رغم ضخامة ترسانته.. لماذا لا تستهدف صواريخ حزب الله "كامل إسرائيل"؟

3 hours ago

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع عبري الضوء على أسباب عدم استخدام حزب الله اللبناني، ترسانته الصاروخية القوية في المواجهة مع إسرائيل، رغم تصاعدها وخروجها عن السيطرة حتى وصلت إلى اغتيال أغلب أبرز قادته.

وأشار موقع “كالكاليست” إلى أن حزب الله كان يمتلك حوالي 150 ألف صاروخ وقذيفة، مع قدرات تشغيل متعددة تتراوح بين التهديد المباشر والقصف الواسع.

ويزعم الموقع العبري أن جيش الاحتلال الإسرائيلي نجح في تدمير ما يقرب من 70 بالمئة من ترسانة الصواريخ لحزب الله عبر ضربات جوية مركزة.

وفي هذا الإطار، يعزو تقييد استخدام الحزب لإطلاق الصواريخ إلى عدة عوامل، من بينها تركيزه على البقاء في اللعبة السياسية والعسكرية من خلال استخدام محدود لقوته، معتمدا على إثارة الخوف أكثر من تحقيق ضرر كبير لإسرائيل.

تدمير القدرة العسكرية

وبين الموقع أن إيران تحول لحزب الله -على مدار 40 عاما- الأموال والذهب والموارد والأسلحة، إلى جانب دعم ثابت بقيمة 100 مليون دولار سنويا. 

وتابع: "في عام 2018، تضخم الدعم ليصل إلى 700 مليون دولار سنويا، وهو مبلغ انضم إلى عائدات الضرائب والأعمال التجارية المحلية والخارجية، بالإضافة إلى تجارة واسعة بالأسلحة والمخدرات والإلكترونيات المسروقة".

وهذه الأموال “ساعدت في بناء جيش حزب الله وتمويل الأنفاق والمعدات، وبالأخص شراء الكثير من الصواريخ”.

 ووفقا للتقديرات، يذكر الموقع أن حزب الله كان يمتلك حوالي 150 ألف صاروخ وقذيفة. 

“وهذه القوة النارية، مع أخلاقيات وأدبيات شيعية تشبه سمك القرش الجائع، جعلت حزب الله مصدر رعب لدول المنطقة”. 

وفي هذا السياق، يعود الموقع الإسرائيلي إلى عام 2023 متسائلا: "هل تتذكرون كيف ترددنا عندما نصب العدو خيمتين بائستين على بعد مترين فقط من الحدود؟".

ويتابع قائلا: "بسبب هذا التردد، شعر (الأمين العام السابق لحزب الله حسن) نصر الله براحة كبيرة للانخراط في الحرب التي بدأتها (حركة المقاومة الإسلامية) حماس بغزة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، معتقدا أنه لن يشعر بالثقل الكامل لضغط الجيش الإسرائيلي".

وفي هذه النقطة، يلفت "كالكاليست" العبري أن "نصر الله (الذي اغتالته إسرائيل خلال العدوان المستمر) كان لديه سبب وجيه لهذا الشعور".

وأردف: "فعلى مدار سنوات طويلة، أهملت حكومات إسرائيل تحصين المناطق الشمالية، مما دفع زعيم حزب الله إلى الافتراض بأنها لن تقدم على اجتياح أو تخاطر بالتصعيد، لا سيما في ظل قدرة حزبه على توجيه ضربات نارية هائلة".

"إذ يمكن لعشرة آلاف صاروخ تسقط على إحدى البلدات أن تقتل بسهولة مئات، بل وحتى آلاف الإسرائيليين"، بحسب ما ورد عن الموقع.

ثم جاء يوم 17 سبتمبر/ أيلول 2024، وفي غضون أسبوعين، قُضي تماما على قيادات التنظيم وفُجرت البنى التحتية لحزب الله، بالإضافة إلى ضغط ناري هائل -على شكل مئات الطائرات الحربية- اخترق لبنان، وفق تعبيره.

