ماركو روبيو.. لماذا يثير وزير خارجية ترامب الجديد قلق الجزائر؟
السيرة الذاتية لوزير الخارجية القادم تثير بعض المخاوف لدى السلطات الجزائرية
تنتظر الجزائر أياما صعبة بعد فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأميركية واختياره وزيرا للخارجية يعد من أشد المنتقدين للدولة المغاربية والمؤيدين لخصمها اللدود، الرباط.
وبعد فوزه في انتخابات 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، اختار ترامب، ماركو روبيو وزيرا للخارجية، وهو رجل ذو مواقف متشددة تجاه الصين وإيران، بالإضافة إلى أنه مؤيد قوي لإسرائيل ومعارض لإنشاء دولة فلسطينية.
وتقول صحيفة "جون أفريك" الفرنسية إن روبيو الذي شغل منصب سيناتور عن ولاية فلوريدا منذ عام 2011، انتقد في عام 2021، الجزائر بسبب مزاعم انتهاكها لحرية العبادة وحقوق الأقليات الدينية.
وفيما يتعلق بالجزائر، تذهب الصحيفة إلى أنها تتجنب إصدار ردود فعل عدائية تجاه التعيين، لكنها تراقب الوضع بحذر.
وفي هذا الإطار، تبرز أن تعيين ماركو روبيو يمثل تحديا محتملا للجزائر بسبب مواقفه السابقة، لافتة إلى أن التطورات المستقبلية تعتمد على كيفية تكيف سياساته مع متطلبات الدور الدبلوماسي.
مواقف عدائية
وتوضح الصحيفة أن "السيرة الذاتية لوزير الخارجية القادم تثير بعض المخاوف لدى السلطات الجزائرية بشأن العلاقات التي ستقيمها معه، وبشكل أوسع، السياسة التي سيقودها خلال ولاية ترامب الثانية".
وبالنظر إلى السيرة الذاتية للدبلوماسي، تكشف الصحيفة أن ماركو روبيو، الذي يشغل منصب سيناتور منذ عام 2011 وكان نائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، هو ابن لمهاجرين كوبيين، ويعد في واشنطن من "الصقور".
وأوضحت أنه ناقد حاد للصين، وداعم قوي لإسرائيل، وبطبيعة الحال عدو صريح لحركة المقاومة الإسلامية حماس، التي يعبر عن رغبته في القضاء عليها.
وفي هذا الصدد، تلفت الصحيفة إلى أن "روبيو يعارض بشدة إنشاء دولة فلسطينية، ويقدم دعما صريحا للتحالف بين المغرب وإسرائيل".
أما فيما يخص الجزائر، التي تبدو بعيدة عن أولوياته، كما تقول الصحيفة، فإن اتخاذه مواقف ضدها على مر الزمن لا يبشر بخير بشأن العلاقات الثنائية المستقبلية.
انتهاكات حرية العبادة
وفي هذا الإطار، تشير الصحيفة الفرنسية إلى أن الجزائر لم تكن دولة لفتت انتباه ماركو روبيو بشكل خاص منذ انتخابه لأول مرة كعضو في مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا في يناير/كانون الثاني 2011.
ولكن -وفق ما أوضحته- في المرتين الوحيدتين اللتين اهتم فيهما البرلماني الأميركي بالجزائر، انتقد السلطات الجزائرية وطالب بفرض عقوبات عليها.
وتعود المرة الأولى إلى 12 يوليو/ تموز 2021، حيث وجه ماركو روبيو، إلى جانب أربعة أعضاء جمهوريين آخرين في مجلس الشيوخ -وهم تيم كين وتوم تيليس وكوري بوكر وبن كاردين- رسالة إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن.
وبحسب الصحيفة، أثاروا في الرسالة قضايا تتعلق بانتهاكات حرية العبادة في الجزائر والإجراءات القضائية ضد المسيحيين البروتستانت وأفراد من الطائفة الإسلامية الأحمدية.
بالإضافة إلى ذلك، تحدث أعضاء مجلس الشيوخ في الرسالة عن إغلاق الكنائس التابعة للكنيسة البروتستانتية في الجزائر "EPA"، والتي يدعون أنها "تعرضت على مدار سنوات لاضطهادات وترهيب من قبل الشرطة والسلطات المحلية والقضاء".
