حروب وهجرة ومناخ.. صحيفة إسبانية: ولاية ترامب الثانية محاطة بألغاز كبيرة
"ولاية ترامب الثانية تنطوي على تحديات كبيرة على ضفتي الأطلسي ولا تزال محاطة بألغاز كبيرة"
يعيش العالم على وقع اختبار حاسم للمناخ الذي نتج عن التغيير الجذري في المسار العالمي بعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لقيادة القوة العالمية الأولى.
وتزامنا مع انعقاد قمة العشرين في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، قالت صحيفة الباييس الإسبانية إن الانتصار الساحق الذي حققه ترامب قد أحدث هزة قوية في أفق الساحة العالمية.
وتضاعف عودة ترامب إلى البيت الأبيض بدءا من 20 يناير/ كانون الثاني 2025، مع هيمنة واضحة على مجلس الشيوخ ومجلس النواب، الشكوك في أسس العلاقات الدولية، وتغذي المخاوف حول الدور الذي ستلعبه واشنطن في التوازنات الجيوسياسية خلال السنوات الأربع المقبلة.
هزة قوية
وعلى هذا النحو، أصبح ترامب عنصرا محوريا في قمة مجموعة العشرين، على الرغم من عدم حضوره شخصيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن اجتماع الاقتصادات الرئيسة في العالم هو أول اختبار رئيس للبيئة الناتجة عن التغيير الوشيك والجذري لمسار الولايات المتحدة.
ومع تزايد الهجمات والوفيات يوميا بسبب الحروب في أوكرانيا وغزة ولبنان، وفي وقت تتصاعد فيه التوترات التجارية الغربية مع الصين ويراقب فيه حلف شمال الأطلسي الأوضاع بنوع من القلق؛ تنتشر المخاوف في كل من أوروبا وأميركا اللاتينية.
ومن الجدير بالذكر أن مكافحة تغير المناخ ستعاني من تأثير هائل مع انسحاب الولايات المتحدة وهي ثاني أكبر دولة تنبعث منها الغازات الملوثة من المفاوضات والمناقشات.
وقبيل هذه القمة، زار الرئيس الأميركي المنتهية ولايته بايدن منطقة الأمازون البرازيلية، حيث أعلن عن تخصيص 50 مليون دولار للحفاظ على أكبر غابة استوائية في العالم.
من جانب آخر، ومثلما حدث في 2023 في قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، غاب فلاديمير بوتين، في ظل مواجهته مذكرة اعتقال دولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.
عودة البرازيل
وفي السياق، نقلت الصحيفة الإسبانية أن استضافة زعماء مجموعة العشرين في ريو يشكل علامة فارقة في عودة البرازيل إلى مركز الساحة الدولية.
وتعد هذه المناسبة الدولية قضية ذات أولوية بالنسبة للمضيف، لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، بعد العزلة الدبلوماسية التي شهدتها سنوات بولسونارو.
كما استغل الرئيس البرازيلي مداخلته لإدانة الحرب في غزة وتوجيه نداء من أجل السلام. وشدد على أن "الحديث عن إصلاح الحكم يعني أيضا نبذ الدمار الذي خلفته الحروب".
وقال: "لقد شهد قطاع غزة، وهو أحد أقدم المستوطنات الحضرية في البشرية، تدمير ثلثي أراضيه بسبب القصف العشوائي. لن يكون هناك سلام في المدن إذا لم يكن هناك سلام في العالم".
وأضيفت إلى هذه الرسالة كلمات الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الذي دعا إلى "وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، واحترام القانون الدولي في أوكرانيا، وإنهاء العنف في السودان، ومضاعفة التزامه بالتعددية ومناهضة العنف، ونبذ التوجهات الانعزالية مثل تلك التي يتبناها الرئيس المنتخب للولايات المتحدة".
تحديات كبرى
ونقلت الصحيفة أن المرحلة الجديدة التي تفتتح ولاية ترامب الثانية تنطوي على تحديات كبيرة على ضفتي الأطلسي ولا تزال محاطة بألغاز كبيرة، لكن الإشارات التي أرسلها الجمهوري بعد فوزه تعطي بعض المؤشرات حول نطاق المنعطف المقبل.
فمن ناحية، تحيل وعود حملته الانتخابية إلى أن مرحلة الترحيل الجماعي للمهاجرين أمر لا مفر منه، وأن فرض رسوم جمركية بنسبة 60 بالمائة على الواردات من الصين، ودعم قوي لإسرائيل، والخروج من اتفاق باريس للمناخ، وممارسة أقصى قدر من الضغط على إيران؛ ستكون من أسس السياسة الأميركية خلال الولاية القادمة.
من ناحية أخرى، كشفت التعيينات المتوقعة لحكومة ترامب، على سبيل المثال، عن بعض المواقف المحتملة لإدارته بشأن السياسة الخارجية.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزير الخارجية المستقبلي، ماركو روبيو، البالغ من العمر 53 عاما، يعرف بموقف صارم للغاية تجاه بكين، كما أنه مؤيد لإسرائيل بشكل ملحوظ، ومعارض للمساعدات العسكرية لأوكرانيا.
وقد أثار تعيينه الكثير من التكهنات في أميركا اللاتينية، خاصة في القطاعات الأكثر تطرفا في المعارضة الفنزويلية والكوبية وحتى في نيكاراغوا، التي تطالب بمزيد من القوة ضد حكومات ميغيل دياز كانيل ونيكولاس مادورو ودانييل أورتيجا.
وتجدر الإشارة إلى أن روبيو، وهو ابن مهاجرين كوبيين ويتحدث الإسبانية بطلاقة، هو أول لاتيني يتولى المنصب.
ومع ذلك، يجب أن تتمركز إحدى أولوياته على تطبيق أجندة ترامب الصارمة للهجرة بقيادة كريستي نويم، وزيرة الأمن الداخلي المعينة، وإدارة تأثيرها على البلدان المتضررة.
ومن المتوقع أن تكون تداعيات عودة ترامب إلى السلطة محسوسة بشكل مكثف وبشكل خاص في دول مثل أوكرانيا أو المكسيك.
وفي البلد الأول، هدد ترامب بقطع حنفية المساعدات العسكرية الأميركية الهائلة لمواجهة الغزو الروسي.
وفي الدولة الثانية، توعّد ترامب بطرد الملايين من المهاجرين، وفرض تعريفات جمركية قاسية إذا لم تمتثل الحكومة المكسيكية لبرنامج ترامب للهجرة، وقصف المصانع التي ينتج فيها تجار المخدرات الفنتانيل.
كما أعلن عن نيته عدم التورط في حروب كبرى، فهو يريد تكريس الجيش لمهمة النفي الكبرى التي وعد بها. وقد عيّن مذيعا أميركيا وأحد المخضرمين في الحروب لقيادة أكبر جيش في العالم وصاحب أكبر ميزانية عسكرية.
وعلى نقيض الأجواء التي أعقبت فوز ترامب غير المتوقع في سنة 2016، أصبحت وزارات الخارجية في مختلف أنحاء العالم تعرف الآن، بشكل أفضل، ما يمكن توقعه.
لكن رجل الأعمال معروف بأنه مندفع، فهو شخص يسمح لنفسه بالتأثر والخضوع لتقلبات ملحوظة. وفي هذه الولاية المقبلة، يرافقه أغنى رجل في العالم، إيلون ماسك، الذي له مصالح في قطاعات لا حصر لها من الاقتصاد.