محليا وإقليميا.. هل تستثمر "الشرعية اليمنية" في تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية؟

يوسف العلي | منذ ١٣ ساعة

12

طباعة

مشاركة

فور عودته إلى البيت الأبيض، أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وضع مليشيا الحوثي اليمنية على قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" والتي تعرف اختصارا بـ (FTO)، الأمر الذي أثار تساؤلات عن مدى تأثير هذا القرار على الجماعة الموالية لإيران.

وفي 22 يناير/ كانون الثاني 2025، وقّع ترامب أمرا تنفيذيا يعيد تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية أجنبية"، وذلك بعدما رفعهم سلفه الرئيس الأميركي السابق جو بايدن من هذا التصنيف الذي أصدره الأول خلال ولايته الأولى في عام 2021.

لكن بعد اندلاع عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ودخول الحوثيين على خط المواجهة مع إسرائيل "دعما للفلسطينيين"، باستهداف السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، وضعهم بايدن عام 2024 في قائمة "الإرهابيين العالميين المصنفين بشكل خاص" (SDGT).

ويركز هذا التصنيف الأخير على تجميد الأصول وحظر المعاملات المالية؛ أي أنها خطوة اقتصادية أكثر وتديرها الخزانة الأميركية وفيها بعض الاستثناءات بالسماح بالمساعدات الإنسانية.

أما قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" (إف تي أو)، فتشمل أيضا تجميد الأصول وحظر التعاملات، لكنها تفرض عقوبات شديدة على من يحاول تجاوز هذه الخطوة، وتصدر عادة عن وزارة الخارجية الأميركية.

"رسالة واضحة"

وأشاد رئيس الحكومة اليمنية الشرعية (المعترف بها دوليا)، أحمد عوض بن مبارك، بإعادة إدراج الحوثيين على لوائح الإرهاب، مؤكدا أن "عدم الضغط عليهم أطال أمد الأزمة في اليمن إلى أكثر من 10 سنوات".

ورأى خلال مقابلة تلفزيونية في 24 يناير، أن إعادة إدراج الحوثيين على قوائم الإرهاب "خطوة بالاتجاه الصحيح" ويرسل "رسالة واضحة ومهمة جدا" من المجتمع الدولي والولايات المتحدة للضغط عليهم.

وشدد بن مبارك على ضرورة التعاطي مع أزمة اليمن من "منظور شامل، سياسي وأمني واقتصادي، وليس إنسانيا فقط".

وفي السياق أيضا، قال بن مبارك الذي زار واشنطن في 20 يناير، والتقى بعدد من المسؤولين والنواب في مجلس الشيوخ الأميركي: إن قرار تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية أجنبية" سيساعد على تجفيف مصادر تمويل الجماعة ويقيد كثير من أنشطتها الإرهابية داخليا وخارجيا.

وأكد أن القرار يُعد "أداة قانونية واقتصادية لعزل أذرع إيران الإرهابية في المنطقة"، مشيرا إلى أنه "يمكن أن يشكل ضغطا حقيقيا على الحوثيين"، حسبما نقلت وكالة "سبأ" اليمنية الرسمية في 26 يناير.

وطبقا لما أورده الإعلام الحكومي، أشار بن مبارك إلى أن القرار كان ضروريا لمنع الحوثيين من استغلال أدوات العمل الإنساني والبنية الاقتصادية في اليمن لتمويل حربهم. 

وأكد رئيس الحكومة اليمنية الشرعية، أن "الأولوية الآن هي العمل المشترك لوضع رؤية لآليات تنفيذ القرار بحيث تضاعف الضغوط على الجماعة ولا تؤثر على الوضع الإنساني وحياة المواطنين في كل مناطق اليمن".

وفي المقابل، أدانت جماعة الحوثي إعادة تصنيفها “منظمة إرهابية أجنبية”، وقالت: إن "القرار هذا لن يزيدها إلا ثباتا وصمودا على الحق ودفاعا عنه وفي المقدمة حق الجمهورية اليمنية في التحرر والاستقلال والسيادة على كامل ترابها ونصرة المظلومين".

