إزاء مصر والأردن ودول الخليج.. إلى أي مدى سيواصل ترامب سياسات ولايته الأولى؟

منذ ١٦ ساعة

12

طباعة

مشاركة

مازال الجدل والغموض يكتنفان سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب العائد حديثا إلى البيت الأبيض، وسط مخاوف من طبيعته غير القابلة للتنبؤ.

وفي السياق، توقع معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي ألا تكون ولاية ترامب الثانية، بمثابة "إعادة" لسياسته تجاه الشرق الأوسط في ولايته السابقة.

وعزا ذلك إلى "تجدد مركزية القضية الفلسطينية بعد هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وتعاظم أهمية دول الخليج في المنافسة بين القوى الكبرى، ووجود اختلافات كبيرة بين الدول الرئيسة في المنطقة -مصر والأردن ودول الخليج- وأهميتهم الإستراتيجية لإسرائيل".

كما أشار كذلك إلى أن "المتغيرات التي شهدتها المنطقة، وفي مقدمتها تراجع قوة إيران ومحور المقاومة الذي تقوده، يغير من نهج ترامب المنتظر في ولايته الثانية".

حيث رأى أن "الحرب ضد غزة غيرت اعتبارات اللاعبين الرئيسين في المنطقة، فيما يتعلق بالحاجة إلى تسوية إسرائيلية فلسطينية".

وبالتالي، "دعا ترامب وإسرائيل إلى أخذ ذلك في الحسبان، خلال تحركاتهم في الفترة القادمة".

في هذا السياق، فصّل المعهد رؤيته بشأن سياسة ترامب المتوقعة تجاه مصر والأردن ودول الخليج وإيران والقضية الفلسطينية، في ولايته الثانية.

مصر

استهل المعهد تقريره بالإشارة إلى أن مصر "تراقب بداية ولاية الرئيس ترامب بفارغ الصبر".

واستشهد على ذلك بما "أكدته التصريحات الرسمية الصادرة من القاهرة، وكلام المعلقين وكتاب الأعمدة في وسائل الإعلام المصرية".

ورأى أنه "ينبغي دراسة موقف مصر من الإدارة القادمة في الولايات المتحدة وفق المحاور الرئيسة التالية: محور القضية الفلسطينية، ومحور العلاقات الثنائية".

وفيما يتعلق بالسياق الفلسطيني، رأى المعهد أن وجهة النظر المصرية "تحمّل إدارة بايدن المسؤولية حول استمرار القتال الصعب في قطاع غزة ولاحقا في لبنان".

"وذلك بسبب المساعدات غير المسبوقة التي قدمتها إدارة بايدن لإسرائيل، والوقوف الحازم إلى جانبها منذ اليوم الأول للحرب"، وفق ما أفاد المعهد.

وأوضح المعهد أن المصريين يرون أنه "بالرغم من قدرة واشنطن على منع التصعيد الإقليمي، فقد تجنبت القيام بهذا الأمر مع تقدم الحرب، ومن أسباب ذلك تجاهل إسرائيل لها؛ تحسبا لفوز ترامب في الانتخابات الرئاسية".

وشدد على أنه "في الوقت ذاته، تسود مشاعر سلبية كذلك تجاه ترامب نتيجة تحركاته السابقة نيابة عن إسرائيل، مثل نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وخطة (صفقة القرن)".

"وأكدت طبيعة التعيينات الرفيعة التي أعلنها الرئيس ترامب غداة انتخابه (وزير الخارجية، وسفير الأمم المتحدة، وسفيره إلى إسرائيل، ومبعوثه إلى الشرق الأوسط)، إلى استمرار السياسة المتعاطفة تجاه إسرائيل"، يقول المعهد.

وتابع: "بل إن البعض يرى أن تلك التعيينات تعزز سياسة ترامب تجاه إسرائيل، وتشجع على سياسة الاستيطان في الضفة الغربية".

وأضاف: "ولهذا حذر خبراء كبار ومن بينهم الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية ووزير الخارجية المصري الأسبق عمرو موسى، من عصر (الهيمنة الإسرائيلي)، وهو ما سينعكس برأيهم في فرض إرادة إسرائيل على الشرق الأوسط".

