"بريكس" نموذجا.. صحيفة عبرية: إسرائيل تخضع لـ"التشويه والعزلة" بسبب غزة
"بريكس" تجمع بلدانا تمثل حوالي 41 بالمئة من سكان العالم و24 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي
من 22 إلى 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، وبصفته المضيف لقمة "بريكس 2024"، استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، 36 من زعماء العالم في مدينة قازان الروسية.
وكانت هذه القمة أول اجتماع لمجموعة "بريكس" بعد توسعها لتشمل إلى جانب الأعضاء الخمسة الأصليين (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا)، أربعة أعضاء جدد (مصر وإثيوبيا وإيران والإمارات)، كما حضرت دول أخرى طامحة إلى الانضمام.
وباتت "بريكس" تجمع بلدانا تمثل حوالي 41 بالمئة من سكان العالم و24 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وفي مقال له، نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، أوضح الكاتب الإسرائيلي نيفيل تيلر، أن زعماء "بريكس" خصصوا ثماني فقرات من أصل 35 فقرة لإدانة إسرائيل بطريقة أو بأخرى.
إدانة مزعجة
وقال تيلر: "تهدف مجموعة بريكس إلى تعزيز التعاون بين الاقتصادات الناشئة الرئيسة وزيادة نفوذها الاقتصادي والسياسي".
وأشار إلى أن "الغرض الأساسي منها هو توفير بديل للمؤسسات التي يقودها الغرب مثل مجموعة الدول الصناعية السبع (G7)".
وأضاف أن "بريكس تسعى إلى تقليل الاعتماد على الدولار الأميركي في التجارة الدولية، وأن أهداف المجموعة تتوافق على وجه التحديد مع تطلعات بوتين المحلية والدولية، والتي لا يسعى إلى إخفائها".
ففي اجتماع مفتوح في 22 أكتوبر 2022، قال الرئيس الروسي: "إن العالم أحادي القطب أصبح من الماضي... والغرب غير قادر على حكم البشرية بمفرده، ولم تعد أغلبية الدول راغبة في تحمل هذا الوضع... إن الترتيبات المستقبلية للعالم تتشكل أمام أعيننا".
ويرى الكاتب الإسرائيلي أن "مجموعة بريكس هي الأداة المثالية لمساعدة بوتين على تحقيق هدفه".
وأكد أنه "في ضوء انضمام إيران وجنوب إفريقيا إلى عضوية المجموعة، فإن الموقف المعادي لإسرائيل الذي تبنته المجموعة ليس مفاجئا".
وقال: "على سبيل المثال، في الفقرة 30 من "إعلان قازان"، وبدون أي إشارة إلى الأحداث التي وقعت في 7 أكتوبر 2023، أو حتى ذكر كلمة "حماس"، أعرب أعضاء بريكس عن "قلقهم البالغ" إزاء تصعيد العنف في غزة والضفة الغربية".
وعزا البيان هذا التصعيد إلى "الهجوم العسكري الإسرائيلي، الذي أدى إلى قتل وإصابة جماعية للمدنيين، والنزوح القسري والتدمير الواسع النطاق للبنية التحتية المدنية".
وأضاف المقال أن دول بريكس "تدعو إلى وقف إطلاق النار الفوري وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين "من الجانبين".
وادعى "تيلر" أن البيان أدان "الهجمات الإسرائيلية ضد وصول المساعدات الإنسانية"، لكن "دون تقديم أي دليل يدعم الاتهام"، بحسب زعمه.
واستطرد: "لا عجب أنهم يوافقون على التدابير المؤقتة التي اتخذتها محكمة العدل الدولية في "الإجراءات القانونية التي اتخذتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل".
كما "يدعون إلى حل الدولتين على أساس ما يسمونه "حدود يونيو/حزيران 1967" ومنح "دولة فلسطين" العضوية الكاملة في الأمم المتحدة".
وأردف المقال: "في الفقرة 31، تطرق الإعلان إلى لبنان، وهنا، دون أن يذكر "حزب الله" ولو مرة واحدة أو يشير إلى قصفه المتواصل لشمال إسرائيل بدءا من 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، هاجم البيان إسرائيل".
وجاء في "إعلان قازان": "يدين أعضاء مجموعة بريكس خسارة أرواح المدنيين والأضرار الهائلة التي لحقت بالبنية الأساسية المدنية؛ نتيجة للهجمات التي شنتها إسرائيل على المناطق السكنية في لبنان، ويدعون إلى وقف فوري للأعمال العسكرية".