ورأت في بيان لها أن "هذا القرار القديم الجديد لا يخدم الاستقرار في المنطقة وجهود السلام التي ترعاها الأمم المتحدة لتحقيق السلام العادل والمشرف للشعب اليمني".

كذلك، دعت وزارة خارجية حكومة الحوثيين في صنعاء (غير معترف بها دوليا)، "المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والإنسانية إلى إدانة هذا التصنيف الذي سيكون له تداعيات سلبية على الوضع الإنساني في اليمن".

في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، انقلبت مليشيا الحوثي المدعومة من إيران على السلطة الشرعية في اليمن، وسيطرت على صنعاء ومدن أخرى؛ ليدخل البلد في دوامة العنف، لا سيما بعد دخول تحالف عسكري عربي بقيادة السعودية في عام 2015 لدعم الحكومة المعترف بها.

"تداعيات محتملة"

وعن مدى تأثير القرار على المليشيا، خصوصا أن لديها مكاتب تمثيل في إيران وعُمان والعراق، رأى باحثون أن التصنيف سيوسع نطاق العقوبات المفروضة على الحوثي وداعميهم، وأنه استهداف لطهران بشكل غير مباشر.

وقال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، نبيل البكيري، إن "تداعيات هذا التصنيف الأميركي، ستكون سياسية وعسكرية واقتصادية، بحيث يُضيّق الخناق على هذه الجماعة، وبالتالي ستمر بحالة عزلة دولية ويُفرض عليها حصار اقتصادي خانق في الموانئ والبنوك وتحويل الأموال إليها".

وأضاف البكيري لـ"الاستقلال" أن "التداعيات ستنال حتى الذين يعيشون تحت سلطة الحوثيين، فهم في الغالب يستلمون حوالات مالية شهرية من ذويهم وأقربائهم في الخارج ودول الشتات".

أما على الجانب العسكري، يرى البكيري، أن "هذا يعتمد على جدية الحكومة اليمنية، وفيما إذا كانت مستعدة لاستكمال معركة استعادة الشرعية أم لا، إضافة إلى صدقية القرار الأميركي".

وفي هذه النقطة، قال: "نحن نخشى أن يكون هذا القرار مجرد ورقة ضغط على الحوثيين هدفها تقديم تنازلات للإدارة الأميركية الحالية على حساب الشرعية اليمنية".

وبيّن البكيري أن "القرار كان واضحا بأن كل الكيانات الداعمة للحوثيين ستكون معرضة للعقوبات الأميركية، لكن هل هذا التصنيف يشمل كل الأطراف الدولية الفاعلة في الملف اليمني، أم الجهات الفاعلة اقتصاديا، مثل دول شرق آسيا: الصين واليابان وكوريا، هل سيلتزم الجميع؟".

وتوقع الخبير اليمني أن "يكون للعقوبات تأثير بخصوص الحوالات المالية ومراقبتها هي والأشخاص الذين يحملون جوازات سفر صادرة من مناطق سيطرة الحوثيين، إضافة للأطراف التي تتعاون وتتواصل معهم، وقد يشملون بالتصنيف ذاته الذي وضعت تحته هذه الجماعة".

وعلى الوتيرة ذاتها، رأى المحلل السياسي والعسكري الأميركي في "معهد هدسون"، ريتشارد وايتز، أن إدارة ترامب بفرضها هذا التصنيف تقول للحوثيين "إنها ستتعامل معهم بقسوة إذا ما استمروا في تهديد أمن البحر الأحمر أو المصالح الأميركية".

وأوضح وايتز لموقع "الحرة" الأميركية في 24 يناير، أن "ترامب يريد إثبات أن من رفعوا الحوثيين من هذه القائمة من الإدارة السابقة، كانت سياساتهم غير ناجحة في إدارة هذا الملف".

كما يريد ترامب أن يثبت أن "هذه الجماعة ما هي سوى دمية في يد إيران"؛ لذلك يمثل أي استهداف لهذه الجماعات يمثل استهدافا لطهران بطريقة غير مباشرة، وفق وايتز.

