التقارب الروسي الأميركي.. لماذا يشكل تحديا معقدا لباكستان؟

"العامل الأميركي يظل حاسما في التعاون الاقتصادي بين باكستان وروسيا"
بعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير/ كانون الثاني 2025، زادت احتمالات حدوث تقارب بين الولايات المتحدة وروسيا.
ويبذل الرئيس الأميركي جهودا كبيرة لتسوية الأزمة الأوكرانية وإنهاء الحرب، وهو ما قد يخلق بيئة مواتية للتقارب بين واشنطن وموسكو خلال الفترة المقبلة.
وفي هذا السياق، يرى موقع "نادي فالداي الدولي" الروسي أن "اتفاق السلام المتوقع في أوكرانيا سيكون له تأثير كبير على المشهد الجيوسياسي العالمي، وعلى أمن أوروبا وبلدان الجنوب العالمي، خاصة باكستان".
وفي 24 مارس/ آذار 2025، انطلقت في العاصمة السعودية الرياض محادثات روسية أميركية لبحث سبل تسوية الحرب المتواصلة في أوكرانيا منذ أكثر من 3 سنوات.
تحدّ معقد
وأكد الموقع الروسي أن التقارب بين الولايات المتحدة وروسيا "يمثل تحديا معقدا للسياسة الخارجية الباكستانية، في ظل عالم متعدد الأقطاب".
وسلط الضوء على خصوصية ظروف بلدان الجنوب العالمي، وباكستان على وجه التحديد.
وقال الموقع: "كما هو الحال مع العديد من بلدان الجنوب العالمي، تواجه باكستان خيارات محدودة ووقتا قليلا لتعديل مواقفها السياسية في مواجهة المنافسة بين القوى العظمى".
وأردف: "رغم أن باكستان تسعى إلى تحقيق الاستقلال الإستراتيجي، فإن عدم استقرارها الاقتصادي والسياسي يحد من قدرتها على اتخاذ خيارات إستراتيجية متماسكة".
وأشار إلى أن إسلام آباد "تواجه تحديا صعبا"، حيث إنها "لا تشكل أهمية إستراتيجية بالنسبة لواشنطن ما لم تكن خاضعة للأهداف الأميركية المنبثقة عن إستراتيجية احتواء الصين".
وتكمن المعضلة -حسب الموقع- أن "باكستان ليس بمقدورها أن تتحمل إثارة عداوة الولايات المتحدة أو الصين في هذا التنافس".
في الوقت ذاته، أشار إلى أن "التزام ترامب باحتواء الصين بالمعنى التقليدي للكلمة أمر مشكوك فيه، نظرا لقدرته على إبرام صفقة مع بكين في أي وقت".
العامل الأميركي
من ناحية أخرى، شدد الموقع على أن "العامل الأميركي يظل حاسما في التعاون الاقتصادي بين باكستان وروسيا".
وتابع موضحا: "حيث أدت العقوبات الأميركية ضد الشركات الروسية إلى تجميد مشاريع كبرى، خاصة خط أنابيب الغاز (باكستان ستريم)، الذي وُقعت اتفاقية إنشائه عام 2015".
مع ذلك، رأى الموقع أنه "من الممكن أن يشجع رفع العقوبات الأميركية عن روسيا على إحياء هذه الصفقة بين الشركاء الروس والباكستانيين".
وأضاف: "رغم التحسن في العلاقات السياسية بين إسلام أباد وموسكو، فإن آليات التسوية المالية المستدامة لا تزال بعيدة المنال".
وأوضح أن "البنوك الخاصة أبدت ترددها في التعامل مع النظام المصرفي الروسي بسبب التهديد بفرض عقوبات ثانوية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي".
وأردف: "إذا رُفعت العقوبات الأميركية ضد روسيا، فستتمكن باكستان من تطوير نظام تسوية مالية، رغم أن عقوبات الاتحاد الأوروبي قد تشكل عقبة".
وفي حال نُفذ هذا السيناريو، توقع الموقع أن "باكستان ستكتسب مساحة إستراتيجية لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع روسيا، خاصة في تأمين صفقات الطاقة طويلة الأجل بأسعار تنافسية، وهو ما من شأنه أن يفيد اقتصادها المعتمد على استيراد الطاقة".
إستراتيجية التحوط
من ناحية أخرى، أشار الموقع إلى أن “العلاقات الدافئة بين واشنطن وموسكو قد تؤثر على السياسة الأميركية في جنوب آسيا، وهو ما قد يؤدي إلى تطوير العلاقات مع الهند وإعادة النظر في النهج تجاه باكستان كجزء من إستراتيجية أوسع لاحتواء الصين".
ووفقا له، فإن "هذا من شأنه أن يضع باكستان في موقف صعب".
وفي هذه الحالة، "ربما تكون إستراتيجية التحوط التي تتجنب التحالفات الجامدة مع أي طرف واحد وتركز على الفوائد الاقتصادية والتجارية هي المسار الأكثر منطقية في هذا الموقف"، بحسب الموقع.
ورجح أن يؤدي "التقارب بين الولايات المتحدة وروسيا إلى تقليل أهمية باكستان بالنسبة لموسكو".
ومع ذلك، شدد الموقع على أن "الحفاظ على الزخم المكتسب في السنوات الأخيرة، وضمان استقرار السوق يظل في مصلحة روسيا".
واستطرد: "كما أن تخفيف الموقف الأميركي تجاه صادرات الدفاع الروسية، قد يسمح لباكستان بالوصول إلى التكنولوجيا العسكرية الروسية المتقدمة".
واختتم الموقع قائلا: "بشكل عام، فإن التغيرات الجيوسياسية العالمية تخلق بيئة إستراتيجية ودبلوماسية مواتية للمناورة الحذرة بين القوى العالمية، دون الحاجة إلى اختيار معسكر أو آخر".