على عكس وعوده بإحلال السلام.. الصقور الداعمة للحروب تخيم على إدارة ترامب

"هذه الاختيارات هي انتصار للمتشددين الذين يسعون لفرض هيمنتهم في البيت الأبيض"
عكس وعوده التي قطعها على نفسه خلال حملته، وقع اختيار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، على ثلاثة من الصقور الداعمة للحروب لتولي مناصب عليا في إدارته.
ورأت مجلة "ريسبونسيبل ستيتكرافت" الأميركية أن هذه الاختيارات هي انتصار للمتشددين الذين يسعون لفرض هيمنتهم في البيت الأبيض خلال فترة ترامب.
وأوضحت، في تقرير لها، أن هذه التعيينات "أثارت بعض القلق وخففت من حماس المحافظين من التيار المعتدل الذين استبشروا بعدم انضمام وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، والسفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، إلى الإدارة الجديدة".
ففي 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، كتب ترامب في حسابه على منصة "تروث سوشال": "لقد استمتعت كثيرا بالعمل مع بومبيو وهيلي في السابق، وأشكرهما على خدمتهما للولايات المتحدة، ولكنهما لن يكونا ضمن إدارتي الجديدة".
وقالت المجلة الأميركية: "قد لا يعيد ترامب جميع المعينين القدامى، لكنه يواصل إحاطة نفسه بالصقور".

إليز ستيفانيك
وأعلن ترامب اختيار النائبة الجمهورية، إليز ستيفانيك، لشغل منصب سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، وهي مدافعة متعصبة عن إسرائيل.
وقالت المجلة: "تتنافس فصائل مختلفة في الحزب الجمهوري على توجيه سياسة ترامب الخارجية، ويبدو أن اختيار ستيفانيك يعد فوزا واضحا للصقور المتشددين".
وأضافت أن "اختيار ستيفانيك للأمم المتحدة يبدو إشارة من ترامب للعالم بأنه لا يهتم بالضرورة بمدى العزلة التي قد تواجهها الولايات المتحدة وإسرائيل بسبب الحروب في غزة ولبنان".
وأشارت إلى أن ستيفانيك "ليس لديها أي خلفية في العلاقات الدولية أو الدبلوماسية من شأنها أن تؤهلها لتمثيل الولايات المتحدة في الهيئة الدولية".
واستدركت: "لكن الهدف من إرسالها ربما يكون إثارة المعارك مع الدول الأخرى، بدلا من محاولة حلها".
وعملت ستيفانيك من قبل لصالح منظمة "الدفاع عن الديمقراطيات" (FDD) اليمينية المتشددة، ومبادرة السياسة الخارجية التي أسسها بيل كريستول، أحد قادة المحافظين الجدد في الولايات المتحدة.

وبصفتها عضوا في الكونغرس، كانت ستيفانيك شديدة الانتقاد للأمم المتحدة، حيث شوّهت سمعة المؤسسة بصفتها معادية للسامية، كلما أتاحت المنظمة الدولية للفلسطينيين فرصة للتعبير عن مظالمهم أو ممارستها ضغوطا ضد إسرائيل في الجمعية العامة.
كما نددت ستيفانيك بإدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، لفشلها المفترض في مكافحة "معاداة السامية" في الأمم المتحدة.
وتزعمت ستيفانيك حملة لتشويه سمعة المحتجين المناهضين للحرب في الحرم الجامعي، بصفتهم معادين للسامية، ولعبت دورا في الضغط على رؤساء الجامعات لقمع الاحتجاجات.
كما دعمت قطع التمويل عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، الوكالة الأساسية لتقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين في غزة.
ووصفت المجلة الأميركية "ستيفانيك" بأنها واحدة من أكثر أعضاء الكونغرس معاداة للفلسطينيين.
وتابعت: "مثل ترامب، كانت ستيفانيك معارضة للاتفاق النووي مع إيران منذ بدايته، وانضمت أخيرا إلى زملائها من قيادة الجمهوريين في الدعوة "للعودة إلى حملة الضغط الأقصى ضد إيران".
وقالت: "عادة ما يكون للسفراء لدى الأمم المتحدة تأثير ضئيل في تشكيل السياسة، لكن اختيار ستيفانيك يتفق مع التقارير التي تفيد بأن ترامب يخطط لمتابعة سياسة أكثر عدوانية تجاه إيران في الفترة الجديدة".
مايك والتز
واختار ترامب النائب مايك والتز، المعروف بمواقفه المتشددة تجاه الصين، لمنصب مستشار الأمن القومي.
وقد أمضى "والتز" هذا العام في الكونغرس محذرا من التهديد العسكري الصيني والتجسس في محيط الولايات المتحدة، وداعيا إلى "عقيدة مونرو جديدة" وزيادة كبيرة في القوة العسكرية لمواجهة هذا الخطر.
وعقيدة مونرو هي مبدأ أعلنه الرئيس الأميركي، جيمس مونرو، في عام 1823، يهدف إلى حماية الدول الأميركية من أي تدخل أوروبي.