بالإضافة إلى ذلك، "قدروا أن إسرائيل ستواصل معارضة إقامة دولة فلسطينية وأن الاحتلال سيستمر"، بحسب المعهد.

وأشار إلى "تصريحين صدرا أخيرا عن ترامب، عززا من هذه الرؤى وحظيا بردود فعل صادمة في مصر".

أولا، تصريح ترامب بأن "إسرائيل صغيرة"، خلال الحملة الانتخابية، في 16 أغسطس/ آب 2024، حيث قال ترامب: إن "إسرائيل دولة صغيرة، مقارنة بمساحات الأراضي الضخمة في الشرق الأوسط".

أما التصريح الثاني، فكان تهديده "بتحويل الشرق الأوسط إلى جحيم"، إذا لم تطلق حماس سراح الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم.

ووفق المعهد، فقد "فُسرت الكلمات في مصر على أنها رسالة مفادها أنه سيمارس ضغوطا شديدة على حماس، وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط لصالح إسرائيل".

وأكمل: "أشار المعلقون إلى أن مثل هذا التهديد لم يُسمع به من قبل، وأنه يجب أن يؤخذ على محمل الجد لأن ترامب لا يمكن التنبؤ به وقد يتخذ إجراءات متطرفة".

"أما السياق الآخر الذي يحكم نهج الولايات المتحدة الأميركية مع مصر، فيتعلق بمسار العلاقات الخاصة بين الدولتين، خاصة في مجال حقوق الإنسان"، يقول المعهد.

ويتابع: "وقد برزت انتقادات للقاهرة خلال إدارة بايدن تتعلق بقضية حقوق الإنسان، وظهر ذلك جليا عندما قررت الإدارة في سبتمبر/ أيلول 2023 ربط ما يقرب من 320 مليون دولار من مبلغ المساعدات السنوية البالغة 1.3 مليار دولار، بتحسن ملف حقوق الإنسان في مصر".

وأردف: "لكن الأمر يختلف مع ترامب، فخلال إدارته الأولى، كانت الكيمياء بينه وبين الرئيس السيسي واضحة".

وأضاف: "فقد تلقت مصر دعما ومساعدات أميركية أكبر بكثير، مما تلقته خلال رئاسة باراك أوباما".

واسترسل: "وعلى هذه الخلفية، تمت إزالة القيود على احتياجات الجيش المصري من المعدات، وتم تقديم المساعدة دون اشتراط علني لتحسين حالة حقوق الإنسان في مصر، مع مطالبة النظام بعدم تحدي منتقدي مصر في واشنطن".

ورأى المعهد أن "القرض السخي من صندوق النقد الدولي، والذي كان ضروريا جدا لاستقرار الاقتصاد المصري، مثّل جانبا آخر من جوانب حسن النية الأميركية".

وتوقع أن "تستمر إدارة ترامب في تقديم الدعم لبرامج مساعدات صندوق النقد الدولي الموجهة للقاهرة، وكذلك دعم موقف مصر فيما يتعلق بسد النهضة، كما عبر ترامب عن ذلك سابقا".

وبناء على تلك المعطيات، يعتقد المعهد أن "التقدير المصري للسياسة المتوقعة لإدارة ترامب تجاه مصر، يأخذ في الحسبان عدة معايير"؛ 

منها "التعامل معه كرجل أعمال يعرف كيفية إبرام الصفقات، ونهجه الأساسي المتعاطف مع مصر والسيسي، وسجله السابق الداعم لإسرائيل، وتصريحاته الأخيرة بشأن القضية الفلسطينية".

و"كل هذه العوامل تؤدي إلى تقييم حذر للغاية مصحوب بمخاوف، مفاده أنه يمكن توقع استمرار نفس السياسة التي انتهجها الرئيس ترامب سابقا، مع بعض التحسن مقارنة بإدارة بايدن فيما يتعلق بالقضية الرئيسة وهي وقف الحرب في غزة".

الأردن 

على صعيد الأردن، يشدد المعهد الإسرائيلي على أنه "لعقود من الزمن، حافظ الأردن على تحالف إستراتيجي مع الولايات المتحدة، والذي يتمتع بدعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي".

