قوى الثورة السورية تواصل التقدم الميداني.. وناشطون: مشارف سقوط الأسد

منذ ٤ أيام

12

طباعة

مشاركة

تطورات متسارعة تشهدها سوريا، حيث تقدمت قوى الثورة ميدانيا من حلب إلى حماة ثم حمص، وصاحب ذلك أنباء عن أن مسؤولين عربا نصحوا رئيس النظام بشار الأسد بمغادرة البلاد، فيما نشرت تقارير أجنبية تؤكد تخلي إيران وروسيا عن الأسد.

قوى الثورة السورية أكدت في 6 ديسمبر/ كانون الأول 2024، سيطرتها على آخر قرية على تخوم مدينة حمص الإستراتيجية في طريقها نحو العاصمة دمشق، ووجهت "النداء الأخير" لقوات النظام في المدينة للانشقاق، معلنة عزمها التوجه إلى دمشق.

من جانبها، نفت وزارة دفاع النظام انسحاب قواتها من حمص، قائلة إنها تستهدف مع الطيران الروسي تجمعات من وصفتهم بـ"الإرهابيين"، إلا أن قوى الثورة بثت صورا للحظة دخول قواتها إلى مدينتي الرستن وتلبيسة اللتين تعدّان بوابتي حمص الشماليتين وتبعدان 12 كيلومترا عن وسط مدينة حمص.

وفي تصريحات صحفية في 7 ديسمبر 2024، قالت مصادر بالمعارضة السورية، إن “الجيش الحر بدأ عملا عسكريا للسيطرة على مواقع النظام في تدمر، وسيطر على جبل غراب الإستراتيجي في ريف حمص، ويسيطر على أسلحة في البادية السورية”.

وفي ظل تقدم قوى الثورة، دعا الأردن والعراق وروسيا والولايات المتحدة وكندا رعاياهم لمغادرة سوريا على وجه السرعة، فيما قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إن "مصير الأسد غير معروف لكن المقاومة ستواصل دورها".

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن مسؤولين إيرانيين وإقليميين، قولهم إن "طهران بدأت بإجلاء قادتها العسكريين من سوريا، وأفراد الحرس الثوري ودبلوماسيين إيرانيين وعائلاتهم ومدنيين إيرانيين من سوريا إلى العراق ولبنان".

وأضاف المسؤولون، أن عملية الإجلاء تتم جوا إلى طهران وبرا إلى لبنان والعراق وعبر ميناء اللاذقية، مؤكدين أن أوامر الإجلاء صدرت من السفارة الإيرانية في دمشق ومن قواعد الحرس الثوري، كما نقلت طهران "لواء فاطميون" التابع لها إلى دمشق واللاذقية.

ونقلت شبكة "بلومبيرغ" الأميركية، عن مصدر مقرب من الكرملين، تأكيده أنه لا خطة لدى روسيا لإنقاذ الأسد، قائلا إن بلاده "لا تتوقع أي خطة لإنقاذ الأسد، ما دام الجيش السوري يترك مواقعه".

فيما حث مسؤولون مصريون وأردنيون، الأسد على مغادرة البلاد، وتشكيل حكومة في المنفى -بحسب ما ذكرته مصادرة مطلعة لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية- إلا أن السفارة الأردنية في واشنطن نفت ذلك وكذبت الصحيفة الأميركية.

وبحسب "وول ستريت جورنال" فإن الأسد حث تركيا على التدخل لوقف المعارضة، وأنه سعى للحصول على أسلحة ومساعدة استخباراتية من دول عربية، لكن طلبه "رُفِض حتى الآن".

وأعرب كتاب وصحفيون وباحثون وناشطون عن سعادتهم بمواصلة قوى الثورة السورية الزحف وتحرير المحافظات تلو الأخرى من قبضة النظام، وقدرتهم على الاجتياح باتجاهات مختلفة وإسقاط المطارات والقواعد العسكرية وتحرير الأسرى من السجون. 

وخلصوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #حمص_تتحرر، #درعا_تتحرر، #ردع_العدوان، وغيرها إلى أن "المتغطي بإيران عريان"، مستنكرين موقف بعض الأنظمة العربية التي اقترحت على الأسد الهرب وتشكيل حكومة منفى.

وتوقع ناشطون أن سقوط نظام الأسد مسألة وقت ليس أكثر في ظل انسحاب روسيا وتأكيدها أنها لن تستطيع مساعدة النظام الذي ينسحب جيشه من مواقعه دون قتال، واستسلام إيران للأمر الواقع وإجلاء رعاياها وعناصرها العسكرية بسوريا. 

وأرجعوا أهمية تحرير حمص لعدة أسباب، منها موقعها الجغرافي والمحوري، وإضعاف النظام عسكريا، والربط بين المناطق المحررة، وعزل النظام في دمشق والساحل، وكسر الحصار عن مناطق المعارضة، ورمزية حمص في الثورة، والتمهيد لتحرير دمشق، وتأثيرها السياسي والدولي

تحرير حمص

وتحت عنوان “سقوط حمص بيد المعارضة: تحول إستراتيجي أم نقطة تحول؟” أكد طبيب الطوارئ "زمن الخفاف"، أن "حمص، المدينة الإستراتيجية في قلب سوريا، مفتاح السيطرة على الشريان الحيوي بين دمشق والساحل"، راصدا الأهمية الإستراتيجية والرمزية لسقوطها بيد فصائل المعارضة.

