“الشريف للفوسفات”.. كيف يؤثر فوز ترامب على عملاق الاقتصاد المغربي؟
إعادة انتخاب ترامب تضع تحديات جديدة أمام الشركة المغربية في السوق الأميركية
وصل التأثير السلبي لإعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، إلى مجموعة مغربية تنتج الفوسفات، وذلك بسبب نزاع تجاري مع شركة أميركية.
إذ اتهمت شركة "Mosaic" الأميركية مجموعة المكتب الشريف المغربية للفوسفات "OCP" وهي مملوكة للدولة، بممارسة منافسة غير عادلة، ما أدى إلى فرض رسوم جمركية على صادرات الأسمدة المغربية إلى الولايات المتحدة.
وتقول صحيفة "جون أفريك" الفرنسية إنه رغم تراجع صادرات "OCP" إلى السوق الأميركية مقارنة بفترة 2017-2019، فإن الشركة مازالت تحافظ على حجم صادرات سنوي يبلغ حوالي 400 ألف طن.
نزاع تجاري
وفي هذا الإطار، ترى الصحيفة أن إعادة انتخاب ترامب تضع تحديات جديدة أمام الشركة المغربية في السوق الأميركية.
إذ تعزز سياسة الحماية الاقتصادية المناخ التنافسي لصالح "Mosaic" وتزيد من صعوبة حفاظ الشركة المغربية على حصتها السوقية.
وبعد نزاع تجاري مستمر منذ عام 2020، تسلط الصحيفة الفرنسية الضوء على أن عملاق الفوسفات المغربي سجل انتكاسة جديدة.
ووفقا لقرار اُعلن عنه في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، زاد قسم التجارة في الولايات المتحدة من الرسوم الجمركية المفروضة على الصادرات المغربية من الأسمدة إلى ما وراء الأطلسي من 14.21 إلى 16.81 بالمئة.
وبحسب الصحيفة، يشكل هذا القرار محور نزاع قانوني بين شركة "Mosaic" الأميركية المنتجة للمدخلات الزراعية، التي يقودها بروس بودين منذ يناير/ كانون الثاني 2024، ومنافستها المغربية "OCP"، التي يرأسها منذ عام 2006 مصطفى التراب.
وكما تؤكد الصحيفة، فإن كلتا الشركتين تعد رائدة عالمية في مجال صناعة الأسمدة.
وفي هذا السياق، توضح الصحيفة أن الأولى، التي حققت إيرادات بقيمة 13.7 مليار دولار في عام 2023، تتهم الثانية، التي بلغت إيراداتها 91.3 مليار درهم (حوالي 8.3 مليارات يورو) في نفس العام، بـ "المنافسة غير العادلة".
وبعد أن بدأت شركة "Mosaic" إجراء قانونيا في يونيو/ حزيران 2020، فُرض على "OCP" منذ مارس/ آذار 2021 رسوم جمركية كبيرة بنسبة 19.97 بالمئة، وهي نسبة اعترض عليها مكتب الفوسفات المغربي على الفور.
صدمة باردة
ومنذ بداية هذا النزاع القانوني، تعددت إجراءات الاستئناف وطلبات المراجعة. وفي غضون ذلك، تلفت "جون أفريك" إلى أن "OCP" بدت قادرة على المراهنة على إشارات إيجابية.
وتتمثل هذه المراهنات في تخفيض معدل الرسوم إلى 2.12 بالمئة لبعض السنوات، وتطبيق معدلات مؤقتة أعلى، 7.42 و14.21 بالمئة، لكنها أقل من نسبة 19.97 بالمئة في سنوات أخرى.
ومن ناحية أخرى، تشير الصحيفة إلى أن شركة "Mosaic" تخلت، في سبتمبر/ أيلول 2024، عن طلب إعادة تقييم جديدة للرسوم الجمركية.
إلا أن القرار الأخير الصادر عن وزارة التجارة الأميركية "DOC"، الذي يُطبق على صادرات عام 2023 وتلك المُنجزة ابتداء من 12 نوفمبر 2024، يأتي ليعكس هذه الانفراجة التي كانت لصالح "OCP".
فمع فرض رسوم جمركية بنسبة 16.81 بالمئة، تعود الضريبة إلى مستوى قريب من المستوى الأول المرتفع، مما يشكل صدمة كبيرة.
وفي هذا الصدد، صرح مكتب الشريف للفوسفات المغربي قائلا: "مازلنا مقتنعين بأنه لا يوجد أي مبرر لفرض أي رسوم على وارداتنا من الأسمدة في الولايات المتحدة"، معربا عن أسفه لقرار وصفه بأنه "خاطئ من الأساس".
وأعلن المكتب من ناحية أخرى أنه يدرس “إمكانية الطعن في القرار الأخير الصادر عن وزارة التجارة الأميركية”، مشيرا إلى أنه سيواصل "تعاونه الكامل والشفاف مع الوكالات الأميركية في إطار تحليلاتها المستقبلية".
لكنه في الوقت نفسه يواجه قلقا بشأن تطورات السياق السياسي الأميركي مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
جدير بالذكر هنا أن الإجراء الأول من قبل "Mosaic" أُطلق في يونيو/ حزيران 2020، أثناء الولاية الأولى للرئيس المنتخب حديثا، بدعم من شركة "Ballard Partners" التي يديرها براين بالارد، أحد الممولين الرئيسين لحملة ترامب الانتخابية.
حجم الصادرات
وفي إطار ما ذُكر سابقا، تقول "جون أفريك" إنه على الرغم من أن قرار فرض الضرائب اتُخذ لاحقا خلال رئاسة جو بايدن، فإن خطاب "Mosaic" القائم على ضرورة الحماية الاقتصادية للدفاع عن الوظائف الأميركية قد يجد صدى جديدا لدى إدارة ترامب المقبلة.
ومن جانبها، تمكنت "OCP" في الماضي من تعبئة مواردها للدفاع عن مصالحها عبر الاستعانة بثلاث شركات للعلاقات العامة، وهي "Cornerstone Government Affairs" و"FleishmanHillard" و"CCO"، بالإضافة إلى جماعات ضغط في الكونغرس.
وفي النهاية، تلفت الصحيفة إلى أن "OCP" تبرز أهمية توفير إمدادات من الأسمدة ذات جودة عالية وبأسعار تنافسية للمزارعين الأميركيين.
وفي الوقت الحالي، وبينما عزز المكتب بشكل كبير أنشطته في أميركا الشمالية منذ عام 2016 عبر إنشاء فرع له هناك، فإنه يبذل جهودا مضاعفة في السنوات الأخيرة للدفاع عن موقعه، بحسب ما ورد عن الصحيفة الفرنسية.
ورغم أن صادرات المكتب المغربي بعيدة عن الأرقام القياسية التي حققها سابقا؛ 1.3 مليون طن في 2017 و1.8 مليون طن في 2018 ومليونا طن في 2019، إلا أنه استقر عند حجم سنوي يبلغ حوالي 400 ألف طن بين عامي 2021 و2023.
علاوة على ذلك، تشير الصحيفة إلى أن حصة أميركا الشمالية في إيرادات المجموعة تراجعت، إذ بلغت 12 بالمئة في عام 2016، ثم ارتفعت إلى 21 بالمئة في 2019.
لكنها -بحسب ما اختتمت به الصحيفة - انخفضت إلى 4 بالمئة مرة أخرى في 2022، و5 بالمئة في 2023، وأخيرا 6 بالمئة خلال النصف الأول من عام 2024.