وأوضح أنه "خلال الحملة الانتخابية الأخيرة للرئاسة الأميركية، حافظ الأردن على موقف الحياد، وعندما أُعلنت النتائج هنأ الملك عبد الله دونالد ترامب بفوزه، وأعرب عن أمله في العمل معه من أجل السلام والاستقرار في المنطقة".

واستدرك: "لكن إلى جانب السلوك الدبلوماسي، فمن الواضح أن معظم المعلقين المقربين من القصر الملكي الأردني، غير راضين عن عودة ترامب إلى البيت الأبيض".

حيث يعتقدون أن "إدارته من المرجح أن تكون أقل تأييدا للأردن من الإدارة السابقة، سواء فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية، أو فيما يتعلق بسياسته في الشرق الأوسط"، وفق المعهد.

وعزا المعهد هذا التوقع إلى "عدم تطور حوار شخصي وثيق بين قادة البلدين في فترة ترامب الأولى، حيث بقيت عمّان على هامش سياسة الإدارة الأميركية في الشرق الأوسط".

في المقابل، أشار إلى "أنه خلال فترة ولاية بايدن، كان هناك تقارب ما في العلاقات".

ففي سبتمبر/ أيلول 2022، وقعت واشنطن وعمّان مذكرة تفاهم مطورة متعددة السنوات (2023-2029)، والتي بموجبها حصل الأردن على مساعدات اقتصادية وعسكرية أميركية أساسية؛ بما لا يقل عن 1.45 مليار دولار سنويا، بزيادة قدرها 13.7 في المائة، مقارنة بمذكرة التفاهمات السابقة. 

وبحسب المعهد، فإنه "من المفترض أن تصل المساعدات السنوية التي وافق عليها الكونغرس للأردن لعام 2025 إلى 2.1 مليار دولار".

علاوة على ذلك، يقدّر المعهد أنه "يُنظر إلى ترامب في الأردن على أنه شخص لا يولي أهمية كافية لدور عمّان الإقليمي ويضع عينيه على دول الخليج الغنية، مع التركيز على الإمارات والسعودية".

وأضاف: "يرى ترامب أن هؤلاء يعدون شركاء تجاريين رئيسين لأميركا في عدة مجالات مثل مجال الأسلحة، في حين أن الأردن دولة ذات إمكانيات منخفضة، ومساهمتها الملموسة في المصالح الاقتصادية الأميركية أقل".

من جهة أخرى، أوضح المعهد أن الأردن "يجد في ترامب ميزة معينة عن الديمقراطيين، على مستوى العلاقات الثنائية".

تتمثل تلك الميزة في أن إدارة ترامب "أقل اهتماما بحقوق الإنسان والانتخابات، رغم أن إدارة بايدن لا تواجه الأردن في كثير من الأحيان بشأن هذه القضايا أيضا"، وفق ما أفاد المعهد.

ويتصور المعهد أن "القلق الرئيس للأردن من ترامب يتعلق بسياسته الإقليمية".

ففي ولايته الأولى، اتخذ ترامب مواقف عُدّت فيها الأردن مؤيدة لإسرائيل ومسيئة للفلسطينيين، وفي مقدمتها نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، ووقف تمويل وكالة الأونروا، والترويج لـ"صفقة "القرن".

وبحسب المعهد، "فقد فسر المسؤولون الإسرائيليون تلك الصفقة على أنها تعطي ضوءا أخضر أميركيا للتطبيق الأحادي الجانب للسيادة الإسرائيلية على الأراضي في الضفة الغربية".

وتتمثل معضلة الأردن أن "حوالي نصف سكانها من أصل فلسطيني، وهذه الإجراءات تمثل تهديدا مباشرا للنظام الداخلي والأمن القومي للمملكة، التي تخشى أن يتخذ ترامب خطا سياسيا مماثلا أو أكثر تطرفا في ولايته الثانية"، يقول المعهد.

ويضيف: "ازدادت تلك الاحتمالات بسبب وجود حكومة يمينية في إسرائيل، وبسبب تعيين أفراد في حكومة ترامب داعمين لنهج سياسي يتطابق مع نهجه في السياق الإسرائيلي الفلسطيني".

