مؤرخ إسرائيلي يطالب أوروبا بفرض عقوبات على دولة الاحتلال.. ما الأسباب؟

2 hours ago

12

طباعة

مشاركة

سلط مؤرخ إسرائيلي الضوء على تأثير اعتماد إسرائيل في إبادتها لقطاع غزة ولبنان على دعم الولايات المتحدة، وحلفائها الآخرين.

وتوقف المؤرخ، إيلان بابيه، عن ما يمكن فعله لمواجهة هذا "المعيار المزدوج"، الذي يزيد من إضعاف القانون الدولي ويعدل ديناميكيات العلاقات العالمية.

وألّف بابيه، العديد من الكتب حول إسرائيل وفلسطين، وهو أستاذ في جامعة إكستر بالمملكة المتحدة، وأصبح منذ سنوات مرجعا دوليا في دراسة تاريخ الاستعمار الإسرائيلي.

وقد أثار كتابه "التطهير العرقي في فلسطين" الصادر عام 2006 ضجة كبيرة؛ حيث شرح عمليات الطرد والتطهير العرقي ضد السكان الفلسطينيين التي روجت لها العصابات الصهيونية المسلحة في السنوات التي سبقت عام 1948. 

فضلا عن ذلك، يعد بابيه مدافعا لسنوات عن حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات بصفتها وسيلة للضغط على إسرائيل في مواجهة الاحتلال غير القانوني والفصل العنصري. 

وفي عام 2007 غادر الأراضي المحتلة واستقر في المملكة المتحدة، حيث يعمل أستاذا جامعيا، بعد أن طلب رئيس جامعة حيفا، حيث كان يدرّس، استقالته بسبب مواقفه الناقدة للكيان، و"الصعوبة المتزايدة في العيش فيه". 

ونشر الكاتب أخيرا كتابا جديدا باللغة الإنجليزية، يكشف فيه عن قوة "اللوبيات الصهيونية على جانبي المحيط الأطلسي". 

مشروع استعماري

وفي حواره مع صحيفة "الدياريو" الإسبانية، قال بابيه إنه "يتعين على أوروبا أن تفرض عقوبات على إسرائيل حالا".

وشدد على "أننا أمام أزمة ثقة في القانون الدولي، وإذا لم تؤد الإبادة الجماعية، التي يمكننا أن نراها على هواتفنا يوميا تقريبا، إلى تغييرات جذرية في السياسات الحكومية؛ فهذا يعني أن ما كنا نظن أنه حقوق مدنية إنسانية مقدسة، يتجرّد من معناه عندما تنتهك حقوق دولة غير غربية".

وتابع: "وهنا يتجلى البعد الدولي للحرب في غزة، التي أظهرت نفاق المجتمع الدولي وازدواجية معاييره، خاصة الغربي منه". 

وأشار إلى أن "من السهل جدا مقارنة رد الفعل الغربي تجاه أوكرانيا وفلسطين لنرى بوضوح كيف يتم تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم ​​من قبل وسائل الإعلام الغربية والنظام السياسي الغربي. وأمام هذا الوضع، نجد الجنوب العالمي بأكمله يراقب، ويتأكد مما كان يشتبه فيه بالفعل".

وقال المؤرخ إن "على العالم أن يفهم أن الخطر لا يشمل الفلسطينيين فقط، بل إن مستقبل الجميع على المحك. إن الإبادة الجماعية في فلسطين، وأزمة المناخ، والفقر أو العنصرية تأتي من نفس الأسباب، وهي جزء من طريقة معينة لممارسة السياسة". 

ورأى أنه “من الضروري ربط النضالات في مختلف البلدان النضالات في فلسطين، لأنه توجد علاقة وثيقة بينهم، وهذا هو أحد الأسباب التي تجعل الكثير من الناس ينشطون في هذه القضية، وتفسر سبب وجود مليون متظاهر في لندن من أجل فلسطين”. 

ولفت إلى أنه "في هذه الاحتجاجات، كان هناك العديد من الأشخاص الذين لم يشاركوا مطلقا في هذا النوع من المظاهرات من قبل، وقد أقدموا على هذه الخطوة لأنهم اكتشفوا هذه العلاقة بين النضالات". 

