"مقابل دعم التطبيع".. هل يمنح ترامب مصر حرية التحرك في القرن الإفريقي؟

3 days ago

12

طباعة

مشاركة

تعد عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بمثابة خبر سار لرئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي.

ويبدو أن السيسي سيعود ليكون الديكتاتور المفضل لدى ترامب وفق ما ترى مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، مشيرة إلى أن "مصر تستعد للاستفادة من ولايته الثانية".

ففي نهاية أغسطس/آب 2019، وصف ترامب رئيس النظام المصري بـ"ديكتاتوره المفضل"، وذلك أثناء انتظار لقاء معه على هامش قمة مجموعة السبع في فرنسا.

وبعد اللقاء، أشاد ترامب بالسيسي الذي يواجه انتقادات واسعة منذ توليه السلطة عبر انقلاب عسكري عام 2013.

إذ يحتجز نظامه الآلاف من المعارضين السياسيين ومخالفي الرأي ويواجه اتهامات بتعذيب وقتل السجناء، وفقا لتقارير الأمم المتحدة ووزارة الخارجية الأميركية وجماعات غير حكومية.

اهتمام ضئيل

وتقول المجلة الأميركية: "لم يول ترامب اهتماما كبيرا بإفريقيا في ولايته الأولى، باستثناء الإدلاء بتصريحات مهينة، ومع ذلك، تبرز في القارة الآن أطراف رابحة وأخرى خاسرة مع اقتراب عودته إلى البيت الأبيض".

وأوضحت أن "جنوب إفريقيا وكينيا من بين الدول التي تشعر بالقلق إزاء العلاقات المتدهورة المحتملة، على عكس نيجيريا وأوغندا والمغرب ومصر، التي تتوقع زيادة التجارة وصفقات الأسلحة، بعيدا عما تعده محاضرات حول حقوق الإنسان".

وبخصوص كينيا، قالت المجلة إن الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن جعلها حليفا رئيسا من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لكن قد لا يستمر هذا في ظل فترة ترامب الثانية.

وكان من المقرر أن تنجز إدارة بايدن، في ديسمبر/كانون الأول 2024، شراكة تجارية واستثمارية مع كينيا، تشمل استثمارات في الزراعة، وتعزيز القدرة على مواجهة تغير المناخ، وتحسين الحوكمة.

وقد جاءت هذه الشراكة بديلة للمفاوضات التجارية الرسمية التي أجرتها إدارة ترامب الأولى عام 2020، والتي ركزت على فتح السوق الكينية أمام القمح الأميركي وتعزيز التعاون مع الشركات الصغيرة.

ويبقى من غير الواضح ما إذا كان ترامب سيعود إلى نهجه التجاري القائم على الصفقات المباشرة، بحسب "فورين بوليسي".

وفي جنوب إفريقيا، يشعر صناع القرار بالقلق إزاء فوز ترامب، فقد أدت الرسوم الجمركية المرتفعة والحمائية التجارية إلى إضعاف عملة البلاد، الراند.

علاقة مميزة

في المقابل، كانت علاقات النظام المصري مع إدارة ترامب الأولى جيدة؛ ولذلك سارع السيسي إلى تهنئته بعد فوزه في الانتخابات التي عُقدت في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

وألمحت المجلة الأميركية إلى أن "السيسي كان من بين أوائل الزعماء الذين هنأوا ترامب على فوزه، حتى قبل أن تعلن وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية نتائج الانتخابات في صباح 6 نوفمبر".

ونشر السيسي على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلا: "نتطلع لأن نصل معا لإحلال السلام والحفاظ على الاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الإستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة".

واتصل السيسي لاحقا بترامب في ذلك المساء لتقديم المزيد من التهاني. وألمحت المجلة إلى أن “كلا الرئيسين يحترم نهج الرجل القوي في السياسة”.

وأشارت إلى أنه "خلال إدارته الأولى في عام 2019، وبعدما أثار الجدل عندما صاح قائلا: "أين ديكتاتوري المفضل؟"، أشاد ترامب بالسيسي لكونه "رجلا قويا للغاية"، وأضاف: "لقد فهم بعضنا بعضا جيدا".

وكانت مصر سابع أكبر مستورد للأسلحة في العالم من عام 2019 إلى 2023، وفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.

واستوردت القاهرة العديد من تلك الأسلحة من الولايات المتحدة أثناء إدارة ترامب، ولكن في السنوات الأخيرة، استوردت مزيدا من سلاحها من روسيا وإيطاليا وألمانيا.

