حزب الله يقصف عمق إسرائيل ويعطل مطار بن غوريون.. وناشطون: النار بالنار
“نار تل أبيب تدفئ ليل غزة البارد وصقيع خيامها المهترأة”
تحدث ناشطون عن الرسائل التي يحملها القصف الصاروخي اللبناني الذي استهدف تل أبيب الكبرى عصب حياة المجتمع في الكيان المحتل، وسقوط صاروخ قرب مجمع تجاري بمدينة رمان غان، أسفر عن إصابات ودمار كبير في المباني.
الإعلام العبري أفاد في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بأن القصف الصاروخي تسبب في إصابة 5 إسرائيليين بمنطقة تل أبيب الكبرى، فيما قال الإسعاف الإسرائيلي إن 6 أشخاص أصيبوا- أحدهم بجروح خطيرة- في الاستهداف الصاروخي.
وزعم جيش الاحتلال في بيان أنه اعترض صاروخا أطلق من لبنان تجاه تل أبيب، بينما أشارت صحيفة "يسرائيل هيوم" إلى سقوط صاروخ قرب مجمع تجاري بمدينة رمان غان واندلاع حريق بالمنطقة.
من جهتها، قالت القناة الـ12 إن الدفاعات الجوية أخفقت في اعتراض صاروخ باليستي أطلق من لبنان وسقط في بني براك شرق تل أبيب، واعترفت أنه كبير الحجم، كما أفاد الجيش بأنه رصد إطلاق 170 صاروخا من لبنان نحو إسرائيل.
ونقلت إذاعة الجيش عن هيئة الإطفاء والإنقاذ تأكيدها تسجيل أضرار كبيرة في الممتلكات بالمنطقة.
وقالت أنباء، ومقاطع فيديو متداولة، إن الصاروخ سقط على حافلة بمدينة بني براك شرق تل أبيب، وتوقف الهبوط والإقلاع في مطار بن غوريون، واضطرت طائرات كانت تهم بالهبوط إلى الرجوع والتجول في الجو.
ويأتي قصف حزب الله لتل أبيب، عقب إعلان الاحتلال الإسرائيلي اغتيال مسؤول وحدة العلاقات العامة والإعلام في "حزب الله"، محمد عفيف، جراء غارة على مقر حزب البعث في مدينة بيروت، وزعيم الجماعة الإسلامية في لبنان، محمد طقوش.
كما جاء قبل يوم من زيارة مقررة للمبعوث الأميريكي عاموس هوكشتاين، إلى لبنان، قبل أن يتوجه في اليوم التالي إلى تل أبيب، لإجراء لقاءات تستهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
ويشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي وسع حرب الإبادة التي يشنها على قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، حتى نالت لبنان منذ 23 سبتمبر/ أيلول 2024 وشملت معظم المناطق بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية، كما بدأت غزوا بريا في جنوبه.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان إجمالا عن 3 آلاف و516 قتيلا و14 ألفا و929 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، فضلا عن نحو مليون و400 ألف نازح، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد 23 سبتمبر 2024.
ويرد "حزب الله" بإطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة وقذائف مدفعية تستهدف مواقع عسكرية ومقار استخبارية وتجمعات لعسكريين ومستوطنات، وبينما تعلن إسرائيل جانبا من خسائرها البشرية والمادية، تفرض الرقابة العسكرية تعتيما صارما على معظم الخسائر، حسب مراقبين.
عصب الحياة
وتل أبيب هي مدينة كبرى في إسرائيل تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط شمال غرب القدس، وتشكل المركز الثقافي والتجاري والتكنولوجي والمالي للاقتصاد الإسرائيلي، كما أنها مقر معظم المؤسسات الفنية والترفيهية والإعلامية.
وتأسست عام 1909 وقد كانت حيا شمالي يافا ثم توسعت على حساب المدينة الأصلية والقرى الفلسطينية التي هُجر أهلها، وأصبحت أول مدينة لليهود في العصر الحديث، وعاصمتهم الأولى.