وأشار إلى أن حمص تقع في قلب سوريا، جاعلة منها نقطة ارتباط بين المناطق المختلفة، وسقوطها يفتح الباب للتوسع نحو دمشق والمناطق الساحلية، مما يقوي موقف المعارضة.

وذكر الخفاف، أن "حمص كانت ساحة لمعارك حاسمة، وسيطرة المعارضة عليها تعني السيطرة على ممرات إستراتيجية ويرفع من معنويات المقاتلين"، مؤكدا أنها "رمز للنصر بعد سنوات من النضال". 

وأكد أن حمص تحتوي على مصانع وطرق تجارية، بالإضافة إلى موارد طبيعية مثل مناجم الفوسفات، والسيطرة عليها تعني وصول المعارضة إلى موارد تمويل الجهود العسكرية والإنسانية. 

وأوضح حسين العزي، أن السيطرة على حمص "تعني التحكم في المركز الجغرافي لسوريا وشبكة الطرق الرئيسة التي تربط المدن الكبرى، مما يعزز خطوط الإمداد العسكرية والاقتصادية، كما تمنح نفوذا على الموارد الحيوية والمعابر الحدودية، ما يجعلها مفتاحا إستراتيجيا للمسيطر عليها".

وقال الباحث عبده فايد، إن "سقوط حمص معناه سقوط الأسد ولو اجتمعت الدنيا لإنقاذه فلن يفلح سوى في تأخير مصيره المحتوم، موضحا أن سقوط حمص والحفاظ عليها يعني أن منطقة الشرق الأوسط التي نعرفها ستتغير بالكامل.

وأشار إلى أن سقوط حمص معناه صعود تركيا كأهم فاعل سياسي إقليمي وتصدير ضغط هائل للخليج والأردن، وتراجع إيران لحدودها الطبيعية وسقوط مشروعها الإقليمي الذي استثمرت فيه لأربعين عاما، وخنق حزب الله بضياع ممر السلاح الذي أمده بترسانته الهائلة في آخر عشرين سنة.

وأكد فايد، أن “الأسد ينهار بشكل مبهر حتى لأعدائه، يدفع ثمن 60 عاما من الوهم، وهم جيش عربي مقاوم، أجر بلده بالقطعة، وظن أن الشبكات النفعية من تحالفات المال والحزب والطائفة ستحميه”.

وتابع: "حصر (رئيس النظام السوري) نفسه في خانة واحدة لو انهارت قدرتها على الدعم سينهار هو بالتبعية.. وكانت تلك الخانة هي إيران.. هذا العالم العربي الذي نعرفه معلق في رقبة حمص.. وما بعدها لن يكون قط كما قبلها".

تفسيرات ودلالات

وقدم ناشطون تفسيرات لردات الفعل على التطورات في سوريا وتسارع سيطرة قوات المعارضة المسلحة على مناطق واسعة من البلاد، ومنها قول وزير الخارجية الإيراني بأنه "لا يمكن التنبؤ بمصير الرئيس السوري، وتأكيد الكرملين أنه لا خطة لدى روسيا لإنقاذ الأسد".

بالإضافة إلى دعوة الخارجية الأميركية والكندية مواطنيها لمغادرة سوريا، ونقل صحف عن مصادر قولها إن مسؤولين عربا حثوا الأسد على مغادرة البلاد وتشكيل حكومة منفى.

وعد الكاتب أحمد منصور، ردود الفعل الدولية بشارة على أن "الأسد إلى مزبلة التاريخ.. والإعلان الرسمي عن سقوط النظام قريبا"، مشيرا إلى أن "الجميع تخلى عنه".

ورأى الباحث في الشأن التركي سعيد الحاج، تصريح وزير الخارجية الإيراني الأكثر أهمية ودلالةً منذ بدء عملية ردع العدوان وما بعدها من تطورات.

وأضاف: "إن صح هذا التصريح فنحن على مشارف تغير جذري في سوريا: سقوط النظام، أو انقلاب، أو إعادة هيكلة، أو انتقال بشكل مختلف".

وأشار المغرد تامر إلى أن الجميع يتخلى عن الأسد رويدا رويدا، حتى جنوده لم يعودوا يقاتلون من أجله، ولا روسيا وحلفاؤه يهتمون ببقائه، لافتا إلى أن "الأسد تخلى عن حزب الله في أصعب لحظاته التاريخية، ولم يقبل تقديم تضحيات بسيطة من أجله، رغم كل ما فعله الحزب للحفاظ على سلطته".

وأكد أن "الأسد لا يستحق البقاء، وأكبر كذبة أنه معادٍ لإسرائيل، بل هو مستسلم، متخاذل، وغير وفيّ لا لشعبه ولا لحلفائه".

