تخوف من حرب استباقية.. ما حقيقة قلق إسرائيل من تنامي القوة العسكرية لمصر؟

منذ ٦ أيام

12

طباعة

مشاركة

تصاعدت التساؤلات في دولة الاحتلال الإسرائيلي - سواء في الإعلام أو على وسائل التواصل الاجتماعي أو في أوساط الباحثين والخبراء- بشأن توسع الوجود العسكري المصري في شبه جزيرة سيناء.

وتربط هذه النقاشات بين الأمرين، مُلمِّحة إلى أن “القاهرة تتجه نحو حرب استباقية ضد دولة الاحتلال؛ حيث يُنظر إلى هذا النشاط على أنه استعداد لمناورة سريعة وربما إلى هجوم مفاجئ”.

في المقابل، لا يقف المصريون موقف المتفرج إزاء هذا الطرح؛ إذ أثارت نقاشات نقدية تجاه إسرائيل زادت التوتر في العلاقات الثنائية خلال هذه المرحلة الحساسة.

تعزيز الوجود

وبعد 46 عاما على اتفاق التطبيع، تساءلت سفيرة الاحتلال السابقة، أميرة أورون، في مقال نشره "معهد دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي: “هل قلق الرأي العام الإسرائيلي من استعداد مصر للحرب له ما يبرره؟”

وقالت أورون، التي شغلت منصب سفيرة إسرائيل لدى القاهرة (2020-2024)، ولدى أنقرة (2015-2017): إن رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، وكبار المسؤولين العسكريين يرون أن "إعادة بناء الجيش وتعزيز قدراته لتلبية متطلبات الدفاع الوطني جزء من رؤية الجمهورية الجديدة".

وادعت أنه “في بداية العقد الماضي واجهت مصر تحديات أمنية جسيمة، تمثلت في جماعة الإخوان المسلمين كعدو داخلي، وانتشار الإرهاب في أجزاء واسعة من شمال سيناء”.

وأضافت “كما تطورت تهديدات أمنية جسيمة على طول حدود مصر؛ حيث أدت الحرب في ليبيا إلى انهيار الدولة، بما في ذلك فقدان السيطرة على مستودعات أسلحة كبيرة، نُهبت وهُرّبت محتوياتها إلى مصر نفسها وإلى سيناء”.

وفي السودان، في عهد عمر البشير، شهدت المنطقة الحدودية المشتركة عمليات تهريب ونشاطا "إرهابيا"، بعضها بدعم من إيران، وفق المسؤولة السابقة.

واستمر عدم الاستقرار في السودان، إلى أن اندلعت هناك حرب عنيفة، خلال العامين الماضيين، مما أدى إلى تدفق موجات إضافية من اللاجئين إلى مصر.

وأشارت أورون إلى أنه "على طول الحدود مع قطاع غزة، واجه الجيش المصري في السنوات الأخيرة قدرات (حركة المقاومة الإسلامية) حماس، بما في ذلك مئات الأنفاق".

وذكرت أنه “في السنوات الأخيرة، وسّعت مصر مصادر تسليحها، فاشترت مقاتلات رافال من فرنسا، وغواصات وفرقاطات من ألمانيا، كما درست شراء مقاتلات ميغ-35 من روسيا لكنها تراجعت على ما يبدو، بينما حصلت منها على حاملات مروحيات”.

كذلك، زوّدت إيطاليا الجيش المصري بأنظمة قتالية لسلاحي الجو والبحرية، إلى جانب ذلك، تُجري القاهرة تدريبات عسكرية مشتركة سنويا مع جيوش متعددة حول العالم.

ولفتت أورون إلى أنه “خلال فترة السيسي، خاصة في ولايته الثانية، عززت مصر وجودها العسكري على جميع حدودها، ومن الأمثلة على ذلك التحديث الذي بدأ في 2019 لقاعدة القوات الجوية في سيدي براني، قرب الحدود الغربية مع ليبيا”.

وفي يوليو/تموز 2021، افتُتحت قاعدة بحرية محدثة في الساحة الغربية على الساحل الشمالي قرب الحدود الليبية.

