فلسطين في أسفل أولوياته.. مجلة أميركية: لهذا تجنب الأسد الانخراط بالحرب

20 hours ago

12

طباعة

مشاركة

تساءلت مجلة “فورين بوليسي” عن السبب الذي منع النظام السوري برئاسة بشار الأسد، من الانخراط بشكل واضح في الحرب الدائرة بالمنطقة مع إسرائيل على جبهتي غزة ولبنان.

ورأت المجلة الأميركية أن النظام السوري "يستغل القضية الفلسطينية فحسب"، وأنه يريد النأي بنفسه عن "محور المقاومة" الذي تقوده إيران.

وقالت إنه في بداية عملية طوفان الأقصى أكتوبر/تشرين الأول 2023، شكك البعض في أن سوريا قد تنضم إلى الحرب ضد إسرائيل وتفتح جبهة أخرى.

وأكدت أنه في ذلك الوقت، لم يعتقد أي من السوريين الذين تواصلت معهم المجلة أن الأسد سيصبح طرفا في الحرب، خاصة لصالح حركة المقاومة الإسلامية حماس.

إسرائيل "شماعة" 

ونقلت عن الدبلوماسي السوري السابق، بسام بربندي، الذي يعيش في واشنطن منذ انشقاقه، قوله: "إن الحكومة تصور نفسها وكأنها تحارب إسرائيل، ولكن هذه كانت كذبة على الدوام".

وتابع: "لقد عقد الأسد، ووالده (حافظ) من قبله، اتفاقا صامتا للحفاظ على السلام على الحدود مع إسرائيل، ولهذا السبب لن تتورط سوريا في الحرب الدائرة بغزة".

وقالت المجلة: "بالنسبة للحكومة السورية، تعد إسرائيل في معظم الأحيان أداة علاقات عامة، بصفتها شماعة من السهل تعليق مسؤولية فشل النظام عليها، وفرصة لكسب ود السوريين السنة، والعرب في عموم المنطقة".

وعندما كانت الحروب تندلع في الماضي، كانت الحكومة السورية تدعم الاحتجاجات لإظهار الدعم للفلسطينيين، ولكن هذه المرة كانت المظاهرات قليلة وبعيدة، وكان الدعم للمقاومة خافتا.

وقال بربندي: "لم تسمح الحكومة بأي احتجاجات كبرى ضد إسرائيل، ولا بأي دعوات لدعم رفاق محور المقاومة"، مضيفا أن هذا "يُعَد علامة على أن سوريا لا تريد فقط البقاء خارج الصراع، بل تريد أيضا أن يُنظَر إليها بوضوح على أنها بعيدة عنه".

وعلى الرغم من القصف الإسرائيلي المنتظم للأراضي السورية -خاصة ضد المسؤولين والأصول الإيرانية- ووعود النظام السوري بالوقوف إلى جانب الفلسطينيين، وقف الأسد على الحياد منذ اندلاع الحرب.

ويقول الخبراء إن أولوية الأسد هي بقاء نظامه، ورئاسته على الجماهير المحرومة والمهمشة، في بلد لا يزال نحو 40 بالمئة منه خارج سيطرته.

وبحسب دبلوماسي غربي لم يكشف عن اسمه، تحدث لوكالة الأنباء الفرنسية، حذرت إسرائيل نظام الأسد من أن "استخدام سوريا ضدها سيؤدي إلى إسقاط نظامه".

وأشار تقرير إلى أن مقر إقامة ماهر الأسد شقيق بشار، تعرض لقصف إسرائيلي، رغم عدم وجود تأكيد.

بدوره، قال نائب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، عيران ليرمان: "إذا ارتكب الأسد خطأ الانخراط الفعلي بالمحور، فقد تكون العواقب عليه سريعة للغاية".

وتابع: "حاليا، الأسد متردد للغاية بالانجرار إلى المحور، فعلى الرغم من أن نظامه قومي عربي، فإن فلسطين تأتي في أسفل قائمة أولوياته".

وأكد "ليرمان" أن أولوية نظام الأسد هي "البقاء في السلطة"، مهددا: "أعتقد أن جيشه لديه فكرة عن كيفية أدائه مقارنة بجيشنا".

