البرغوثي: إسرائيل فقاعة صابون وغدا سنجد بدل السنوار ألف سنوار وبدل الضيف ألف ضيف (خاص)

"حذاء أصغر طفل في غزة الآن هو أقوى من الموقف العربي الرسمي تجاه القضية الفلسطينية"
أرجع المناضل الفلسطيني، أقدم أسير سابق في العالم، نائل البرغوثي، انسحاب الوفدين الأميركي والإسرائيلي من مفاوضات الدوحة إلى تخطيط لهجوم عسكري أشد من كل ما فات من الضربات، مشددا على أن المقاومة تتوقع ذلك.
وأضاف في حوار مع “الاستقلال”: “وقد يكون نوعا من الابتزاز وإعطاء المساحة للإعلام والحكومات المعادية للمقاومة للترويج لفكرة أنها ووفدها المفاوض هما المسؤولان عما يواجهه فلسطينيو غزة من مجاعة”.
وعن موقف الأنظمة العربية من إبادة غزة المتواصلة: قال البرغوثي إن “حذاء أصغر طفل في غزة الآن هو أقوى من الموقف العربي الرسمي تجاه القضية الفلسطينية".
وخاطب عميد الأسرى الفلسطينيين مصر قائلا: “هي المستهدفة في قادم الأيام وعلى الشعب المصري أن يدرك ذلك، إذا سقطت غزة فستزيد مسؤوليتكم أيها المصريون”.
وعن مستقبل القضية الفلسطينية، شدد على أن “الثمن الذي ندفعه باهظ وكبير ولكن سيخرج من بين هذه الأنقاض والإبادة جيل يرفع راية النصر ليس للفلسطينيين فقط بل لكل العرب والمسلمين”.
وأضاف: “إسرائيل فقاعة صابون غدا سنجد بدلا من السنوار ألف سنوار وبدل الضيف أيضا ألف ضيف”.
وبفضل طوفان الأقصى، وبعد أكثر من 4 عقود خلف القضبان، خرج البرغوثي (67 عاما)، عميد الأسرى الفلسطينيين، إلى الحرية في فبراير/ شباط 2025، محملا بسنوات من الصمود والمعاناة في سجون إسرائيل وهو من المبعدين خارج فلسطين.

السجن والمنفى
- شخصيا.. هل أثر السجن في تفكيركم ونظرتكم إلى الحياة؟ وكيف كان هذا الأثر؟
الدرس الأكبر الذي تعلمته من السجن وأسهم في تكوين نظرتي للحياة أن الإنسان الحر يجب أن يعيش بكرامة وعزة.
فقد عشت حياتي متوقعا واحدة من ثلاث: شهادة أو إعاقة أو أسر، وهذا لم يغير نظرتي للحياة بشكل عام، يجب أن نحيا حياتنا بشكل طبيعي لكن عندما نكون تحت الظلم أو الاحتلال لا نرضاه أبدا بل ونقاومه حتى ننتزع حريتنا واستقلالنا.
وهذا رأيي سواء كنت أسيرا أو غير أسير. فالحياة برأيي إما أعيش كريما وعزيزا أو أموت شهيدا وأسأل الله أن أنال الاثنتين معا.
- هلا تحدثنا عن إحساسك في المنفى ومدى معاناتكم بسبب البعد عن فلسطين على إثر تحريركم من سجون الاحتلال؟
نحن أُخرجنا من بلادنا وتم إبعادنا عنها ظلما وعدوانا لكننا نوافق على هذا الوضع الآن كي لا نكون حجر عثرة في أن يتخلص شعبنا من هذه الحرب الظالمة التي يشنها العدو الصهيوني على بلادنا.
وافقنا على الإبعاد على مضض وإن شاء الله نعود إلى بلادنا مرفوعي الرأس في يوم من الأيام. تحملنا للإبعاد شيء بسيط إلى جانب ما يقدمه الشعب الفلسطيني من تضحيات حتى تعود أرضه وتعود مقدساته إليه. ودائما ما أردد أن مرارة الوطن أفضل من حلاوة المنفى.