ثم انتقل الإعلان إلى إدانة "العمل الإرهابي المتعمد بتفجير أجهزة اتصال محمولة في بيروت في 17 سبتمبر/أيلول 2024، والذي أدى إلى قتل وإصابة العشرات من المدنيين".
ويعتقد الكاتب أن "إعلان قازان يؤكد بوضوح أن مجموعة بريكس تغض الطرف عن النشاط الذي يهدف إلى القضاء على إسرائيل وشعبها، ولا تبدي سوى إدانة غير مشروطة للخطوات التي تتخذها إسرائيل للدفاع عن نفسها".
انتصار شخصي
ويؤكد أنه "لا شك أن القمة كانت انتصارا شخصيا لبوتين، فرغم عزلته وفرض الغرب عليه عقوبات، تمكن هنا من اعتلاء المسرح العالمي، واستضافة تجمع كبير من الزعماء العالميين".
وأضاف: "في قازان، أظهر بوتين أنه أعيد تأهيله شخصيا من قسم كبير من العالم، وأن بروز بديل للهيمنة الغربية بات احتمالا حقيقيا".
فقد شملت الموضوعات التي نوقشت كيفية تعاون الاقتصادات الناشئة بشكل أكثر تكاملا عبر مجموعة متنوعة من المجالات.
بالإضافة إلى ذلك، أطلقت هذه الخطوة أحد مشاريع بوتين المفضلة، وهو نظام مدفوعات دولي جديد يهدف إلى تقويض هيمنة الدولار الأميركي.
فالطموح الكبير لقادة بريكس مثل بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ، هو تسريع وتعزيز التحول بعيدا عن الولايات المتحدة بصفتها القوة العظمى الوحيدة، نحو عالم متعدد الأقطاب يحد من نفوذ الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين.
وقد تمكن الاقتصاد الروسي من إعادة التكيف بعد العقوبات المفروضة عليه بعد غزوه لأوكرانيا، في فبراير/شباط 2022.
وبحسب المقال، فقد تمكنت روسيا من ذلك بمساعدة شريكتها الرئيسة، الصين، وبمساعدة الأسلحة الإيرانية الموردة للاستخدام ضد أوكرانيا.
وأضاف أن "بوتين يسعى الآن إلى توسيع التجارة مع الهند من خلال شراكة استراتيجية، وخاصة في مجالات موارد الطاقة والدفاع".
وقال تيلر: "ترتبط جهود دول بريكس لتحقيق الاستقلال الاقتصادي والسياسي عن الغرب برفضها لمبدأٍ تعده الولايات المتحدة ومعظم العالم الحرّ أساسيا، وهو حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد التدمير الممنهج الذي تقوده إيران ومحورها".
وتابع: "في الواقع، مع وجود إيران وجنوب إفريقيا كأعضاء بارزين، يظل من المشكوك فيه أن تعد مجموعة بريكس، حماس وحزب الله والحوثيين والمليشيات المدعومة من إيران في العراق وسوريا منظمات إرهابية على الإطلاق".
تشويه وعزلة
ومع ذلك، يرى الكاتب الإسرائيلي أن "على إسرائيل ألا تخضع للتشويه والعزلة" بسبب غزة، مضيفا أن "إلقاء نظرة فاحصة على قائمة أعضاء بريكس، يكشف عن وجود شريك في اتفاقيات أبراهام وهو الإمارات".
"وهناك أيضا السعودية التي مازالت تراقب عن كثب، وقد دُعيت بالفعل للانضمام، لكنها لم تحسم قرارها بعد".
وأضاف أن "دولا أخرى تتمتع بعلاقات جيدة مع إسرائيل، مثل أوزبكستان وكازاخستان وبيلاروسيا، هم أيضا أعضاء محتملون".
وأردف أن "بوتين نفسه يتبنى موقفا متباينا تجاه إسرائيل، وهو الموقف الذي قد يتأثر بفوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية".
وختم بالإشارة إلى أن "المصالح الخاصة لتلك الدول قد تتغلب على أي طلب من إيران أو جنوب إفريقيا أو تركيا (العضو المحتمل الجديد) بتبني موقف دائم ضد إسرائيل".