علاقات إثيوبيا والصومال المتأزمة.. هل تنجح تركيا في حلحلتها؟

4 months ago

12

طباعة

مشاركة

تواجه كل من إثيوبيا والصومال تحديات مختلفة فيما يتعلق بالتعاون المشترك، حيث ازداد التوتر بينهما بعد تجاهل أديس أبابا حكومة مقديشو الفيدرالية مطلع يناير/ كانون الثاني 2024 وتوقيع اتفاقية تفاهم مع أرض الصومال التي تسعى للاستقلال.

ونشر مركز "سيتا" التركي مقالا للكاتب، تونتش دميرتاش، ذكر فيه أنه "حتى انعقاد اجتماع أنقرة في 1 يوليو/ تموز 2024، لم يجتمع ممثلو الصومال وإثيوبيا رسميا في نفس السياق لمناقشة هذه المشكلة". 

وأضاف "مع ذلك وقّع البلدان بعد مفاوضات غير مباشرة وطويلة في أنقرة بيانا مشتركا يعبر عن رغبتهما المتبادلة في حل المشكلة".  

بداية مهمة

وقال دميرتاش: "لم يُتوقع ظهور أي نتيجة واضحة وملموسة لحل المشكلة من المحادثات الأولى، ولكن محاولة حل هذه المشاكل عن طريق المحادثات في تركيا يعد نجاحا كبيرا".

وأفاد بأنه "كان من المهم أن يَظهر وزيرا خارجية إثيوبيا والصومال تايي أتسكي سيلاسي وأحمد معلم فقي جنبا إلى جنب مع تركيا في نهاية المحادثات، فهذه الصورة تحمل العديد من المعاني". 

واستطرد: “أولا وقبل كل شيء، يبدو أن تأثير تركيا في القرن الإفريقي وبحر العرب يتزايد”. 

وفي هذا السياق، تتضمن جهود تركيا لحل المشكلات على أساس القانون الدولي حلاً للعديد من مشكلات السياسة الإفريقية.

وقال دميرتاش: “يجب ألا يُنظر إلى وساطة تركيا في حل المشكلة بين الصومال وإثيوبيا واستمرار العملية في أنقرة على أنها مسألة صغيرة، فبناء الثقة بين الجانبين هو المفتاح الأساسي لنجاح المفاوضات”. 

وإذا تم التوصل إلى نتيجة في المحادثات بين إثيوبيا والصومال “فلا مفر من أن تُسهم هذه العملية في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة”، يؤكد الكاتب التركي.

وستسهم أيضا في زيادة تأثير تركيا في المنطقة وزيادة هامتها على المستوى العالمي. 

وبالتالي سيتم اتخاذ خطوات لتحقيق الاستقرار بعد تحقيق السلام في المنطقة، بحيث يسهم ذلك في زيادة التجارة بشكل متناسب مع الاستقرار. 

وقال الكاتب: “باختصار، فإن اجتماع وزير الخارجية هاكان فيدان مطلع يوليو 2024 هو بداية مهمة”.

أهداف وتحديات

وأشار دميرتاش إلى أن "الجانب الصومالي لا يعارض فكرة إتاحة وصول تجاري لإثيوبيا إلى البحر، وقد أعرب الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود عن استعداده للسماح لإثيوبيا بالوصول إلى بحر الصومال".

واستدرك: “مع ذلك، يجب أن يتم الحفاظ على وحدة الأراضي الصومالية وسيادتها، ولا يسمح بإقامة قواعد عسكرية غير تجارية دون موافقة الحكومة الصومالية”.

وأضاف الكاتب التركي أن "هناك ادعاءات بأن إثيوبيا ستستأجر قطاعا ساحليا في أرض الصومال التابعة للصومال، ولكن لم يتم الكشف عن تفاصيل هذا الاتفاق بعد". 

وتشير هذه الادعاءات إلى منطقة زيلا التي تعد منطقة جغرافية رخيصة ولها أهمية تاريخية كبيرة. 

وهناك مناطق جبلية ووعرة قرب بربرة تحتوي على تنظيم يتألف من أعضاء سابقين في "تنظيم الشباب" الذين ينتمون إلى "تنظيم الدولة". 

وبالتالي، فإن وجود جبل كال مادو في أرض الصومال وصعوبة بناء الطرق في المنطقة الجبلية يشكل تحديا. 

كما أن إغلاق الاتصال الحدودي بين جيبوتي والصومال سيؤثر على الاتصال بين البلدين، يوضح دميرتاش.

وتابع: “بالتالي، فإن بناء ميناء جديد في هذه المنطقة يثير تساؤلات حول الأهداف المختلفة والتحديات التي قد تواجهها”.

تداعيات محتملة

من الناحية الإقليمية، من المعروف أن النظام المصري والسعودية وجيبوتي وقطر تدعم الصومال. 

