نفوذ متزايد لإيلون ماسك على الولاية الثانية لترامب.. ما التغييرات المحتملة؟
ماسك شارك بشكل كبير في تحديد التعيينات التي اختارها ترامب في إدارته
سلط موقع صيني الضوء على النفوذ المتزايد لرجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك على فترة رئاسة دونالد ترامب الثانية وتعاونهما في تشكيل سياسات وإصلاحات كبرى داخل الحكومة الأميركية.
وقال موقع "سوهو" إن رائد التكنولوجيا ورجل الأعمال الشهير والرئيس التنفيذي لشركتي تسلا وسبيس إكس، شارك بشكل كبير في تحديد التعيينات التي اختارها ترامب في إدارته بعد أن دعم الملياردير الرئيس المنتخب للعودة إلى البيت الأبيض.
إذ رشح شخصيات من عالم التكنولوجيا والاستثمار للانضمام إلى الحكومة، مما يعكس نفوذه الواسع. وأكثر من ذلك، أعلن الرئيس المنتخب عزمه تعيين إيلون ماسك ضمن إدارته المقبلة، حيث سيتولى قيادة ما أطلق عليه "وزارة كفاءة الحكومة" (DOGE).
وفي هذا الإطار، يبرز الموقع الصيني الشراكة القوية بين ماسك وترامب، والتي تهدف لإحداث تغييرات جوهرية في الإدارة الحكومية، مع تحقيق مصالح مشتركة للطرفين في تعزيز الابتكار وتقليص القيود التنظيمية.
نفوذ متزايد
وتابع أنه بعد تأكيد فوز دونالد ترامب في الانتخابات، امتلأ منتجع مارالاغو، المملوك للرئيس الـ 47 للولايات المتحدة، بنوعين من الأشخاص.
النوع الأول هم من يسعون للحصول على منصب في إدارة ترامب، بينما الثاني هم من يرغبون في تقديم توصيات لتعيين أشخاص آخرين.
ووفقا لتقارير نشرتها وسائل الإعلام الأميركية، فإن سلسلة التعيينات التي أجراها ترامب لم تكن بعيدة عن "نصائح" إيلون ماسك.
ونقلا عن شبكة "سي إن إن" الأميركية، ينوه الموقع إلى أنه منذ ليلة الفوز بالانتخابات، يقضي ماسك تقريبا كل يوم في منتجع مارالاغو.
وعادة ما يتناول الطعام مع ترامب على الشرفة، ويشارك في عطلات نهاية الأسبوع مع عائلة الرئيس المنتخب في لعب الجولف.
حتى إن كاي، حفيدة ترامب، نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صورة لها مع ماسك وابنه، مازحة بأنه "أصبح قريبا من أن يكون بمثابة عمها".
وفي هذا الصدد، يؤكد الموقع الصيني أن "تأثير إيلون ماسك على فترة ترامب الرئاسية الثانية أصبح متزايدا".
وذكر أن "ماسك يحافظ على علاقة وثيقة مع عائلة ترامب ويشارك في جميع مقابلات اختيار المرشحين التي يجريها الرئيس المستقبلي تقريبا".
وبهذا الشأن، يقول الموقع إن ماسك أوصى بعدد من أصدقائه للانضمام إلى الإدارة، مثل المستثمر التكنولوجي الشهير مارك أندريسن، والمؤسس المشارك لشركة السلاح "Anduril" بالمر لوكي، والرأسمالي المخاطر ديفيد ساكس، والملياردير التكنولوجي بيتر ثيل.
علاوة على ذلك، انضم ماسك أيضا إلى محادثات ترامب الهاتفية مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي. كما التقى الرئيس الأرجنتيني، خافيير ميلي، خلال زيارته لمنتجع مارالاغو.
وفقا لمصادر مطلعة، شارك ماسك في عدة اجتماعات للأمن القومي إلى جانب مساعدين كبار للرئيس المنتخب مثل ستيفن ميلر ودونالد ترامب الابن.