ورأى المعهد أن إعادة تنفيذ خطة بروح "صفقة القرن" التي وضعتها إدارة ترامب بالتنسيق مع الحكومة الإسرائيلية، هو "سيناريو الرعب الأردني".

وأردف: "من وجهة نظر الأردن، فإن المخاطر الملموسة تتمثل في الترويج لتحركات إسرائيل لضم أجزاء من الضفة الغربية".

واستطرد: "والتشجيع المباشر أو غير المباشر لهجرة الفلسطينيين إلى الأردن، والإضرار بالمكانة الخاصة للأردن في الأماكن المقدسة في القدس".

وأكمل: "وفي نظر عمان فإن مثل هذه الخطوات قد تغلق الباب أمام فكرة حل الدولتين وتعزز مفهوم (الوطن البديل)؛ أي حل المشكلة الفلسطينية على حساب الأردن مع تقويض هويته الوطنية الفريدة".

وعدّ المعهد أن العديد من الأردنيين المقربين من القصر الملكي يرون أن هذا النوع من السيناريوهات هو "خط أحمر، بل وإعلان حرب".

وعلى صعيد آخر، أشار إلى "خطر إضافي يجده الأردن في إدارة ترامب".

فحسب المعهد، "تخشى عمّان من سياسة ترامب تجاه إيران، والتي من المتوقع أن تكون أكثر تشددا وقوة من سياسة بايدن، وقد تؤدي إلى تصعيد الصراعات الإقليمية التي تؤثر على المملكة".

وزعم أن "الأردن عانى، بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، من تخريب إيران ووكلائها في مجاله الجوي والبري، وهجوم حوثي على حرية الملاحة إلى ميناء العقبة، منفذه الوحيد إلى البحر".

مع ذلك، رأى المعهد أن "التهديدات التي أطلقها ترامب ضد إيران، لها وجه آخر إيجابي للأردن، وهي تعزيز الردع الأميركي في مواجهة إيران، واستمرار تراجع رؤية (الهلال الشيعي) وكبح جماح التخريب الإيراني الذي يطرق حدود الأردن في السنوات الأخيرة".

وفي ظل التحديات الناجمة عن سياسات ترامب، توقع المعهد أن يتحرك الأردن بطريقتين رئيستين.

الأولى، "أن يعمل على تحسين صورة عمّان في واشنطن، حيث سيحاول الأردن أن يظهر لترامب دوره الحيوي في المساعدة في الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة".

وتابع: "وذلك في مجموعة من القضايا التي تقع في قلب رؤية إدارته لاستقرار المنطقة، وعلى رأس تلك الملفات، الوضع في سوريا ما بعد الأسد، والحد من الإرهاب وتهريب المخدرات والأسلحة على حدود الأردن مع سوريا وإسرائيل".

وأردف: "بالإضافة إلى المساهمة في القتال ضد إيران ووكلائها، وتشجيع السلام في الأماكن المقدسة في القدس الشرقية".

وأكمل: "وتعزيز التكامل الإقليمي من خلال تطوير البنية التحتية للغاز وطرق المرور والتجارة بين موانئ البحر الأبيض المتوسط ودول الخليج، والاندماج في عمليات التطبيع العربي الإسرائيلي في ظل قيود الرأي العام الداخلي في المملكة".

أما المسار الثاني الذي سيعمل عليه الأردن، فيتعلق بمحاولته "إحباط صفقة القرن الجديدة".

إذ يرى المعهد أن الأردن "سيحاول إنشاء جبهة دولية موحدة مع مصر والسعودية ودول الاتحاد الأوروبي، من أجل إقناع إدارة ترامب بأن تقدم في ولايتها الثانية الخطوط العريضة لتسوية محسنة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والذي سينتهي بحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية".

ويذكّر المعهد بموقف الأردن إزاء القضية الفلسطينية؛ إذ رأى أن "الحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أثبتت أنه لا ينبغي تجاهل الفلسطينيين، وأن استقرار المنطقة بشكل عام والأردن بشكل خاص يعتمد على إيجاد تسوية عادلة للقضية الفلسطينية".