علاوة على ذلك، يزعم الموقع العبري أنه "من أصل 150 ألف صاروخ، بالكاد تبقى الربع".

وهو ما يثير سؤالين: “لماذا لم يطلق حزب الله آلاف الصواريخ دفعة واحدة؟ وهل هو قادر على فعل ذلك الآن إذا قرر أن الوقت قد حان؟”.

الدرع الواقي لإيران

وللإجابة على هذين السؤالين، يبدأ الموقع العبري بتوضيح "كيف يبدو نظام الصواريخ لدى العدو وكيف يعمل وكيف تستفيد إسرائيل من ذلك". 

وهنا، يلفت إلى أن "حزب الله في لبنان بنى كامل قوته حول المدفعية، بحيث أصبح يعتمد عليها في كل خطوة".

وأشار إلى أن “معظم القوة تعتمد على صواريخ متوسطة المدى من عائلة غراد (حتى 40 كيلومترا)، إلى جانب عشرات الآلاف من الصواريخ بعيدة المدى مثل ”فجر 5" الإيرانية والـ "M302" السورية (100 كيلومتر)".

بالإضافة إلى أكثر من ألف صاروخ باليستي مثل "فاتح 110"، والمعروفة بـ "الصواريخ الدقيقة لحزب الله"، إذ تصل إلى كل زاوية في البلاد. وتكتمل الصورة بالصواريخ قصيرة المدى من عائلتي "بركان" و"فلاك".

وبالحديث عن كيفية إطلاق الصواريخ، يفيد الموقع العبري بأن "بعض منصات الإطلاق أُخفيت في قواعد تحت الأرض أو حُفرت في مخابئ موزعة في المنطقة، ولكن الغالبية العظمى منها كانت متنقلة على عجلات.

على سبيل المثال، شاحنات وسيارات (بيك أب) مزودة بمنصات لإطلاق الصواريخ، يمكن بسهولة إخفاؤها ونقلها من قرية إلى أخرى عند الحاجة".

وفي هذه النقطة، يبرز الموقع أن "الفكرة من استخدام العجلات هي تصعيب تتبع الجيش الإسرائيلي لمواقعها وفهم مكان وجودها".

إذ يمكن لشاحنة تحمل صواريخ أن تخرج من مرآب وتطلق 40 صاروخا، ثم تختفي في غضون دقيقتين.

وبحسب ما ذكره الموقع، فإن كل هذا النظام الناري عمل بأربعة أوضاع تشغيل محتملة.

الأول هو وضع الاستنزاف، حيث تُطلق النار على مستوطنات الخط الشمالي وما بعده، بهدف التخويف والإزعاج. 

أما الوضع الثاني فهو الهجوم، حيث تخرج قوات "الرضوان" التابعة لحزب الله لتنفيذ العملية الكبرى التي خطط لها نصر الله، وتقتحم المستوطنات والقواعد، مما يتطلب تغطية نارية كثيفة بصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى. أما الثالث فهو وضع الدفاع، ردا على غزو إسرائيلي للبنان.

ويوضح الموقع العبري أنه "حتى في هذا السيناريو ستُطلق العديد من الصواريخ، ولكن بشكل أقل نحو الأهداف المخطط لها مسبقا، وأكثر نحو مناطق التجمع والمعركة".

أما فيما يخص الوضع الرابع والأخير، ففي حالة حدوث تحالف عربي-غربي يهدد بغزو إيران، فإن حزب الله ببساطة سيطلق كل ما لديه على كامل إسرائيل (الأراضي الفلسطينية المحتلة).

وفي هذا الصدد، يزعم موقع "كالكاليست" أن "حزب الله لم يُؤسس عبثا من قبل (المرشد الإيراني السابق) الخميني، بل وُلد ليعمل حارسا شخصيا لإيران، وإذا لزم الأمر يصبح درعا واقيا".