وبعد استعادة الجمهوريين قيادة مجلس الشيوخ، أعلن ماسك على الفور دعمه للسيناتور ريك سكوت من فلوريدا ليصبح زعيم الأغلبية القادم.
كما أيد مطلب ترامب بأن يوافق مرشحو زعامة مجلس الشيوخ على سياسة "التعيينات في العطلات"، التي تسمح للرئيس بتجاوز تصويت المجلس وتعيين المسؤولين مباشرة.
ومن ناحية أخرى، يضيف الموقع أن ماسك اقترح على جميع موظفي الحكومة إرسال "تقارير أسبوعية" عبر البريد الإلكتروني. كما أطلق استبيانا على منصة "إكس" لطلب اقتراحات المواطنين بشأن من يمكن أن ينضم إلى إدارة ترامب.
وفي هذه النقطة، قالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن "ماسك كان أكثر انخراطا من مساعدي ترامب ومن القادة الرسميين لفترة الانتقال، هوارد لوتنيك وليندا مكماهون".
وزارة جديدة
وبالنظر إلى دوره خلال الحملة الانتخابية، دعا ماسك لإنشاء وزارة جديدة تهدف لتقليص النفقات الحكومية بمقدار تريليوني دولار.
كذلك دعا إلى تسريح مئات الآلاف من العاملين في "الجهاز البيروقراطي الضخم"، مع إلغاء القوانين التنظيمية التي وصفها بأنها “تخنق الابتكار”، وأبدى استعداده للعمل بهذه الوزارة.
وبالفعل، في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، أعلن ترامب أخيرا عن قراره تعيين ماسك، إلى جانب رجل الأعمال الأميركي من أصل هندي، فيفيك راماسوامي، لقيادة وزارة جديدة أطلق عليها اسم "وزارة كفاءة الحكومة".
وفي هذا الصدد، أوضح ترامب أن الوزارة الجديدة ستركز على "القضاء على البيروقراطية وتخفيف القوانين غير الضرورية وتقليص النفقات المهدرة وإعادة هيكلة الوكالات الفيدرالية"، وذلك بهدف تمهيد الطريق لإصلاحات إدارته.
وأضاف في بيان أن هذا الأمر سيكون بمثابة مشروع مانهاتن لعصرنا، وسيُحقق "تحولا جذريا" في الحكومة بحلول 4 يوليو/ تموز 2026، في إشارة إلى برنامج بناء قنبلة نووية أميركية خلال الحرب العالمية الثانية.
وبهذا الشأن، أشار محللون إلى أن إنشاء "وزارة كفاءة الحكومة" قد يساعد ترامب على إزالة العقبات المؤسسية داخل الوكالات الفيدرالية، كما يمكن أن يُستخدم كوسيلة لإقصاء المعارضين وتعزيز سلطته.
وهنا تحديدا، يشير الموقع إلى أن هذه المهمة بالنسبة إلى ماسك، الذي استحوذ على منصة إكس سابقا وسرح 80 بالمئة من موظفيه، ليست صعبة عليه.
وبعد فوز ترامب، نشر ماسك صورة على منصة "إكس" يظهر فيها في البيت الأبيض، ممسكا بحوض مطبخ، وهي نفس الصورة الساخرة التي استخدمها أثناء استحواذه على تويتر عام 2022.
الوكالات الفيدرالية
وفيما يتعلق بالتغيير الذي يود إحداثه، قال ماسك خلال مقابلة له مع الإعلامي الأميركي تاكر كارلسون: “هل نحن بحاجة حقا إلى 428 وكالة فيدرالية؟”
وتابع أن العديد من الوكالات الفيدرالية غير معروفة للأميركيين وتتداخل مسؤولياتها. و"لذلك، أعتقد أن 99 وكالة فيدرالية كافية".
ومن جانبه، أعرب شريكه في قيادة وزارة كفاءة الحكومة، فيفيك راماسوامي، عن نيته تسريح أكثر من 75 بالمئة من الموظفين الفيدراليين وإغلاق عدة وكالات رئيسة، منها وزارة التعليم ومكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي".
