الجزائر الأقل والسنغال الأعلى.. تفاوت إفريقي كبير في مستويات الديون
"هذا يعكس نظام تمويل معيبا"
مازالت تتواصل المناقشات بشأن أوضاع الدين الخارجي في إفريقيا لعام 2023، خاصة التفاوت الكبير بين دول القارة من حيث مستويات الديون.
ووفقا لمجلة "جون أفريك" الفرنسية، تُعد السنغال الدولة الأكثر مديونية في إفريقيا، حيث بلغت ديونها الخارجية 40 مليار دولار، بحسب تقرير البنك الدولي لعام 2023.
وفي المقابل، تشير المجلة إلى أن الجزائر تُصنف بصفتها الدولة الأقل مديونية في القارة، إذ لا تتجاوز ديونها 7 مليارات دولار.
وبشكل عام، تبرز المجلة التحديات التي تواجه الدول الإفريقية في إدارة ديونها، حيث زادت تكلفة خدمة الدين بشكل كبير، مما أثر سلبا على القطاعات الحيوية كالصحة والتعليم.
لافتة في الوقت نفسه إلى ضرورة إصلاح النظام المالي الدولي لدعم الاقتصادات النامية بشكل أكثر فعالية.
حقيقة مقلقة
في 3 ديسمبر/ كانون الأول 2024، نُشر التقرير الأخير عن الديون الدولية الصادر عن البنك الدولي، والذي لا يخفي الحقيقة المقلقة، كما وصفتها المجلة الفرنسية.
ففي عام 2023، أنفقت الدول النامية مبلغا قياسيا بلغ 1400 مليار دولار لخدمة ديونها الخارجية.
ووفقا لتقرير البنك الدولي، ارتفعت مدفوعات الفوائد بنحو الثلث تقريبا لتصل إلى 406 مليارات دولار، مما أثقل كاهل ميزانيات العديد من الدول التي كان يمكن تخصيصها لقطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والبيئة، بحسب ما ورد عن المجلة.
والأسوأ من ذلك، كما تنقل المجلة عن التقرير، منذ عام 2022، تجاوزت المبالغ التي تسددها الدول الأفقر لدائنيها من القطاع الخاص قيمة القروض الجديدة التي تحصل عليها.
وفي هذا الصدد، قال إنديرميت جيل، كبير الاقتصاديين في مؤسسة "بريتون وودز"، محذرا: "هذا يعكس نظام تمويل معيبا، فباستثناء الأموال التي تضخها مجموعة البنك الدولي وغيرها من المؤسسات متعددة الأطراف، يخرج المال من اقتصادات الدول الفقيرة في الوقت الذي يجب أن يدخل فيه".
ارتفاع الدين 250 بالمئة
وبالحديث بشكل أكثر تفصيلا عن الديون، تشير المجلة الفرنسية إلى أنه في إفريقيا جنوب الصحراء، بلغ إجمالي الدين في نهاية عام 2023 حوالي 864 مليار دولار، بزيادة قدرها 2.7 بالمئة مقارنة بعام 2022، وبنسبة تفوق 250 بالمئة مقارنة بعام 2010.
ولكن رغم ذلك، تنوه المجلة إلى أن دول القارة تدير شؤونها المالية العامة بطرق مختلفة.
وبحسب تقرير البنك الدولي، الذي يُعد "المصدر الأكثر شمولا وشفافية لبيانات الديون الخارجية للدول النامية"، كما تقول المجلة، فإن السنغال تُعد أكثر الدول مديونية في القارة بنهاية عام 2023.
إذ بلغ إجمالي دينها 40 مليار دولار، وهو ما يعادل 133 بالمئة من إجمالي دخلها القومي.
وتتوزع هذه الديون -كما تذكر "جون أفريك"- بشكل أساسي بين البنوك متعددة الأطراف للتنمية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنك الإفريقي للتنمية، ثم الدائنين من القطاع الخاص بنسبة 33 بالمئة، تليهم الصين بنسبة 7 بالمئة، وفرنسا بنسبة 6 بالمئة.
وللمقارنة، تقول المجلة إن "ديون كوت ديفوار تبلغ 36.5 مليار دولار، وهو ما يعادل 48 بالمئة من إجمالي دخلها القومي الإجمالي".
موضحة في المقابل أن ديون جيبوتي، التي تمثل 86 بالمئة من إجمالي دخلها القومي الإجمالي، تبلغ 3.4 مليارات دولار، حيث تمتلك الصين أكثر من نصفها.
وفي حين تحتل رواندا المرتبة الرابعة بين الدول الأكثر مديونية في القارة، بدين خارجي يبلغ 11.4 مليار دولار، أي ما يعادل 82 بالمئة من إجمالي دخلها القومي، وفق ما ورد عن الموقع.
نماذج إيجابية
وعلى النقيض مما ذكرته المجلة سابقا، تُعد الجزائر الدولة الأقل مديونية في القارة، حيث تبلغ ديونها 7 مليارات دولار فقط، ما يعادل 3 بالمئة من إجمالي دخلها القومي الإجمالي.
جدير بالإشارة إلى أن غالبية هذه الديون لصالح البنك الإفريقي للتنمية بنسبة 83 بالمئة، تليها الصين بنسبة 7 بالمئة، ثم فرنسا بنسبة 4 بالمئة، وإيطاليا بنسبة 3 بالمئة.
وبالإضافة إلى الجزائر، تبرز "جون أفريك" أن بوتسوانا يمكن أيضا أن تفخر بكونها واحدة من أدنى نسب الدين إلى إجمالي الدخل القومي في إفريقيا، بنسبة 11 بالمئة.
وتليها جمهورية الكونغو الديمقراطية بنسبة 17 بالمئة مع دين يبلغ 11 مليار دولار، يُحتفظ بثلثه من قبل الصين، وفق ما لفتت إليه المجلة.
وبشكل عام، تعكس المجلة أن بقية دول القارة لديها نسب ديون تتراوح بين 33 بالمئة من إجمالي الدخل القومي الإجمالي.
وتضيف أن نسبة هذه الديون تبلغ بالنسبة للكاميرون 15.3 مليار دولار، و50 بالمئة من إجمالي الدخل القومي للمغرب، ما يعادل 69.3 مليار دولار، و53 بالمئة لبوركينا فاسو، ما يساوي 10.4 مليارات دولار.