علاوة على ذلك، "ينظر الأردن إلى التطبيع الإسرائيلي السعودي، بصفته آخر ورقة ضغط كبيرة متبقية في أيدي العالم العربي لدفع إسرائيل إلى قبول التنازلات اللازمة لتحقيق التسوية التي طال انتظارها"، بحسب المعهد.

"في المقابل، فإن اتفاق التطبيع السعودي الإسرائيلي الذي لن يضمن أفقا سياسيا إسرائيليا فلسطينيا، يخلق -بالنسبة لإسرائيل- فرصة متجددة للترويج لفكرة (الوطن البديل)"، يقول المعهد.

ويتابع: "ولذلك، تعوّل الأردن على تأثير السعودية في واشنطن، وتطمح لتشكيل موقف عربي موحد بقيادة الرياض".

واستطرد: "وكلما نجح الأردن في زيادة وعي إدارة ترامب بأهميته وفي إقناعه بتعزيز ترتيب يمنح الفلسطينيين أفقا سياسيا، كان من الأسهل عليه تحقيق التوازن بين المصلحة في الحفاظ على العلاقات الإستراتيجية مع أميركا وإسرائيل، وبين ضغوط الرأي العام الداخلي".

في المقابل، يعتقد أن إسرائيل يمكن "أن تعكس للإدارة الأميركية القادمة تقديرها للأدوار الرئيسة التي يلعبها الأردن في العديد من القضايا في المنطقة، وتشجيع ترامب على إيلاء المزيد من الاهتمام لحساسيتها واحتياجاتها في ولايته الثانية، ودعوته إلى دمجها في عمليات التكامل الإقليمي".

وأضاف المعهد أن "التصرفات الإسرائيلية بهذه الروح لن تفيد الأردن والاستقرار الإقليمي فحسب، بل ستحسن أيضا العلاقات الثنائية الهشة بين إسرائيل والأردن".

دول الخليج

المعهد الإسرائيلي يرى أيضا أنه "يُنظر إلى انتخاب ترامب لرئاسة أخرى بشكل عام، على أنه حدث إيجابي بين دول الخليج، على الرغم من وجود تفضيلات إستراتيجية كبيرة وفروق دقيقة بينهما".

ويوضح مقصده بقوله: "على سبيل المثال، خلال ولاية ترامب الأولى، لم تتطور العلاقات الشخصية بينه وبين فريقه والقيادة القطرية".

وتابع: "هذا، مقارنة بعلاقات العمل الوثيقة وحتى الشخصية التي تطورت بينه وبين فريقه، خاصة صهره جيرارد كوشنر، مع حكام السعودية والإمارات خاصة مقارنة برئاسة باراك أوباما؛ حيث أسهمت هذه العلاقات في تشكيل (اتفاقيات إبراهيم)".

وأشار إلى أنه "على الرغم من التحسن الكبير في العلاقات بين المملكة والإمارات وإدارة بايدن قرب نهاية فترة ولايته، فإن العائلات المالكة في الخليج ترى مزايا أكثر من عيوب انتخاب ترامب للرئاسة، وتتوقع تعاونا أوثق واهتماما أكبر في واشنطن بمصالحهم".

وأضاف: "وباستثناء عدم وجود رد أميركي على هجوم إيران ووكلائها على المنشآت النفطية في السعودية في سبتمبر/ أيلول 2019، خلال رئاسة ترامب الأولى، يُنظر إلى انتخابه الثاني على أنه أفضل من انتخاب كامالا هاريس، وذلك لعدة شروط وظروف".

أولا، "لدى ترامب شخصيا والعديد من أعضاء فريقه معرفة مسبقة بقادة في الدول الرئيسة، مثل محمد بن سلمان، ولي العهد والحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية، ومحمد بن زايد، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة".

ووفق المعهد، فقد "أشاد ترامب بشكل خاص بابن سلمان خلال حملته الانتخابية، ووصفه بأنه صديق، بل وحافظ على علاقة وثيقة معه خلال فترة ولاية بايدن وقدم تقارير عن أعماله الواسعة وعائلته في الخليج".

