الذكرى الثانية.. كيف زادت طوفان الأقصى وعي العالم بفلسطين وعزلت إسرائيل؟

شدوى الصلاح | منذ ٧ ساعات

12

طباعة

مشاركة

تحل اليوم الذكرى الثانية لعملية طوفان الأقصى التي أطلقتها حركة المقاومة الإسلامية حماس بالهجوم على مستوطنات غلاف غزة، وغيرت وجه الشرق الأوسط.

وأعادت العملية القضية الفلسطينية إلى الواجهة بعد محاولات لطمسها وتصفيتها وأدخلت إسرائيل في عزلة غير مسبوقة وزادت وعي شعوب العالم بحقيقة كيان الاحتلال.

وشكلت “طوفان الأقصى” شرارة اندلاع حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على غزة ثم تبعها قصف على لبنان واليمن، وعُدّت أكبر هجوم على إسرائيل منذ تأسيسها.

ومع انطلاقها، قال محمد الضيف، القائد العام لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس: "نعلن بدء طوفان الأقصى بضربة أولى استهدفت مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية للعدو". موضحا أن الضربة الأولى تجاوزت 5 آلاف صاروخ وقذيفة خلال أول 20 دقيقة من العملية.

ورأى الضيف أن طوفان الأقصى هو يوم المعركة الكبرى لإنهاء الاحتلال الأخير على سطح الأرض"، ودعا الفلسطينيين في الضفة الغربية وأراضي 48 للانضمام إلى هذه الحرب بكل ما يملكون من أسلحة نارية وأسلحة بيضاء وبالاحتجاجات والاعتصامات.

واخترق المقاومون الفلسطينيون خلال العملية السياج الحدودي لمستوطنات غلاف غزة وعبر وحدات الضفادع البشرية من البحر، إضافة إلى مظليين من فوج "الصقر" التابع لكتائب القسام.

وتأتي ذكرى طوفان الأقصى في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، مما أسفر حتى الآن عن استشهاد أكثر من 67 ألف فلسطيني، وإصابة ما يزيد على 169 ألفا آخرين، أغلبهم من النساء والأطفال، في ظل مجاعة خانقة أودت بحياة 460 مدنيًا بينهم 154 طفلا. بحسب بيانات رسمية فلسطينية.

وفي هذه الذكرى، أكدت فصائل المقاومة الفلسطينية، أن الحرب التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة تمثّل "أفظع حرب إبادة جماعية يشهدها التاريخ". مشددة على أن جيشه فشل بتحقيق أهدافه رغم مرور عامين على اندلاع هذه المعركة.

وقالت الفصائل: إن الاحتلال "برغم وحشيته وحجم الدمار والمجازر التي ارتكبها" لم يتمكن من القضاء على المقاومة أو كسر إرادة الشعب الفلسطيني. مؤكدة أن "الصمود الأسطوري الذي أبداه شعبنا في غزة كان بمثابة الصخرة التي تحطمت عليها كل مخططات العدو ومؤامراته".

وأضافت في بيانها أنه "بعد عامين على أفظع حرب إبادة يشهدها التاريخ فشل العدو وحلفاؤه في تحقيق أهدافهم المعلنة وأبرزها القضاء على المقاومة واستعادة الأسرى بالقوة".

وذكرت أن الطوفان الذي اندلع في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مثّل “تحولا تاريخيا في مسار الصراع مع الاحتلال، واستجابة طبيعية لجرائمه المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته”. مشيرة إلى أن "المعركة كشفت زيف الدعاية الصهيونية وأسقطت أسطورة جيشه المزعومة".

وأكدت المقاومة كذلك أن معركة طوفان الأقصى تعد "محطة تاريخية بمشروعها المقاوم واستجابة طبيعية لما يحاك من مخططات".

وتوجهت الفصائل بالتحية إلى "جبهات الإسناد في اليمن ولبنان والعراق وإيران". مشيدة بمواقفها الثابتة في دعم القضية الفلسطينية.

كما حيّت أرواح الشهداء القادة الذين "قدموا حياتهم دفاعا عن الأرض والكرامة" وفي مقدمتهم "قادة معركة الطوفان إسماعيل هنية ويحيى السنوار ومحمد الضيف" وعدد من نظرائهم في "محور المقاومة".

وجددت الفصائل تأكيدها أن "خيار المقاومة بكل أشكالها سيبقى السبيل الوحيد لمواجهة الاحتلال" مشددة على أن سلاحها حق مشروع كفلته القوانين والمواثيق الدولية، ولن يُسمح لأي جهة بالتنازل عنه.

