بعد عقود من الأكاذيب.. هل يلتزم ترامب باتفاق الانسحاب الأميركي من العراق؟

12 hours ago

12

طباعة

مشاركة

مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض، تتصاعد المطالب بانسحاب القوات الأميركية من العراق، بموجب ما اتُّفق عليه مع حكومة بغداد.

ونشرت مجلة "ريسبونسيبل ستيتكرافت" الأميركية مقالا لأحد المحاربين الأميركيين القدامى، كان قد خدم في الصومال، والعراق، وأفغانستان، ومركز التجارة العالمي في سبتمبر/أيلول 2001، طالب فيه ترامب أن يُبقي على اتفاق الانسحاب من العراق.

وفي سبتمبر/أيلول 2024، كشف وزير الدفاع العراقي، ثابت العباسي، أن بغداد توصلت إلى اتفاق مع واشنطن بشأن انسحاب القوات الأميركية على مدى عامين.

وأشار إلى أنه اتُّفق على إنهاء مهمة التحالف على مرحلتين، تبدأ الأولى من سبتمبر 2024 حتى سبتمبر 2025، وتشمل انسحاب القوات الأميركية من بغداد والقواعد العسكرية التي يعمل بها المستشارون الأميركيون.

والمرحلة الثانية تمتد من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026، وستشمل انسحاب القوات الأميركية من قواعدها في إقليم كردستان شمال العراق. 

مخاطر البقاء

وقال جون بيرنز، وهو المدير الإستراتيجي لمنظمة “قدامى المحاربين المهتمين بأميركا" إن "الانتخابات انتهت وبدأت مآلاتها على السياسة الخارجية الأميركية في الظهور".

وأضاف بيرنز -الذي خدم في سلاح مشاة البحرية والحرس الوطني للجيش- أن "هناك شيئا واحدا ينبغي ألا يتغير، وهو التزامنا بالاتفاق الذي توصلت إليه إدارة جو بايدن مع الحكومة العراقية بشأن انسحاب معظم قواتنا عام 2025".

وتابع: "بصفتنا محاربين قدامى خدموا في العراق، فإننا نحث الإدارة الجديدة على الالتزام بالجدول الزمني المتفق عليه والحرص على عدم تعريض حياة الجنود الأميركيين في العراق للخطر".

وقال بيرنز: "بعد 11 سبتمبر/2001، لم أتفاجأ عندما وجدت نفسي متجها إلى العراق عام 2003، فقد كنت في البداية داعما لدورنا هناك".

وأردف: "انضممت إلى الحرس الوطني عام 2000 وخدمت كجندي مشاة في الجيش الأميركي بالعراق عام 2004، حيث قمت بدوريات في المثلث السني، وتعاملت مع العبوات الناسفة البدائية ورأيت أصدقائي يصابون ويُقتلون".

ولفظ "المثلث السني" يطلق على منطقة وسط العراق شمال وشرق وغرب العاصمة بغداد؛ لأن أكثر ساكني هذه المنطقة من المسلمين السنة.

ويتكون المثلث من 4 محافظات عراقية من محافظة ديالى شرقا، ومحافظة بغداد جنوبا، ومحافظة الأنبار غربا، ومحافظة صلاح الدين شمالا.

وأضاف بيرنز أنه "مع مرور الوقت بعد انتهاء المهمة، تراكمت مناسبات إحياء الذكرى السنوية وذكرى مقتل رفاقنا، وتفاقمت حالات الانتحار بعد انتهاء المهمة، وأدركت أن الحرب كانت فشلا ذريعا".

وأكد أن "تلك الأرواح الواعدة أُهدرت بسبب مجموعة من الأكاذيب التي صدقها الكثير منا"، مشددا على أن "الوقت قد حان لإنهاء مغامرات أميركا في العراق".

كما نقل بيرنز كلمات لجنود آخرين خدموا في العراق، منهم إيان روبنسون، من القوات الجوية، الذي قال: "هذه الأرض تحمل على كاهلها عقودا من الصراعات وعبئا ثقيلا من العداء، بينما لا تزال قواتنا متمركزة هناك".

وأردف أن "العراق كان دائما مكانا لم ننتمِ إليه حقا، وربما يكون السبيل الأمثل لتحقيق الاستقرار في المستقبل هو انسحابنا منه، خصوصا بعد كل ما أنفقناه من وقت ومال وأرواح".

عقود من الأكاذيب

بدورها، قالت لورا هارتمن: "كوني من قدامى المحاربين في حرب العراق عام 2004، فقد عايشت تأثير الحرب المدمر على الجنود وعائلاتهم والمدنيين الأبرياء".