اصطفاف مع الإمارات

ولكن الأسد لديه أسباب أخرى عديدة للبقاء خارج الصراع، فهو "يأمل أن يكافأ على ضبط النفس الذي يتسم به، وأن يلين الغرب على الأقل أمام احتمال تخفيف العقوبات".

هذا في الوقت الذي يصطف فيه الأسد مع الإمارات، التي تعد لاعبا رئيسا في إعادة تأهيل حكومته، وإحدى الدول التي طبّعت مع إسرائيل في "اتفاقيات أبراهام".

وبعد أيام من 7 أكتوبر 2023، أفاد موقع "أكسيوس" الأميركي بأن الإمارات حذرت الأسد من التورط في الحرب.

وعلاوة على ذلك، فإن الأسد ليس في مزاج يسمح له بمسامحة حماس على انحيازها إلى الثوار السوريين في ثورة 2011-2012، بحسب المجلة.

فعندما اغتالت إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية داخل إيران، لم تقدم سوريا تأبينا مفصلا له على الرغم من أنها تصالحت رسميا مع الحركة في عام 2022، وفق المجلة.

وفي مقابلة عام 2023، قال الأسد إنه "من المبكر جدا أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه" مع حماس.

وترى المجلة أن "هذا يصب في صالح الأنظمة الملكية العربية مثل السعودية والإمارات، اللتين يعتمد عليهما الأسد لتمويل إعادة إعمار سوريا".

إذ تريد كلتا الدولتين أن ترى حماس مهزومة، وأن "ينتهي التحدي الذي يفرضه الإسلام السياسي"، وفق المجلة.

وأضافت: "يأمل الأسد أيضا أن يتمكن من كسب نقاط إيجابية في الغرب، خاصة مع تنامي الرغبة في ترحيل السوريين في أوروبا".

وتسعى ثماني دول أوروبية بقيادة إيطاليا إلى إقامة نوع من التعاون مع دمشق لضمان عودة السوريين إلى بلادهم.

بل إن المفوضية الأوروبية تدرس الآن ما إذا كان ينبغي لها أن ترشح مبعوثا خاصا جديدا إلى سوريا يجعل حكومة الأسد مقبولة إلى حد ما.

وقد عاد الأسد بالفعل إلى جامعة الدول العربية واحتضنته كل الدول في المنطقة، باستثناء قطر.

فشل فادح

وقال ليرمان: "لقد توصلنا إلى تفاهم مع روسيا بأننا سنفعل ما يتعين علينا فعله" في المجال الجوي السوري.

وأفاد بربندي بأنه "عندما بدأ حزب الله بالتوجه إلى الجولان لمهاجمة إسرائيل، كانت رسالة الأسد هي: "أنا لا أسيطر عليهم"، وأن "الجيش السوري لن يشارك".

وقالت المجلة إن "الأسد تمكّن من المناورة ليضع نفسه في موقف أجبر حتى إيران وحزب الله على منحه مساحة للبقاء خارج الحرب".

ويرى خبراء أن إيران لا يمكنها ممارسة نفوذها على سوريا إلا إذا استمر النظام الحالي، حتى إن أمين عام "حزب الله" السابق، حسن نصر الله، أبدى تساهلا ملحوظا تجاه الأسد في أحد خطاباته المبكرة خلال الحرب.

وقال نصر الله في نوفمبر/تشرين الثاني 2023: “لا يمكننا أن نطالب سوريا بالمزيد، ويجب أن نكون واقعيين”.

وأردف: "لقد تورطت سوريا في حرب عالمية لمدة 12 عاما، ورغم الظروف الصعبة التي تعيشها، فإنها تدعم المقاومة وتتحمل العواقب".

واستدركت المجلة: لكن لا يمكن إنكار أن غياب سوريا عن الحرب الدائرة يشكل فشلا فادحا لإستراتيجية "وحدة الساحات" التي تنتهجها إيران، والتي تصورت استجابة منسقة من جانب جميع شركائها في محور المقاومة.

ويكشف موقف الأسد عن أن البقاء السياسي يأتي قبل التوافق الأيديولوجي، وأن سوريا في حالتها الحالية لن تشكل مشكلة بالنسبة لإسرائيل، تخلص المجلة الأميركية.