وتضيف "جون أفريك" أنهم أشاروا كذلك إلى إدانة عدة أعضاء من الطائفة الأحمدية، في ديسمبر/ كانون الأول 2020، من قبل محكمة في تيزي وزو بتهم "الإساءة للنبي محمد" و"التوزيع غير القانوني لمنشورات" و"ممارسة شعائر دينية بدون ترخيص".
وفي نفس الرسالة، ذكّر أعضاء مجلس الشيوخ بأن "الجزائر التزمت بتعهدات دولية لاحترام المعتقدات والحريات الدينية، ويتوجب عليها الوفاء بها".
وطالب ماركو روبيو وزملاؤه الأربعة باتخاذ إجراءات وفرض عقوبات من قبل وزارة الخارجية الأميركية ضد الجزائر، دون تحديد طبيعتها.
إلا أن الدبلوماسية الأميركية لم تستجب لهذه المطالب، واستمرت بانتقاد الجزائر حول هذا الموضوع في تقاريرها السنوية.
شراء الأسلحة الروسية
وفيما أسمته بـ "الحلقة الثانية" من الاتهامات، تقول الصحيفة الفرنسية إنها "تعود إلى 15 سبتمبر/ أيلول 2022، وتتعلق بموضوع قد تكون أكثر حساسية للتوازنات الدولية الكبرى من حرية الدين؛ وهو شراء الأسلحة".
وهذه المرة، كان ماركو روبيو هو المُوقّع الوحيد على الرسالة الموجهة إلى أنتوني بلينكن، حيث دعا فيها إلى فرض عقوبات على الجزائر بسبب مشترياتها الكبيرة من الأسلحة من روسيا.
وأفادت "جون أفريك" بأن النائب الجمهوري استند في حججه إلى قانون مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات "CAATSA"، الذي يتيح للرئيس اتخاذ إجراءات قانونية ضد الكيانات التي تتعاون مع روسيا في مجالات الدفاع والاستخبارات.
بالإضافة إلى ذلك، في مراسلته، أشار ماركو روبيو إلى أن "الجزائر أبرمت في عام 2021 عقدا لشراء أسلحة مع روسيا بقيمة 7 مليارات دولار".
وفي هذه النقطة، تنوه الصحيفة إلى أنه "المحتمل أن روبيو ضُلل أو تعرض للخداع بشأن هذه المعلومات". وعلى أي حال، توضح أن "الجزائر وموسكو لم تبرما أي اتفاق بهذا الحجم".
والعقد العسكري الوحيد الذي بلغت قيمته مبلغا مقاربا، أي 7.5 مليارات دولار، وقعته الجزائر مع روسيا في مارس/ آذار 2006، خلال زيارة الرئيس الأسبق، عبد العزيز بوتفليقة، إلى موسكو.
وتتابع الصحيفة الفرنسية: "رغم أن الجيش الجزائري يظل أحد العملاء الكبار لصناعة الأسلحة الروسية، لم يُوقع أي عقد بهذا الحجم منذ ذلك الحين"، حتى إن زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى روسيا، في يونيو/ حزيران 2023، لم تسفر عن أي صفقة رسمية في مجال الدفاع أو التسلح.
أساس سلبي؟
وبالعودة إلى خبر تعيينه، تقول الصحيفة إنه "عند سماع خبر تكليفه، ربما استحضرت السلطات الجزائرية هاتين الحادثتين المزعجتين".
وتساءلت جون أفريك: “هل يعني ذلك أن العلاقات يجب أن تبدأ على أساس سلبي؟”، مبينة أنه "ليس بالضرورة أن تسير العلاقات في اتجاه خاطئ".
وتتوقع أن "روبيو، بقيادته للدبلوماسية الأميركية، قد لا يتمسك بالمواقف التي كان يدافع عنها عندما كان عضوا في الكونغرس".
وباعتقادها أنه "غالبا ما تتغير مواقف الدبلوماسيين"، تخلص الصحيفة الفرنسية إلى أنه "من غير المرجح أن يكون ماركو روبيو استثناء لهذه القاعدة".
وتأكيدا على هذه الفكرة، تختتم بالقول إن روبيو هو نفسه من وصف دونالد ترامب بالمحتال والديكتاتور الفاشي عندما كان ينافسه على ترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية عام 2016.