بعد 5 سنوات من الاعتراف.. ماذا يعني دخول الشركات الأميركية لإقليم الصحراء؟

منذ ٥ أيام

12

طباعة

مشاركة

في خطوة جديدة تعزز الموقف المغربي في ملف الصحراء، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب فتح الباب أمام تمويل الشركات الأميركية الراغبة في الاستثمار بالمنطقة، وذلك بعد 5 سنوات من اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الإقليم. 

ويسمح القرار بتقديم قروض وضمانات عبر مؤسسات أميركية كبرى، في وقت تتجه فيه فرنسا والصين بدورهما نحو مشاريع استثمارية مماثلة. 

وفي تقرير لها، وصفت مجلة "جون أفريك" الفرنسية الخطوة بأنها "تحول اقتصادي وجيوسياسي يزيد من عزلة الجزائر والبوليساريو".

وفي 10 ديسمبر/ كانون الأول 2020، أعلنت واشنطن اعترافها بسيادة المغرب على إقليم الصحراء، واعتزام فتح قنصلية أميركية بمدينة الداخلة بالإقليم.

وفي 2007، اقترح المغرب حكما ذاتيا موسعا في الإقليم تحت سيادته، بينما تدعو جبهة "البوليساريو" إلى استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تستضيف لاجئين من الإقليم.

بوابة غرب إفريقيا

وأعلنت إدارة دونالد ترامب أنها ستبدأ في مساعدة الشركات الأميركية الراغبة في الاستثمار في الصحراء، وفاء بالوعد الذي قطع قبل خمس سنوات عندما اعترف الرئيس الأميركي لأول مرة بسيادة المغرب على هذا الإقليم.

وأعلن نائب وزير الخارجية كريستوفر لاندو عن هذا التغيير في السياسة، يوم 25 سبتمبر/ أيلول 2025، عقب اجتماع مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. 

مؤكدا أن الحكومة الفيدرالية ستكون قادرة من الآن فصاعدا على منح القروض والمساعدة في تقليل المخاطر المرتبطة باستثمارات الشركات الأميركية الخاصة، من خلال وكالات مثل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (DFC) وبنك التصدير والاستيراد الأميركي.

وكتب كريستوفر لاندو على منصة إكس: "لقد التقيت وزير الخارجية المغربي، السيد بوريطة، للاحتفال بشراكتنا الطويلة الأمد، ولبحث فرص تعزيز ازدهار بلدينا".

وأضاف: "سررت بالإعلان عن أننا سندعم الشركات الأميركية الراغبة في الاستثمار وإنشاء الأعمال التجارية في جميع أنحاء المغرب، بما في ذلك الصحراء الغربية".

أما المستشار الخاص لترامب لشؤون إفريقيا والعالم العربي، مسعد بولس، فقد عرض التداعيات خلال إيجاز صحفي مع ممثلي الصحافة الأجنبية في نيويورك، قبل أن يعقد اجتماعاته الخاصة مع ناصر بوريطة ونظيره الجزائري أحمد عطاف.

وقال مسعد بولس لمجلة "جون أفريك" الفرنسية: "نحن ندعم ونشجع ونؤيد بلا تحفظ الاستثمارات الأميركية في المغرب، في كامل المغرب، بما في ذلك الصحراء".

وأضاف: "ونحن نقدم دعمنا الكامل لتمويل هذه المشاريع".

من جهته، يرى بونيت تالوار، الذي شغل منصب السفير الأميركي في المغرب خلال رئاسة جو بايدن بين 2022 و2025، أن هذا التغيير إيجابي للولايات المتحدة. 

وصرح لـ "جون أفريك": "من الجيد أننا لا نضع الشركات الأميركية في وضع غير موات، بل ينبغي أن تحظى بفرص متكافئة، لا سيما في ظل الاهتمام الذي تبديه الصين ودول أخرى".

وفيما يخص مجالات الاستثمار المحتملة في الصحراء الغربية، أفاد التقرير بأن المغرب أطلق مشروعا ضخما بقيمة 1.2 مليار دولار لتحويل ميناء الداخلة -الذي كان خاملا في السابق- إلى بوابة نحو غرب إفريقيا، كما وافق على تخصيص مليارات إضافية لمشاريع الهيدروجين الأخضر. 

وتشارك الشركة الأميركية "أورتوس باور ريسورز - Ortus Power Resources" ضمن مشروع مشترك "أورنكس - ORNX" مع شركتي أكسيونا الإسبانية ونوردكس الألمانية لإنتاج الأمونيا، وهو عنصر أساسي في الأسمدة.

