الإمارات بالخلفية.. ما قصة "التفاهمات غير المكتوبة" بين بشار الأسد وإسرائيل؟
"بعد أيام قليلة من اندلاع الحرب في غزة وجهت الإمارات تحذيرا للأسد بعدم التورط فيها"
منذ أكثر من عام، يلتزم رئيس النظام السوري بشار الأسد الصمت حيال الإبادة الإسرائيلية المتواصلة في قطاع غزة والعدوان على لبنان وحتى القصف المتكرر للأراضي السورية.
وفي هذا السياق، تسلط مجلة "أبّوك" العبرية الضوء على موقف الأسد من الصراع بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية “حماس” و"حزب الله" اللبناني.
ويحافظ الأسد، حسب المجلة، منذ بداية هذا الصراع على حياده ويحرص على عدم التدخل فيه، ويلتزم بتفاهمات غير مكتوبة مع إسرائيل، يحافظ عبرها على هدوء الجبهة الحدودية معها".
خطوط حمراء
يستهل الموقع الإسرائيلي تقريره بالادعاء أن "التقييم في العالم العربي منذ اليوم الأول للحرب هو أن الأسد لن يتدخل فيها، بسبب علاقاته المهتزة مع قيادة حماس التي لم تتماش معه في الحرب الأهلية السورية عام 2011".
وقال إن الأسد متمسك بتفاهماته غير المكتوبة مع إسرائيل، والتي بموجبها يواصل الحفاظ على جبهة حدودية هادئة معها. وفي المقابل "إسرائيل لا تعمل على إسقاط نظامه".
وروسيا، التي لديها قواعد عسكرية في سوريا، ملتزمة أيضا بهذه التفاهمات الهادئة بين إسرائيل والأسد.
وعلى جانب آخر، تسلط المجلة الضوء على أنه "منذ بداية الحرب، لم يسمح النظام السوري أيضا بتنظيم مظاهرات كبيرة مؤيدة لقطاع غزة في المدن السورية، كما حدث في دول عربية أخرى، مثل الأردن".
لكن في سوريا، لم يُنظم سوى عدد قليل من المظاهرات الصغيرة لدعم حماس وقطاع غزة، التزاما بحس الواجب، كما تصفه المجلة العبرية.
وفي هذا الصدد، تؤكد على أن "النظام السوري حرص، ولا يزال، على البقاء بعيدا عن الحرب قدر الإمكان".
وتشير إلى أن "الأسد يعتم منذ فترة طويلة على القصف الإسرائيلي لأهداف إيرانية وحزب الله في الأراضي السورية".
ممارسا "سياسة احتواء" من أجل عدم الدخول في مشاكل مع إسرائيل، التي تتمتع بسيطرة جوية كاملة على المجال الجوي السوري.
وفي هذا الإطار، يسلط الموقع الضوء على أن "الهدف والرغبة الأولى، من وجهة نظر الأسد، دائما هي إنقاذ حكمه".
جدير بالذكر أنه "لا يزال نحو 40 بالمئة من الأراضي السورية خارج سيطرته منذ بدء الحرب الأهلية في البلاد".
ومن جانب آخر، تقول مصادر استخباراتية غربية إن "إسرائيل حذرت الأسد في وقت مبكر من الحرب من أنها ستدمر نظامه إذا سمح لإيران ومليشياتها باستخدام الأراضي السورية لمهاجمة إسرائيل".
وفي أعقاب هذا التحذير، هاجمت إسرائيل -بهدف التذكير والتحذير- قبل بضعة أسابيع منزل ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري والذي يشغل أيضا منصب قائد الفرقة الرابعة في الجيش السوري".
وفي غضون ذلك، يؤكد المسؤولون الأمنيون في إسرائيل أن "الأسد يعلم جيدا أنه لا يجوز له أن يتجاوز "الخطوط الحمراء" التي رسمتها له إسرائيل، وإذا فعل ذلك فإن الرد الإسرائيلي سيكون سريعا".
والأسد كان يعلم كذلك أنه غير مسموح له عمليا بالانضمام إلى محور المقاومة الذي تقوده إيران، وذلك إلى جانب عدم رغبته في منح المساعدة لحماس والفلسطينيين الذين خانوه.
تحذير الإمارات
وبالإشارة إلى وجود هدف آخر وراء هذا الموقف، تقدر المجلة أن "الأسد يأمل أيضا أنه من خلال اتخاذ موقف محايد وعدم التدخل في الحرب، سيحسن فرص تقدير الدول الغربية لذلك وتخفيف العقوبات الاقتصادية الثقيلة المفروضة على سوريا".
وفي هذا السياق، توضح أن "إدارة الأسد تمشي الآن جنبا إلى جنب مع دولة الإمارات، مما يساعدها على التعافي ماليا".
وتنقل عن مصادر خليجية قولها إنه "بعد أيام قليلة من اندلاع الحرب في قطاع غزة، وجهت الإمارات تحذيرا للأسد بعدم التورط في هذه الحرب".
ومن زاوية أخرى، أشارت إلى أن "الأسد كان حذرا للغاية، ولم يقدم حتى تعزية لحركة حماس بعد اغتيال زعيمها، إسماعيل هنية، في طهران".
وذلك على الرغم من أنه قبل عامين كان يُفترض أنه "تصالح رسميا مع حركة حماس".
وهنا، تبرز المجلة مصلحة الأسد في هزيمة حركة حماس أمام إسرائيل، موضحا أنها "جزء من حركة (الإخوان المسلمين) التي حاولت الإطاحة بحكمه خلال الحرب الأهلية السورية".
وكجزء من جهوده لإعادة سوريا إلى الساحة العالمية، يتفاوض الأسد حاليا مع ثماني دول أوروبية لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، بعد أن فروا منها خلال الحرب الأهلية.
كما أنه قُبل من جديد في الجامعة العربية، بعد تعليق عضوية سوريا فيها إثر الحرب الأهلية والمجازر التي ارتكبها الأسد ضد شعبه، بحسب ما ورد عن المجلة.
يقوم بواجبه تجاه إيران
وفيما يخص الوجود الإيراني في سوريا، تسلط المجلة الضوء على أن "الأسد لا يملك القوة العسكرية اللازمة لطرد الوجود الإيراني على الأراضي السورية".
لافتة إلى أن "إسرائيل في الوقت نفسه تعمل بحرية في الأجواء السورية وتهاجم أهدافا إيرانية وحزب الله".
ومع ذلك، تشير المجلة إلى أنها حريصة على عدم مهاجمة أهداف بالقرب من القواعد العسكرية الروسية.
جدير بالإشارة إلى أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ليس مهتما بتورط الأسد في الصراع العسكري بين إيران وإسرائيل، وفق المجلة.
وفي خطاب ألقاه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، قدم زعيم حزب الله السابق حسن نصر الله "عرضا" للأسد، أعفاه فيه من مساعدة حزب الله في الحرب ضد إسرائيل. مبررا ذلك بالقول إن "سوريا بحاجة إلى التعافي من 12 عاما من الحرب الأهلية".
ومع ذلك، يواصل الأسد السماح لإيران بنقل الأسلحة عبر الأراضي السورية إلى حزب الله في لبنان، وهو يعتقد بذلك أنه يقوم بواجبه تجاه حزب الله وإيران.
ويختتم الموقع تقريره بنقل وجهة نظر بعض المعلقين العرب، الذين يرون أن "موقف الأسد المحايد في الحرب الحالية دليل على فشل الإستراتيجية الإيرانية المتمثلة في (توحيد الجبهات) ضد إسرائيل".