دعم حملة ترامب 

وأخيرا، واجهت القاهرة بعض التدقيق بسبب محاولاتها التأثير في السياسة الأميركية.

فقد حققت الحكومة الأميركية في مزاعم مفادها أن السيسي عرض على ترامب 10 ملايين دولار لدعم حملته الرئاسية لعام 2016، وفقا لتحقيق أجرته صحيفة "واشنطن بوست".

فقبل 5 أيام من تنصيب ترامب في يناير/كانون الثاني 2017، سحبت منظمة مرتبطة بأجهزة الاستخبارات المصرية 10 ملايين دولار من أحد بنوك القاهرة.

وقالت الصحيفة إن "الموظفين داخل البنك الأهلي المصري المملوك للدولة سرعان ما انشغلوا بوضع حزم من الأوراق النقدية فئة 100 دولار في حقيبتين كبيرتين".

وقد حمل أربعة رجال الحقائب، التي وصفها مسؤولون أميركيون لاحقا بأنها كانت تزن مجتمعة 200 رطل، وأنها تحتوي على حصة كبيرة من احتياطي مصر من العملة الأميركية.

وفي وقت لاحق، مع اقتراب انتخابات 2020، أفادت شبكة "سي إن إن" الأميركية أن جلسة محكمة غامضة عُقدت في واشنطن عام 2018 كانت تتعلق ببنك مصري.

هذه الجلسة شارك فيها مدّعون أميركيون مع روبرت مولر، المستشار الخاص الذي كان يحقق في التدخل الروسي في انتخابات 2016.

وخلال حملته الانتخابية في عام 2020، دعا بايدن إلى عدم منح المزيد من الشيكات على بياض للديكتاتور المفضل لترامب.

وفي سبتمبر/أيلول 2023، جمدت إدارة بايدن بعض أموال المساعدات؛ بسبب سجل مصر في مجال حقوق الإنسان.

وخضعت المساعدات لزيادة التدقيق بعد إدانة السيناتور الديمقراطي المنتهية ولايته، بوب مينينديز، بقبول رِشا من مصريين على ارتباط بالحكومة.

واستدركت المجلة: "لكن دور مصر كوسيط بين إسرائيل و(حركة المقاومة الإسلامية) حماس على مدار العام الماضي (2023) عزز أهميتها كحليف للولايات المتحدة، مما دفع واشنطن إلى تجاهل الاستبداد في القاهرة".

إذ مُنِحَت القاهرة 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية السنوية خلال العام 2024.

التطبيع والقرن الإفريقي

وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن نظام السيسي "أسكت المنتقدين بسجنهم"، موضحة أن هناك الآلاف من السجناء السياسيين في القاهرة، بما في ذلك مواطنون أميركيون، بحسب تقرير وزارة الخارجية لعام 2023 عن مصر.

وقالت الخارجية الأميركية في سبتمبر/أيلول 2024، إن واشنطن تواصل "حوارا صارما مع الحكومة المصرية عن أهمية تعزيز حقوق الإنسان على نحو ملموس، وهو ما يعد حاسما في استدامة أقوى شراكة ممكنة بين البلدين".

وأكدت المجلة أنه "في عهد ترامب، لا يمكن لمصر أن تتوقع مثل هذه التوبيخات بشأن حقوق الإنسان".

وأشارت إلى أنه "من خلال التركيز على اتفاقيات أبراهام (التطبيعية مع إسرائيل) كمحرك رئيس للسياسة الخارجية في المنطقة، قد يمنح ترامب مصر -عن غير قصد- حرية التصرف لتعزيز دورها كلاعب مهم في الجغرافيا السياسية في القرن الإفريقي".

وذكرت أن "مصر تدعم الصومال وإريتريا عسكريا ضد إثيوبيا، كما تدعم الجيش السوداني وحربه ضد قوات الدعم السريع شبه العسكرية".

وبحسب المجلة، فإن المسؤولين في القاهرة يأملون أن يؤدي أسلوب ترامب القوي إلى نهاية حاسمة لحروب إسرائيل في غزة ولبنان".

فقد تسبب هذا التوتر بدخول الحوثيين في المواجهة ومهاجمة الشحن في البحر الأحمر مما خفض عبور السفن لقناة السويس وألحق الضرر بالاقتصاد المصري.