ضد ماكرون والسيسي.. ماذا يعني قبول المحكمة الأوروبية قضية "سيرلي"؟

12

طباعة

مشاركة

قبلت "المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان" في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، قضية "العملية سيرلي" المقدمة ضد الحكومة الفرنسية والنظام المصري.

وذلك بعدما رفضت فرنسا التحقيق فيها، واعتقلت الصحفية التي كشفت الفضيحة بحجة كشف أسرار عسكرية، لأنها متورطة فيها، كما اتهم جندي سابق هو مصدر الصحفية باختلاس وإفشاء أسرار تتعلق بالدفاع الوطني.

وهما جريمتان يعاقب عليهما القانون الفرنسي بالسجن 7 سنوات وغرامة مقدارها 100 ألف يورو، ووضع تحت المراقبة القضائية.

حقوقيون شاركوا في رفع القضية أكدوا أن قبول المحكمة الأوروبية القضية يشير إلى احتمالات كبيرة لإدانة النظام المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي وحكومة فرنسا بقيادة إيمانويل ماكرون، بتهم عديدة، بينها انتهاك القوانين الدولية.

ويرجع تاريخ الفضيحة إلى نوفمبر 2021، حين كشف موقع "ديسكلوز" الاستقصائي أن مصر شاركت مع فرنسا، في قصف مهربين مدنيين لا إرهابيين، على طول الحدود الليبية، ضمن عملية "سيرلي" الاستخباراتية (هدفها مكافحة الإرهاب).

وأكد الموقع أن القوات الفرنسية شاركت فيما لا يقل عن 19 ضربة ضد مدنيين مصريين أبرياء بمعلومات خاطئة قدمها نظام السيسي، بين عامي 2016 و2018.

ما الجديد؟

يوم 8 فبراير/شباط 2024، تم تصعيد قضية العملية سيرلي ضد كل من نظام السيسي وحكومة ماكرون، إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ، من قبل منظمتين حقوقيتين.

المنظمتان هما: "المصريون في الخارج من أجل الديمقراطية (EAD) "، و"كود بينك" CODEPINK لحماية النساء، ورفعتا الدعوى ضد فرنسا ومصر، أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR).

وقالت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية في 8 فبراير 2024، إن المنظمتين المصريتين اللتين يوجد مقرهما في الولايات المتحدة، قدمتا شكوى للمحكمة "بسبب انتهاك الاتفاقية الأوروبية للحقوق الأساسية"، من قبل فرنسا ومصر.

أكدتا أن "الرفض المتكرر للقضاء الفرنسي لفتح تحقيق، رغم نشر الموقع معلومات عن العملية سيرلي يشكل انتهاكا لـ 3 مواد على الأقل من الاتفاقية الأوروبية".

وهي: "الحق في الحياة، والحق في محاكمة عادلة، والحق في الحصول على سبل طعن فعال".

ووجهت المنظمتان أصابع الاتهام إلى السيسي وماكرون، بالتآمر على قتل آلاف المصريين المدنيين الأبرياء على الحدود المصرية الليبية، عبر أنظمة تجسس فرنسية تدعم نظام السيسي.

ونشرت المحكمة الأوروبية على موقعها الرسمي على الإنترنت في 30 سبتمبر/أيلول 2024، خطوات القضية التي قدمتها لها المنظمات للتحقيق في "جرائم ضد المدنيين" ارتكبتها فرنسا بالتعاون مع السلطات المصرية.

قالت إن "الطلب يتعلق بقبول شكوى مقدمي الطلبات بشأن جرائم ضد الإنسانية، والتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية، والتعذيب".

"بسبب الأفعال المرتكبة على الأراضي المصرية في الفترة ما بين يوليو 2015 ويناير 2019 كجزء من عملية أمنية واستخباراتية بين مصر وفرنسا تُعرف باسم العملية. سيرلي".

وأكدت أن المتقدمين هما منظمتان غير حكوميتين غير ربحيتين مسجلتين في الولايات المتحدة، هما: "منظمة المصريين في الخارج من أجل الديمقراطية"، التي تعالج قضايا انتهاكات حقوق الإنسان والإجراءات المناهضة للديمقراطية في مصر. 

