بين التجاهل والترحيب.. هكذا تفاعل المغرب العربي مع سقوط نظام الأسد

منذ ٤ أيام

12

طباعة

مشاركة

عقب إسقاط نظام بشار الأسد، سارعت دول المغرب العربي إلى التعبير عن وقوفها إلى جانب الشعب السوري، مبدية تخوفها من بعض التحديات التي تقف أمام تحقيق أهداف الثورة.

ولم يشذ عن هذه التعبيرات سوى الحكومة الموريتانية، التي لم تعلق رسميا على إسقاط نظام الأسد، فيما حظي الموضوع بمتابعة حزبية وشعبية كبيرة، على شاكلة باقي الدول المغاربية، وعموم الوطن العربي.

 الجزائر والمغرب

وفي هذا الصدد، أكدت وزارة الخارجية الجزائرية، أن الجزائر تتابع باهتمام بالغ تطورات الأوضاع الأخيرة والتغيرات المتسارعة التي تشهدها سوريا، داعية الأطراف السورية كافة إلى الوحدة والسلم والعمل من أجل الحفاظ على أمن الوطن واستقراره ووحدة وسلامة أراضيه.

وأكدت الخارجية في بيان في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، وقوف الجزائر إلى جانب الشعب السوري الذي تربطه بالشعب الجزائري صفحات نيرة من التاريخ المشترك، القائم على التضامن والتآزر

ودعا البيان "إلى الحوار بين أبناء الشعب السوري، بأطيافه ومكوناته كافة، وتغليب المصالح العليا لسوريا، والحفاظ على أملاك ومقدرات البلاد، والتوجه إلى المستقبل لبناء وطن يسع الجميع، في ظل مؤسسات نابعة من إرادة الشعب السوري بعيدا عن التدخلات الأجنبية".

من جانبه، أكد وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة، أن "المملكة المغربية تتابع عن كثب التطورات المتسارعة والمهمة التي تشهدها سوريا، وتأمل أن تسهم في تحقيق آمال الشعب السوري في الاستقرار والتنمية".

وشدد بوريطة، وفق وكالة المغرب العربي للأنباء، في 9 ديسمبر 2024، أنه وفق تعليمات الملك محمد السادس، فإن "موقف المملكة المغربية ظل دائما واضحا ويرتكز على الحفاظ على الوحدة الترابية وعلى السيادة الوطنية وعلى وحدة الشعب السوري".

وأبرز أن "هذا الموقف كان وسيظل ثابتا للمملكة التي تتمنى أن تجلب هذه التطورات لسوريا الاستقرار، وللشعب السوري ما يحقق تطلعاته إلى التنمية وإلى تحقيق مستقبل أفضل".

وذكر بوريطة بأن المغرب كان قد أغلق سفارته بدمشق، منذ 2012، وطلب إغلاق سفارة سوريا بالمملكة.

وخلص إلى أن "المغرب، بقدر ما يقف إلى جانب سوريا، مناديا بالحفاظ على سيادتها وبعدم التدخل في شؤونها، فهو يدفع دائما نحو ما فيه مصلحة واستقرار وسيادة ووحدة سوريا وما يحقق تطلعات شعبها الشقيق".

تونس وليبيا

بدورها، شددت الخارجية التونسية "على ضرورة تأمين سلامة الشعب السوري، والحفاظ على الدولة السورية دولة موحّدة كاملة السيادة، بما يحميها من خطر الفوضى والتفتيت والاحتلال، وعلى رفض أيّ تدخل أجنبي في شؤونها".

وذكَّرت الخارجية التونسية في بيان، في 9 ديسمبر 2024، بموقفها الثابت المتعلّق بضرورة التفريق بين الدولة، من جهة، والنظام السياسي القائم داخلها، من جهة أخرى.

ودعت تونس "الأطراف السورية كافة إلى التلاحم وتغليب المصلحة العليا للبلاد من أجل الحفاظ على أمن الوطن واستقلاله وسلامته واستقراره، وتأمين انتقال سياسي سلمي يحفظ الدولة واستمراريتها، ويُلبّي تطلّعات الشعب السوري وحده".

وأعربت تونس عن تضامنها المطلق مع الشعب السوري الذي تربطه بالشعب التونسي أواصر قربى ضاربة في عمق التاريخ، وعن يقينها بقدرته على تجاوز هذا الظرف الدقيق من أجل بناء مستقبل مشرق لسوريا.

وفي ليبيا، كان لافتا أن الترحيب بإسقاط النظام السوري جاء على لسان حكومة طرابلس ومجلس الدولة، دون أي تعليق إلى الآن من حكومة طبرق وبرلمانها.

