التنافس بين روسيا والغرب.. كيف أسهم في تعزيز دور المرتزقة غرب إفريقيا؟

منذ ٥ أشهر

12

طباعة

مشاركة

في السنوات الأخيرة، أصبحت دول غرب إفريقيا تعاني من تسارع في عدم الاستقرار بالتزامن مع الصعوبات الاقتصادية بسبب زيادة فعالية التنظيمات والجماعات المسلحة. 

ونشرت صحيفة "ستار" التركية مقالا للكاتب، رجب يغيت، أوضح فيه أن “هذا الوضع قد جعل دول المنطقة، وعلى رأسها مالي وبوركينا فاسو والنيجر، عرضة لتدخل وتأثير الفاعلين الخارجيين”. 

وأضاف الكاتب التركي أنه “بالتوازي مع ذلك، ظهرت مشكلات كبيرة في قدرة دول المنطقة على التصدي للتهديد الإرهابي المتزايد”.

انفصال عن فرنسا

وقال يغيت إنه “انطلاقا من هذه التطورات سعت روسيا إلى توسيع نفوذها في غرب إفريقيا لتصبح قوة إقليمية”. 

وذكر أن موسكو “استخدمت مرتزقة فاغنر بفعالية، مستغلة الفراغ الأمني المتزايد، حيث لعبت ومازالت تلعب دورا رئيسا في المناطق التي تعجز فيها قوات حكومات مالي وبوركينا فاسو والنيجر عن تحقيق الاستقرار”. 

ولفت إلى أن “هذا الوضع قد أدى إلى تغييرات كبيرة في الديناميكيات الأمنية المحلية، وجعل مشاكل المنطقة أكثر عرضة لتدخل الفاعلين العالميين”.

واستدرك يغيت: “تزايدت قوة فاغنر في غرب إفريقيا بعد أن قامت الحكومات العسكرية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر بقطع علاقاتها مع فرنسا ودول غربية أخرى”. 

وقد أسفرت "عملية برخان" التي أطلقتها باريس عام 2013 عن موجة مناهضة لفرنسا في الدول المجاورة التي كانت مستعمرات سابقة لها، مما دفع الحكومات المحلية وسكان المنطقة للتقارب مع روسيا. 

وقال يغيت: "من هذا المنطلق، لم تقتصر أنشطة روسيا من خلال فاغنر على مكافحة الإرهاب فقط، بل قدمت نفسها كحليف مناهض للاستعمار" في مواجهة الإمبريالية الغربية، وهو ما يتوافق مع تصاعد العداء تجاه فرنسا والدول الغربية". 

ونتيجة لذلك، أصبحت دول المنطقة تعد دعم فاغنر "بديلا أكثر موثوقية مقارنة بالقوى الغربية".

وأضاف: "رغم أن فاغنر أصبحت فاعلا مهما لتلبية احتياجات الأمن للحكومات في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، إلا أنه لوحظ في العمليات الأخيرة التي نفذتها استهدافها للمدنيين". 

وأوضح أن “الصور المتداولة من المنطقة تظهر أن مجموعة فاغنر استهدفت المدنيين بشكل عشوائي في مالي، وشاركت في انتهاكات حقوق الإنسان مثل الاستغلال الجنسي والتهجير قسرا”. 

وفي منطقة تمبكتو على الحدود الجزائرية في مالي، أسفرت العمليات ضد الطوارق عن العديد من الضحايا المدنيين. 

كما أن العمليات التي نفذتها فاغنر في المناطق الغنية بالموارد الطبيعية تسببت في قلق بين سكان المنطقة.

وتابع: “أدى تزايد الخسائر البشرية وزيادة نشاط الجماعات شبه العسكرية وضعف سلطة الدولة إلى تغييرات كبيرة في التوازنات الأمنية في المنطقة، وخصوصا في المناطق الريفية والحدودية”.

فقد أدى تزايد الانتهاكات ضد المدنيين إلى معارضة محلية ضد فاغنر، التي كانت قد ظهرت في البداية كبديل أكثر موثوقية مقارنة بالقوى الغربية. 

زيادة المنافسة

وقال يغيت: “بعد وفاة قائد فاغنر يفيغني بريغوجين عام 2023، أصبحت عمليات المجموعة في إفريقيا تحت إشراف جهاز الاستخبارات العسكرية الروسي التابع لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة”. 

ورأى أن “هذه الهيكلة الجديدة تعني أن الحكومة الروسية تستطيع من خلال فاغنر مواصلة أنشطتها في المنطقة لضمان مصالحها الإستراتيجية والاقتصادية”. 

ولفت إلى أن “فاغنر، التي تقدم الدعم الأمني نيابة عن موسكو في غرب إفريقيا، تعمل على تعزيز نفوذ روسيا في المنطقة من خلال ضمان الوصول للموارد الطبيعية وحمايتها. ويعد هذا التكتيك الروسي خطوة لموازنة نفوذ الدول الغربية في المنطقة”.

من جهة أخرى، تواصل الدول الغربية زيادة المساعدات العسكرية لدول خليج غينيا في محاولة لمواجهة تزايد عدم الاستقرار في منطقة الساحل والحد من توسع تأثير مجموعة فاغنر. 

ويشمل هذا الدعم، التدريبات العسكرية وتقديم الدعم الاستخباراتي والمساعدات اللوجستية، وكل هذا يهدف إلى تعزيز قدرات هذه الدول في مواجهة التحديات الأمنية المتنامية وضمان استقرار المنطقة في ظل التنافس على النفوذ، خصوصا للدول ذات الأهمية الإستراتيجية مثل بنين وكوت ديفوار.

علاوة على ذلك، فإن هذه الدول توسع وجودها العسكري في خليج غينيا لتعزيز التعاون في مجالات أمن البحر ومكافحة الإرهاب، بحسب الكاتب التركي.

وتهدف هذه الخطوات إلى إظهار سيطرة القوى الغربية على المنطقة، فضلا عن كونها وسيلة لتحقيق توازن ضد النفوذ المتزايد لروسيا.

ومع ذلك، فإن هذه البيئة المعقدة التي تضم العديد من الأطراف تسهم في تعقيد الديناميكيات الأمنية في منطقة الساحل، وتزيد من حدة عدم الاستقرار السياسي. 

كما أن تصاعد النزاعات الإقليمية يضعف الاستقرار السياسي والاقتصادي للدول، مما يؤدي إلى زيادة انضمام السكان المحليين إلى الجماعات المحلية مثل القاعدة بهدف تأمين أنفسهم. 

وختم يغيت بالقول: “في الوقت ذاته، تشير هذه التطورات إلى أن المنطقة قد تكون في المستقبل مسرحا لصراع أوسع بين القوى الغربية والروسية، ومن المرجح أن تكون سواحل خليج غينيا هي الساحة لهذا الصراع”.