وتقع مدينة تل أبيب على ساحل البحر الأبيض المتوسط، على بعد حوالي 60 كيلومترا شمال غرب القدس، وشمال شرق يافا، وتبلغ مساحتها 52 كيلومترا مربعا، وتمتد أراضيها على السهل الساحلي المركزي لفلسطين المحتلة على طول حوالي 15 كيلومترا من الشاطئ.
وأعرب ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية في منصتي "إكس" و"فيسبوك" عن سعادتهم بتصعيد المقاومة عملياتها في قلب الكيان المحتل وتسببها في ذعر وفرار المستوطنين للملاجئ وشل حركة الطيران.
وقدموا عبر مشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #تل_أبيب، #تل_أبيب_في_المرمى، #تل_أبيب_تحترق، #حزب_الله، وغيرها، قراءات وتحليلات للحدث وما يحمله من رسائل للاحتلال الإسرائيلي وحليفه الأميركي، أبرزها أن المقاومة مازالت بخير رغم الاغتيالات الإسرائيلية.
وعد ناشطون استهداف تل أبيب رسالة قوية للطرفين الأميركي والإسرائيلي أن إرادة وقوة المقاومة مازالت حاضرة بعيدا عن أي إملاءات أو شروط تفاوضية، وأن المخزون الصاروخي بخير وقادر على ضرب أي هدف بأي وقت، وأن المعادلة هي "تل أبيب مقابل بيروت".
ورأوا أن رسالة حزب الله عشية زيارة المبعوث الأميركي ضرورية لفرض شروطه تحت النار، ولتؤكد أن استسلام المقاومة ليس واردا وأنها مازالت تملك إمكانات، ساخرين من فشل الدفاعات الإسرائيلية والأميركية في صد صواريخ حزب الله.
قراءات وتحليلات
وفي قراءات وتحليلات لاستهداف حزب الله لتل أبيب، قال الباحث لقاء مكي، إن تصعيد القصف والنجاح بإصابة مناطق مدنية مزدحمة في الحروب، سيف ذو حدين، فهو إما أن يدفع الطرف المتضرر للقبول بوقف الحرب دون شروط، وربما بقبول شروط صعبة، أو أنه يصبح أكثر عنادا، ويجد في هذا القصف سببا لحشد القوة ودعم الحلفاء.
وأضاف أن التصعيد يبقى دوما جزءا من إرادة سياسية، وليس تابعا بالضرورة للحاجة العسكرية، وواضح أن حزب الله قرر التصعيد، فإما أن يدفع إسرائيل للتنازل عن شروطها، أو يمنح حكومتها فرصة تشديد هذه الشروط.
ورأى السياسي أحمد رمضان، أن "مشاهد الاحتراق في تل أبيب ليست حدثا عاديا، بل تشكل تحديا غير مسبوق لنتنياهو، الذي كان يتفاخر بإنجازاته قبل ساعات أمام الكنيست!".
وأكد أن "ثمَّة تطورا لافتا يتمثل في طعن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن (أكبر إدارة دعمته بالسلاح والمال)، ويُغازل الرئيس الجديد دونالد ترمب (وعودُه سبقته)".
وأوضح رمضان، أن "الحاصل أن الإدارة الراهنة (باقٍ لها 63 يوما) ستلقنه درسا، من خلال التقاعس في صدِّ الهجمات الصاروخية التي تتعرض لها إسرائيل، وربما نشاهد هجمات أوسع توقع خسائر مادية وبشرية وتربك نتنياهو وحكومته!".
