إسرائيل تخطط لإنشاء منطقة عازلة في سوريا.. ماذا عن موقف الأسد وأردوغان؟

a month ago

12

طباعة

مشاركة

لم يُبد النظام السوري برئاسة بشار الأسد أي ردة فعل تجاه اجتياز دبابات الاحتلال الإسرائيلي الخط الفاصل مع سوريا، في وقت تتحدث تركيا عن مخطط خطير تجاه دمشق.

وقالت صحيفة حرييت التركية إن هدف إسرائيل التالي سيكون سوريا بعد لبنان التي يشن الاحتلال عدوانا واسعا عليها بذريعة إبعاد حزب الله عن الحدود.

اجتياز الحدود

واجتازت دبابتان إسرائيليتان الخط الحدودي الفاصل مع سوريا في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2024، وتمركزتا في قرية كودنة بالريف الجنوبي لمحافظة القنيطرة جنوب غربي سوريا.

واقتحمت جرافات إسرائيلية مدرعة، منطقة بالقرب من قرية كودنة وعملت على تجريف الأراضي. 

وبعد تشكيل سواتر ترابية، عبرت دبابتان وتمركزتا قرب القرية الواقعة بجانب منطقة تل الحارة التي تضم قوات روسية.

يأتي هذا بعد إعلان وكالة أنباء النظام السوري "سانا"، في 9 أكتوبر، مقتل عنصر من قوى الأمن الداخلي التابعة للنظام وإصابة آخر بجروح جراء قصف إسرائيلي استهدف المدخل الشرقي لمدينة القنيطرة جنوب غربي البلاد.

وأوضحت صحيفة حرييت في مقال للكاتب التركي "عبد القادر سيلفي" أن إسرائيل بدأت في قصف سوريا بعد لبنان. 

واستدرك أن النظام السوري لم يُبدِ أي رد فعل، ويتصرف وكأن الدبابات الإسرائيلية دخلت أراضي دولة أخرى.

وحذر من أن إسرائيل تفعل كل شيء لنقل النار من لبنان إلى سوريا، حيث قصفت طرطوس وحماة وحمص وحلب ودرعا وحتى العاصمة دمشق أخيرا، والآن دخلت الدبابات الإسرائيلية الأراضي السورية، ويبدو أنها لن تكتفي بهذا.

وتابع: من المعروف أن إسرائيل تريد السيطرة على المنطقة حتى نهر الليطاني في لبنان وإنشاء منطقة عازلة هناك. 

لكن الجزء غير المعروف هو الجانب السوري من هذا الأمر، حيث يُقال إن إسرائيل لن تكتفي بإنشاء منطقة عازلة في لبنان فقط.

ويعتقد أن إسرائيل تريد إنشاء منطقة عازلة داخل سوريا أيضا، ولكن السؤال: أين ستكون تلك المنطقة خاصة أن الجولان محتلة من قبلها؟

ويرجح الكاتب أن إسرائيل تهدف إلى إنشاء منطقة عازلة تبدأ من سفوح الجولان وتشمل السويداء والقنيطرة ودرعا حتى التنف. 

والتنف هي منطقة تتضمّن قاعدة أميركية وتقع تحت سيطرة الولايات المتحدة.

يخططون للدمج

وتحدث الكاتب عن خطط إسرائيل لإنشاء كيان مشابه للمنطقة التي يسيطر عليها حزب العمال الكردستاني – قوات سوريا الديمقراطية. 

وتابع: يقود قوات سوريا الديمقراطية مظلوم كوباني من حزب العمال الكردستاني، والذي يقيم أحيانا في القاعدة الأميركية، وتوفر الولايات المتحدة حماية له.

من جهةٍ أخرى تخطط إسرائيل لوضع شخص من المنطقة على رأس المنطقة العازلة التي ترغب بإنشائها من السويداء إلى التنف بنفس الطريقة. 

ويجرى الحديث عن شخصيتين لهذه المهمة، أحدهما المعارض السوري كمال اللبواني من القنيطرة، المنطقة التي دخلت منها الدبابات الإسرائيلية إلى سوريا. 

وتعد علاقات اللبواني مع إسرائيل قوية جدا؛ حيث زار تل أبيب والتقى مسؤولين إسرائيليين وظهر على إعلامها بينما كانت المذبحة مستمرة في غزة.

والآخر هو أسامة الجولاني المقيم في دولة الإمارات، ويمكن معرفة أصله من خلال اسمه؛ فهو من الجولان التي تحتلها إسرائيل.