ونوه بابيه إلى أن "الطريقة التي تمارس بها السياسة اليوم، بشكل عام، تعامل الناس على أنهم مجرد قاعدة انتخابية، وليس بصفتهم مجموعة تعاني من مشاكل يجب حلها، ولا بد من تغيير هذا الجوهر، بما في ذلك تعديل سياسات حكوماتنا تجاه فلسطين وغيرها من القضايا التي تمس حاضرنا".

وأشار المؤرخ، الذي يدافع عن حل دولة واحدة للجميع، إلى أن "هذا الحل غير ممكن حاليا، وعلى المدى الطويل، سيصبح الحل الوحيد المتاح على الطاولة، وفي الوقت الراهن، نحن نرى دولة واحدة، ألا وهي دولة الكيان الذي يسيطر على كامل فلسطين التاريخية، وقد أصبحت إسرائيل اليوم دولة فصل عنصري ترتكب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي". 

وواصل: "في الحرب الحالية، نحن لسنا بصدد مواجهة صراع تقليدي بين دولتين، بل نواجه مشروعا استعماريا يشبه الفصل العنصري في جنوب إفريقيا أكثر من أي شيء آخر. أعلم أنه من الصعب على العديد من الناس في أوروبا أن يفهموا أن الاستعمار لا يزال مستمرا في القرن الحادي والعشرين، ولكن هذا هو الواقع".

تحالف قوي

وتحدث المؤرخ عن صراع داخل الصهيونية، ونوه إلى أنه "يحدث بين اليهود العلمانيين واليهود المتدينين. من جهة، لا يرغب الأكثر تدينا فقط في هزيمة الفلسطينيين، بل إنهم يريدون إنشاء دولة يهودية وفقا للقانون اليهودي، أي عبارة عن ثيوقراطية".

واستطرد: "في المقابل، يريد اليهود العلمانيون الحفاظ على الدولة اليهودية كدولة ليبرالية وديمقراطية لليهود". 

واستدرك: "لكن، لا يعمل أي من هذين النموذجين.. هذه هي المشكلة الرئيسة للصهيونية منذ البداية. ولا يتعلق الأمر في الحقيقة بالفلسطينيين، بل تكمن المشكلة الكبرى في الصهيونية في أنها حل أوروبي لمشكلة أوروبية على حساب الفلسطينيين".

وفي كتابه الجديد "اللوبيات الصهيونية على جانبي المحيط الأطلسي"، تحدث بابيه عن دور الجماعات المؤيدة لإسرائيل في العالم، ومن بينها أيضا جماعات قوى غير يهودية. 

وتعليقا على ذلك، أورد أن “في أوروبا مجموعات من هذا النوع سواء من اليمين، وحتى اليسار. وفي الانتخابات الأميركية، رأينا أيضا بعض جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل تلعب دورا نشطا للغاية”. 

واسترسل: "بشكل عام، يعد اللوبي المؤيد لإسرائيل هو الأكبر والأقدم، ويبلغ عمره 100 عام وله الكثير من النفوذ من خلال تحالف دولي، أسميه إسرائيل العالمية".

وأشار إلى وجود "تحالف قوي مؤيد لإسرائيل في العالم يجمع بين المسيانية - الإنجيلية أو المسيحية أو اليهودية - بأقطاب المال والمجمع الصناعي العسكري، والمحافظين والمحافظين الجدد، والأحزاب اليمينية، والفاشيين، والشعبويين، الذين اتحدوا مع إسرائيل بسبب رهابهم من الإسلام". 

وحول طريقة نشاط جماعات الضغط الإسرائيلية، التي فصّلها في كتابه الأخير، أورد بابيه أن “اللوبي المؤيد لإسرائيل قوي للغاية ويستخدم أساليب المافيا”. 

وأوضح أنه "لهذا السبب فهو يملك الكثير من النفوذ، قد يؤدي ذلك إلى تدمير مسيرة سياسية أو صحفية أو فنية إذا اعتقدوا أن جهة ما تعرّض صورة إسرائيل أو صورة اللوبي نفسه للخطر".

وحول معاداة السامية، قال بابيه إن "استغلالها كأداة لإسكات الانتقادات الموجهة لإسرائيل يشكل وسيلة قوية للغاية، لأن لا أحد يريد أن يتهم بمعاداة السامية أو بأنه يهودي يكره نفسه، وهو ما يُتّهم به اليهود الذين ينتقدون إسرائيل".

وأشار إلى أن "أوروبا ملزمة بفرض عقوبات بشكل عاجل، وإذا أرادت أن تلعب دورا في التاريخ، فعليها أن تتخذ خطوات جدية".