وتوقع أنه كلما توسَّعت الحرب فسنرى مشاهد أوسع لقصف ينال تل أبيب وحيفا ومدنا أخرى، وفي غياب حلٍ سياسي وصفقة للأسرى، فإن الأمور تتجه نحو استخدام مفرط للقوة لدى مختلف الأطراف، وإلى أن يحدث انتقال السلطة في واشنطن ستكون هناك مفاجآت، من اغتيالات في أماكن غير متوقعة، وصواريخ نوعية تستخدم في قصف إسرائيل، وسط استمرار حرب الاستنزاف.
وأكد أن "نتنياهو يقفز من حفرة إلى أخرى.. ولا يملك مخرجا إستراتيجيا للحرب!".
وقال الباحث السياسي عبده فايد، إن وصول صاروخ إلى قلب تل أبيب دون تمكّن القبة الحديدية من اعتراضه قد يبدو "إنجازا كبيرا" لحزب الله.. لكن في حقيقة الأمر هناك ما هو أكبر، وهو "إدارة حزب الله للمعركة".
وأكد أن الحزب كان بمقدوره استهلاك كامل قوته في الدقيقة الأولى بعد اغتيال حسن نصر الله وكامل القيادة العليا للحزب، لكنه اختار عوضا عن ذلك إدارة شديدة الذكاء.. على مستويين "الأول بنك الأهداف، والثاني احتياطي الترسانة العسكرية".
وشدد الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي سعيد زياد، على أن "صاروخ تل أبيب يمثل تصعيدا قويا يتوازى مع تصعيد العدو باستهداف المناطق السكنية في بيروت، وهو يحمل رسالة ثقيلة تلمح لرسم ميزان ردع جديد (بيروت مقابل تل أبيب)".
وقال إن "إسرائيل إذا قررت استمرار استهداف بيروت، فستكون مشاهد اليوم أقل بكثير مما سنراه مستقبلا".
وقال أبو هادي عاشور، إن "العدو يريد وقف إطلاق النار بأسرع وقت ممكن لأن حرب الاستنزاف ليست في مصلحته، خاصة أن حكومة نتنياهو قد وعدت المستوطنين من الشمال بالعودة السريعة إلى مستوطناتهم".
وأرجع ذلك لعدة أسباب منها بدء فصل الشتاء، لما لذلك من تداعيات تعيق قدرة العدو التجسسية على الرؤية والمراقبة عبر طائرات الاستطلاع بسبب تكاثر الغيوم في الجو، مما يجعل المعركة ليست في مصلحته.
وكذلك بسبب استمرار إطلاق الصواريخ من جانب المقاومة نحو تل أبيب والمدن الإسرائيلية الكبرى وشل حركة الاقتصاد في الأراضي المحتلة كافة.
رسائل قوية
وعما يعنيه استهداف تل أبيب واحتراقها وما يحمله القصف اللبناني من رسائل، عرض المغرد البشير، مقطع فيديو للإعلامي اللبناني حسين مرتضى، يقول فيه: "تريد أن تفاوض بالنار باستهداف بيروت والمقاومة ترد عليك بالنار وفي تل أبيب".
ولفت مرتضى إلى أن المقاومة استطاعت بعد أكثر من 50 يوما استخدام صواريخ جديدة ومتطورة هذا يعني فشل كل ما قام به الاحتلال، مؤكدا أن "رسالة النار بالنار" .
ونصح الأكاديمي نجا حمادة، بعدم الاستخفاف أبدا بالصاروخ الذي استهدف وسط تل أبيب، وعده رسالة قوية، بل مدوية لأميركا وإسرائيل وجبهة الإسناد الإسرائيلية فرع لبنان، خاصة مع قدوم الوسيط غير النزيهة.
وعد محمد زين الدين، ضرب حزب الله للنقاط العسكرية الحساسة في تل أبيب رسالة قوية للأميركي والإسرائيلي مفادها أن إرادة وقوة المقاومة مازالت حاضرة بعيدا عن أي إملاءات أو شروط تفاوضية، ورغم كل التحديات، فإن المقاومة قادرة على تجاوز كل العقبات في وجه قوى الاستكبار والهيمنة.
