مركز دراسات إيطالي: القمع والفقر عجلا بانهيار قوات النظام السوري

منذ يومين

12

طباعة

مشاركة

أرجع مركز دراسات إيطالي انهيار نظام بشار الأسد وقواته في سوريا، إلى عاملين اثنين، قمعه المدنيين وتخلي حلفائه عنه. 

وبين “مركز الدراسات الجيوسياسية” أن قوات النظام بسطت سيطرتها "على جزء كبير من المناطق السورية بفضل الدعم العسكري الروسي والإيراني وكذلك حزب الله اللبناني، ما وضعها، على الورق فقط، في موقع قوة ضد المعارضة التي بدت مقسمة إلى مجموعات مختلفة".

وأسقط الشعب السوري والمعارضة المسلحة نظام الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 بعد 13 عاما من تاريخ احتجاجات شعبية كانت سلمية في بدايتها لكن قوات النظام قمعتها بشكل دموي.

وبحسب بعض الإحصائيات، تجاوزت حصيلة القتلى منذ عام 2011 أكثر من 600 ألف شخص ونحو 6.5 ملايين نازح داخليا، وأكثر من خمسة ملايين لاجئ في عدة دول. 

وخرج السوريون للشوارع في مختلف المحافظات للاحتفال بسقوط الأسد الذي جثم على صدورهم لأكثر من عقدين وسلبهم حقوقهم وارتكب ضدهم جرائم وعمليات قتل وتعذيب وحشي.

وقد نجحت قوات المعارضة، في السيطرة على سجن صيدنايا العسكري سيئ السمعة في ريف دمشق، وإطلاق سراح الآلاف من المعتقلين من الطوابق العلوية.

انهيار نظام الأسد

وكان العقيد المنشق رياض الأسعد قد أسس الجيش السوري الحر بعد القمع العنيف للاحتجاجات والمظاهرات المطالبة بالحرية والكرامة التي اندلعت عام 2011 في أعقاب ثورات الربيع العربي.

 وعده آنذاك  "النواة الحقيقية لتشكيل جيش حقيقي لدولة الحرية والديمقراطية لسوريا المستقبل" بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد.

وبعد سنوات من السيطرة على مناطق عدة وتفوق قوات النظام بفضل الدعم الأجنبي، فقدت هذه القوات تماسكها في أيام قليلة وانسحبت من مواقعها داخل المدن والقرى دون مقاومة كبيرة.

وعن أسباب هذا الانهيار، أوضح المركز الإيطالي أن القمع المستمر ضد السكان المدنيين، الذين يعيش 90 بالمئة منهم تحت خط الفقر، في المناطق التي سيطرت عليها قوات الأسد كان له تأثير عكسي لما كان مأمولًا.

أي أنها كانت تظن أن بقمعها وجرائمها ستحكم قبضتها على هذه المناطق، لكن ذلك تسبب في تكثف العمليات العسكرية التي شنتها قوات المعارضة وحرمان عناصر النظام من  دعم الشعب السوري. 

علاوة على ذلك، غاب الدعم الأجنبي الذي أنقذ النظام في السنوات الأخيرة، خاصة من روسيا وإيران ووكلائها بالمنطقة وعلى رأسهم حزب الله اللبناني.

وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف قد أكد في منتدى الدوحة في 7 ديسمبر، أي قبل يوم من سقوط النظام، بأن بلاده مستمرة في دعم جيش الأسد

لكن على الرغم من وجود قواتها في اللاذقية وطرطوس، لم تقدم روسيا أي دعم للأسد باستثناء قصف جوي محدود في بداية العملية العسكرية التي بدأتها المعارضة.

كما لم تساعد عملية إعادة التأهيل السياسي لنظام الأسد في تعزيز حكمه، رغم إعادة عدة دول خلال السنوات الأخيرة فتح قنواتها الدبلوماسية معه.

انتصار المعارضة

على الطرف المقابل، انطلقت قوى المعارضة، من هيئة تحرير الشام إلى قوات سوريا الديمقراطية، المستقرة في مناطق مختلفة من البلاد، في إنشاء أشكال من الحكم عززت بها الموقف السياسي والعسكري للمجموعات المختلفة، وفق تعبير المركز الإيطالي.

وقد أنشأت هيئة تحرير الشام لأول مرة حكومة إنقاذ سورية في محافظة إدلب بهدف إدارة المناطق الخاضعة لسيطرتها. 

من جانبها تسيطر قوات سوريا الديمقراطية “قسد” على شمال شرق سوريا بواسطة ما تسمى “الإدارة الذاتية الديمقراطية”.

وأكد مركز الدراسات الإيطالي أن تشكيل مؤسسات حكم من هذا النوع أدى إلى تقوية الجماعات المسلحة المختلفة في البلاد، وتراكم خبرات الحكم وبناء المؤسسات. 

وكان القيادي في إدارة العمليات المشتركة التابعة للمعارضة السورية أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع) قد أكد في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الأميركية قبل سقوط الأسد بأيام قليلة، أن الهدف من التحركات الأخيرة الإطاحة برئيس النظام.

وأكد أن النية تتجه نحو تشكيل حكومة قائمة على المؤسسات ومجلس يختاره الشعب السوري. 

وأفادت وسائل إعلام محلية من بينها تلفزيون سوريا في 9 ديسمبر، أنه جرى تكليف رئيس حكومة الإنقاذ محمد البشير بتشكيل حكومة سورية جديدة لإدارة المرحلة الانتقالية.

تحديات المرحلة القادمة

ويرى المركز الايطالي أن الانتقال من مرحلة نظام الأسد إلى سوريا الجديدة سيكون بمثابة التحدي الرئيس والدقيق للمرحلة المقبلة. 

وبحسب تعبيره، تحولت هيئة تحرير الشام، على الرغم من ماضيها القاعدي (نسبة إلى تنظيم القاعدة) إلى حركة أكثر اعتدالا وقومية كما تؤكد مقاطع الفيديو والمقابلات المختلفة للقيادي فيها الجولاني خاصة فيما يتعلق بالالتزام بحقوق الأقليات الدينية والعرقية

من جهته، أكد القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، أن سقوط نظام بشار الأسد "يمثل فرصة لبناء سوريا الجديدة".

وأضاف أن هذا التغيير فرصة لبناء سوريا جديدة قائمة على الديمقراطية والعدالة تضمن حقوق جميع السوريين.

وشدد المركز الإيطالي على أهمية إشراك جميع الأطراف المختلفة التي أسهمت في إسقاط النظام لتجنب تجدد الصراع.

في الأثناء، أكد محمد غازي الجلالي، رئيس وزراء نظام الأسد المخلوع في كلمة مسجلة أنه مستعد "للتعاون" مع أي قيادة يختارها الشعب ولأي إجراءات "تسليم" للسلطة.

وخلص مركز الدراسات الإيطالي إلى أن الانهيار السريع للمنظومة الأمنية الرسمية، دليل على ضعف نظام الأسد الذي انهار نتيجة هجمات منسقة شنتها المعارضة المسلحة.

 وأكد أن التحدي الجديد أمام سوريا بعد التخلص من هذا النظام الدموي يتلخص في “الانتقال السياسي إلى بنية مؤسسية جديدة”.

وأوضح أن عدم إشراك جميع الأطراف التي أدت إلى سقوط النظام قد يكون قراراً كارثياً لسوريا الجديدة القادمة.