- العالم دائما ما يطالب بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى حماس.. هل نجحت إسرائيل في تصوير عدالة ما لقضيتها جعلت العالم ينسى الأسرى الفلسطينيين؟
هذا يحدث بسبب سيطرة الحركة الصهيونية على ألسنة وأقلام العديد من الجهات الإعلامية حول العالم، غرسوا لديهم أن حق الحرية هو فقط للصهيوني وإذا تم المس بشخص صهيوني في العالم فإن حريته مقدمة على كل شيء.
فدولة الاحتلال تأخذ منا الأسرى على مدار عقود من الزمان ويقتلوننا وينكلون بنا ومع ذلك مساحة الاهتمام حول العالم بنا كشعب محتل أو أبناؤه داخل السجون مساحة قليلة بالنسبة لما تتمتع به قضايا الصهاينة من اهتمام عالمي.
فهذه مسألة مرتبطة بالسيطرة الصهيونية على العقول وعلينا نحن كأمة مسؤولية كبيرة في مواجهة كل هذا.
وفي هذا الإطار أيضا أوضح أن قطاعا كبيرا من العالم ينافق الصهاينة وهم يعلمون أنهم ليسوا أصحاب حق، لماذا لا ينظرون إلى عشرات بل مئات الأطفال الذين يتم اعتقالهم وهم أطفال؟ لماذا لا يتحدثون عن نساء عاديات كل ما يردنه أن يكن حرائر ويتم اعتقالهن وإهانتهن! قطاع كبير من العالم منافق جدا مع الأسف.
هناك أسرى خلال العامين الماضيين استشهدوا داخل السجون وعددهم نحو 73 أسيرا، فضلا عن الذين أخفيت جثامينهم ولم يتحدث عنهم العدو، العدو يسرق جثث أسرانا بعد استشهادهم ويجري عليهم تجارب علمية في المختبرات والمشافي وسُرقت أعضاؤهم ولا أحد يتحدث عن الأمر، وقد كُتب عن هذا تقارير من قبل وتم تجاهلها.
- يُقال إن الأسرى القادة لهم وضع خاص في سجون الاحتلال فيما يخص التنكيل والتعذيب والعقوبات.. كيف يتعامل الاحتلال معهم؟
أحيانا يلجأ الاحتلال لمزيد من التنكيل بحق الأسير الرمز أمام باقي الأسرى حتى يكسر فيهم فكرة القدوة أو من أجل تحقيق مزيد من الإحباط والانهزام، لكن الأصل أن الاحتلال يرى كل الأسرى قادة، وكل من يريد تحرير أرضه هو رمز حتى وإن كان شبلاً.
- برأيكم.. من أين يستمد الأسير القوة التي تجعله يستمر في تحمُّل القمع والتنكيل؟
قناعة الأسير بأنه صاحب حق، وأن أي احتلال يجب أن يزول يوما، وأن يكون على علم بأن الاحتلال يريد أن يستخدمه كورقة ضغط على المقاومة وبأنه على ثغرة من ثغر تلك المواجهة التاريخية مع دولة احتلال ظالمة وغاشمة..
كل هذه الأمور وأمور أخرى تكون مثل الوقود الذي يستمر به الأسير في تحمل ما يلقاه على يد الاحتلال.
مرت علينا أوقات طويلة داخل السجون رفضنا فيها أن نكون ورقة ضغط على المقاومة، وصممنا على أن نكون مع المقاومة في كل خياراتها.

طوفان الأقصى
- كيف تلقيتم خبر عملية طوفان الأقصى داخل السجون؟
سمعته من المذياع وأنا في السجن ومن خلال شاشات تلفزيونية أيضا كان رد فعلنا أن هذا هو أملنا في إخواننا المقاومين أنهم لن يتركوا القضية ولن يتخلوا عنها وعنا في السجون، عندما سمعت أيقظت المسجونين وقلت لهم انهضوا وانظروا ماذا فعل إخوانكم.