وحسب التقرير، لفت هذا المشروع انتباه منظمة مراقبة موارد الصحراء الغربية البلجيكية، التي كتبت في رسالة موجهة إلى "أورتوس باور" بتاريخ 10 أبريل/ نيسان 2025: “نظرا لأن المغرب ليست له أي سيادة ولا ولاية إدارية على الصحراء الغربية، فما هو الأساس القانوني الذي تستند إليه فكرة إنشاء شركات بموجب القانون المغربي لتنفيذ مشروع يقع خارج المغرب؟”

من جانب آخر، رأى بونيت تالوار أن "العرض المغربي في مجال الهيدروجين الأخضر يمثل فرصة هائلة".

وأضاف: "الصحراء الغربية أرض ثمينة للغاية من منظور الطاقة المتجددة، ولعل لديها أفضل مزيج بين طاقة الرياح والطاقة الشمسية في العالم".

مؤكدا أن "المغرب يسعى أيضا إلى تطوير السياحة وقطاعات أخرى في هذه المنطقة".

دوامة تاريخية

وادعى تالوار أن الاستثمارات الأميركية قد تكون بمثابة "نعمة" للسكان الصحراويين، وقال: "لا أعتقد أن ذلك يضر بالضرورة بالجهود المبذولة لإيجاد حل سياسي". 

وأضاف: "لا يمكننا أن نطلب من الصحراويين أن يظلوا عالقين في دوامة اقتصاديا. وأعتقد أن هذه المبادرة إذا طُبقت بشكل صحيح، فمن الممكن أن تكمل الحل السياسي".

وعقب التقرير: "في نهاية ولايته الأولى عام 2020، قدم ترامب للرباط انتصارا دبلوماسيا كبيرا، مكافأة لها على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل في إطار اتفاقات إبراهام". 

وأشار إلى أن "المغرب، بموجب القانون الدولي، يعد قوة احتلال في النصف الجنوبي من البلاد".

وتابع: "ومن مخيم اللاجئين في تندوف بالجزائر، تدعم الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، المعلنة من جانب واحد، إجراء استفتاء على الاستقلال للشعب الصحراوي الأصلي، وهو ما تعارضه الرباط". 

مشيرا إلى أن "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية تعد عضوا كاملا في الاتحاد الإفريقي".

وأردفت المجلة الفرنسية: "وبينما اعترفت إدارة ترامب الأولى بمطالب المغرب السيادية في ديسمبر 2020، فقد وعدت أيضا بتقديم حوافز للمساعدة في الدفع نحو تسوية سياسية تقوم على الحكم الذاتي  -وليس الاستقلال- للصحراويين".

وقال البيت الأبيض آنذاك: "وللمساعدة في تحقيق هذا الهدف، ستشجع الولايات المتحدة التنمية الاقتصادية والاجتماعية مع المغرب، بما في ذلك في إقليم الصحراء الغربية".

كما وعدت واشنطن بافتتاح قنصلية في إقليم الصحراء الغربية، بمدينة الداخلة، وذلك "من أجل تعزيز الفرص الاقتصادية والتجارية للمنطقة".

وأوضح التقرير أن "هذه السياسة ظلت معلقة بعد هزيمة ترامب في الانتخابات عام 2020، ورغم أن إدارة جو بايدن لم تلغها، لكنها لم تتخذ أي خطوات لدفعها قدما".

وذكر التقرير أن "هذا الجمود أضر بالشركات الأميركية، إذ سارعت دول أخرى للاستثمار في هذا الإقليم الغني بالموارد". 

مشيرا إلى أن فرنسا سارعت إلى اتخاذ خطوات عملية على الولايات المتحدة عام 2024، حيث أعلنت الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) نيتها استثمار 150 مليون يورو (167 مليون دولار) في الصحراء الغربية خلال الفترة 2025-2026. 

وأضاف: "كما بدأ الصينيون يبدون اهتماما بالمنطقة، رغم أن شركة صينية مصنعة لمواد بطاريات السيارات الكهربائية نفت وجود مشروع استثمار بقيمة 20 مليار دولار لبناء مصنع في الصحراء الغربية".

أما بالنسبة لأكبر داعم للجمهورية الصحراوية، أي الجزائر، فقد اعتبر تالوار أنها كانت تستعد منذ فترة طويلة للإعلان الأميركي الأخير. 

وقال: "لا أعتقد أن هذا سيفاجئ الكثيرين، ولا أرى أن له آثارا سلبية كبيرة. أعتقد أن القضية الأهم بالنسبة لهم كانت الاعتراف الأولي بسيادة المغرب في عام 2020".

وخلال مؤتمره الصحفي، بدا مسعد بولس وكأنه يستبق أي رد فعل سلبي، مسلطا الضوء على الاستثمارات الأميركية في الجزائر، قائلا: "لقد أعلنا أخيرا عن عقدين مهمين في الجزائر، مع إكسون موبيل وشيفرون تكساكو في مجال التكسير الهيدروليكي".

وأضاف: "كما أعلنا أيضا عن مشروع ضخم في القطاع الزراعي مع الجزائر".