ونصت العقيدة على أن أي محاولة من القوى الأوروبية لاستعمار أو التدخل في شؤون دول أميركا الشمالية أو الجنوبية ستعد تهديدا لأمن الولايات المتحدة، وأن الولايات المتحدة بدورها ستلتزم بعدم التدخل في الشؤون الأوروبية.
كانت العقيدة -التي يريد "والتز" تجديدها- تهدف إلى تعزيز السيادة الأميركية على نصف الكرة الغربي وإبعاد النفوذ الأوروبي عنه، وأصبحت فيما بعد أساسا للسياسة الخارجية الأميركية في المنطقة.
وكان "والتز" قد عمل في البنتاغون خلال عهد جورج دبليو بوش، وعمل مع نائبه ديك تشيني، مستشارا لمكافحة الإرهاب.
أضف إلى ذلك أنه قاوم جهود ترامب لإخراج الجيش الأميركي من الحرب التي استمرت 20 عاما في أفغانستان، ومثل العديد من الصقور المتعصبين في الكونغرس، كان منفتحا على قصف إيران.
ماركو روبيو
وفي 13 فبراير/شباط 2024، قال ترامب إنه سيرشح السيناتور، ماركو روبيو، لوزارة الخارجية في إدراته المقبلة التي تبدأ مهامها يناير/كانون الثاني 2025.
ويعد "روبيو" -بحسب المجلة- من كبار الصقور في الولايات المتحدة، حيث أمضى معظم حياته المهنية في الكونغرس في الترويج لمواقف السياسة الخارجية التي يتبناها المحافظون الجدد، وخاصة فيما يتصل بإيران والشرق الأوسط.
وكان روبيو من أشد المدافعين عن حرب العراق حتى دخل في معركة الرئاسة عام 2016، حيث أصبحت هذه الحرب لا تحظى بشعبية بعد تصريحات ترامب ضدها.
ويشير البعض إلى أنه صوت أخيرا ضد المساعدات المقدمة لأوكرانيا، وقال إن الحرب في أوكرانيا يجب أن تنتهي بتسوية تفاوضية.
ومع ذلك، لم يتردد أبدا بشأن إسرائيل وإيران؛ ذلك أن روبيو -الذي يُقال إنه قريب من الملياردير الداعم لإسرائيل شيلدون أديلسون وغيره من كبار المانحين اليمينيين الجدد- قد دعم بناء المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية.
وقال "روبيو" أن الولايات المتحدة قد تضطر إلى خوض حرب مع إيران بسبب برنامجها النووي.

وفيما يتعلق بالحرب الحالية، دافع عن كل تحركات إسرائيل في الحرب في غزة ولبنان، وحذر من أن إيران تريد جعل إسرائيل "مكانا غير صالح للعيش".
كما كان دائما معارضا قويا لأي صفقة أميركية من شأنها أن تحد من البرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك الاتفاق النووي لعام 2015.
علاوة على ذلك، اختار ترامب حاكم أركنساس السابق مايك هاكابي، وهو مسيحي إنجيلي مؤيد لإسرائيل وكان داعما صريحا للمستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية، ليكون السفير الأميركي القادم لدى "إسرائيل".
وأعلن ترامب أيضا مذيع قناة "فوكس نيوز" والمحارب المخضرم في حرب العراق وأفغانستان، بيت هيغسيث، وزيرا للدفاع.
بدوره، قال الصحفي الأميركي، غلين غرينوالد، إن آخر ثلاثة تعيينات لترامب - إليز ستيفانيك، مايك والتز، وماركو روبيو - هم من الصقور الداعمين للحروب، المتوافقين تماما مع أسوأ جوانب الإجماع بين الحزبين في واشنطن.
وأشارت المجلة إلى أننا "إذا ما افترضنا أن سياسات الدول تتشكل بناءً على توجهات مسؤوليها، فإن هذا ينذر بالسوء للسياسة الخارجية للإدارة الجديدة".