كانت مشاهد مؤثرة جدا ومن اللحظات التي ملأت نفوسنا عزة داخل السجن. شعرنا أن هناك مجالا لحريتنا وأن هناك مجالا لانتصار قضيتنا وكنا نعلم أن العدو سينتقم ونحن أيضا نعلم أن تحرير الأرض له ثمن، أشد ما أدهشني مشهد الطائرة الشراعية التي استخدمتها المقاومة في الهجوم.
- لكن كيف تعاملتم مع ما حدث من تدمير وإبادة لأهل غزة بعد ذلك؟
قلتها من قبل وأكررها الثمن الذي ندفعه باهظ وكبير ولكن سيخرج من بين هذه الأنقاض والإبادة جيل يرفع راية النصر ليس للفلسطينيين فقط بل لكل العرب والمسلمين ولكل أصحاب العدالة في العالم.
المقاومة ليست عارا بل شيء نفتخر به وهذا ليس مجرد كلام أجوف، الذين ارتضوا التخلي عن المقاومة الآن نرى مصيرهم أنهم ساقطون من أعين كل الأحرار حول العالم وتحرير الأوطان ليس أمرا هينا ولا يليق إلا بالشرفاء وأصحاب المبادئ.
نحن لم نواجه عدونا أبدا ونحن متكافئون معه في القوة والإمكانات لكن المقاومة بكل المعايير التاريخية هي أمر طبيعي خصوصا المقاومة الفلسطينية أراها نموذجا ناجحا منذ أن احتلت أرضنا ونحن نقض مضاجع عدونا ولا نتركه يهنأ أبدا ولن نتركه.

- ما رأيكم في القول بأن عملية طوفان الأقصى كانت تهورا ومجازفة غير محسوبة العواقب؟
هذا الرأي مردود على أصحابه، المشكلة فقط في أن هؤلاء الذين ينتقدون المقاومة يرون أن المقاومة يجب أن تكون بنمط معين وبشكل معين، من الضعف والهدوء والوتيرة العادية، وطوفان الأقصى كانت عملا نوعيا، من حق كل الشعوب أن تقاوم بشتى أنواع المقاومة المشروعة التي أقرها القانون الدولي، والشعب الذي لا يقاوم من يحتل أرضه لا يستحق الاستقلال.
وهنا نتساءل: هل كانت الجزائر متسرعة ومتهورة في مقاومة الفرنسيين؟ وقد قدمت تضحيات تقدر بنحو ستة ملايين ونصف من الشهداء، وثورتهم الأخيرة من عام 54 إلى عام 62 قدمت مليونين ونصفا من الشهداء.
وفيتنام هل كانت المقاومة لديهم متهورة ولا تحسب العواقب؟
طوفان الأقصى محطة من محطات النضال الفلسطيني حتى تحرير فلسطين، وليس نهاية الصراع وقد يكون بداية التحرير الحقيقي، لأن أشكال المقاومة السابقة كانت رافدا بسيطا من روافد المقاومة ضد هذا الكيان المحتل.
طوفان الأقصى مثلت هزة قوية لدولة الاحتلال وكذلك للعقول العربية التي مالت نحو سلام غير متكافئ وغير عادل ووثقت في هذا الكيان وعقدت معه اتفاقيات مجانية ليست في صالح شعوبنا العربية والإسلامية.
من حق أي شخص أن ينتقد الطريقة التي تقاوم بها الشعوب لكن ليس من حقه أن يطعن المقاومة في ظهرها أو يتهمها أنها سبب خراب أو ضياع القضية.
الفعل المقاوم شرف لأي أحد ولأي شعب. معركة الشعب الفلسطيني هي معركته ومعركة الأمة كذلك. مصر مثلا في عام 56 هل كانت متهورة عندما قررت تأخذ حقها في قناة السويس؟ حتى وإن كان كذلك هل يلوم أحد عليها أن تأخذ حقها؟
بالعكس تكاتف معها كل عربي ضد العدوان ولم يوجه إليها سهام النقد دون طائل. هل كان العراقيون متهورين بما قدموه من تضحيات في مواجهة الاحتلال البريطاني في ثورة العشرين؟
أما إذا كان اللائمون على المقاومة يفعلون ذلك بسبب أن التضحيات كبيرة وأن شعبنا في غزة تعرض لإبادة كبيرة فهذا اللوم لا يوجه إلى المقاومة بل إلى العدو الغاشم الذي هو متعطش ليس فقط للدم الفلسطيني بل لدم أي إنسان حر يطالبه بالرحيل عن أراضي ومقدسات الغير.