واقع صادم

وللإجابة عن سؤال: "كيف نجحت إسرائيل في تحطيم صواريخه؟"، يوضح الموقع أنه "في الأصل، كان حزب الله يستعد لقتال طويل جدا، سينقل خلاله المزيد من الصواريخ من مخازن الأسلحة إلى منصات الإطلاق المتنقلة غير المعروف مكانها". 

ويتابع الموقع قائلا: “بعد ذلك ستتم الإمدادات بواسطة أسطول ضخم من الشاحنات والبيك أب التي لن يتمكن الجيش الإسرائيلي من إيقافها”.

وفي سيناريو قتال كامل، سيكتظ لبنان بالمواطنين الفارين، ومن الأعلى ستبدو جميع الشاحنات متشابهة. 

وفي هذه الحالة، إذا هاجم الجيش الإسرائيلي دون تمييز، فسيقتل اللاجئين وسيقف العالم كعائق أمام الهجوم الإسرائيلي في أي لحظة، وفق تعبيره.

علاوة على ذلك، يلفت الموقع إلى أن "منصات إطلاق الصواريخ نفسها ليست صعبة التمويه".

إذ يكفي تغطية الجزء الخلفي من الشاحنة، وهو ما يضمن عدم معرفة ما إذا كانت مدنية أم هي منصة إطلاق "BM21" بها العشرات من الصواريخ.

ولكن بالعودة إلى الواقع، يقول إن "ما لم يكن حزب الله يعرفه هو أن ضباط المخابرات في وحدة الاستخبارات العسكرية وفي قيادة الشمال تمكنوا من اكتشاف مواقع مستودعات الذخيرة الأمامية في جنوب لبنان". 

وأردف: "ثم صعدت طائرات سلاح الجو إلى السماء وألقت قنابل على هذه المستودعات قبل أن يبدأ الهجوم الواسع للجيش الإسرائيلي، لمدة شهور طويلة". 

وتابع: "ولأنه لم يكن يعرف متى سيبدأ الغزو الإسرائيلي، اضطر الحزب إلى فتح مستودعات الذخيرة في المدن وفي وسط البلاد وقيادة الصواريخ منها إلى الجبهة بأسرع ما يمكن".

ومن جانب آخر، يدعي موقع "كالكاليست" أنه "على عكس ما كان يعتقد حزب الله، كان من السهل جدا على الجيش الإسرائيلي التمييز بين شاحنات الفارين اللبنانيين وشاحنات الصواريخ؛ إذ كانت الوحيدة التي كانت تسير نحو مناطق الإطلاق، ولم تفر تقريبا إلى أي اتجاه آخر".

وفي هذا الإطار، يزعم أن "الضربات الذكية التي وجهها سلاح الجو دمرت تماما البنية اللوجستية لحزب الله، الذي عجز عن إحضار الصواريخ إلى منصات الإطلاق". 

وحسب مزاعمه، "أدت محاولات الارتجال والتعامل مع هذه المفاجأة إلى الكثير من الضوضاء الاستخباراتية، مما ساعد في الكشف عن مستودعات الأسلحة، والتي دُمرت بسرعة من البقاع إلى قلب بيروت".

تخويف وتشتيت

وكرد فعل على الغزو الإسرائيلي للبنية التحتية له، يتساءل الموقع: “لماذا لا يرد حزب الله على النيران؟ لماذا لا يدافع عن لبنان بالضربات المدفعية كما كُلف بحماية إيران؟”

ويوضح الموقع أن هناك سببين مثيرين للاهتمام يمنعانه من فعل ذلك، يتمثل الأول في أن "حزب الله، رغم التصريحات والأصوات العالية، لا يهتم حقا بلبنان"، وفق زعمه. 

ويفصل قائلا: "كلما انهارت هذه الدولة المدمرة أكثر، أصبحت أكثر اعتمادا على رأس المال الأجنبي في مرحلة إعادة إعمارها". 