وأكد أستاذ العلوم السياسية عبدالله الشايجي، أن "نهاية الأسد وحكم عائلته الدموي مسألة وقت مع سقوط المدن الكبرى وارتفاع عدد الدول التي تطلب من رعاياها مغادرة سوريا وآخرها أميركا والهند".

وأشار إلى "غياب الأسد عن الظهور كليا في أحلك وأخطر مرحلة حكمه خاصة بعد سقوط درعا وسيطرة المعارضة على الطريق الدولي دمشق عمان والتقدم من الجنوب باتجاه دمشق، وباتت مسألة وقت قبل تحرير حمص".

ورأى الشايجي، أن "اللافت سقوط نظام الأسد وفرار جيشه وقواته من معظم المدن والقواعد والمواقع العسكرية واقترابه من نهاية حكمه وحكم والده الدموي منذ عام 1970"، قائلا إن "الصادم تخلي حلفاء الأسد روسيا وإيران ومليشياتها وحزب الله عنه كل لحساباته وتغير أولوياته".

وقال إن مع سحب إيران قادة فيلق القدس ودبلوماسييها تقترب النهاية، ونشهد نهاية عهد آل أسد للأبد، مضيفا أن "الصادم أيضا سرعة انهيار جيش وقوات الأسد أسرع من انهيار الجيش الأفغاني ودخول طالبان كابول وسيطرتها على كامل أفغانستان!!".

وخاطب أستاذ العلوم السياسية عصام عبدالشافي، من وصفهم بـ"السفهاء الذين يتحدثون عن خروج الأسد وتشكيل حكومة منفى"، قائلا لهم: "فكّروا في عروشكم أولا ومستقبلكم بعد أن يسقط أحد أفراد عصابتكم.. الحاكم الخائن لا أمن ولا أمان له مهما طال بقاؤه في الحكم".

إشادة وثناء

وإشادة بالثورة السورية وفصائل المعارضة، قال عبدالمنعم مصطفى حليمة: "الثورة السورية نبيلة بأهدافها.. نبيلة بعطائها وتضحياتها.. نبيلة بأبطالها وثوارها ومجاهديها.. نبيلة بالتسامي عن الأحقاد والثارات .. نبيلة بعفوها وتسامحها عن قوة وعزة، وبعد القدرة".

وأشار إلى أن "مدنا تحررت ولم يسفك دم إنسان ترك السلاح، واعتزل القتال"، مضيفا: "إنها حقا ثورة خضراء، وثورة سلام قبل أن تكون ثورة حرب".

وقال أحد المغردين، إن "إرادة الحياة لدى السوريين والعودة واللقاء قهرت جيش الأسد ومليشيات إيران وطائرات روسيا"، مؤكدا أنهم "صبروا على بطشهم لسنوات ولم يتوقفوا لحظة عن التخطيط والاستعداد لهذا الحلم".

استشراف المستقبل

وفي استشراف لمستقبل سوريا في ظل التقدم المتسارع والواقع الميداني الذي تفرضه قوى الثورة، قال السياسي محمد ياسين نجار، إن الأسد خارج معادلة الحكم للمرحلة القادمة. مشيرا إلى أن ترتيبات دولية على قدم وساق لمرحلة ما بعد الأسد.

وأضاف أن محاولات الأسد وروسيا وإيران لتقديم تنازلات لأطراف إقليمية ودولية مقابل استمراره في الحكم فات ميعادها، ناصحا القوى الوطنية والشخصيات السياسية الفاعلة وعلى وجه السرعة وبالتنسيق مع الثوار البدء بترتيب اليوم التالي.

وحث نجار على أن يحدث ذلك عبر توافق وطني يمثل فيه الجميع وفقا لأحجامهم المجتمعية، بعيدا عن الاستئثار والإقصاء عبر مؤتمر وطني مستعجل يمثل فيه الجميع ويضمنون استمرارية عمل مؤسسات الدولة لفترة انتقالية، بعيدا عمن أراق الدماء وارتكب جرائم الإبادة.

وأكد الباحث مهنا الحبيل، أن أهم نقطة مركزية الآن هي استباق المباحثات الدولية لما بعد الأسد، بقرار الثورة إعلان الرئيس والحكومة الانتقالية لتسلم الجسم السياسي المركزي على الأرض.

وبشر المدير العام السابق للإيسيسكو عبدالعزيز التويجري، بأن "نظام الأسد الطائفي إلى زوال"، راجيا أن يكون ما بعده خيرا للشعب السوري بكل مكوناته. 

وقال: "لقد كان زمنا طويلا وبشٍعا ذاق خلاله السوريون بطشا وتسلّطا واستبدادا، وغزاهم الإيرانيون بمليشياتهم من أفغانستان وباكستان والعراق ولبنان، كما غزاهم الرّوس، قاتلين ومدمّرين لبلد عريق في الحضارة".

وقال الكاتب أحمد دعدوش، إن التطورات في سوريا أسرع بكثير مما كانت الفصائل تتوقعه، والأخبار الصحيحة تؤكد أن سقوط الطاغية بات محسوما، خصوصا مع إجلاء الروس والإيرانيين رعاياهم ووكلائهم.