تركيا تفوق مصر والسعودية والإمارات.. إحصاءات عسكرية ترسم مستقبل الشرق الأوسط

منذ ٨ ساعات

12

طباعة

مشاركة

بصورة لافتة، نما الإنفاق العسكري في منطقة الشرق الأوسط من ثمانينيات القرن العشرين إلى عام 2023، موعد نشر أحدث بيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري).

وبحسب ما جاء في أحدث تقرير نشره المعهد في أبريل/ نيسان 2024، ارتفع الإنفاق العسكري المقدر في الشرق الأوسط بنسبة 9 بالمئة ليصل إلى 200 مليار دولار في عام 2023. وكان هذا أعلى معدل نمو سنوي تشهده المنطقة في العقد الماضي.

وفي تقرير تحليلي لهذه البيانات ومستقبل التسلح، أكد معهد بحثي إيطالي أن الإنفاق على الأسلحة ارتفع استجابة لعدة صراعات في المنطقة، منها على سبيل المثال حرب الخليج الأولى.

تسلح ملياري

لكنه لم يبلغ، وفق ما يلاحظ معهد "تحليل العلاقات الدولية"، مطلقا قيمة إجمالية تساوي أو تزيد عن 100 مليار دولار قبل عام 2005، كما لم يصل الإنفاق قط إلى قيمة تساوي أو تزيد عن 200 مليار بعد ذلك التاريخ.

وفي منطقة شمال إفريقيا، ذكر تقرير سابق لمعهد ستوكهولم أن الجزائر "تحتكر 52 بالمئة من واردات إفريقيا للأسلحة في الفترة ما بين 2013 و2017".

من ناحية أخرى، لم يتضمن قائمة أكبر خمسين شركة صناعات دفاعية في العالم أي شركة تنتمي إلى إحدى دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

فيما دخلت ثلاث شركات تركية قائمة أكبر 100 شركة صناعات عسكرية على مستوى العالم في تقرير لنفس المعهد، بعد أن باعت أكبر عدد من الأسلحة والخدمات العسكرية خلال 2023، فيما لم تتضمن القائمة أي شركة عربية أو إيرانية.

وكان المعهد قد أشار في تقريره الذي نشره في بداية الشهر إلى أن الشركات التركية الثلاث هي شركة "أسيلسان" التي حلت بالمرتبة 54، وشركة "بايكار" بالمرتبة 69، وشركة الصناعات الجوية والفضائية التركية "توساش" بالمرتبة 78.

وذكر التقرير ارتفاع إجمالي إيرادات الشركات التركية الثلاث بنسبة 24 بالمئة عام 2023 مقارنة بعام 2022، ليصل إلى 6 مليارات دولار.

وبحسب المعهد البحثي الإيطالي، النتائج التي أحرزتها الشركات التركية أثمرت التوصل الى صفقات جديدة في السنوات الأخيرة خاصة بين السعودية وتركيا.

وكان وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، قد أعلن في يوليو الماضي توقيع مذكرات تفاهم بين عدد من الشركات السعودية والتركية، مشيرا إلى أنه بحث مع رؤساء عدد من كبرى الشركات الصناعية التركية "فرص التعاون في المجال العسكري والدفاعي".

وقال الوزير السعودي، عبر منصة "إكس"، إنه اطلع خلال زيارته لتركيا على "قدرات وإمكانيات عدد من الشركات التركية الرائدة في مجال الفضاء والصناعات الدفاعية".

وقبل عام من ذلك، وقعت السعودية عقدين مع شركة "بَايكر" التركية، وكان ذلك بمناسبة زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الى البلاد الخليجية.

فيما أعلنت الشركة التركية، أن الاتفاق الذي أبرمته السعودية لشراء طائرات "بيرقدار" المسيّرة يشمل التعاون في نقل التكنولوجيا والإنتاج المشترك.

يرى المعهد الإيطالي أن الاستفادة متبادلة، من ناحية تستفيد أنقرة من الرياض خاصة فيما يتعلق بالاستثمارات الأجنبية المباشرة الضرورية للتحكم في التضخم.

