النموذج الاقتصادي الألماني.. لهذه الأسباب يواجه خطر الانهيار

5 days ago

12

طباعة

مشاركة

تهديدات يواجهها النموذج الاقتصادي الألماني، وسط دعوات خبراء اقتصاد إلى إصلاحات جذرية لتجنب احتمال انهياره.

وذكرت صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية عدة أسباب لهذه المخاطر، من بينها ضعف تنافسية الصناعة الألمانية، وتأثير الحرب التجارية وسياسات الطاقة، مثل تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة تزيد من تعقيد وضع الصناعة الألمانية.

ورأت أن الأزمات السياسية تُعد عامل تهديد أيضا للاقتصاد الألماني، حيث ترى أن حكومة أولاف شولتز غير قادرة على تنفيذ إصلاحات اقتصادية جذرية بسبب الخلافات الداخلية وسقوط التحالف الحاكم.

بداية الركود

وقالت “لو فيغارو” إنه "خلال أربع سنوات، تغيرت نظرة العالم إلى ألمانيا، وكذلك نظرة الألمان إلى نموذجهم الاقتصادي بشكل عميق". 

وأكدت أنه “بعد سنوات من الازدهار المتواصل، أصبحت برلين على وشك العودة لتكون الرجل المريض في أوروبا”. 

وبالحديث أكثر تفصيلا عن الأزمة التي تمر بها البلاد، أشارت إلى أنه "وفقا لأحدث توقعات الحكومة، فإنه بعد تراجع بنسبة 0.3 بالمئة عام 2023، يُتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد مرة أخرى بنسبة 0.2 بالمئة عام 2024".

وبحسب الصحيفة، تستحضر هاتان السنتان من الركود ذكريات سيئة في برلين؛ إذ كانت آخر مرة شهدت فيها البلاد مثل هذا الركود قبل "إصلاحات (بيتر) هارتز" عامي 2002 و2003. 

وفي ذلك الوقت، كانت ألمانيا، المثقلة بتكاليف إعادة التوحيد، تعاني من تراجع في القدرة التنافسية. 

وأوضحت الصحيفة الفرنسية أنه "من أجل إنعاش الصناعة، طُبقت مجموعة من الإصلاحات المؤلمة ولكن فعالة، شملت تحرير سوق العمل وإعادة هيكلة نظام الضمان الاجتماعي". 

وفي هذا الصدد، أكدت أن "الصدمة التي يواجهها الاقتصاد الألماني اليوم تشبه في حجمها التحديات التي واجهتها البلاد في سنوات الألفية الثانية".

ومن دلالات الأزمة الحالية، قالت "لو فيغارو" إن "هيمنة صناعة السيارات تتعرض للتحدي من قبل المنافسة الصينية، التي تتفوق على أوروبا في مسألة التحول إلى التقنيات الكهربائية". 

وعلى سبيل المثال، أثارت "فولكس فاجن"، أكبر شركة تصنيع في البلاد، صدمة كبيرة بإعلانها عن ضرورة إغلاق مصانع وتسريح عشرات الآلاف من الموظفين، في خطوة هي الأولى منذ عقود. 

وفي هذا الشأن، نقلت الصحيفة عن الصحفي الاقتصادي الألماني والخبير في الشؤون الأوروبية، وولفغانغ مونشاو، قوله إنه "عندما تبدأ صناعة السيارات في التدهور، سيتبعها البلد بأكمله". 

وأضافت أن حالة الركود الحالية تبرز بشكل واضح من خلال القرار الذي أعلنته شركة "وولف سبيد" الأميركية قبل أيام، بـ"تعليق مشروعها لإنشاء مصنع كبير لأشباه الموصلات في ولاية سارلاند، بالشراكة مع الشركة الألمانية ZF المتخصصة في تزويد قطع غيار السيارات".

عوامل أخرى 

وفي ظل هذا الركود المحتمل، أظهرت الصحيفة الفرنسية أنه "من المتوقع أن تزيد الحرب التجارية التي وعد بها ترامب، والتي تشمل رفع التعريفات الجمركية بنسبة تتراوح بين 10 و20 بالمئة، من تعقيد الأوضاع بالنسبة للصناعة الأوروبية". 

وفي اليوم التالي لفوز الرئيس الأميركي الـ47، قال رئيس معهد "كيل" للاقتصاد العالمي، موريتز شولاريك: "يمثل فوز ترامب بداية اللحظة الأكثر صعوبة في تاريخ ألمانيا من الناحية الاقتصادية، حيث تُضاف حاليا إلى الأزمة الهيكلية الداخلية تحديات هائلة في مجال الاقتصاد الخارجي والسياسة الأمنية، والتي لسنا مستعدين لها".

ومن زاوية أخرى، لفتت الصحيفة إلى أن "القدرة التنافسية للصناعة لا تزال تتآكل بسبب تكلفة الطاقة". 

فبعد اعتمادها على الغاز الروسي لمدة 20 عاما، اضطرت ألمانيا إلى إعادة هيكلة نظامها بشكل سريع عقب الحرب في أوكرانيا. 

وفي الوقت الحالي، كما ورد عن الصحيفة، تستورد البلاد كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال الأميركي، وتعد بإعادة توجيه نموذجها الطاقي نحو الهيدروجين والطاقة المتجددة. 

وفي هذا الصدد، أبرزت “لو فيغارو” حقيقة أن "ألمانيا تدفع في الوقت الراهن ثمنا باهظا نتيجة 16 عاما من نقص الاستثمار خلال عهد المستشارة السابقة أنجيلا ميركل". 

علاوة على ذلك، سلطت  الضوء على أن "البنية التحتية في كل مكان تظهر علامات التقادم، في حين يتميز البلد بتأخر في نشر البنية التحتية الرقمية، بما في ذلك تغطية الجيل الخامس - 5G". 

وفي هذا السياق المتشائم، يتحدث بعض الصناعيين عن "احتمال نقل بعض الأعمال إلى الولايات المتحدة".

ورغم مطالب العديد من رواد الأعمال بدعم النمو، لا تزال الأحزاب اليمينية والليبرالية متشددة بشأن المسائل المتعلقة بالميزانية. 

فعلى سبيل المثال، أشارت الصحيفة إلى أن كريستيان ليندنر، وزير المالية الألماني منذ ديسمبر/ كانون الأول 2021، تسبب في انهيار الائتلاف الأخير بسبب معارضته الشديدة لتخفيف قيود قانون كبح الديون.

جدير بالذكر أن هذا القانون هو "آلية قانونية تراقب الإنفاق العام بشكل دقيق". 

ورغم ذلك، بحسب ما أكدته الصحيفة، فإن معظم الاقتصاديين يطالبون بتخفيف هذه القواعد. 

وفي هذا السياق، نقلت “لو فيغارو” عن أحد مسؤولي صندوق النقد الدولي، في مقابلة له مع صحيفة "زود دويتشه تسايتونج" أواخر أكتوبر/ تشرين الأول 2024، تشديده على أنه "بدون بنية تحتية فعالة، لا يمكن أن توجد اقتصاديات منتجة".