وترى أورون أن "من المهم دراسة عملية التراكم العسكري للجيش المصري مقارنة مع جيوش أخرى في منطقة الشرق الأوسط؛ إذ إن 4 من أكبر 10 مستوردين للأسلحة في العالم خلال سنوات 2020-2024 هي دول في المنطقة، السعودية، وقطر، ومصر، والكويت".

كما أن "معظم الأسلحة تأتي من مصادر غربية، فأكثر من نصفها من الولايات المتحدة و13 بالمئة من إيطاليا و10 بالمئة من فرنسا".

وأشارت إلى أن “أمصر حصلت على منصات إستراتيجية، مثل المقاتلات والغواصات، خلال عام 2024، مقارنة بدول عربية أخرى، ويمكن تفسير هذه المشتريات بحاجتها إلى استبدال المنصات القديمة”.

عواقب الحرب

وقالت السفيرة السابقة لدى القاهرة: إن "مصر ملتزمة بمعاهدة السلام مع إسرائيل، وفقا للقرار الإستراتيجي الذي اتخذه آنذاك الرئيس محمد أنور السادات".

وأضافت "بشكل واضح، يشدد المسؤولون المصريون على هذا الالتزام للأطراف الإسرائيلية المعنية، كما يعلنه السيسي وكبار المسؤولين مرارا".

ورأت أن "هذا الالتزام يحد من أي دافع مصري لشن حرب ضد إسرائيل، خاصة بعد استعادة سيناء؛ حيث تمارس مصر سيادتها عليها دون انتقاص"، وفق زعمها.

وذكرت أورون أن "المصريين يدركون تماما عواقب الحرب وما تجلبه من دمار واسع، لا سيما أن الرؤية التي يقودها السيسي قد تنهار في أيام قليلة من القتال مع إسرائيل".

وتابعت: "يذكّر المصريون أنفسهم ومن حولهم مرارا بالثمن الباهظ الذي دفعته مصر من أجل القضية الفلسطينية خلال حكم جمال عبد الناصر، لكن في نظرهم، تلك المرحلة أصبحت من الماضي، حيث يضع (النظام) المصري اليوم مصالحه أولا".

واستطردت: "لذلك، لا يمكن أن يحدث تصعيد مع إسرائيل إلا إذا خلصت مصر إلى أن هناك تهديدا مباشرا وحقيقيا لأمنها القومي"، وفق تقييم أورون.

وأردفت: "في الواقع، إن محاولة تحديد دوافع أي تحرك عسكري مصري ضد إسرائيل خارج نطاق العلاقات الثنائية يقود حتما إلى القضية الفلسطينية، التي لطالما كانت سببا محتملا للتصعيد".

وخلال الأشهر الماضية من العدوان على غزة، قالت أورون: إن “قادة الجيش والمحللون المصريون شددوا على جاهزية الجيش واستعداده للدفاع عن الوطن، خاصة مع تصاعد القلق من احتمال انتهاك السيادة في سيناء بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية والتصريحات الرسمية وغير الرسمية التي عُدّت تهديدا لمصر”.

وأوضحت أن “من بين أكثر القضايا إثارة للقلق، والتي قوبلت برفض جازم، احتمال نزوح اللاجئين الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأراضي المصرية، سواء نتيجة الدمار الهائل والخسائر البشرية في القطاع، أو في إطار محاولة لتنفيذ فكرة الهجرة (التهجير القسري) التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب”.

وقالت أورون: "من الضروري التأكيد على أهمية الحفاظ على التزام إسرائيل ومصر بمعاهدة السلام وتعزيزه، ويتطلب ذلك استمرار الحوار المباشر على أعلى المستويات بين البلدين، إلى جانب تعزيز التواصل بين الشعبين".

وأضافت "كما يجب أن تستمر قنوات الاتصال العسكرية والأمنية في العمل بفعالية واحترافية، بقيادة اللجنة العسكرية المشتركة والجهات المختصة في كلا الجانبين، إضافة إلى دور القوة متعددة الجنسيات في مراقبة التطورات في سيناء والتحقيق فيها".

وختمت أورون بالإشارة إلى أن "إحدى الركائز الأساسية في هذه العلاقة هو دور الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، اللذين يعدان السلام بين مصر وإسرائيل حجر أساس للاستقرار في المنطقة".