وبينما تحل الذكرى الثانية لهجوم طوفان الأقصى، انطلقت مفاوضات جديدة بالقاهرة في 6 أكتوبر من أجل وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بموجب خطة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، دون أن تسفر عن نتائج حتى الآن.

وأحيا ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي ذكرى طوفان الأقصى بإعادة نشر الصور الأولى من العملية والتي توثق أسر جنود الاحتلال ومحاولتهم الهروب وما تعرضوا له من إذلال، وتبرز قوة وبأس المقاومين وقدرتهم على التفوق العسكري في ساحات القتال.

وأعربوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #7_أكتوبر، #طوفان_الأقصى، #السنوار، #الضيف، وغيرها، عن تضامنهم وفرحتهم بالمقاومة الفلسطينية وامتنانهم لإطلاق العملية البطولية، مستنكرين خذلان الأنظمة العربية لها.

وأثنى ناشطون على دور المقاومين وقادة المقاومة وذكروا بدور السنوار والضيف وغيرهم في إدارة المعركة أمام الاحتلال.

يوم تاريخي

وأشارت الصحفية منى العمري إلى أن دائرة الحرب ووحشيتها كلما اتسعت ووثق الزملاء الإبادة اتسعت دائرة المعرفة بها وبالقضية الفلسطينية. 

وأكدت أن الدم في غزة هو الذي صنع بركان الوعي العالمي الذي لا يزال يشتعل وينفث النيران التي أخذت طريقها ولا أحد يعلم أين ستصل، قائلة: إن "ما نعرفه جيدًا أنها رفعت سقف الخطاب عاليًا جدًا، أعلى بكثير مما كانت الحراكات الفلسطينية تستطيع رفعه قبل السابع من أكتوبر".

ولفتت إلى أن الشعوب أدركت "أننا في نظام دولي يسمح بارتكاب إبادة جماعية على الهواء، ولا يسمح حتى بالتضامن مع المظلومين، وإن إسرائيل التي تخفي المجزرة بالمجزرة دون قصد إخفائها، تستمر بالقتل وبالإفلات من العقاب، الأمر الذي ولَّد جرحا أخلاقيا غائرا في ضمير أصحاب الضمير".

وأكد المحلل السياسي ياسر الزعاترة، أن 7 أكتوبر يوما دخل التاريخ من أوسع أبوابه، موضحا أن في مثل هذا اليوم قبل عاميْن، انطلق الفتية الذي آمنوا بربِّهم، فزادهم هُدى، وأكرمهم بالعزيمة، يدكّون حصون عدوِّهم، ويكتبون أسوأ يوم بتاريخه، وأحد أعظم الأيام في تاريخ أمّتنا.

وأشار إلى أن 7 أكتوبر يوم ارتفعت فيه هامات الأحرار في كلّ مكان، ونكَّس عبيد "أوسلو" و"قبيلته"، ومَن على شاكلتهم من عبيد ومهزومين ومتصهْينين، رؤوسهم، ولم يفقد هذا اليوم بريقه إلا في عقول الفئة الأخيرة، ودائما عبر التباكي الكاذب على الشهداء والدمار.

وأضاف الزعاترة: لو كانت المقاومة وحروبها تُقيَّم عبر "إحصاء الجُثث"، كما هو التعبير العسكري المعروف، لما رحل مستعمرٌ ولا مُحتلٌّ في التاريخ، ولبقي البشر عبيدا في مزارع المستعمرين والطغاة إلى يوم الدين.

وأكد أن هذا تاريخ لن يكون ما بعده كما قبله، ومن يقرأ تجارب الشعوب التي هزمت مُستعمريها ومُحتلّي أرضها، سيدرك ذلك.

وقدم الصحفي فايد أبو شمالة، الشكر لكن من ساند غزة وساعدها وواساها وجبر خواطرها، قائلا: "أما من تآمر أو تواطأ أو تخاذل وطأطأ، فله الخزي والعار في الدنيا والآخرة".  

وأكد أن الحكاية لم تنته، ولن تنتهي لا بتهجير ولا تدمير ولا إبادة وتطهير، وإلا لانتهت قبل ثمانية عقود.

وقال أحمد الشوجة: إن ذكرى 7 أكتوبر عز وفخر لكل عربي ثائر حر.. وعار وهزيمة لكل الصهاينة، وانتصار المظلوم على الظالم، وتاريخ لن ينساه الصهاينة، وميلاد أمه وأحياء قضية ودوس على جماجم الصهاينة، وإفشال أكبر استخبارات عسكرية للاحتلال.