والثانية هي "كود بينك"، وهي منظمة تقودها النساء وتدعم مبادرات السلام وحقوق الإنسان، بما في ذلك قضايا حقوق الإنسان والعدالة في الشرق الأوسط.

ويوم 7 نوفمبر/تشرين ثان 2024، بدأت خطوات التحقيق القانوني الأولي، لإدانة من قتلوا مدنيين أبرياء.

حيث أبلغت المحكمة، فرنسا رسميا بالقضية، وطلبت منها إيضاحات، مثل: هل حققت فرنسا في هذه الجريمة "عملية سيرلي"، وهل التحقيقات كافية وتوصلت إلى الحقيقة والجناة؟ وهل عاقبتهم؟ وهو ما لم تفعله فرنسا فعليا وغطت عليها.

وكان قد تم رفض الشكوى الأولى التي تقدمت بها المنظمتان المصريتان إلى القضاء الفرنسي في عام 2022، وهو ما أكده مكتب الادعاء العام في باريس، ما دفعهما للجوء للمحكمة الأوروبية، وفق "وكالة الأنباء الفرنسية" في 8 نوفمبر 2024.

ما أهمية القضية؟

شرحت المحامية والمستشارة الدولية "هايدي ديجكستال"، التي قدمت الشكوى ضد فرنسا ومصر، نيابة عن المنظمتين، معنى وأهمية قبول المحكمة الأوروبية قضية العملية سيرلي، في فيديو بثته.

قالت إن هذا يعني أن القضية التي تقدم أدلة عن تورط مسؤولين فرنسيين ومصريين في جرائم ضد الإنسانية وجرائم تعذيب "بدأت تأخذ خطواتها الأولية، وتم إبلاغ فرنسا بالاتهامات بشأن انتهاكها حقوق الإنسان، بموجب الاتفاقية الأوروبية.

أكدت أن "مرتكبي الجرائم لا ينبغي أن يفلتوا من العقاب"، مؤكدة أن فرنسا انتهكت هذا المبدأ مرتين:

الأولي، لأنها لم تأمر بالتحقيق في الجرائم التي أبلغت عنها المنظمات غير الحكومية، والثانية، لأنها فشلت في اقتراح آلية مرضية لنظر الأمر أمام محكمة مستقلة ومحايدة".

وقالت منظمة "كود بينك" على موقعها في 11 نوفمبر 2024 إن هذا التطور الجديد واللجوء للمحكمة الأوروبية جاء بعد أن استنفدت هي ومنظمة "المصريون في الخارج من أجل الديمقراطية" جميع وسائل التقاضي في فرنسا بلا جدوى.

وأوضحت أن رفض فرنسا التحقيق أو مقاضاة أحد في الجرائم المرتكبة ضد المدنيين المصريين خلال العملية الاستخباراتية الفرنسية المصرية، التي قُتل فيها أبرياء، وفشل النظام القانوني الفرنسي في توفير مراجعة مستقلة لقرار المدعي العام، "دفعهم لمطالب المحكمة الأوروبية بالتحقيق في عملية سيرلي".

ونقلت "كود بينك" عن "محمد إسماعيل" رئيس الهيئة المصرية العامة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية: "إن إبلاغ المحكمة الأوروبية لفرنسا بقضيتنا هو خطوة للأمام في الاتجاه الصحيح لتحقيق العدالة والإنصاف لحقوق الإنسان وللشعب المصري على وجه الخصوص".

كما نقلت عن "ميديا ​​بنجامين"، مؤسسة مجموعة السلام (كود بينك) سعادتها بقبول المحكمة الأوروبية القضية، مقدرة أنها انتقلت إلى المرحلة التالية، للسعي إلى العدالة والمساءلة عن الانتهاكات والجرائم الجسيمة، والوصول إلى العدالة.

وقالت "منظمة المصريين في الخارج من أجل الديمقراطية"، إن المحكمة قبلت الشكوى بشأن التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية، والتعذيب، تم ارتكابها على الأراضي المصرية ضمن عملية استخباراتية بين مصر وفرنسا (سيرلي)، وهو ما يستلزم عقابا.