وقال دميرتاش “مع ذلك يتميز النظام المصري بموقف مختلف عن الجهات الفاعلة الأخرى”. 

وأضاف “بسبب الأزمة المستمرة بين مصر والسودان وإثيوبيا الناجمة عن مشكلة سد النهضة الإثيوبي الكبير، يبدو أن أديس أبابا قد أدرجت الخرطوم في المعادلة لتحقيق التوازن في مصر”. 

ولفت إلى أن “مليشيا الدعم السريع التي تدعمها الإمارات في السودان قد زادت نفوذها في ولاية سنار، التي تقع على الخط الجنوبي للبلاد وعلى الحدود مع إثيوبيا، منذ 26 يونيو/ حزيران 2024 وحتى يومنا هذا”. 

وحقيقة أن سنار، التي تمتلك موقعا مهما على الطريق المؤدي إلى العاصمة السودانية الخرطوم، تقع في أيدي مليشيا الدعم السريع “ستزيد من التهديد للعاصمة”. 

لذلك، فإن هذا الوضع يمكن أن يكشف عن عملية غير مرغوب فيها من وجهة نظر القاهرة أيضا.

إضافة إلى ذلك، يمكن توقع زيادة الحصار الذي قد يؤثر على ولايتي كسلا والنيل الأزرق في السودان. 

وعند النظر إلى هذه العملية بالتزامن مع وضع ولاية سنار، يمكن لمليشيا الدعم السريع التابعة لمحمد حمدان دقلو (حميدتي) أن تفتح طريق إمداد مع إثيوبيا.

وهذا الطريق يتيح للجهات الإقليمية استخدام الأزمة في السودان لتعزيز تأثيرها في شرق إفريقيا، وبالتالي، هناك أيضا خطر استخدام المشكلة الحالية بين الصومال وإثيوبيا لإنشاء معادلات جديدة للتنافس والصراع في المناطق الإقليمية.

وشدد الكاتب التركي على أن “هذا الوضع يمكن أن يؤدي إلى تأثير سلبي على الحكومة الصومالية وشعبها الذي يبذل جهودا كبيرة في مكافحة الإرهاب”. 

خيارات منطقية

وذكر أن “الخيارات الأكثر منطقية لوصول إثيوبيا إلى البحر لأغراض تجارية هي من خلال ولايتي جنوب غرب الصومال أو هيرشبيلي”. 

وأضاف أن تطوير الطرق البرية في هذه الولايات “يعد خيارا منطقيا من حيث التكلفة والأمان، فوجود ميناء جديد في هذه المنطقة سيوفر طريقا آمنا لإثيوبيا للوصول إلى البحر ويمنع تدهور العلاقات مع جيبوتي”.

وتمتلك إثيوبيا بالفعل موانئ تجارية تفتح على خليج عدن من خلال جيبوتي، ولذلك يمكن القول إن وجود ميناء جديد يفتح مباشرة على المحيط الهندي سيكون أكثر فائدة بدلا من الحاجة إلى ميناء جديد شمال الصومال.

وأشار الكاتب التركي إلى أهمية التصريحات السلمية التي أدلى بها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ورئيس الصومال، و"التي إذا تم تحويلها إلى أفعال فإنها ستسهم في السلام الإقليمي واستقرار الصومال".

ومن الممكن أن تكون هناك فرصة للتعاون بين إثيوبيا والصومال، وهذا الوضع “سيكون مفيدا لكلا الجانبين”، والسعي الذي تبذله كلتا الدولتين للتوصل إلى حل سلمي قائم على التعاون سيكون ذا أهمية حاسمة للأمن الإقليمي.

ومن جانب آخر، فإن استخدام الصومال للمال والطاقة التي كان سيتم إنفاقها على الحرب للتنمية والسلام والاستقرار سيكون خيارا أكثر تناسبا لها والدول المجاورة.

وفي هذا السياق، فإن دعم إثيوبيا لعملية بناء السلام والتنمية في الصومال يكون ذا أهمية كبيرة.

ورأى الكاتب أن "الدور الذي تلعبه تركيا ومساهمتها الدبلوماسية وحفاظها على فتح باب المفاوضات والتوصل إلى مستوى أعلى من التفاوض سيخدم مصالح جميع الدول في المنطقة، بما في ذلك الصومال وإثيوبيا". 

وبالإضافة إلى ذلك، فإن عجز نظام الأمم المتحدة في فترة الأزمات العالمية يزيد من أهمية الدور الذي ستلعبه تركيا في حل الأزمات الإقليمية. 

وختم مقاله بالقول إن "هذه الجهود الدبلوماسية التي تبذلها تركيا فيما يتعلق بالاستقرار الإقليمي والأمن والتنمية ستسهم في الحفاظ على موقعها كلاعب موثوق به في المجتمع الدولي".