفاضا في دخلهم. 

كما أن ما لا يقل عن 29 بالمئة من سفن الصيد التي تحمل العلم السنغالي مرتبطة بمستفيدين من الاتحاد الأوروبي، و20 بالمئة أخرى إلى مستفيدين من الصين، وهناك نسبة 25 بالمئة متبقية لم تتمكن المنظمة غير الحكومية من تحديد ملكيتها، حيث إنها مخفية وراء شركات وهمية.

وتقدر الدراسة أنه في سنة 2019، قام الأسطول الصناعي بأكمله الذي يرفع العلم السنغالي بصيد ما يقارب 18 بالمئة من إجمالي الأسماك التي تم صيدها في السنغال، بينما يشكل الصيد التقليدي 82 بالمئة.

ومن شأن هذا الوضع أن يؤثر بشكل مباشر على الصيادين السنغاليين لأن هذه السفن تعمل خارج المعاهدات الدولية، مما يزيد من حجم صيدها سنويا منذ عام 2010.

بالإضافة إلى ذلك، تحذر الدراسة أيضا من أن هذه السفن متهمة بتنفيذ عمليات صيد غير قانونية لصالح قوارب أخرى، والتي يمكن أن تأخذ المصيد إلى موانئ أخرى.

إفقار الصيادين

وبينت الصحيفة أن "الصيد غير القانوني في السنغال هو أحد الأسباب التي تجعل الشباب يسلكون الطريق الخطير إلى جزر الكناري". 

فيما أوضحت الدراسة التي أعدتها مؤسسة "العدالة البيئية" كيف أن الصيد بشباك الجر يعجل بانهيار الصيد الحرفي في السنغال. 

وتؤثر ندرة الأسماك على فرص العمل، وبالإضافة إلى ذلك، يتفاقم الصيد غير القانوني بسبب ارتفاع درجة حرارة البحر نتيجة لأزمة المناخ. 

ويضاف إلى هذه العوامل التي تؤثر على غرب إفريقيا بأكملها، حالة عدم الاستقرار التي شهدتها السنغال عندما تم سجن زعماء حزب “باستيف”. 

وبحسب اللجنة الإسبانية لمساعدة اللاجئين، كان عدم الاستقرار السياسي سببا في الزيادة الاستثنائية في هجرة السنغاليين إلى جزر الكناري. 

ونوهت الصحيفة إلى أن الرئيس السنغالي الجديد فاي يواجه التحدي المتمثل في خفض معدل البطالة الذي يتجاوز 20 بالمئة وتوفير فرص العمل. 

في المقابل، أصدر الاتحاد الأوروبي بيانا أكد فيه أن الخلاف بشأن الصيد “جاء نتيجة تحديد السنغال كدولة غير متعاونة في مكافحة الصيد غير القانوني وغير المبلغ عنه وغير المنظم”. 

وبحسب الإعلان، فإن المفوضية الأوروبية هي التي قررت تعليق تجديد الاتفاق. 

لكن خلال الحملة الانتخابية، نفى وزير التعليم العالي، عبد الرحمن ضيوف، ذلك بشكل قاطع وأكد أن الحكومة السنغالية هي التي تعارضه.

وأوضح الوزير أنه "لا يمكننا الاستمرار في توقيع اتفاقيات الصيد التي من شأنها إفقار الصيادين السنغاليين"، دون توقعات لتجديدها.

تأثير مباشر

ويتزامن انتهاء الاتفاقية مع حكم محكمة العدل الأوروبية الذي ألغى اتفاقية الصيد مع المغرب في أكتوبر/ تشرين الأول 2024 بدعوى "انتهاكها حقوق الشعب الصحراوي". 

وتؤثر كلتا الاتفاقيتين بشكل خاص على سفن الصيد الإسبانية، وبالنسبة للمغرب، يعني ذلك خسارة 52 مليون يورو سنويا، وفي حالة السنغال، ثلاثة ملايين يورو سنويا. 

ويرى الباحث في معهد "شمال إفريقيا"، بابا سو، أن الحكومة السنغالية هي من تخلت عن تجديد الاتفاق بهدف إعادة التفاوض على الاتفاق وتحصيل اتفاق آخر يدر عليها أرباحا أعلى. 

وأوضح أن "حكومة دكار تعتقد أن المغرب يتلقى أموالا أكثر مما تحصل عليه السنغال في نفس الاتفاقات".

وقال سو، الباحث في أزمة المناخ والهجرة إن "الحكومة تريد أيضا حماية الصيادين لمنعهم من الهجرة". 

وأضاف أن "العديد من المهاجرين عبر قوارب الصيد هم نفس الصيادين الذين يعرفون كيفية قيادتها جيدا، إنهم عمال صيد مؤهلون تأهيلا عاليا يغادرون البلاد أو يموتون أثناء الرحلة في البحر".

ويضاف إلى هذه المشاكل التي تواجه قطاع الصيد في السنغال، التأثير المباشر لأزمة المناخ، والمتمثل في ارتفاع درجة حرارة المياه. 

وقد أشارت إلى هذه المعضلة دراسة حديثة أخرى أجريت بين مركز داكار-ثيوري لأبحاث علوم المحيطات والمعهد الفرنسي للبحث والتطوير.

وتجدر الإشارة إلى أن السردين هو من أكثر الأنواع استهلاكا في البلاد وقد بدأ يندر على الساحل السنغالي.

وأوضحت الدراسة المشتركة أن كميات الصيد من هذه الأسماك قد انخفضت بنسبة تتراوح بين 70 و80 بالمئة، وتحذر من أن المياه السطحية في المنطقة الساحلية للسنغال وموريتانيا "شهدت ارتفاع درجات الحرارة الأكثر وضوحا بين جميع المناطق المدارية في العالم".