وأضاف أن 7 من أكتوبر كسر القيود، وبداية طوفان الأقصى واليوم الأسود لإسرائيل وبداية زوال الكيان الصهيوني.

وأشارت فايزة هنداوي إلى أن يوم طوفان الأقصى اليوم الذي غيّر وجه المنطقة، وصحيت فيه الأمة من سباتها الطويل، قائلة: "مع كل التقدير والحزن على دماء الشهداء في غزة.. لكن ما فيش انتصارات من غير تضحيات.. والشعوب ما بتتحررش إلا لما تدفع ثمن حريتها غالي".

وأكدت أن الطوفان خلق لحظة وعي جماعي، أعادت القضية للواجهة بعدما كانت شبه اختفت، خصوصًا عند الأجيال الجديدة التي تربّت على واقع عربي بارد ومتبلد تجاه فلسطين.

ولفتت إلى أن الناس عادت تشعر بالانتماء، وتنصر فلسطين من قلبها، وتشعر أن العدل ممكن يتحقق مهما طال الزمن.

ورأت هنداوي، أن من أعظم إنجازات الطوفان أنه عزل إسرائيل أخلاقيا وسياسيا، وجعل العالم يرى حقيقتها بدون أقنعة، ككيان استيطاني قائم على الإبادة والتهجير، مؤكدة أنه أعاد طرح القضية الفلسطينية في المحافل الدولية كقضية تحرر وعدالة، وليس صراع حدود أو نزاعا دينيا. 

وأكدت أن الطوفان كسر وهم "إسرائيل القوية" الذي صدّروه للعالم لعقود، وكشف هشاشة هذا الكيان القائم على الخوف والدعم الخارجي، لافتة إلى الهجرة العكسية للمستوطنين وشعورهم المتزايد بعدم الأمان، والانهيار في صورة "واحة الاستقرار" اللي كانت إسرائيل بتتفاخر بيها.

ولفتت هنداوي إلى أن الطوفان وجه ضربة عميقة لهوية الكيان، وضرب أسطورة "الشرق الأوسط الجديد" التي كانت تتبناها إسرائيل وحلفاؤها.

وقالت: "مهما حاولوا يشوّهوا الحقيقة أو يخفوا آثارها، فسيظل السابع من أكتوبر يومًا محفورًا في ذاكرة الأمة.. يوم صحينا فيه من الغفلة، وافتكرنا أن المقاومة فعل إيمان بالحياة والحرية".

وتوقعت الإعلامية منى حوا، أن ينهمك الساسة اليوم في توزيع الإدانات والبكاء الزائف في ذكرى السابع من أكتوبر؛ في حين أنّ الواقع يقول إن العالم كله تجاوز تلك اللحظة منذ زمن ودخل طورًا متمأسِسًا من العنف المطلق وبلا كوابح. 

وقالت: "اليوم نحن أمام إبادة منظّمة تُدار كسياسة دولية، تُمارس بوعيٍ وتواطؤ دولي كامل"، مضيفة أن عامين من القتل الجماعي بمعدلات صناعية، والعالم لا يكتفي بالصمت، بل يحتفي بالمجرم ويتباهى بانسحابه من منظومات العدالة". 

ولفتت حوا إلى أن قوى عظمى تُشارك علنًا في قمع ومطاردة كل صوتٍ يجرؤ على الرفض، من ردهات البرلمانات إلى الحرم الجامعيّ في تقويض ممنهج لحرية التعبير والتجمّع وتجريم لفكرة الاحتجاج. 

وأكدت أن ما يحدث في غزة اليوم ليس موجة جنون عابرة، بل تحوّل بنيويّ في أخلاق النظام الدولي؛ فيض من الوحشية المضبوطة يتحرك أمامنا كحقيقة ثابتة، لا كحادثة طارئة ولا خطأٍ عابر.

هشاشة المحتل

وإشادة بدورها وقدرتها على فضح هشاشة الاحتلال، قال عمرو عادل عطا الله: إن المقاومة حولت في ساعات معدودة يوم السابع من أكتوبر إلى صفحة مفصلية في تاريخ المواجهة مع إسرائيل. مؤكدا أن المعركة لم تكن مجرد وابل من الصواريخ، بل خريطة جديدة للصراع.

وأشار إلى أن المقاومة كشفت عن هشاشة إسرائيل غير مسبوقة أمام هجوم منسّق ومباغت، وبينما تتواصل المعارك، قائلا: "يبقى ذلك اليوم شاهدًا على تحول تاريخي في مسار القضية الفلسطينية".