بالإضافة إلى إدارة الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات وهيئة الضرائب "IRS" وهيئة التنظيم النووي ومكتب الغذاء والتغذية التابع لوزارة الزراعة الأميركية.
وفي هذا السياق، ينقل موقع "سوهو" ما قاله ماسك بأنه "يعمل على تشكيل فريق من الطراز الأول لمساعدة الوكالات الفيدرالية على الإصلاح"، مؤكدا على "أهمية إشراك الثوريين المؤيدين للحكومة الصغيرة في هذه الإدارة".
ولتعزيز الشفافية، أشار ماسك -كما ذكر الموقع سابقا- إلى أن الوزارة ستستطلع آراء المواطنين عبر منصة "إكس".
وأضاف: "إذا شعرتم أننا ألغينا شيئا يجب عدم إلغائه، أو لم نلغ ما يجب إلغاؤه، أخبرونا في أي وقت!".
ومن ناحية أخرى، أورد الموقع تصريح سالي كاتزن، التي قادت مكتب الشؤون التنظيمية في البيت الأبيض خلال إدارة بيل كلينتون، بأن "الكونغرس -إذا كان مستعدا لتنفيذ رؤية ترامب- يمكنه إلغاء وزارة التعليم أو أي وكالة أخرى مدرجة على قائمة الاستهداف".
كما نوهت إلى أن "فريق ترامب قد يحقق هذا الهدف من خلال حرمان هذه الوكالات من التمويل".
إلغاء الرقابة
وبتسليط الضوء أكثر على ثروة ماسك، يقول موقع "فوربس" الأميركي إن "صافي ثروته تتجاوز 300 مليار دولار".
ولفت في الوقت نفسه إلى أن "شركاته تواجه حاليا أكثر من 20 تحقيقا ودعوى قضائية من قبل الهيئات الفيدرالية الرقابية".
وعلى سبيل المثال، يعتمد حصول شركة "سبيس إكس" على تصاريح إطلاق الصواريخ على نتائج مراجعات من إدارة الطيران الفيدرالية ووكالة حماية البيئة الأميركية.
أما فيما يخص مشروع "تسلا" الأخير، الذي يقدر بأكثر من تريليون دولار ويشمل روبوتات تعمل بالذكاء الاصطناعي وسيارات أجرة ذاتية القيادة، فهو يخضع لتحقيقات صارمة من الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة.
ومن ناحية أخرى، يذكر الموقع الصيني أن ماسك تعرض لعقوبات من لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية بسبب تغريدة في عام 2018 بشأن خصخصة شركة "تسلا".
بالإضافة إلى ذلك، تحتاج شركتاه "Neuralink" -شركة رقائق دماغية- و"xAI" -شركة ذكاء اصطناعي ناشئة- إلى اجتياز سلسلة من المراجعات الفيدرالية بسرعة لدخول مرحلة التطوير.
وفي هذه النقطة، يبرز الموقع الصيني أنه "مع إنشاء وزارة كفاءة الحكومة، لن تتجنب شركات ماسك الرقابة فقط، بل ستصبح هذه الهيئات الرقابية تحت إشرافه المباشر".
ويؤكَد ذلك في تصريح لمصدر مجهول، كان يعمل كمسؤول كبير سابق في "سبيس إكس"، قال إن "ماسك يرى أن إدارة ترامب هي أداة لإلغاء الرقابة، مما يمنحه حرية فعل كل ما يريد".
وفي النهاية، يبرز الموقع حقيقة أن "ماسك، منذ لحظة فوز ترامب بالانتخابات، أصبح أقرب رئيس تنفيذي في التاريخ الأميركي من دوائر صنع القرار الرئاسي".
وكان ترامب صرح سابقا بأنه "يتمنى أن يجلب ماسك "المشرط" الذي استخدمه في إدارة "تويتر" إلى الحكومة الفيدرالية.
ولذلك، يختتم الموقع الصيني تقريره بقوله إن "المقترحات التي قدمها ماسك قد تصبح قوانين خلال فترة ترامب الرئاسية الثانية".