“قواعد اللعبة قد تتغير”.. هذه اتجاهات الملف السوري بعد عودة ترامب

in 12 minutes

12

طباعة

مشاركة

فوز الجمهوري دونالد ترامب بولاية رئاسية جديدة في الولايات المتحدة، طرح الاحتمالات الرئيسة التي قد تواجهها تركيا في سوريا خلال إدارته، بالإضافة إلى الاتجاهات العامة في المشهد.

ونشرت صحيفة "حرييت" التركية مقالا للكاتب، سيدات أرجين، قال فيه إن “هنالك أسئلة تدور في الأذهان عما إذا كان ترامب، بعد توليه منصبه في يناير/ كانون الثاني 2025، سيوقف دعم عناصر وحدات حماية الشعب/حزب الاتحاد الديمقراطي المرتبطة بحزب العمال الكردستاني في سوريا، وهل ستنسحب واشنطن بشكل كامل؟ ”

ولفت الكاتب التركي إلى أن "سجلات ترامب في البيت الأبيض خلال فترته الأولى تُظهر أنه يميل إلى سحب قواته من سوريا، فقد حاول ذلك في الفترة 2018-2019، ونجح في تنفيذ ذلك بشكل محدود بسبب مقاومة النظام الأمني القومي، وأيضا مقاومة إسرائيل واللوبي اليهودي القوي في أميركا".

واستدرك: “مع ذلك، أظهر ترامب في حواره مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال الفترة نفسها موقفا منفتحا على التسوية والتفاوض بشأن سوريا”.

الورقة الكردية

وقال أرجين إن "تشكيلات حكومة ترامب الجديدة تشير إلى أنه قد لا يواجه نفس المقاومة التي واجهها سابقا في اتخاذ قراراته، وذلك نظرا لاختياره شخصيات تتبع نهجه". 

وشدد على أنه “مع ذلك، يجب أن يؤخذ في الحسبان أن جزءا كبيرا من تعييناته الحاسمة في مجال السياسة الخارجية والأمن يتألف من شخصيات متطرفة موالية لإسرائيل، بمن في ذلك أولئك الذين يتعاطفون بشدة مع وحدات حماية الشعب/حزب الاتحاد الديمقراطي”.  

وأردف الكاتب أن "اللاعب الأهم الذي يجب أن نسلط الضوء على موقفه هو إسرائيل، فبقاء سوريا ضعيفة وغير مستقرة هو وضع تفضله إسرائيل دائما من منظور مصالحها الأمنية".

وتابع: "يبدو ذلك واضحا في تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد جدعون ساعر أن (الأكراد هم حلفاء إسرائيل الطبيعيون)". 

ورأى أرجين أن “هذه التصريحات تشير إلى أن إسرائيل لا تخفي توجهها نحو استخدام (الورقة الكردية) لتحقيق أهدافها الإقليمية”.

واستطرد: "بالإضافة إلى ذلك، فإن تصريحات ساعر تشير أيضا إلى أن حكومة بنيامين نتنياهو ستتبنى موقفا داعما لعناصر وحدات حماية الشعب/حزب الاتحاد الديمقراطي التي تسيطر على (الإدارة الذاتية) شرق الفرات في سوريا".

وأشار الكاتب التركي إلى أن "لإسرائيل إستراتيجية أخرى تدور حول سوريا وهي تقويض نفوذ النظام الإيراني في سوريا، ولهذا، قامت أخيرا بزيادة كثافة عملياتها الجوية ضد العناصر الإيرانية في سوريا، ومن هذا المنظور تعد إسرائيل سوريا ساحة خلفية لحربها مع طهران".

وتابع: “إذن، السؤال المهم الآخر هو: إذا أراد ترامب حقا الانسحاب من سوريا، فإلى أي مدى يمكنه مقاومة الضغط من إسرائيل ولوبيها القوي في الولايات المتحدة؟”

وأجاب "لا شك أن الحوار بين أردوغان وترامب في الفترة المقبلة سيكون إحدى القنوات الرئيسة التي ستؤثر على التطورات المتعلقة بسوريا". 

وأشار إلى أنه “من المعروف أن فترة ترامب الرئاسية الأولى شهدت حوارا وثيقا وعمليا بينهما بشأن سوريا، رغم التقلبات والأزمات التي شهدتها تلك الفترة”. 