وقال شريف علي الشريف: إن في فجر السابع من أكتوبر بزغ نور العزة من غزة، وارتفع راية النصر على أسوار التاريخ. كان طوفان الأقصى زلزالا هزّ كيان العدو وأيقظ الأمة من سباتها، معلنا أن فلسطين لم تمت وأن رجالها مازالوا على العهد.

وأكد أن طوفان الأقصى لم يكن مجرد عملية عسكرية، بل كان صرخة أمة ودمعة يتيمة، وسيفا مسلولا من قلب الأقصى ليقول للعالم: هنا شعب لا يعرف الانكسار.

وأشار الشريف إلى أنه في ساعات قليلة، سقطت أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر"، وانكشفت هشاشة المحتل أمام إرادة مقاتلين خرجوا من تحت الركام ليصنعوا المجد.

وبشر بأن طوفان الأقصى سيبقى علامة فارقة، يكتبها الأحرار في صفحات التاريخ، ويقرأها الأجيال القادمة بفخر: أن في غزة رجالاً جعلوا من المستحيل ممكناً، ومن الدم حياة، ومن المقاومة كرامة.

وأكد أسامة الفقه أن 7 أكتوبر.. طوفان الأقصى ليس حدثاً عابراً.. بل لحظة كشفت الأقنعة، وسقوط أوهام القوة، وتعرية الكيان أمام ضميره الميت والعالم الأعمى.

وقال: "خسروا كثيراً، نعم، لكنهم كسبوا ما هو أعظم: عادت فلسطين إلى الذاكرة، إلى العناوين، إلى الوعي.. من تحت الركام، نهض اسمها من جديد، ليذكر الجميع أن القضايا العادلة لا تموت، بل تبعث كلما ظنوا أنهم دفنوها!".

وقالت أسماء الرفاعي: إن 7 أكتوبر صنعه رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وهو بركان نار، وجحيم ضد المحتل، ونور يضيء طريق الأقصى.

وأشار يحيى العقيلي إلى مرور عامين على طوفان الأقصى المبارك، وعلى صبر وثبات غزة برجالها ونسائها ومقاومتها الباسلة، وعلى انتصاره في الحشد العالمي لقضية فلسطين، وعلى هزيمة ساحقة للصهيونية وعملائها، وعلى شروق أمل تحرير الأقصى.

دور القادة

وتسليطا للضوء على دور قادة المقاومة في يوم السابع من أكتوبر، أوضح المحلل السياسي ياسين عزالدين أن الطوفان عندما انطلق قبل عامين وجه الشهيد القائد محمد الضيف النداء للأمة من أجل الانضمام والمساهمة في تحرير فلسطين.

وأشار إلى أن التفاعل الشعبي العربي كان ضعيفًا جدًا وهذا متوقع في ظل أنظمة قمعية تعنيها مصلحة إسرائيل، إلا أنه بعد عامين بدأت الأمور تتغير ونرى بداية انكسار حاجز الخوف واليأس وانعدام الأمل.

وأضاف عزالدين أن التغيير ما زال بطيئًا وهناك حاجة لسرعة أكبر وعمل أكثر جرأة وتنظيمًا.

وأشار رحمي الزيات إلى أن السنوار والضيف ورجال المقاومة حاولوا تحرير غزة ولو عاد بهم الزمن ألف مرة لفعلوا واستشهدوا في سبيل الله، لكن الله يريد شيئا أعظم أن يحدث وسيحدث بإذن الله.

وكتبت ريم عدنان: "في الذكرى الثانية لمعركة طوفان الأقصى: رجال الله.. أبناء الياسين وهنية والسنوار والضيف والعاروري قهَروا الجيش "الذي لا يُقهر!".

وعرض محمد يوسف صورة شهيد الأمة وبطلها يحيى السنوار الذي مرّغ أنف اسرائيل وكلابها في التراب، داعيا الله أن يرحمه ويبارك في قادة المقاومة وأن يكتب لهم السداد والتوفيق.

وقال أحمد رامي الحوفي، إنه قبل المعركة حدد يحيي السنوار هدفه منها بدقة "إما أن نرغم العدو على الخضوع وتنفيذ المقررات الدولية، أو يتم حصاره وعزله، وإفشال اندماجه في المنطقة والعالم"، لذلك بمقياس تحقق الهدف من عدمه نجزم بأن النصر قد تحقق بالفعل.