وأضاف أن "الإيرانيين سيتمكنون بشكل ما من استغلال الوضع لضخ رأس المال المتاح وتعزيز قوتهم السياسية على الأرض وبناء لبنان ليصبح معتمدا عليهم مثل سوريا المجاورة".

وأما فيما يخص السبب الثاني، يقول الموقع إن “إستراتيجية الحزب الحالية تركز على الحفاظ على مستوى منخفض من التصعيد”.

 إذ إن التركيز ليس على إلحاق أقصى ضرر بالمدن والمعسكرات العسكرية، بل على تخويف إسرائيل.

فإطلاق 20 صاروخا من 10 منصات إطلاق على مستوطنات مختلفة، مع صافرات إنذار في مناطق واسعة وإحساس بأن الشمال كله يتعرض للهجوم، أو أن البلاد كلها تحت النار، "قادر على أن يرهب الجمهور الإسرائيلي".

ومن ناحية أخرى، في حال قرر قادة حزب الله تكثيف الجهود، يلفت الموقع إلى أن ذلك سيأتي في شكل قصف من عشرات الصواريخ من منصة إطلاق واحدة أو اثنتين إلى مدينة محددة، بهدف تعطيل الروتين اليومي وإثارة الغضب لدى السكان. 

وكسيناريو إطلاق آخر، يتوقع أن "يطلق حزب الله النار بهدف تشتيت وإشغال طواقم القبة الحديدية، بينما تتسلل ثلاث طائرات مسيرة وتطير نحو أهداف حساسة في العمق". 

البقاء على قيد الحياة

وفي إطار ما ذُكر سابقا، يلفت النظر إلى أنه "بينما يلعب الجيش الإسرائيلي على الأرض ويحاول السيطرة على أكبر قدر ممكن منها، يلعب حزب الله على الوقت".

وهنا، يقول الموقع إن "حزب الله لا يحتاج إلى الفوز أو صد القوات الإسرائيلية، فقط عليه الحفاظ على صورة الصراع، والقدرة على القتال، وذلك حتى يضمن أن لا يُقال إن الإسرائيليين دمروا الحزب، أو حتى يفقد الغرب صبره ويوقف الهجوم الإسرائيلي".

وفي النهاية، رغم إشارته إلى أن "حزب الله لا يريد الهجوم الواسع على إسرائيل"، يتساءل الموقع افتراضيا: “هل يمكن له، إذا أراد ذلك، أن يطلق ألفي صاروخ في الصباح؟”

ويعتقد أنه "من الممكن تطبيق ذلك على الورق، حيث لا تزال توجد الذخيرة ومنصات الإطلاق". 

ولكن من رأيه، سيتطلب الضرر الكبير الذي لحق بالجانب اللوجستي العديد من المحاولات العشوائية لربط كل شيء معا ولتنسيق وحدات الإطلاق.

وإلى جانب ذلك، ينوه الموقع إلى أنه "بسبب الاستخبارات الإسرائيلية، ستتمكن إسرائيل من تحديد التمركز، ويمكن لسلاح الجو أن يسابق الضربة بضربة أخرى وينقذ البلاد".

وبشكل عام، يزعم أن "حزب الله لم يطلق هجمات صاروخية ضخمة لأنه لم ير وجود حاجة لذلك".

ويكمل: "وعندما دخل الجيش الإسرائيلي إلى لبنان، كانت الضربة اللوجستية قد ألحقت به ضررا كبيرا لدرجة أن حزب الله لم يكن قادرا على إطلاق مثل هذه الضربة". 

ويختتم الموقع تقريره بالتأكيد على أن "حزب الله، حتى الآن، اكتفى بإطلاق صواريخ في موجات محدودة لأنها تخدم إستراتيجيته للبقاء على قيد الحياة، دون أن يهدر الكثير من الصواريخ المتبقية لديه".