أيضا نقل موقع "ديسكلوز" في 13 نوفمبر 2024 عن "محمد إسماعيل" استغرابه من "إنكار العدالة" من جانب فرنسا التي تدعي الحريات وحقوق الإنسان.

قال: عندما قدمت أول شكوى قبل عامين، لم أتخيل ولو للحظة أنني سأشهد مثل هذا الإنكار للعدالة، فمنذ عام 2022، رفض ثلاثة مدعين عامين فرنسيين شكاوى قدمناها ضد السلطات الفرنسية.

وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أغنيس كالامار: "من المروع للغاية أنه بعد مرور ما يقرب من عامين على الكشف عن تورط فرنسا في عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء لمئات الأشخاص في مصر، تم استهداف الصحفية التي كشفت الفضيحة، لا المسؤولين عنها".

وانتقد موقع "ديسكلوز"، الذي كان أول من كشف فضيحة قتل أبرياء بقصف جوي من طائرات فرنسية تعمل في مهام استخبارية مع مصر لمواجهة "هجمات إرهابية"، بحجة أنهم "إرهابيون" وأعلن الجيش المصري ذلك بالخطأ، السلطات الفرنسية.

قال 13 نوفمبر/تشرين ثان 2024 إن نظام الرئيس ماكرون "عازم على إخفاء الممارسات المسيئة التي واكبت عملية سيرلي في مصر، لإخفاء الحقيقة والإفلات من تحقيق العدالة.

وعقب نشر الوثائق، تم تقديم شكاوى رسمية إلى النيابة الفرنسية والأمم المتحدة عام 2022 بسبب مماطلة حكومة فرنسا في التحقيق في هذه الفضيحة منذ نوفمبر 2021، رغبة في حماية صفقات سلاحها للسيسي، وإفلاتهما معا من العقاب.  

ويتوقع نشطاء مصريون وفرنسيون ومنظمات حقوقية أن يؤدي عرض القضية أمام المحكمة الأوروبية بعد رفض السلطات الفضائية الفرنسية التحقيق فيها، لإعادة كشف فضائح جديدة وصدور إدانات في نهاية جلسات المحكمة الأوروبية.

إرهاب الحقوقيين والصحفيين

من جانبه، قال موقع "ديسكلوز" في 13 نوفمبر 2024 إن الأمر لم يقتصر على رفض فرنسا التحقيق في الفظائع التي جرت، ولكن تحرك نظام السيسي أيضا في مصر لترهيب المنظمات غير الحكومية التي تقدمت بشكاوى.

وأوضح أنه "في حين حرصت فرنسا للغاية على عدم الرد، لم يتردد شركاؤها في الشرق الأوسط في توجيه تهديدات مباشرة للمدافعين عن حقوق الإنسان المصريين. 

ففي أكتوبر/ تشرين الأول 2022، احتجزت السلطات التركية لمدة شهر الناشطة في ثورة يناير 2011، غادة نجيب، ممثلة منظمة المصريين في الخارج من أجل الديمقراطية، في إسطنبول.

وقالت المنظمة غير الحكومية إن "نجيب" كانت مستهدفة بناءً على طلب السلطات المصرية بسبب عملها العلني ضد عملية سيرلي.

وأكدت أن وسيلتين إعلاميتين عربيتين تدعمان نظام السيسي شجعتا على اعتقال غادة نجيب بترويج هذا الادعاء، رغم عدم وجود دليل يدعم أنها كانت على اتصال بموقع ديسكلوز قبل اعتقالها.

حيث نشر موقع قناة "العربية" السعودية مقالا يزعم أنها اعتقلت "بسبب علاقتها الغامضة بصحفية فرنسية اعتقلتها السلطات الفرنسية لنشرها معلومات كاذبة عن مصر". 

وذلك في إشارة إلى الصحفية "أريان لافريلو"، التي شاركت في الكشف عن عملية سيرلي والتي اعتقلت لمدة 39 ساعة في سبتمبر/أيلول 2022، كجزء من تحقيق في تعريض معلومات سرية للدفاع الوطني الفرنسي للخطر.

أيضا قال هذه الادعاءات بشكل مباشرة موقع "فيتو" المصري، الذي تسيطر عليه أجهزة الاستخبارات المصرية، وفق "ديسكلوز".