ومن غير المعروف إلى الآن من ستضع إسرائيل على رأس هذا الكيان، لكنها تستعد لإنشاء منطقة عازلة داخل سوريا، وفق قول الكاتب.

وأشار إلى أنه وفقا لخطة الولايات المتحدة وإسرائيل، فالهدف هو دمج المنطقة العازلة مع المنطقة التي يسيطر عليها حزب العمال الكردستاني– قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة. 

وأشار الرئيس رجب طيب أردوغان إلى هذا الخطر في افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة بالأول من أكتوبر 2024، وقال إنه هناك مساع لإنشاء "كيان تابع". 

وبهذا الشكل، سيصبح ثلث سوريا تحت السيطرة المباشرة لإسرائيل والولايات المتحدة.

موقف الأسد

وذكر الكاتب أن الأسد لم يحرّك ساكنا حتى بعد كل هذه الخطط والهجمات البرية والجوية على سوريا، فيما يبدو أنه لا يعترض عليها.

وهذا يثير عدة تساؤلات ومنها: هل اتفق الأسد مع إسرائيل والولايات المتحدة؟

واستدرك الكاتب: أكد الرئيس أردوغان في مؤتمر "مستقبل فلسطين" في 15 أكتوبر أن تركيا “على دراية بالخطر”.

ولم يقل أردوغان هذا لأول مرة، فعندما بدأت المذبحة في غزة، قال: "دفاع الأناضول يبدأ من غزة". 

وحذر من أن الحرب ستنتشر إلى المنطقة إذا لم يجر إيقاف الهجمات الإسرائيلية في غزة. 

وفي خطابه الافتتاحي في البرلمان، أشار إلى أن لبنان تبعد ساعتين ونصف الساعة فقط بالسيارة عن تركيا وقال: "إن العدوان الإسرائيلي يشمل بلادنا أيضا".

وأشار الكاتب التركي إلى أن خطة الولايات المتحدة وإسرائيل تعمل لإعادة تصميم المنطقة خطوة بخطوة. 

وفي مثل هذه الفترات التاريخية يكون لقادة الدول أهمية كبيرة، وفق قول الكاتب. 

فبينما أدخل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بلاده في الحرب مع روسيا بتهوره، لم تقع الصين في هذا فخ التدخل.

لم يروا هتلر

وتعرض رئيس الوزراء البريطاني الأسبق نيفيل تشامبرلين لاتهامات بإعطاء الفرصة لألمانيا النازية من أجل الاستعداد للحرب العالمية الثانية، وذلك لأنه وقع اتفاقية ميونيخ مع الزعيم النازي أدولف هتلر. 

ويُنتقد لأنه أتاح لهتلر احتلال تشيكوسلوفاكيا، وهذه الانتقادات مبررة؛ لأن عدم رؤية تشامبرلين لخطر هتلر المتزايد، كلف البشرية الحرب العالمية الثانية.

وهذا الفرق بينهم وبيننا، فهم لم يَرَوا هتلر، لكن أردوغان رأى (مخططات) رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفق تعبير الكاتب. وأضاف أن الخطر الإسرائيلي اليوم أقرب إلينا مما كان عليه بالأمس. 

وأردف: إذا كنت ترى أوضاع غزة ولبنان، وتنظر إلى الدبابات الإسرائيلية التي دخلت سوريا، وتتابع خطط الهجوم على إيران ومازلت تقول "لا يوجد خطر من إسرائيل"، فأنت تعيش على كوكب آخر. 

وإذا وضعت نقطة البوصلة على لبنان ورسمت دائرة بزاوية 360 درجة، فإنها تشمل سوريا وإيران والأردن والعراق وتركيا، نحن بالفعل في حلقة النار، كما قال.

ولفت الكاتب التركي النظر إلى كلمات الرئيس أردوغان حيث قال: "إذا كان هناك بعض الأشخاص يفتقرون إلى الإدراك ولا يرون الخطر الذي يقترب من بلدنا، فنحن نرى الخطر ونتخذ كل التدابير". 

فإذا قال أردوغان "لا أرى أي خطر، فلن يحدث شيء لتركيا"، لكنّا في خطر ومن الجيد أن لدينا رئيسا يدركه، وفق تعبير الكاتب.

وختم بالقول: "في مثل هذه الفترات المظلمة يكون القادة مثل منارة البحر التي تظهر الاتجاه بين العواصف لترشدنا للطريق".