اللوم هنا على من يساند الاحتلال تحت غطاء العقلانية ولا عقلانية في ذلك على الإطلاق.

مفاوضات الدوحة
- على وقع انسحاب الوفد الإسرائيلي والأميركي المفاوض من محادثات الدوحة.. هل تتوقع أن شيئا ما يُخطَّط له من وراء هذا الانسحاب؟
ربما يكون هذا الانسحاب وراءه تخطيط لهجوم عسكري أشد من كل ما فات من الضربات، وهذا المقاومة تتوقعه، وقد يكون نوعا من الابتزاز وإعطاء المساحة للإعلام والحكومات المعادية للمقاومة للترويج لفكرة أنَّ المقاومة ووفدها المفاوض هما المسؤولان عما يوجهه أهل غزة من مجاعة وإبادة وبالتالي يقدم الوفد تنازلات أخرى.
لذلك أقول إنه على كل حر في العالم سواء اتفق مع المقاومة على مستوى الأفكار أو اختلف أو حتى على مستوى العقيدة أن يكون مع المقاومة في هذه المسألة مسألة التفاوض، دعم الوفد المفاوض هو دعم لكل شريف أو حرّ في هذا العالم.
حتى إن كان لديكم تحفظات على المقاومة فيما يخصّ طوفان الأقصى أو المعركة بشكل عام لكن النداء الحقيقي كونوا مع المقاومة في هذا الموقف؛ لأنه يخدم كل أصحاب المبادئ.
- في حال نجحت إسرائيل في دفع المقاومة إلى الاستسلام بالفعل إنقاذا لأهل غزة.. كيف ترون مستقبل المقاومة فيما بعد؟
المقاومة قد تتعرَّض لخسائر أو ضغوطات أو انهزامات داخل المعركة لكن لا أظن أنها قد تصل لدرجة الاستسلام وأتمنى ألا يحدث ذلك.
حتى لو ذهب أي تنظيم من المشهد سيعود من هم أقوى منه هذا عهدنا بالشعب الفلسطيني.
المقاومة كفكرة لن تختفي أبدا، مَن سيختفي هم المتآمرون حتى لو وجدوا أنفسهم اليوم في زهوة أو مخدوعين باحتمالية غياب المقاومة هم الغائبون، هذا ظني وتوقعي.
- كيف ترى تجهيزات المقاومة لهجوم مثل طوفان الأقصى رغم الظروف الصعبة التي كان يعيشها القطاع من حصار وغيره؟
هنا نعود لاستغلال الفرص وحتى أنصاف الفرص، عندما نقرأ التاريخ نجد أن سفينة بريطانية مثلا أغرقت على سواحل خان يونس وكانت محملة بالذخائر، هنا المقاومة أحسنت استغلال تلك الثروة واستطاعت أن تستفيد منها ومن ذخائرها أيما استفادة، إعمال العقول ودراسة كيفية استغلال الفرص والقدرة على ذلك، استغلال الذخائر المتفجّرة وغير المتفجرة من مخلفات الكيان الصهيوني وكذلك الجهد الشخصي والمحلي والإبداع لدى المقاومة كل هذه أمور تتجاوز الظروف والصعاب ما دام هناك إيمان بالقضية والحق.
وقديما وحديثا قالوا الحاجة أم الاختراع، وهذا فيه تغلب على الظروف مهما كانت.

- أخيرا كانت ذكرى مرور عام على استشهاد القائد محمد الضيف.. كيف تستحضرون سيرته وانطباعاتكم عن خاتمة حياته؟
القائد محمد الضيف لن يكون ذكرى، هو حاضر؛ لأنه شخص استثنائي، أحرار العالم دائما يحتفون بمثل هذه النماذج العظيمة، محمد الضيف هو ثاني رئيس أركان لجيش أو مقاومة يستشهد في أرض المعركة بعد رئيس الأركان المصري العظيم عبد المنعم رياض.