وفي هذا الصدد، أكدت وزارة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية، "انحياز ليبيا التام لمطالب الشعب السوري، وتطلعاته نحو الحرية والعدالة، ووقوفها المبدئي مع ثورته ضد الطغيان".

وأعربت وزارة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية، المعترف بها من الأمم المتحدة، في بيان في 8 ديسمبر، عن "أمل ليبيا في أن تُشكّل هذه التطورات انطلاقة حقيقية نحو بناء دولة مدنية ديمقراطية، تُلبي آمال السوريين وتُحقق العدالة لجميع أبناء الوطن".

وأكدت "دعمها الثابت لنضال السوريين المشروع ضد الاستبداد"، وترى أن "هذه المرحلة تعد تتويجا لمسار كفاح طويل من أجل الكرامة والحرية".

وشدد البيان على ضرورة ضمان عودة اللاجئين والنازحين السوريين إلى ديارهم بكرامة وأمان، بما يكفل حماية حقوقهم ويعزز مسار المصالحة الوطنية العادلة التي لا تُغفل تضحياتهم.

في السياق ذاته، قال المجلس الأعلى للدولة مخاطبا ثوار سوريا: "لقد سطرتم بأيديكم ملحمة من التضحيات، وعانيتم الصعاب، وواجهتم أعتى الطغاة والظالمين بصبر وثبات، فها أنتم اليوم تجنون ثمار صمودكم وتضحياتكم بتحقيق النصر الذي تستحقونه".

وأضاف مجلس الدولة الليبي في بيان في 8 ديسمبر 2024، "نصر يؤكد أن إرادة الشعوب لا تقهر، وأن الحرية حق أصيل لا يمكن لأحد أن يسلبه".

وشدد على أن "نجاح الثورة السورية هو انتصار للحق والعدالة والإنسانية جمعاء، وهو رسالة لكل العالم أن الشعوب التي تنشد الكراكة والحرية ستنتصر مهما كانت التحديات كبيرة، ومهما طال الظلم".

وأضاف مخاطبا الشعب السوري: "عليكم برص الصفوف لبناء الوطن الجديد، سوريا الحرية والكرامة والعدالة، سوريا التي تحتضن جميع أبنائها على اختلاف أطيافهم وانتماءاتهم، سوريا الأمل والسلام".

تفاعلات حزبية

عدد من الأحزاب المغاربية رحبت بإسقاط نظام بشار الأسد، واصفة إياه بالوحشي والدموي، داعية إلى إسنادها بغية تحقيق مطالبها في الحرية والعدالة والعيش الكريم لعموم الشعب السوري.

وفي هذا الصدد، عبر حزب "العدالة والتنمية" المغربي، عن تهانيه للشعب السوري الأبيِّ ومشاركته فرحة تحقيق حريته واستعادة عزة ومجد دولته، والتخلص من نظام مستبد ووحشي أذاق الشعب السوري الويلات والإهانة لعقود طويلة.

وعبر الحزب في بيان حمل توقيع أمينه العام عبد الإله بنكيران، في11 ديسمبر، عن تمنياته الصادقة بالنجاح لقيادة الثورة في تأمين نجاح المرحلة الانتقالية بوطنية وتعقل وروية.

مثمنا التعامل الحضاري للثوار مع مخالفيهم، وحرصهم على وحدة البلاد والشعب السوري بمختلف مكوناته.

ودعا الحزب "جميع السوريين بمختلف مشاربهم ومرجعياتهم وقناعاتهم للتعاون والاجتماع على كلمة سواء من أجل استرجاع استقلالية القرار السوري، وبناء دولة سوريا الوطنية الموحدة والحرة والديمقراطية، بما يحفظ كرامة السوريين ووحدتهم ومقدراتهم، ويدعم قضايا الأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية ومقاومتها المشروعة، ويفوت الفرصة على التدخلات الأجنبية، وعلى الثورة المضادة المعارضة لإرادة الشعوب".

بدوره، شدد حزب "التقدم والاشتراكية"، "على ضرورة احترامِ الجميع للإرادة الحرة للشعب السوري الشقيق ولتطلعاته، بعيدا عن أيِّ تدخل أجنبي في صياغة مستقبله، وعلى ضرورة احترام سيادة سوريا ووحدتها الترابية".

وقال الحزب في بيان حمل توقيع أمينه العام محمد نبيل بنعبد الله، في 11 ديسمبر، إنه يشارك الشعب السوري الشقيق تعبيراتِه عن الفرحة والارتياح بسقوط حُكـمٍ مطبوع بالاستبدادِ والقمع.

