بينهم وزراء ونواب ودبلوماسيون.. فرنسا تفرض قيودا على شخصيات جزائرية مرموقة

منذ يوم واحد

12

طباعة

مشاركة

تصاعدت التوترات بين باريس والجزائر على خلفية قرار فرنسي جديد يقضي بفرض قيود على دخول عدد من المسؤولين الجزائريين وأقاربهم إلى الأراضي الفرنسية. 

وذكرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية أن وزارة الداخلية باشرت تنفيذ إجراءات بحق ما يقارب 150 شخصية جزائرية، تشمل وزراء ودبلوماسيين ومستشارين رئاسيين، وذلك بسبب رفض الجزائر استقبال مواطنيها المرحلين من فرنسا. 

وأوضحت المجلة أن هذه الإجراءات تشمل منع دخول المعنيين إلى فرنسا أو عبور أراضيها، إضافة إلى تعليق أو إعادة النظر في تصاريح الإقامة الممنوحة لأقاربهم.

وأبرزت الانقسام داخل السلطة الفرنسية، مشيرة إلى أن هذه الخطوات لم تتخذ بالتنسيق مع وزارة الخارجية أو الإليزيه، ما يعكس اضطرابا داخليا بشأن إدارة العلاقة مع الجزائر، التي تشهد توترا منذ اعتراف الرئيس إيمانويل ماكرون بسيادة المغرب على إقليم الصحراء الغربية.

وتظهر هذه التطورات -بحسب المجلة- أن العلاقات الفرنسية الجزائرية باتت معلقة بخيط رفيع، بينما تتجه باريس نحو إستراتيجية تصعيدية غير معتادة، قد تفضي إلى تداعيات دبلوماسية أوسع في قادم الأيام.

تصعيد دبلوماسي

وأعلن وزير الداخلية الفرنسي، برونو ريتايو، في 23 يوليو/ تموز 2025، نيته تقييد سفر "عدد من الشخصيات الجزائرية المرموقة" إلى فرنسا، دون تقديم مزيد من التفاصيل. 

وحددت مجلة "جون أفريك" هوية نحو 150 شخصا مستهدفين بهذه الإجراءات، بمن فيهم مقربون من الرئيس عبد المجيد تبون.

وأشارت إلى أن قائمة الشخصيات الجزائرية المرموقة التي قد تمنع قريبا من دخول فرنسا أو الإقامة فيها باتت تُطارد في الجزائر “كمن يفتش عن كنز”.

وأردفت: "فمنذ أن عبر وزير الداخلية الفرنسي عن نيته إصدار قرارات منع دخول وإقامة بحق عدد من المسؤولين الجزائريين وأقربائهم، يسود جو من الذعر في أوساط السلطة الجزائرية بشأن هوية ووضع الأشخاص المعنيين".

بدورها، أكدت المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية، صوفي بريماس، في 23 يوليو، عقب اجتماع مجلس الوزراء، أن "وزير الداخلية بصدد تقييد شروط تنقل عدد معين من الشخصيات الجزائرية، وذلك على خلفية رفض الجزائر استعادة 120 من مواطنيها صدرت بحقهم أوامر بمغادرة الأراضي الفرنسية".

وبحسب المعلومات التي جمعتها "جون أفريك"، فإن ما يقارب 150 شخصا مشمولون أو سيشملهم هذا القرار الذي سيتخذه وزير الداخلية بالتنسيق مع المقاطعات خلال الأيام القادمة. 

وأفاد التقرير بأن القرار صدر بالفعل بحق 80 شخصا على الأقل، فيما لا تزال حالات أخرى قيد الدراسة، وفق مصادر "جون أفريك".

وبينما لا تزال القائمة الكاملة للأشخاص المعنيين سرية، أشارت المجلة الفرنسية إلى أن "هذه الإجراءات ستنال عدة مستويات من السلطة الجزائرية".

وحسب التقرير، تشمل القائمة أعضاء في مجلس الأمة، ونوابا في المجلس الشعبي الوطني الجزائري، الذين عبروا في مناسبات متعددة عن عداء تجاه فرنسا ومؤسساتها. 

وأشارت المجلة أيضا إلى أن "مسؤولين حاليين في وزارة الخارجية الجزائرية وبعض الدبلوماسيين الذين خدموا سابقا في فرنسا سيكونون من بين المستهدفين".

كما أوضحت أن "بعض وزراء حكومة نذير العرباوي، ومستشارين في رئاسة الجمهورية، وأعضاء من الحلقة المقربة للرئيس تبون مشمولون بالإجراءات". 

وأردفت: "رغم أن الطاقم العسكري نجا نسبيا من الحظر، إلا أن بعض كبار الضباط وأبناءهم يقعون تحت مجهر وزير الداخلية الفرنسي".

تأجيج الأزمة

وتساءلت "جون أفريك" عما تعنيه هذه الإجراءات الفرنسية على أرض الواقع، موضحة أنها "تتعلق بمنع الدخول إلى فرنسا أو حتى العبور عبر أراضيها". 

وتابعت: "أما أقرباء الأشخاص المعنيين (كالزوجات والأبناء والأعمام وأبناء الأعمام) الحاصلين على تصاريح إقامة بحكم وضع ذويهم، فلن يكون بمقدورهم تجديد تلك التصاريح". 

وأشارت إلى أن "شروط حصولهم على هذه التصاريح تخضع لفحص دقيق حاليا، للتحقق مما إذا كانت هناك تسهيلات غير مبررة من قبل الجهات المختصة".

ولفتت المجلة إلى أن "السلطات الجزائرية لم تصدر بعد أي رد فعل رسمي تجاه هذه المعلومات".

وأوضحت أن "الرئاسة الجزائرية كانت قد منعت منذ خريف 2024 مسؤولي الدولة وكبار مديري الشركات العامة من السفر إلى فرنسا أو حتى عبور أراضيها، ما يجعل من المستبعد أن تؤثر الإجراءات الفرنسية على المعنيين الأساسيين". 

غير أن الإجراءات التي تنال أقاربهم قد تحمل تداعيات دبلوماسية، وفقا للمجلة، كما أنها لا تستبعد أن تتخذ الجزائر "خطوات انتقامية".

من زاوية أخرى، أشارت "جون أفريك" إلى أن "هذه الإستراتيجية التصعيدية التي يتبعها الوزير ريتايو جاءت دون تنسيق مع وزارة الخارجية الفرنسية أو قصر الإليزيه، ما يدل على وجود توتر داخلي في أروقة السلطة". 

كما ذكرت أن الاجتماع الذي كان مقررا في 24 يوليو/ تموز 2025 بين الوزير ورئيس الجمهورية، لمناقشة العلاقات مع الجزائر، ألغي بمبادرة من الإليزيه.

واستدركت: "ورغم أن هذه الإجراءات لا تحظى بإجماع في باريس، إلا أنها مرشحة لتأجيج الأزمة التي تعود جذورها إلى قرار ماكرون الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية". 

واختتمت المجلة بوصف العلاقة بين فرنسا والجزائر، بعد مرور نحو عام على قرار ماكرون الذي أعلن رسميا في 30 يوليو/ تموز 2025، بأنها "على حافة الهاوية".