محمد الضيف في هذا السياق يمثّل أيقونة براقة لتضحيات القادة من العرب والمسلمين.
واليسار العالمي تغنى بيجفارا الذي ضحى أيضا بنفسه من أجل مبادئه، واليوم أحرار العالم مسلمين وغير مسلمين يتغنون بمحمد الضيف وسيظهر أثره وأثر سيرته مع مرور الزمان، ذلك القائد الذي دوخ الاحتلال عشرات السنين.
محمد الضيف هو امتداد لنماذج كفاح عظيمة على المستوى التاريخي، مثل عبد الكريم خطابي في المغرب العربي، وعمر المختار وأحرار الجزائر أيضا، الضيف امتداد لمقاومة القسام، امتداد لكل فكرة مخلصة من أجل المبادئ في هذا العالم.
- في حرب الإبادة على غزة استشهد العديد من قادة الصف الأول.. كيف ترون أثر ذلك في أداء المقاومة ومستقبلها؟
هذا هو الانتصار الحقيقي للمقاومة، أنها تمثّل مؤسسة ولا تمثل عملا عشوائيا، القائد الذي يستشهد يأتي من بعده تلميذه على النهج نفسه والأداء نفسه والإمكانات نفسها، والمقاومة في ذلك تتدارك الأمر سريعا والحمد لله.
وهذا سر من أسرار صمود المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني، فهذه ثقافة عامة عند شعبنا، يجب أن نكون على قدر مساوٍ بل متفوق على الاحتلال في مسألة المؤسسية والقدرة على تجاوز الخسائر.
الاستثمار في الأجيال القادمة ثقافة داخل المقاومة بل تعمل المقاومة دائما على أن يكون الجيل القادم أعظم من الذي قبله.
ولنا في التاريخ مثل وعبرة، معركة مؤتة استشهد فيها القادة الواحد تلو الآخر وبعدها بست سنوات كان القادة يبدعون وينتصرون في معركة اليرموك. وغدا سنجد بدلا من السنوار ألف سنوار وبدل الضيف أيضا ألف ضيف. وهذا ليس فقط في المجال العسكري بل في شتى المجالات.
- كيف ترى الدعوات إلى نزع سلاح المقاومة؟
هؤلاء يظنون أن نزع سلاح المقاومة هو وسيلة لحل المشكلات مع الاحتلال وهذا أمر خاطئ، لا توجد مقاومة ترتضي بنزع سلاحها هكذا دون أن تسترد أرضها، وحتى إذا نجحوا في ذلك تحت وطأة الإبادة والقتل للمدنيين والأطفال والنساء فلن يكون ذلك نهاية للمقاومة.
ونتذكر أن خروج المقاومة من بيروت كان ميلادا للمقاومة في جنوب لبنان، وهذا ما ترتب عليه هزيمة كبيرة للعدو الصهيوني فيما بعد. المقصود أن فكرة المقاومة لا يمكن أن تموت والعدو سيجدها في طريقه أينما ذهب حتى يرفع يده عن أراضينا ومقدساتنا.

الأنظمة العربية والسلطة الفلسطينية
- كيف ترى الموقف العربي والإسلامي الرسمي مع تطور الأوضاع فيما يخص غزة حتى الآن؟
أقولها بكل وضوح حذاء أصغر طفل في غزة الآن هو أقوى من الموقف العربي الرسمي تجاه القضية الفلسطينية، الدول والأنظمة التي واكبت الاحتلال في خطابه السياسي والإعلامي لا تستحق شرف الدفاع والمقاومة.
ولِي عتب أيضا على الشعوب، لو رجعنا لعام 56 مثلا عندما أَمَّمت مصر قناة السويس خرجت المظاهرات ضد العدوان من المحيط إلى الخليج بلا أي تنسيق.
الكلّ وقف إلى جانب مصر، إذاعة دمشق قالت هنا القاهرة عندما قصفت إذاعة صوت العرب.