وأكد مؤسس منصة "المواطنة المدنية"، حسان صقر، أن قصف تل أبيب "هو رسالة وجواب على كل من قال إن المقاومة انتهت"، قائلا إن أنها "حرب قاسية على شعبنا من دون شك، لكنها بالمقابل ليست نزهة لأعدائنا وأعداء الإنسانية".
وعد محمد الأحمدي، الصاروخ المباشر من لبنان الذي ضرب تل أبيب، "أحد رسائل حزب الله للكيان المحتل".
حفاوة وإشادة
وحفاوة بقصف تل أبيب، وإعرابا عن السعادة بوقوع أضرار واسعة وإصابات في صفوف المستوطنين وتدمير مقار بارزة، قال الصحفي إسلام بدر، إن "نار تل أبيب تدفئ ليل غزة البارد وصقيع خيامها المهترأة".
وأوضح المحلل السياسي ياسين عز الدين، إلى أن المبنى الأكثر تضررا في استهداف رمات غان فيه مقرات لعدة شركات، أحدها شركة مختصة بأمن المعلومات، متسائلا: “هل كانت مستهدفة أم أنها الصدفة؟”
ولفت إلى أن في الجهة المقابلة لهذا المبنى يوجد مقر لشركة لئوميت ماكس وهي شركة مالية كبيرة للبطاقات الائتمانية، موضحا أن المكان يبعد حوالي 5 كلم عن بورصة تل أبيب، وتبعد حوالي 125 عن الحدود اللبنانية.
وأكد أن "هذه الضربة الأقوى التي تتعرض لها تل أبيب منذ بدء الحرب، أما القبة التنكية فكالعادة كانت فاشلة".
وعرض الناشط الحقوقي بلال نزار ريان، مقطع فيديو يوثق ما أسفرت عنه صواريخ المقاومة اللبنانية التي استهدفت تل أبيب، داعيا لمشاهدة ما صنعته الصواريخ بـ"المجرمين الفجّار".
كما نشر أحد المدونين صورتين للبناية التي تدمرت بفعل صاروخ حزب الله الأولى قبل تدميرها والثانية توثق ما خلفه القصف من دمار، مؤكدا أنه مشهد "لا يتكرر كثيرا في تل أبيب".
فشل أمني
وأشاد ناشطون بقدرة القصف اللبناني على الوصول إلى عمق تل أبيب واختراق الدفاعات الإسرائيلية والأميركية كافة، ساخرين من فشل القبة الحديدية ومعها منظومات الدفاع الأميركية التي مدت بها واشنطن تل أبيب منذ بداية الحرب.
وقال الناشط الاجتماعي والسياسي إبراهيم جحاف، إن "حزب الله وجه ضربة غابرة على منظومات الدفاع الأميركية التي تم تنصيبها في إسرائيل أخيرا والتي فشلت في حماية الكيان المجرم".
وأكد أن عملية تل أبيب بصاروخ باليستي ثقيل أطلق من لبنان "ما هي إلا رسالة فقط، وهو قادر على ضرب أي نقطة وأي هدف في تل أبيب وحيفا وأي مكان من إسرائيل بشكل عام".
وأشار أحد المغردين، إلى أن صواريخ المقاومة اللبنانية فائقة الدقة اخترقت خرافة القبة الحديدية ومنظومة ثاد الأميركية وحرقت تل أبيب وأغلقت مطار بن غوريون.
ولفت أحد المدونين، إلى أن صاروخا باليسيتيا واحدا من لبنان، تخطى القبة الحديدية وسقط في ضواحي تل أبيب، مهديا العدو عددا من القتلى والجرحى ودمارا في المباني وحرائق قضت سبع فرق إطفاء عدة ساعات في إخمادها مع موجة من الذعر والمفاجأة.
وسخر مدون آخر، قائلا: "هى القبة فصلت شحن ولا إيه".