الهند وطالبان.. تعاون إستراتيجي يثير القلق في إسلام أباد

منذ يومين

12

طباعة

مشاركة

على مدار العقود الماضية مثلت حركة طالبان في أفغانستان حليفا مهما لباكستان، التي كانت تنظر إليها بصفتها لاعبا رئيسا في بحثها عن العمق الإستراتيجي.

ومع وصول طالبان إلى السلطة في أغسطس/ آب 2021، عد رئيس الوزراء الباكستاني آنذاك عمران خان هذا الحدث بمثابة "لحظة تحرير"، معلنا أن الجماعة الأفغانية "كسرت قيود العبودية".

وبالرغم من ذلك، رأى موقع "إي ريفرانسيا" البرتغالي، أن هذا الصعود "أتى بنتائج عكسية بالنسبة لباكستان، مع اقتراب طالبان من شريك غير متوقع".

أعلى تمثيل

في بداية عام 2025، التقى وزير الخارجية الهندي فيكرام ميسري مع القائم بأعمال وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي في دبي، وهو اجتماع على "أعلى مستوى بين البلدين منذ استعادة طالبان السلطة".

وأشار الموقع إلى أن "هذا التقدم يأتي في أعقاب سلسلة إجراءات أظهرت قطيعة دراماتيكية مع عقود من انعدام الثقة بين الهند وطالبان، والتي تعود جذورها إلى الدعم التاريخي الذي تقدمه باكستان للجماعة الأفغانية".

في المقابل، أوضح أن "التقارب المتعاظم بين الهند وأفغانستان يثير المخاوف في باكستان التي تواجه فترة من العنف الداخلي والتوترات المتزايدة مع حكومة طالبان".

ونقل الموقع عن افتخار فردوس، المؤسس المشارك لبوابة "يوميات خراسان"، التي تراقب قضايا الأمن الإقليمي، قوله: "هذا النزاع قد يزيد من العبء على الأفغان، الذين يعتمدون على الحدود الباكستانية".

وأضاف فردوس: "في نهاية المطاف، سيتحمل الشعب الأفغاني، الذي يعتمد على حدود باكستان، وطأة هذا النزاع".

في هذا السياق، يبين الموقع أنه "لعقود من الزمن، ظلت باكستان الداعم الرئيس لحركة طالبان، حيث وفرت الملاذ لقادتها ودعمت تمردها".

وعلى الجهة الأخرى، نظرت الهند إلى الجماعة كأداة للنفوذ الباكستاني، وألقت باللوم على حركة طالبان في الهجمات على بعثاتها الدبلوماسية في أفغانستان". وتابع: "ومع ذلك، تغيرت العلاقات بين الأطراف الثلاثة بشكل كبير.

علاقات عميقة 

واستعرض الموقع هذا التغيير، بالقول: إن إسلام أباد تواجه “أكثر أعوامها عنفا منذ 2016"، وتتهم حركة طالبان بإيواء الجماعة المسلحة التي تشن هجمات في باكستان”.

ولفت إلى أن حركة طالبان باكستان، مسؤولة عن أكثر من 600 هجوم داخل البلاد في عام 2024.

وأردف: "شمل رد إسلام آباد على هذه الهجمات، شن غارات جوية على الأراضي الأفغانية، مما يزيد من تدهور العلاقات".

في المقابل، أفاد الموقع بأن الهند "أعادت تشكيل نهجها، فكثفت الحوار الدبلوماسي مع مسؤولي طالبان".

وبين أن "تعيين إكرام الدين كامل مبعوثا لطالبان إلى نيودلهي والاجتماعات الأخيرة بين ممثلي البلدين، يشير إلى فتح شراكات اقتصادية وسياسية".

بالإضافة إلى ذلك، وصفت وزارة الخارجية الأفغانية، الهند بأنها "شريك إقليمي واقتصادي مهم".

واستطلع الموقع رأي السياسيين الباكستانيين بشأن التقارب بين الهند وأفغانستان، الذين رأوا أنه "لا يثير قلق إسلام آباد".

ووفقا للممثل الخاص السابق لباكستان في أفغانستان آصف دوراني، فإن "العلاقات بين إسلام آباد وكابول لا تزال عميقة".

وتابع: "كلا البلدين يتمتع بالسيادة ولديهما الحرية في إقامة العلاقات"، مشددا على أن باكستان "قد لا تعترض، ما لم يضر هذا التقارب بمصالحها ".

 تغيير المناخ

ومع ذلك، تظل الجغرافيا نقطة حرجة؛ إذ تعتمد التجارة الأفغانية بشكل أساسي على الطرق البرية الباكستانية.

لكن التعاون مع الهند في استخدام ميناء تشابهار في إيران قد يغير هذا السيناريو.

ويكمل الموقع أن "هذا البديل من شأنه أن يسمح لأفغانستان بتجاوز باكستان، وتوسيع خياراتها التجارية".

ويقع ميناء تشابهار في محافظة سيستان-بلوشستان في إيران، بالقرب من الحدود مع باكستان، وتتميز المنطقة تاريخيا بالصراعات الانفصالية.

إذ تتهم إسلام آباد نيودلهي بدعم حركات التمرد المحلية، ويعزز القبض على كولبوشان ياداف، الذي تزعم باكستان أنه جاسوس هندي، هذه الرواية.

وجرى اعتقال الجندي في البحرية الهندية والجاسوس، كولبوشان ياداف، في مارس/آذار 2016، بعدما دخل باكستان من إيران المجاورة. 

ورأى الموقع أنه "بينما تناقش طالبان والهند الفرص التجارية الجديدة، تبحث باكستان عن سبل لإصلاح علاقاتها مع الحكومة الأفغانية".

وتابع: "يُنظر إلى عودة محمد صادق كممثل خاص لها في أفغانستان أخيرا، على أنها محاولة من جانب إسلام آباد لتغيير المناخ المتوتر".

ومع ذلك، حذر المحلل السياسي فردوس من مخاطر زيادة التكامل بين الهند وأفغانستان.

وقال: "ستنظر باكستان إلى الإشارة إلى ميناء تشابهار ودوره في التجارة الهندية الأفغانية، على أنها تدخل".

وخلص الموقع إلى أن "إعادة تشكيل هذه التحالفات، قد تحدد الاتجاه الإستراتيجي لجنوب آسيا، مع ظهور أفغانستان بصفتها ساحة للخلاف بين الشركاء القدامى والجدد".