هذا شعور تلقائي يجب أن يكون لدى الشعوب، وفي هذا السياق أقول: إن مصر هي المستهدفة في قادم الأيام وعلى الشعب المصري أن يدرك ذلك، إذا سقطت غزة فستزيد مسؤوليتكم أيها المصريون، وهنا أخاطب الشعب، كونوا الرافعة الأساسية للأمة كلها فهذا قدركم.
أقول لكل حر وشريف في الجيش المصري الخطر فتذكروا قيمتكم العظيمة وقدركم المعهود بين مكونات الأمة، وأذكركم في عام 56 أيضا كان هناك مجموعة من الضباط السوريين يتلقون التدريب في مصر وعندما وقع العدوان على مصر خرجوا بزورق استشهادي ودمروا أكبر بارجة فرنسية ضمن البوارج المهاجمة لمصر. استعيدوا هذه الروح وكونوا جزءا فعلا من الأمة جمعاء. تضامنكم اليوم مع غزة هو تضامن مع أنفسكم قبل أي شيء.
- هل من رسالة توجهها إلى السلطة الفلسطينية حول أدائها السياسي منذ طوفان الأقصى وحتى اليوم؟
أنا أقول للسلطة من المفترض أنكم من مخرجات منظمة التحرير والمفترض أن تمثّلوا هذه المنظمة وتكونوا أمناء لعنوان اسمه منظمة التحرير، وأعني بذلك أن تسعوا للتحرير وليس للسلطة.
وإن لم تتمكنوا من تحرير فلسطين على الأقل كونوا في صف من يسعى لتحقيق هذا الهدف العظيم ولا تطعنوه من الخلف ولا تتساوقوا مع كل مشروع يخدم الاحتلال.
في حالة ضعف تمَّ توقيع اتفاقيات كانت شؤما على الشعب الفلسطيني بسببكم، لذلك أعتقد أن الشعب الفلسطيني سيقول كلمته الحقيقية في أول استحقاق انتخابي في صناديق نزيهة ليعلم كل طرف قيمته عند هذا الشعب العظيم.
وليعلم كل من قال نعم للاحتلال ونعم للاتفاق مع الاحتلال كيف يراه الشعب وكيف ينظر إليه.
- ما الرسالة التي توجهها الآن إلى الشعب الفلسطيني؟
أقول لهم كونوا خلف المقاومة ولا تتخلوا عنها، المقاومة هي شرف هذا الشعب وهي الوسيلة الأقوى والأنجع لاسترداد حقوقنا، لم نسمع عن شعب استرد أرضه دون أن يقاوم مهما كانت التضحيات.
المقاومة هي التي تحقق الوحدة بين أطياف المجتمع الفلسطيني كافة، وليس الاستسلام والتنازلات المتتالية، الاحتلال ليس له مشروعية على أراضينا ومن يعترف بذلك فهو مِعْول هدم في جدار قضيتنا العادلة. فكونوا خلف المقاومة ولا تتخلوا عنها. وعلينا جميعا أن نفهم أن المقاومة ليست فقط في غزة وإن كانت هي بؤرة الصراع والدافعة لأكبر ثمن.
الشعب الفلسطيني أينما كان على أراضيه تجد لديه المقاومة والأيادي والجنود المقاومين الذين يؤرقون الاحتلال دائما.
- كيف ترى المنهج التوسعي الذي تنتهجه إسرائيل في الفترة الأخيرة من خلال الإبادة في غزة وضم الضفة والاعتداء على سوريا؟
الحقيقة لي رأي في ذلك، هذا العدو المتغطرس هو فقاعة كفقاعة الصابون وربما يختلف معي البعض، لكن السنن الكونية تقول: إن المحتلين فعلا يتوسعون ويحققون معظم أهدافهم لكن يظل الرهان الحقيقي على عدالة قضية أصحاب الأرض، من يرى العدو بعين المقاومة سيراه كذلك وهذا هو ما يشعل جذوة المقاومة داخلنا، ومن يرى العدو بلون واحد أنه الأقوى والمسيطر وأن كل العوامل في صالحه بالتالي يجب أن نستسلم له فرؤيته قاصرة وسيعلم ذلك مع مرور الزمن. وضرب الأمثلة على ذلك سهل ومتاح تاريخيا.