ثانيا، "كما هو الحال في مصر، هناك ارتياح واضح في الخليج لأن ترامب في ولايته السابقة لم يضغط على الدول في مسائل حقوق الإنسان وانعدام الحرية السياسية".

في مقابل ذلك، ذكّر المعهد أن بايدن كان "ينتقد السعوديين بشدة، بل وهدد بفرض عقوبات، خاصة على خلفية قضية مقتل خاشقجي والحرب التي تشنها السعودية في اليمن".

ثالثا، "هناك توقعات في الخليج بأن ترامب سيقود خطا أكثر عدوانية من بايدن تجاه إيران، وسيقود حملة ضغوط اقتصادية ودبلوماسية على إيران من شأنها أن تزيد من إضعاف إيران".

مع ذلك، لفت المعهد الانتباه إلى أن "القضية الفلسطينية تتصدر جدول الأعمال الإقليمي في دول الخليج، نتيجة للأولوية التي اكتسبتها لدى الرأي العام بعد الحرب في قطاع غزة".

مشيرا إلى أن "هناك توقعات بأن ترامب سيعطي زخما لعملية سياسية إقليمية تشمل التطبيع بين إسرائيل والسعودية، وفي هذا الإطار أيضا جرى إحراز تقدم في العملية السياسية الإسرائيلية الفلسطينية".

ومن وجهة نظر المعهد، فإن "هذا التوقع ينبع من الإيمان بقدرته على التأثير على صناع القرار في إسرائيل، خاصة على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو".

وأفاد بأنه "في تصريحات علنية قبل انتخاب ترامب للرئاسة، ذكر كبار المسؤولين في الرياض وأبوظبي صراحة، أكثر من أي وقت مضى، رغبتهم في رؤية تقدم نحو إقامة دولة فلسطينية كشرط للتطبيع بين السعودية وإسرائيل".

وعقب المعهد: أن "هناك أدلة أكثر فيما يتعلق بتوجهات سياسة ترامب فيما يتعلق بإيران، وأدلة أقل فيما يتعلق بتسوية إقليمية تشمل التطبيع الإسرائيلي السعودي".

وأردف: "بعد نحو عام ونصف العام من الحرب، التي كانت للقضية الفلسطينية الأسبقية عليها، تلاشت الكثير من الخلافات، ولو مؤقتا على الأقل، بين التوجه الخليجي الأكثر اعتدالا والتوجه المصري والأردني تجاه هذه القضية".

وفيما يتعلق بالسياق الأميركي السعودي على وجه الخصوص، توقع المعهد أن يكون هناك "شهر عسل في العلاقات في ضوء الأهمية التي يوليها ترامب للمملكة، وقيادتها، في سياقات العلاقات القيادية، وأمن الطاقة، ومشتريات الأسلحة".

مضيفا: "وفي كثير من النواحي، بالنسبة لترامب، الذي يدعو إلى نهج الأخذ والعطاء في مجال الأعمال، فإن السعودية، وليست إسرائيل على وجه التحديد، هي الحليف الطبيعي".

وشدد في الوقت ذاته على أن "هذا لا يعني أنه لا يمكن أن تكون هناك تحديات للعلاقة، خاصة في كل ما قيل عن توقيع اتفاقية دفاع قوية، كما يطلب السعوديون، لكنها تتعارض مع رؤية ترامب الذي يريد تقليل الالتزامات العسكرية في الشرق الأوسط".

ونبّه المعهد إسرائيل من "وجود إجماع عربي واسع على أن المكون الفلسطيني يجب أن يكون له أهمية أكبر من تلك المنسوبة إليه في خطة السلام التي قدمها الرئيس ترامب في ولايته السابقة، أو كما قدمها بعضهم قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023".

ولذلك، حذرها من أن "رفضها سيجعلها في موضع عزلة، وبالتالي تضيع فرصة تاريخية للسلام مع الدول، وتتسبب في ضرر بعلاقتها مع مصر والأردن ودول (اتفاقيات إبراهيم)".

واختتم قائلا: "علاوة على ذلك، فإن رفض إسرائيل لأي مرونة في السياق الإسرائيلي الفلسطيني قد يخلق توترات بينها وبين إدارة ترامب، التي قد تتبنى نهج الدول العربية".