"تمهيد للاستهداف"

وفي السياق ذاته، قال الباحث اليمني بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن، إبراهيم جلال، إن “إعادة تصنيف الولايات المتحدة للحوثيين منظمة إرهابية يعمق عزلة الجماعة سياسيا”.

لكنه في المقابل "يجمد محادثات خارطة الطريق، ويرفع كلفة التسهيلات الاقتصادية واللوجستية التي تقدمها بعض الدول في الإقليم وخارجه".

وفي أبريل/ نيسان 2023، بدأت "محادثات خارطة الطريق" بين السعودية والحوثيين لإيجاد حلّ سياسي في البلاد.

وجاء ذلك عندما التقى السفير السعوي لدى اليمن، محمد الجابر، مسؤولين حوثيين في صنعاء، ثم زيارة وفد حوثي إلى السعودية، ولقاء المسؤولين هناك بوساطة عُمانية.

هذه المحادثات التي وصفها الوفد الحوثي في وقتها، بأنها كانت جدية وإيجابية، تجمدت منذ ذلك الحين، خصوصا بعد استهداف الجماعة للسفن في البحر الأحمر، وخليج عدن، وشن هجمات صاروخية وآخر بطائرات مسيرة على إسرائيل. 

وأضاف جلال عبر تدوينة على منصة "إكس" في 23 يناير، أنه "لم تكتفِ الإدارة الأميركية الجديدة بالمناورة السياسية الحوثية  الأخيرة واختارت انفتاحها للتعامل مع التهديد في سياقه الحقيقي؛ كونه يشكل تحديا إستراتيجيا لأمن دول الإقليم والملاحة الدولية".

وأكد الباحث اليمني أن التصنيف، “سيوسع نطاق العقوبات المفروضة على الحوثيين وداعميهم بشكل مباشر وغير مباشر”.

وفي حال استمرار هجماتهم العابرة للحدود، فإن التنصيف يمهد لاستهداف قيادات الجماعة وقدراتها بشكل أكثر جدية، فضلا عن تعزيز احتمالات تنفيذ عملية عسكرية لاستعادة الساحل التهامي بالكامل، وفق تقديره.

وبحسب الباحث اليمني، البراء شيبان، فإن الحكومة اليمنية تبدأ مع إدارة ترامب، وهي مطمئنة قليلا، ولديها هامش في الحركة داخل واشنطن أكبر بكثير مما كان عليه الحال في عهد بايدن؛ إذ كانت تخضع للضغوط من أجل الإسراع بتسوية سياسية مع الحوثيين دون أن يكون لها الغلبة.

ونقلت صحيفة "أخبار اليمن" عن شيبان في 26 يناير، قوله إن "الحكومة اليمنية تبدأ كذلك الآن مرحلة جديدة؛ إذ تتطابق معها رؤية إدارة ترامب في النظر للحوثيين وطريقة تسوية الملف اليمني، وهذا يعني أن يكون للشرعية الكلمة العليا في أي حل سياسي".

وتوقع شيبان أن تتوالى العقوبات على الحوثيين، وأن تصنيفها "منظمة إرهابية أجنبية" ليس سوى البداية؛ إذ ستمضي الإدارة الأميركية بضغوطات قصوى ضد شركاء الجماعة الإقليميين.

ويرى الباحث الإيراني وجود تطابق وتشابه بين نظرة الحكومة اليمنية والإدارة الأميركية الجديدة، بـ"اشتراكهما في النظر إلى الدور الإيراني بالتخريبي، وفي وجوب إنهاء نفوذ طهران في البحر الأحمر، وكذلك في وقف تدفق الأسلحة الإيرانية".

وأورد الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب في 22 يناير، أن الحوثيين "شنوا هجمات كثيرة على بنى تحتية مدنية، شملت مطارات مدنية في السعودية"، بالإضافة إلى إطلاقهم "أكثر من 300 مقذوف على إسرائيل منذ أكتوبر 2023".