بينما تحقق السعودية استفادة من تركيا في سباق التسلح لا سيما أنها باتت منذ عام 2015، أكبر مستورد للأسلحة في المنطقة بأكملها.

القوة العسكرية

وبالانتقال من تحليل الإنفاق إلى تناول مسألة القوة العسكرية، ذكر المعهد أن الجيش التركي  يعد ثامن أقوى جيش على مستوى العالم ويأتي جيش إيران في المركز الرابع عشر، وفق تصنيف موقع "غلوبال فاير باور" لعام 2024.

وللعام الثاني على التوالي تراجعت مصر في التصنيف لتحل في المركز الخامس عشر بدلا من المركز الرابع عشر الذي سجلته في 2023.

واحتل الجيش السعودي المركز الثالث والعشرين عالميا متفوقا على جيش الإمارات الذي جاء في المركز الحادي والخمسين وقطر التي حل جيشها في المركز الثالث والستين.

وبالمقارنة بين بيانات الجيشين السعودي والإماراتي، أشار المعهد الإيطالي إلى تفوق المملكة السعودية على الإمارات من حيث عدد الأفراد العسكريين النشيطين والقوات شبه العسكرية وسلاح الجو والقوات البرية. 

وعن نقاط الضعف الحالية في القدرات العسكرية السعودية، قال إنها تتعلق بشكل أساسي بالأفراد العسكريين الاحتياطيين، وهو الجانب الذي تتفوق فيه أبو ظبي على الرياض.

 وكذلك القدرات البحرية، خاصة أن البلدين لا يمتلكان غواصات ومدمرات وحاملات الطائرات وطائرات الهليكوبتر. 

لذلك يخمن المعهد البحثي أن يكون تركيز السعودية في السنوات المقبلة منصبا على هاتين النقطتين، أفراد الاحتياط والقوة البحرية.

صراعات متصاعدة

وعن أسباب نمو التسلح في المنطقة والتوقعات المستقبلية، أكد المعهد أن أحد الأسباب تكمن في حالة الصراع المتزايد في المنطقة.

لا سيما أن جميع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تقريبًا كانت قد انخرطت في السنوات العشر الماضية في بعض الصراعات الداخلية أو الإقليمية، يذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، النزاعات في اليمن وسوريا وليبيا والحرب ضد تنظيم الدولة. 

ويتعلق السبب الرئيس الثاني، بحسب تحليله، بالتنافس الإقليمي خاصة بين إيران والسعودية وكذلك بين المملكة وقطر.

ويرى أن السبب الثالث مرتبط بعدم الاهتمام الأميركي التدريجي بالمنطقة، أي ما يعرف بفك الارتباط عنها.

ورغم التوقعات بشأن التزام أكبر من رئاسة ترامب بالمنطقة، ينتظر المعهد الإيطالي أن يستهدف هذا الالتزام خاصة القطاع الاقتصادي ويتمحور حول هدف توسيع اتفاقيات تطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي لتشمل دولا أخرى في المنطقة.

إلا أنه يستبعد أن تعود دول الخليج إلى الاعتماد بشكل كامل على مظلة الحماية الأميركية من الناحية الدفاعية.

ويستشهد بإبرام السعودية لاتفاقية شراكة دفاعية مع واشنطن في مايو 2024 وتوقيعها اتفاقيات مماثلة مع اليابان والفلبين وكوريا الجنوبية بهدف تنويع الأنظمة الدفاعية.

ويتوقع أن يتواصل سباق التسلح في المنطقة لأسباب تتعلق بالمكانة والقوة وكذلك قوة التفاوض والردع، بهدف أساسي وهو امتلاك القنبلة النووية، خاصة من الجانب السعودي .

ويرى أن هذا السيناريو منطقي لا بسبب طموح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان فحسب، وإنما لأنه سيسمح للرياض بحسم تنافسها مع إيران الذي لا يزال قائما على الرغم من اتفاقيات 2023، وبأن تكون في ريادة العالم العربي.

 وأكد أن هذا السيناريو سيعتمد على مدى قدرة إيران على صنع القنبلة النووية.