وأضافت أن "الحرب تُخلِّف حياة محطمة، وجراحا أخلاقية عميقة، وأمراضا وراثية تمتد لأجيال".

وتابعت: "بعد أن أبلغتُ عن وقوع اعتداء جنسي داخل الجيش، غادرت قاعدتنا للقاء المحامين العسكريين، وكرئيسة تمريض سابقة في قسم الطب النفسي بإدارة شؤون المحاربين القدامى، رأيت حقيقة الحرب تتجلى من خلال آلام مرضاي".

وأبدت هارتمن دعمها "للانسحاب الكامل من العراق بعد عقود من الأكاذيب وإراقة الدماء والخيانة"، قائلة: "علينا أن نركِّز على بناء وطننا هنا، لقد حان الوقت للمطالبة بمحاسبة سياسية على مآلات الحروب، لقد طفح الكيل".

من جانبه، قال آدم جانكي، وهو من مشاة البحرية الأميركية، إن "قلة النوم، ووتيرة العمليات، وتحديات الانتشار العسكري كانت شديدة القسوة".

وأضاف: "يشعر الكثير منا، بمن فيهم أنا، أن تضحياتنا كانت بلا جدوى، وأن فقدان الأرواح والموارد كان بلا طائل".

وأفاد بأن "العديد منا يعاني من مشكلات صحية دائمة مثل اضطراب ما بعد الصدمة، والإصابات الدماغية، وغيرها من الحالات الصحية المرتبطة بالانتشار العسكري، بينما نتساءل: "لماذا قدمنا كل هذه التضحيات في العراق؟"

بدوره، قال موريس وينستيد، من سلاح البحرية: "كانت أول مهمة لي في الشرق الأوسط عام 2008، وقد رأيت مرات عديدة قواتنا وجنودنا يُعرضون للخطر بلا ضرورة".

وتابع: "لقد شاهدت مشاكل صحية عقلية مثل اضطراب ما بعد الصدمة تؤثر على رفاق السلاح السابقين، لذلك يجب على الإدارة الجديدة أن تفي بوعدها بأن قواتنا ستغادر العراق عام 2025، لقد آن الأوان".

إحباط وحزن

من جانبها، قالت جيسيكا فارغاس، من مشاة البحرية: "لا تزال أصداء الحرب تتردد في حياتي، تاركة وراءها ندوبا وفهما عميقا لتكاليف الحروب".

وأضافت: "أصيب أصدقائي بتشخيصات مثل اضطراب ما بعد الصدمة، وإصابات الدماغ الرضحية، وأمراض السرطان الناتجة عن التعرض لحُفر الحرق"، مؤكدة أن "هذه ليست مجرد إصابات جسدية، بل جروح في العقل والروح، تستمر طويلا بعد أن تسكت المدافع".

ولفترة طويلة، اعتادت القوات الأميركية في العراق، على حرق كميات ضخمة من النفايات الخطرة باستخدام وقود الطائرات في حفر عميقة، وكان الهدف من هذه الممارسة الحفاظ على السرية العسكرية الأميركية.

وتنوعت المواد المحترقة بين البطاريات، والنفايات الطبية، والأجزاء المبتورة من الأجساد، والبلاستيك، والذخائر، والمخلفات البشرية، وجثث الحيوانات، والمطاط، والمواد الكيماوية.

وأسفر التعرض لهذه السموم عن آثار صحية خطيرة بين قدامى المحاربين الأميركيين، الذين عانوا من اضطرابات عصبية، وأمراض رئوية، وأنواع نادرة من السرطان، إضافة إلى العديد من الأعراض غير المفهومة.

وعاد بيرنز، كاتب المقال، للقول: "بعد أن أتينا من مناطق مختلفة خدمنا فيها ومن مختلف مناحي الحياة، توحدنا كمحاربين قدامى، وهذه التجارب الفريدة من نوعها لكل منا، تخلق شعورا مشتركا بالإحباط والحزن على الأرواح التي أزهقت والموارد التي أُهدرت والفرص التي ضاعت".

وأشار إلى أن "اليوم، يخدم 2500 من أفراد الخدمة الأميركية في العراق، ويواجهون تهديدات مستمرة من الطائرات المسيّرة وقذائف الهاون والصواريخ، ولم يشرح أحد بشكل مقنع سبب وجودهم هناك".

وأوضح أن "مقتل أميركي آخر في العراق يعني فقدان حياة أخرى هباء، وجولة جديدة من الألم والأسى لرفاقه وأسرته".

وأكد بيرنز أنه "يتعين على إدارة ترامب استكمال انسحاب القوات بحلول عام 2025 كما اتفقت عليه الحكومتان العراقية والأميركية".