ويشرح الموقع الفرنسي أن "العربية" وفيتو" الناطقتين باسم نظام السيسي كشفتا بذلك عن خوف السلطات المصرية من تزعزع شراكتها الاستخبارية مع فرنسا بواسطة المجتمع المدني.

وكان موقع “ديسكلوز” أكد 19 سبتمبر/أيلول 2023 أن احتجاز الصحفية "أريان لافريو" بموقع ديسكلوز، "جاء بسبب سلسلة تحقيقات كشفت فيها عن عملية سيرلي".

ووصف الموقع ذلك بأنه "محاولة لتخويف صحفيي الموقع"، و"تعد غير مقبول على سرية المصادر"، وتهديد خطير لحرية الصحافة، هدفه التعرف على المصادر التي سمحت لـ "ديسكلوز" بالكشف عن عملية “سيرلي” في مصر.

وقوبلت هذه الخطوة بانتقاد واسع من قبل جماعات حقوقية، التي عدتها هجوما خطيرا على حرية الإعلام وتعرضا لسرية مصادر الصحفيين، حيث وصفها "مراسلون بلا حدود" بأنها خطوة تقوض حرية الصحافة بشكل جاد.

وأسهمت وسائل إعلام منها ميديابارت وتلفزيون فرنسا في دعم أريان لافريلو، ونددت بالضغط عليها لكشف مصادرها السرية، وكشف تقرير سابق لـ "الاستقلال" سر اعتقالها، وعلاقته بتورط فرنسا مع مصر في قصف حدود ليبيا وقتل أبرياء.

وأعلن الاتحاد الأوروبي للصحفيين (FEJ) أنه سيضع تنبيها على لوحة المجلس الأوروبي عن أمن الصحفيين يحذرهم من عدم ديمقراطية فرنسا مع الصحفيين وأنها ضد حرية الصحافة"، حسبما قال السكرتير العام، ريكاردو جوتيريز لموقع "ديسكلوز"، ومحللون أن سبب القبض على الصحفية الفرنسية، وترهيب النظام في مصر للمنظمات الحقوقية التي قدمت شكاوى ضد فرنسا ومصر أمام المحكمة الأوروبية هو "ترهيب الصحفيين عن نشر جرائم شارك فيها ماكرون والسيسي".

ما "عملية سيرلي"؟

بدأت "عملية سيرلي" في فبراير 2016 كنتيجة لاتفاق سري بين الحكومة الفرنسية للتعاون في مكافحة الإرهاب، وكشف موقع "ديسكلوز" في عام 2021 عن تفاصيل العملية، حيث كانت تركز على المراقبة الجوية الفرنسية على الحدود المصرية.

ففي 21 نوفمبر 2021 كشف موقع "ديسكلوز" أن فرنسا تُقدم معلومات استخبارية لمصر، لتستخدمها في قصف أهداف عشوائية بالصحراء الغربية.

تحدث الموقع عن عملية استخبارية فرنسية مصرية في الصحراء على الحدود مع ليبيا لتصيد "الإرهابيين" تسمي Mission Sirli أو "عملية سيرلي" بدأت في فبراير/شباط 2016.

قال إنها تضمنت "جرائم ضد الإنسانية" في صحراء مصر حيث يقصف ويقتل الجيش المصري مدنيين بعضهم في قوافل الهجرة غير المنظمة أو مهربين وتجار مخدرات، ثم يتهمهم المتحدث العسكري المصرية بأنهم "إرهابيون".

واتهم الموقع نظام السيسي باستغلال مهمة الاستخبارات الفرنسية التي تحمل اسم "سيرلي" بدعوى مكافحة الإرهاب، واستخدام المعلومات في شن ضربات جوية نتج عنها مقتل أبرياء من المهربين.

وفي نوفمبر 2022، كشف موقع "ديسكلوز" عن استخدام العملية بشكل رئيس من قبل السلطات المصرية لاستهداف المدنيين في عمليات تهريب وتنفيذ إعدامات خارج نطاق القانون، بدلا من محاربة الإرهاب.

