شكلت خطرا على سيادة فرنسا.. تفاصيل جديدة في ملف "ساركوزي والقذافي"

"ساركوزي يواجه عقوبة تصل إلى 10 سنوات سجن وغرامة 375 ألف يورو"
تفاصيل جديدة كشفها الإعلام الفرنسي حول محاكمة الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، بشبهات تلقيه تمويلا غير مشروع من النظام الليبي في عهد زعيمه الراحل معمر القذافي لحملته الانتخابية عام 2007.
وفي هذا الإطار ذكرت صحيفة “لو موند” أن الادعاء المالي الفرنسي وجه لساركوزي اتهامات حادة، واصفا القضية بأنها "اتفاق فساد غير مسبوق ومثير للجدل".
ورأى الادعاء أن الاتهامات التي تتعلق بصلات ساركوزي المباشرة بالقذافي ومسؤولين ليبيين بارزين آنذاك، “شكلت تهديدا لسيادة فرنسا ومصالحها”.
وبينما ينكر ساركوزي جميع التهم الموجهة إليه، تستند القضية إلى أدلة تشمل شهادات ومذكرات رسمية وتحويلات مالية مشبوهة.
وأشارت الصحيفة إلى أن دائرة الاتهام تتسع لتشمل شخصيات سياسية ورجال أعمال متورطين في شبكة فساد دولية.
اتهامات خطيرة
عند بدء مرافعاته، وجه الادعاء المالي الوطني، في 25 مارس/ آذار 2025، انتقادات لاذعة لما وصفه بـ"اتفاق الفساد غير القابل للتصور وغير المسبوق والفاضح".
وأشارت “لو موند” إلى أن هذه الاتهامات موجهة لساركوزي ومقرّبيه بشأن التقارب مع الدكتاتور الليبي القذافي عام 2005.
ووفقا للمدعي المالي، فيليب جيغليه، فإن "الأوصاف التي أُطلقت على القضية مبررة؛ حيث أنها أُبرمت مع (نظام دموي)، وكان الهدف منها (دعم الحملة الانتخابية) لمن سيصبح لاحقا الرئيس السادس للجمهورية الخامسة".
وأضاف جيغليه -وفق الصحيفة- أن هذه الاتفاقية "كان من الممكن أن تفسد نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2007"، كما أنها "كانت تشكل خطرا على سيادة فرنسا ومصالحها".
وفي الوقت نفسه، شدد على أن الادعاء المالي لم يكن لديه "موقف متحيز" قبل بدء المحاكمة، لكن عشرة أسابيع من المداولات "عززت" هذا الموقف وحولته إلى "قناعة راسخة".
وفي هذا السياق، نوه المدعي المالي إلى أن هذا الملف شهد "أكاذيب وتدخلات وتلاعبات"، لا سيما من قبل ساركوزي؛ بهدف عرقلة سير التحقيق.
في المقابل، أوضحت الصحيفة أن جيغليه رفض مطالب الدفاع، وعلى رأسها الادعاء بأن "القضية ليست سوى انتقام من المسؤولين الليبيين بعد التدخل العسكري الدولي الذي قاده ساركوزي وأدى إلى سقوط نظام القذافي أواخر عام 2011".
وسردت التهم الموجهة لساركوزي، والتي تتمثل في "الفساد وإخفاء اختلاس أموال عامة والتمويل غير القانوني للحملة الانتخابية وتكوين عصابة إجرامية".
ويواجه الرئيس الأسبق عقوبة تصل إلى 10 سنوات سجن، وغرامة مالية قدرها 375 ألف يورو، بالإضافة إلى الحرمان من الحقوق المدنية، وبالتالي عدم الأهلية للترشح لمدة قد تصل إلى خمس سنوات.
ونظرا لخطورة التهم الموجهة والعقوبة المحتملة، ستُطرح مسألة "ما إذا كان الادعاء سيطالب بإصدار أمر بإيداع ساركوزي في السجن، مما يعني تنفيذ العقوبة فورا حتى في حال تقديم استئناف".
