أدلة بالفاشر وأم درمان.. كيف تورطت الإمارات وتشاد في مهاجمة جيش السودان؟
"تورط دول أخرى في هذا الصراع لن يؤدي إلا إلى إطالة معاناة السودانيين"
مع توالي اتهامات الحكومة السودانية لدولتي الإمارات وتشاد بدعم مليشيا الدعم السريع في حربها ضد شعب السودان وجيشه، سلطت مجلة "جون أفريك" الضوء على هذا الجدل.
وقالت المجلة الفرنسية إن الحكومة السودانية تواصل توجيه اتهامات لدولة تشاد بالسماح بإطلاق طائرات مسيرة على الجيش السوداني من أراضيها، كما توجه اتهامات إضافية لدولة الإمارات.
ويعرض الجيش السوداني أدلة تشير إلى استخدام طائرات مسيرة جُمعت في الإمارات وأُطلقت من الأراضي التشادية، وهو ما يعد هجوما مباشرا منها على السودان، بحسب المجلة.
هجوم مباشر
تستهل المجلة الفرنسية تقريرها بالإشارة إلى أن مسؤولين بحكومة السودان التي تخوض قواتها المسلحة بقيادة عبد الفتاح البرهان حربا ضد قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، اتهموا خصومهم بـ "استخدام طائرات مسيرة مجمعة في الإمارات، وتُطلق من تشاد المجاورة".
وبهذا الشأن، صرح وزير الخارجية السوداني علي يوسف، بأن "التحقيقات تظهر أن هذه الطائرات المسيرة تُجمع في الإمارات وتُطلق من تشاد، بالقرب من الحدود".
وأوضح الوزير أن "هذه الطائرات استُخدمت، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، في هجمات على الفاشر في دارفور، وكذلك على أم درمان التي تبعد أكثر من 1000 كيلومتر شرق الحدود".
ووفقا للمتحدث باسم الحكومة السودانية، خالد الإعيسر، فإن "الحرب أخذت منحى خطيرا مع تورط تشاد"، وفق ما ورد عن المجلة الفرنسية.
وفي تصريح يوم 2 ديسمبر/ كانون الأول 2024، أضاف الإعيسر: "بصفتنا حكومة السودان، نرى أن هذا يمثل هجوما مباشرا من الإمارات وتشاد على السودان وشعبه".
ومن جانبه، قال الأمين العام لوزارة الدفاع، اللواء ركن أحمد صالح، إن "الدعم السريع انتهجت طرقا جديدة في حربها على السودان، وذلك من خلال إرسال المسيرات بشكل كثيف، على غرار ما حدث في الفاشر وعطبرة ومروي".
وبحسب المجلة، أوضح اللواء أن "المسيرات المستخدمة لا تُمتلك إلا عبر اتفاقات بين وزارات الدفاع في الدول".
عمليات سرية
ومن ناحية أخرى، تشير المجلة، نقلا عن تقارير موثوقة، إلى تورط الإمارات في تقديم الدعم العسكري واللوجستي لقوات حميدتي.
وذلك من خلال عمليات سرية نُفذت تحت غطاء الإغاثة، بحيث تقوم بتهريب الأسلحة من خلال مطار حدودي مع دولة تشاد.
وتلفت "جون أفريك" إلى أن هذه الاتهامات دفعت حكومة الخرطوم أخيرا إلى إلغاء اتفاق بقيمة 6 مليارات دولار مع أبوظبي لتطوير ميناء على البحر الأحمر.
حيث أعلن ذلك وزير المالية، جبريل إبراهيم، الذي اتهم الإمارات بـ "دعم قوات الدعم السريع في الصراع الدائر حاليا في البلاد".
جدير بالإشارة هنا إلى أن هذه الاتفاقية، الموقعة في ديسمبر 2022، ترخص لشركة "أبوظبي للموانئ" و"إنفيكتوس" للاستثمار التي يديرها رجل الأعمال السوداني، أسامة داود، بناء وإدارة ميناء أبو أمامة الواقع على بعد حوالي 200 كيلومتر شمال بورتسودان.
وتضيف المجلة أن هذا المشروع كان جزءا من حزمة استثمارية أكبر شملت أيضا منطقة تجارة حرة ومشروعا زراعيا ووديعة بقيمة 300 مليون دولار في بنك السودان المركزي.
وإلى جانب ذلك، تسلط المجلة الضوء على أن الجيش السوداني اتهم الإمارات مرارا وتكرارا بتقديم الأسلحة والدعم لقوات الدعم السريع في الحرب بالسودان التي اندلعت في أبريل/ نيسان 2023.
ومن جانبها، دأبت سلطات الدولة الخليجية على نفي هذه الاتهامات، رغم أن الأمم المتحدة وصفت هذه الاتهامات بأنها "ذات مصداقية".
تشاد تنتهك الميثاق
وفي هذا الإطار، تذكر المجلة أن حكومة السودان، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، قدمت شكوى رسمية إلى اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب "ACHPR"، متهمة تشاد بـ "تزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة والذخائر والمرتزقة".
وفي مؤتمر صحفي عقده ببورتسودان، قال وزير العدل معاوية عثمان، إن "السودان قدم أدلة مادية إلى اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب ومقرها بانجول، زاعما أن تصرفات تشاد ألزمت نجامينا بدفع تعويضات للخرطوم".
ونقلا عن ما صرح به عثمان، تشير "جون أفريك" إلى أن دعم تشاد المزعوم لقوات الدعم السريع يجعلها متواطئة في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، بما في ذلك مقتل حاكم ولاية غرب دارفور.
علاوة على ذلك، اتهم الوزير حينها تشاد بـ "انتهاك الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب والقانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي والقانون الدولي".
وبالحديث عن ردود الفعل أمام هذه الاتهامات، تنقل "جون أفريك" عن منصة "الناطق الرسمي" الحكومية، توضيح الحكومة بأنها "تحتفظ بحق الرد في الوقت الذي تحدده، جراء الاستهداف الذي طال الشعب السوداني وممتلكاته".
وإلى جانب ذلك، أدانت الحكومة الانتهاكات الصارخة التي ارتكبتها الإمارات وتشاد، وذلك من خلال تعاونهما مع "الميليشيات" وعدم التزامهما بالاتفاقيات الدولية والإقليمية ومواثيق الأمم المتحدة.
وفي المقابل، دعت الحكومة السودانية المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه السودان.
مشيرة إلى أن الصمت الدولي حيال ما وصفته بـ "الجرائم" التي تُرتكب في البلاد يشكل إخفاقا أخلاقيا لا يمكن تجاوزه، طبقا لما ورد عن المجلة.
وفي النهاية، تذكرنا المجلة بالحرب المستمرة، منذ أبريل/ نيسان 2023، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي تسببت في مقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من 11 مليون شخص ودفع البلاد إلى حافة المجاعة.
وتختتم المجلة تقريرها بالتحذير من أن "تورط دول أخرى في هذا الصراع لن يؤدي إلا إلى إطالة معاناة السودانيين".