وأضاف “غير أن هناك نقطة مهمة أخرى يجب أن نتذكرها؛ فخلال فترة 2018-2019 كان جزء مهم من المفاوضات بين الجانبين يتعلق بتحمل تركيا مسؤولية محاربة تنظيم الدولة على الأرض في حال انسحاب الولايات المتحدة من سوريا”.

وأكد أرجين أنه “إذا تم تشكيل عملية تفاوضية مشابهة بين ترامب وأردوغان في الفترة المقبلة، فمن الممكن أن يعود هذا الموضوع إلى جدول الأعمال مرة أخرى”.

وقد أشار أردوغان بالفعل إلى هذا السيناريو، عندما صرّح أخيرا بأن تركيا مستعدة لمواجهة الواقع الحالي في سوريا، وكذلك "للوضع الجديد الذي قد ينشأ في حال انسحاب الولايات المتحدة من سوريا".

العامل الروسي

وقال أرجين إن "هناك عاملا حاسما آخر يجب أن نأخذه في الحسبان عند النظر إلى مستقبل سوريا في الفترة القادمة، وهو كيفية انعكاس الحوار بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الأزمة السورية".

وأضاف أن "ترامب أكد مرارا وتكرارا أنه سيبذل جهدا لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية في أقصر وقت ممكن وسيتواصل مع الأطراف المعنية". 

وتابع: "لا يمكن استبعاد احتمال أن يدخل ترامب وبوتين في مفاوضات حول سوريا أيضا خلال حوارهما، وإذا تحقق هذا الاحتمال فقد يؤدي إلى نتائج قد تغير قواعد اللعبة في القضية السورية".

وذكر أن "تصريحات المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف في مقابلته مع وكالة تاس في 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2024 كانت لافتة، حيث قال: نأمل أن نصل إلى اتفاقات محددة بشأن سوريا، وإن الصراع مستمر منذ أكثر من 13 عاما، وقد حان الوقت لإنهائه من حيث المبدأ".

وقد أكد لافرنتييف على أهمية الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في سوريا، وشدّد على ضرورة مراعاة مواقفها والتفاوض معها. 

وأضاف: "من المعروف أن ترامب يفضل إبرام الصفقات، وسنرى ما الذي سيقدمه في هذا الصدد"، وهذه التصريحات تعكس استعداد موسكو للدخول في مفاوضات مع واشنطن حول الملف السوري.

ولفت الكاتب النظر إلى أنه "في حال دخول واشنطن وموسكو في عملية تفاوض، فإن أنقرة التي تلعب دورا مهما على الأرض في سوريا ستحاول بطريقة أو بأخرى ضمان إدراج مصالحها وتوقعاتها في هذه العملية، أو أنها قد تسعى مسبقا لاتخاذ خطوات تؤثر على هذه العمليات المحتملة بما يتوافق مع أهدافها الخاصة".

وتابع: "بينما تُناقش إمكانية بدء مرحلة جديدة في سوريا بعد فوز ترامب في الانتخابات، ترغب تركيا في اتخاذ خطوات استباقية في هذه المرحلة من خلال مبادرة تطبيع العلاقات التي يقودها أردوغان مع رئيس (النظام) السوري بشار الأسد، ورغم هذه المبادرة، فإن محاولات الحوار التي أُجريت حتى اللحظة لم تؤتِ ثمارها بعد".

وأضاف أرجين أن "تركيا تسعى للتطبيع مع نظام الأسد، وفي الوقت نفسه تخطط لعملية عسكرية جديدة في سوريا، وهذان الهدفان يتعارضان مع بعضهما". 

واستطرد: "مع ذلك، فإن تصريح لافرنتييف بأن العملية العسكرية التركية غير مقبولة، يظهر أن مواقف أردوغان أثرت في موسكو، ونجحت في جذب الانتباه إلى القضية السورية من خلال هذه التصريحات".

وقال أرجين: "يمكن تفسير تصريح أردوغان الأخير بشأن إجراء (المحادثات الضرورية مع روسيا) حول أمن تركيا في سوريا على أنها خطوة لإشراك بوتين في مفاوضات جديدة تتعلق بالملف السوري.

وختم مقاله قائلا إن "هذه التصريحات والتحركات تشير إلى أن جميع الأطراف الفاعلة، بما في ذلك تركيا، تسعى لتعزيز مواقعها في سوريا قبل أن تتولى الإدارة الأميركية الجديدة مهامها".

واستدرك: "مع ذلك، وقبل اتخاذ أي خطوة يجب أولا معرفة التوجه الذي ستتبناه إدارة ترامب الجديدة تجاه سوريا".