وأكد ديسكلوز أنه حصل على مئات الوثائق السرية المتداولة على أعلى مستويات الدولة الفرنسية، والتي تكشف مسؤولية فرنسا عن الجرائم التي ارتكبتها دكتاتورية عبد الفتاح السيسي في مصر.

وهو ما أشار إليه تقرير لموقع "لجنة العدالة"Committee for Justice، التي نشرت تقارير ديسكلوز مترجمة، بعد حجب الموقع الفرنسي في مصر من جانب الرقابة العسكرية.

ونشر "ديسكلوز" تحت شعار "لم يعد الصمت خيارا"، سلسلة تقارير، تفضح جرائم السيسي وماكرون.

أبرزها: "العملية سيرلي"، و"مرتزقة السماء"، و"أنظمة المراقبة المصنوعة في فرنسا"، و"في خدمة بيع الأسلحة"، و"صفقة تجارية للمبادئ: التسلسل الزمني".

وكانت هذه التقارير سببا في غضب نظامي السيسي وماكرون على الموقع والصحفية التي نشرت هذه التقارير مستندة لتسريبات عسكرية فرنسية، لعسكريين غاضبين على سلوك ماكرون الداعم لديكتاتورية السيسي، ونكوصه عن قيم الحرية التي يدعي حمايته لها.

في تقريره "لم يعد الصمت خيارا"، الذي نشره "ديسكلوز" في 26 نوفمبر 2021 قال إن "مذكرات الإرهاب" أظهرت مسؤولية فرنسا عن الإعدامات التعسفية التي نفذتها دكتاتورية عبد الفتاح السيسي في مصر. 

وقد أظهرت بيانات تحديد المواقع تورط مشغلي العملية المصريين والفرنسيين في استهداف المدنيين، مما أسفر عن مقتل وإصابة مئات الأشخاص.

ورغم التحذيرات المتكررة من قبل المشغلين الفرنسيين لرؤسائهم بين عامي 2016 و2019 بشأن الاستخدام غير القانوني للعملية، استمر اهتمام فرنسا بتطبيقها لمكافحة الإرهاب.

وأدت عملية قتل مدنيين بالصحراء الغربية إلى فضيحة زلزلت فرنسا وسعى النظام المصري لدفنها، بيد أن إعادة فتح ملفها عبر قضايا ضد السيسي وماكرون، أثار قلق الطرفين.

وحين جرى كشف الفضيحة، وعدت وزيرة الجيوش الفرنسية، فلورانس بارلي، في نوفمبر 2021 بالتحقيق في الأمر للوقوف على "انحرافات محتملة"، لكنها عادت وأصدرت بيانا في فبراير/شباط 2022 ينكر وجود أي من تلك المخالفات.

لكن وزارة الجيوش الفرنسية تقدمت بشكوى ضد الصحفية بموقع "ديسكلوز" بدعوى "انتهاك أسرار الدفاع الوطني"، وفتحت النيابة في باريس تحقيقًا استمر حتى القبض على الصحفية التي نشرت وثائق الفضيحة.

وأعلنت وزارة القوات المسلحة الفرنسية في نوفمبر، وديسمبر/كانون الأول 2021 عن تحقيق داخلي حول المعلومات التي تم كشفها، إلا أن نتائجه ظلت سرية، وخلصت إلى عدم تحميل الوزارة أي مسؤولية.

لكن في 19 سبتمبر 2023 تم احتجاز الصحفية المستقلة أريان لافريو، التي كشفت تورط فرنسا مع مصر في أكثر من 19 عملية قصف على الحدود المصرية الليبية، وقتل أبرياء، بواسطة ضباط الأمن الفرنسي.

وتم استجوابها لمدة 48 ساعة، رغم أنها لم تُتهم بشكل رسمي ومع ذلك، قدمت وزارة القوات المسلحة الفرنسية شكوى قانونية ضدها بتهمة "انتهاك أسرار الدفاع الوطني".

إذ إن هذه العملية جعلت فرنسا ورئيسها ماكرون، متواطئين في جرائم ضد الإنسانية مع سلطات نظام السيسي في مصر، ودفعت منظمات حقوقية لتقديم دعاوى قضائية لمحاكمتهما، وطلب تدخل الجنائية الدولية أيضا.