وأعلن الحزب تطلعه إلى أن تعملَ القوى الحيةُ والفاعلة بسوريا على حفظ لحمة الشعب السوري وصون تماسك نسيجه الوطني، وأن تحرص هذه القوى، بحكمةٍ ويقظة، على إقرار التعددية السياسية والديموقراطية والتنمية وإعادة البناء، اعتمادا على الذات أساسا، وتفادي السقوط في فخ الإملاءات والتدخلات والأطماع الخارجية المقيتة المحدقة الآن بسوريا.

وعبر الحزب الاشتراكي عن تطلعه في أن تحتفظ سوريا بدور إقليمي، وفق قرار وطنيٍّ مستقل، لا سيما فيما يرتبط بحاضر ومستقبل تطلعات الشعب الفلسطيني نحو إقرار حقوقه المشروعة في الوجود وفي استرجاع أراضيه وفي الاستقلال.

كما رحب حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، عن ارتياحه لسقوط النظام السوري المستبد والقمعي الذي جثم على صدر الشعب لعقود طويلة.

وقال الحزب في بيان، في 11 ديسمبر، إن النظام خلف وراءه مآسي إنسانية جسيمة، ووضعا سياسيا داخليا يطرح تساؤلات حول استمرار مأساة الشعب السوري. 

وشدد الحزب على أن الطريق السليم لإعادة بناء سوريا حرة ومستقلة، بعيدة عن كل أشكال الطائفية والانقسامات، يجب أن يستند إلى احترام كامل للحقوق والحريات الأساسية، وضمان إشراك كل القوى الحية في عملية البناء.

في الجزائر، دعا حزب "حركة البناء الوطني"، إلى "ضرورة تبني حل سياسي شامل وفق قرار مجلس الأمن 2254، يضمن مشاركة جميع مكونات الشعب السوري وفصائله التي تنبذ العنف، دون إقصاء أو تهميش، ويعيد بناء الدولة على أسس سليمة".

وأكد الحزب في بيان حمل توقيع أمينه العام عبد القادر بن قرينة، "أهمية الوقف الفوري والشامل لجميع العمليات العسكرية التي تفاقم معاناة المدنيين وتهدد الأمن والاستقرار، مع التشديد على حماية مؤسسات الجمهورية".

ودعا إلى "حوار وطني سوري جامع يتجاوز الحسابات الضيقة وروح الانتقام، ويضع المصلحة الوطنية فوق كل تقدير لتحقيق المصالحة الوطنية وتعزيز الوحدة".

كما دعا القوى السياسية والمجتمعية إلى تجاوز خطابات الكراهية والفرقة، وتعزيز الوحدة الوطنية كركيزة أساسية لإعادة بناء سوريا قوية ومستقرة.

وفي الجزائر أيضا، أكدت "حركة مجتمع السلم"، مساندتها الشعب السوري، والوقوف إلى جانبه في حقه الشرعي في العيش في أجواء الحرية والكرامة والانعتاق.

وشددت الحركة دعمها للشعب السوري في تجاوز مراحل الصراع والتشرذم التي تسببت في تراجع دور سوريا، وأدت إلى تشريد وتهجير ملايين السوريين في ظل النظام البائد.

وبارك البيان للشعب السوري تحقيق مطالبه في الانتقال السياسي والتخلص من الفساد والاستبداد، مؤكدا "ضرورة ضمان وحدة الأراضي السورية، وضمان انتقال سياسي سلمي وعادل يحقق توافقًا بين جميع مكونات الشعب السوري، بما يضمن الاستقلالية وسيادة القرار ووحدة الإقليم".

ودعت الحركة جميع الأطراف السورية إلى استخلاص العبر من التجارب العربية المريرة، ونبذ أسباب الانقسام والصراع على السلطة، والعمل على مستقبل مشترك قائم على الحوار والمصلحة الوطنية لتجنب الانزلاق في صراعات جديدة تعيق المسار التحرري.

وفي تونس، هنأت "حركة النهضة"، الشعب السوري إثر انتصار إرادته على النظام، بعد سنوات من القمع والمعاناة على إرادة الظلم والموت التي جسدها حكم دكتاتوري ظالم.

وجددت الحركة في بيان، "تمسكها بحق كل الشعوب في الحرية والكرامة، ووقوفها في وجه كل أشكال الظلم والاستبداد".