فرضية الإدانة
وفيما يخص رده على الاتهامات، أفادت "لو موند" بأن ساركوزي جدد تأكيده في 26 مارس 2025، على عدم تلقيه "سنتا واحدا من أموال غير قانونية؛ ليبية أو غيرها".
وفي هذا السياق، قال ساركوزي: "شعرت وكأننا ننطلق من فرضية مفادها أن (ساركوزي مذنب)، وأن الهدف لم يعد البحث عن الحقيقة، بل أصبح بالنسبة للادعاء المالي محاولة (عدم فقدان ماء الوجه)".
وخلال جلسة 25 مارس 2025، تناول الادعاء ثلاث زيارات قام بها ساركوزي إلى ليبيا أثناء توليه منصب وزير الداخلية، بالإضافة إلى زيارات مقربيه كلود غيان وبريس أورتوفو.
وعلى حد وصف الصحيفة، عاد المدعي كوينتين داندوي إلى ما وصفه بـ"التفسيرات الغريبة" التي قدمها غيان وأورتوفو أمام المحكمة لتبرير اجتماعهما، في أواخر عام 2005، مع عبدالله السنوسي، صهر معمر القذافي، الذي كان قد حُكم عليه بالسجن المؤبد في فرنسا بتهم تتعلق بالإرهاب.
ووصف غيان اللقاء بأنه كان "فخا"، بينما عده أورتوفو "كمينا"، ومع ذلك، لم يبلغا أحدا عنه حينها، بحسب "لو موند".
وفي هذا الصدد، أوضحت الصحيفة أنه "وفقا لما أكده القاضي، مطالبا بإدانة الرجال الثلاثة بتهم الفساد وتكوين عصابة إجرامية، فإن إرسال (أقرب اثنين من معاونيه) لـ(التفاوض على هذا الاتفاق الفاسد) هو دليل على التورط الكامل لساركوزي بصفته العقل المدبر".
وبالنسبة لكلود غيان وبريس أورتوفو، اللذين غابا عن الجلسة الأخيرة، ذكرت الصحيفة أن الادعاء تعامل معهما بصفتهما "المنفذين".
وداخل قاعة المحكمة، بحسب ما وصفه المدعي العام، "وجد الرجلان نفسيهما في الواجهة، يكافحان بشدة لمحاولة تفسير ما لا يمكن تفسيره، مع الحرص الشديد على إبقاء ساركوزي بعيدا عن الأضواء".
طموح جامح
وقبل رفع الجلسة الأخيرة في 25 مارس 2025، قال المدعي كوينتين داندوي: "خلف صورة الرجل العام، تكشف التحقيقات القضائية ملامح رجل مدفوع بطموح شخصي جامح، مستعد للتضحية بالقيم الأساسية مثل النزاهة والصدق والاستقامة في سبيل الوصول إلى السلطة".
ومن ناحية أخرى، أضافت "لو موند" أنه في 26 مارس 2025، تناول الادعاء مذكرات وزير النفط الليبي الأسبق، شكري غانم، الذي توفي عام 2012 في ظروف غامضة.
وتشير هذه المذكرات التي كتبها في أبريل/ نيسان 2007، إلى أن "ثلاثة تحويلات مالية بلغ مجموعها 6.5 ملايين يورو قد أُرسلت إلى ساركوزي".
وبحسب الصحيفة، تناول الادعاء أيضا مسألة المقابل المفترض لهذا التمويل الانتخابي.
كما تطرق إلى تفاصيل عملية "التهريب" المثيرة خارج فرنسا عام 2012 لبشير صالح، مدير مكتب القذافي، من خلال رجل الأعمال ألكسندر جوري ورئيس جهاز المخابرات الداخلية آنذاك، برنار سكوارسيني.
وفي النهاية، أبرزت الصحيفة أنه من بين المتهمين يوجد وزير المالية الأسبق إيريك وورث، الذي يُلاحق بصفته أمين صندوق الحملة الانتخابية، والصديق السابق لساركوزي، تييري جوبير.
وتابعت: "بالإضافة إلى رجلي أعمال سعوديين، ومصرفي فرنسي-جيبوتي، ومدير تنفيذي سابق في شركة إيرباص الأوروبية المتخصصة في تصنيع الطائرات".