وشدد البيان أن انتصار الشعب السوري يؤكد أن "الحرية والعدالة هما السبيل الوحيد لبناء مستقبل يليق بكرامة السوريين وبمكانة سوريا الحضارية، سوريا الكرامة والعزّ والمجد".

ودعت الحركة "الشعب السوري وكل قواه الحية إلى وحدة وطنية تحفظ نسيج الشعب وتجنب البلاد مخاطر التقسيم، مع التأكيد على ضرورة بناء نظام ديمقراطي يضمن التعايش الوطني والعدالة والحرية والمساواة لكل المواطنين ويرفع عن السوريين آثار المعاناة التي خلفها أكثر من نصف قرن من حكم القهر والاستبداد".

كما دعت "الشعوب العربية إلى الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، ودعم جهوده من أجل استقرار بلاده واستعادة سيادته بعيدا عن التدخلات الخارجية والمشاريع التي تهدد استقلال سوريا ووحدتها".  

بدوها، قالت "جبهة الخلاص" المعارضة بتونس، إن التطورات في سوريا لها دلالات تتجاوز حدود البلاد السورية، وتؤشر إلى أن ما عرفته البلاد العربية من انتفاضات سلمية مطلع العشرية الماضية يعبر عن تطلعات عميقة لدى شعوبها نحو الحرية وبناء مؤسسات ديمقراطية قائمة على سيادة القانون والفصل بين السلطات، تحقق العدل وتضمن الاستقرار والنمو الشامل والدامج لجميع أبنائها.

واسترسلت الجبهة في بيان: كما تشير إلى أن الاعتقاد بان الجمود السائد الآن في مختلف بلدان المنطقة يقوم دليلا على عدم حاجة هذه الشعوب إلى الديمقراطية إنما هو خطأ فادح، يمهد لمفاجآت خطيرة على الأمن القومي والإقليمي لهذه البلدان، وعلى استقرارها".

وأعربت جبهة الخلاص الوطني عن تفاؤلها بمستقبل الأحداث في سوريا لما أبدته فصائل المعارضة المسلحة من توافق وجنوح إلى السلم وطمأنة مختلف مكونات الشعب السوري الدينية والإثنية، على أن سوريا للجميع.

وفي موريتانيا، بارك حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل" للشعب السوري تكلل ثورته المباركة بالنجاح، بعد أزيد من خمسين عاما من الاستبداد وحكم الفرد المطلق، قدم خلالها هذا الشعب العظيم الآلاف من أبنائه الشرفاء ثمنا غاليا لحريته.

وشدد حزب "تواصل" في بيان على "وجوب احترام الإرادة الحرة للشعوب وحقها الأصيل في اختيار من يحكمها"، و"أنه لابد من نهاية لكل ظلم وظالم وإن حسبها لا تأتي، وفيما حصل عبرة لكل مستبد استمرأ ظلم شعبه".

ونبه البيان إلى "وجوب محافظة القوى الثورية على مقدرات الشعب السوري وأمنه وسكينته بما في ذلك صيانة المنشآت والمرافق العامة"، مع "رسم خريطة سياسية واضحة لمسار الانتقال الديمقراطي المرتقب تشترك فيها مختلف القوى الحية بالبلد".

نصائح للمستقبل

من جانبه، وفي نصائح نشرها عبر صفحته على فيسبوك، في 9 ديسمبر 2024، دعا القيادي الإسلامي الموريتاني محمد جميل منصور، أعداء الثورة وأنصار النظام السابق، إلى عدم مغالبة حركة الشعوب.

وأضاف منصور في نصائحه للثوار وقيادتهم، قائلا: "أنهيتم الأسهل وبدأتم الأصعب، وإن الدول تستقيم مع العدل والإنصاف والحرية وخدمة الناس، وإنها - مهما كانت الشعارات والتسميات – لا تستقر مع الظلم والحيف والطائفية والإقصاء".

واسترسل: "التجارب تؤكد أن الأوطان والأمم لا تبنى بالعناوين الضيقة، ولا الأطر المحصورة إيديولوجيا أو طائفيا أو مناطقيا".

وخاطب منصور جوار سوريا، بقوله: "دعوا عنكم سوريا تتوحد وتؤسس نظامها السياسي، ولا تظنوا أن دعما للثوار يبرر الضغط عليهم، أو أن عداوة لهم تستلزم تآمرا عليهم".

وشدد القيادي الإسلامي الموريتاني أن "سوريا تستحق منا ومن أهلها أن تتجاوز هذه الوضعية بسلام، فهي غالية وأصيلة وجميلة، ثم إن عاصمتها دمشق، والكل بها مجنون".