بعد الفشل بغزة.. صحيفة إسرائيلية: لا حل دون الاعتراف بحقوق الفلسطينيين
"قنوات التلفاز مليئة بالتصريحات المؤلمة حول ما دفعناه مقابل المختطفين"
"لن تنتهي الحرب بإطلاق سراح جميع المختطفين، والطريقة الوحيدة لكسر دائرة الإرهاب تتلخص في الانضمام إلى المعتدلين والسعي إلى التوصل لاتفاق سياسي، هذا هو الدرس الذي تعلمناه من 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023".
بهذه العبارة، افتتحت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية تقريرا لها، مؤكدة أنه أصبح على الإسرائيليين "إدراك أنه على الجانب الآخر، هناك شعب لديه أيضا الرغبة في الحياة، وأنه يتعين رؤيتهم".
واستندت في دعوتها هذه إلى "نجاح" حركة المقاومة الإسلامية حماس في تجنيد المزيد من المقاتلين في غزة، وتنامي خطر العمليات في الضفة الغربية.
تجنيد مستمر
وأبدت الصحيفة خيبة أملها من إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، ضمن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وقالت: "دعونا نتحدث عن ثمن الصفقة، قنوات التلفاز مليئة بالتصريحات المؤلمة حول ما دفعناه مقابل المختطفين".
وتابعت: "كلنا نشعر بالأسى إزاء إطلاق سراح الإرهابيين الذين تلطخت أيديهم بالكثير من الدماء، من أجل المدنيين الأبرياء الذين اختطفوا من منازلهم"، وفق تعبيرها.
وعبرت الصحيفة عن قلقها من عودة عمليات المقاومة، قائلة: "بعيدا عن هذه الكآبة، هناك مخاوف من عودة المفرج عنهم إلى القتل".
ونقلت عن مصادر عسكرية قولها إنه "في غزة اليوم، مقابل كل شخص يجرى قتله، تتمكن حماس من تجنيد آخر مكانه، وفي بعض الأحيان اثنين".
كما أشارت إلى أنه "حتى في الأسابيع القليلة الماضية، عندما دار الحديث عن سحق حماس، لم تجد الحركة صعوبة في تجنيد أشخاص جدد".
وبينت أن "حقيقة أن حركة حماس تتحكم في إدارة توزيع الطعام، تركتها في السلطة".
واستطردت: "رجل دُمر منزله، ويعيش لاجئا في مخيم على الشاطئ، يتلقى عرضا للتجنيد في حماس، وهنا يصبح اختياره سهلا للغاية".
مخزون ممتلئ
وحذرت من أن الحياة في غزة وفي الضفة الغربية، هي "بيضة الإرهاب التي لا يمكن تجفيفها بالقوة"، وفق وصفها.
وبينت أنه "في كل لحظة يولد هناك إرهابي جديد، قلة الأمل، واليأس، والمضايقات من المستوطنين في الضفة التي تفاقمت كثيرا في أيام هذه الحكومة، تؤدي إلى امتلاء مخزون الإرهاب مجددا في كل مرة"، بحسب تعبيرها.
"ويحدث هذا أيضا في القيادة، إذا قُتل (رئيس المكتب السياسي السابق لحماس) يحيى السنوار، فإن أخاه محمد يدخل مباشرة في مكانه، كما دخلا هما في مكان أحمد ياسين، وأحمد الجعبري، وآخرين"، تقول الصحيفة.
وأضافت: "ما يجرى مثل حوض استحمام ضخم، من جهة هناك صنبور يفرغه ومن الجهة الأخرى صنبور قوي يعيد ملأه مجددا".
وأشارت إلى أنه "في بعض الأحيان، يكون معدل الملء أكبر من قليل من التفريغ؛ لذلك لا يمكن النجاح في هذا بالقوة العسكرية فقط".
ورأت أنه "لكي يتم تجفيف الإرهاب، يجب أن تكون هناك سياسة تفرق بين المتطرفين الذين لا يمكن التحدث معهم، وبين المعتدلين الذين نريد بناء حياة مشتركة معهم"، وفق وصفها.
ودعت إلى "السعي للوصول لتسوية، وعذرا على الكلمة القاسية، إلى السلام". وحذرت من أنه "عند عدّ الجميع إرهابيين يستحقون الموت، فإننا لا نوفر للمعتدلين الدافع للانضمام إلينا".
وأكدت أنه "بهذه الطريقة لن نجفف بيضة الإرهاب أبدا، لأننا عملنا بجد لكي لا يكون هناك أحد لنتحدث معه"، بحسب تعبيرها.
وعزت ذلك إلى أن "حكومة بنيامين نتنياهو رعت طوال السنوات حماس المتطرفة، وتجاهلت السلطة الفلسطينية المعتدلة أكثر"، على حد زعمها.
واستنكرت أنه رغم محاربة السلطة الفلسطينية للفصائل المسلحة في الضفة الغربية ونجاحها في منع 18 سيارة مفخخة من الوصول إلى إسرائيل، واعتقال مئات المسلحين وإصابة العشرات منهم؛ فإن إسرائيل "تدير لها ظهرها؛ لأنها قد تسعى للسلام".
تفضيلات الحكومة
وانتقدت الصحيفة الحكومة قائلة: “نحن ننسى أن نلقي نظرة في المرآة لنرى فيها وجوه حكومتنا المتطرفة”.
وبينت أن "الحكومة الأكثر تطرفا في تاريخ الدولة لا ترغب في سماع أي شيء عن وقف دائم لإطلاق النار، ناهيك عن السلام".
وضربت مثالا "يوضح تفضيلات الحكومة، ففي عام 1989، جرى اغتيال البروفيسور مناحيم شتيرن، الحائز على جائزة إسرائيل، في القدس"، طعنا على يد شخصين لم يكشف عن هويتهما.
وتابعت الصحيفة: "ابنته، مايرا نشرت مؤخرا منشورا لاذعا قالت فيه إن قاتلي والدها جرى إطلاق سراحهم قبل 11 عاما، في صفقة ساخرة لم تكن تهدف إلى إنقاذ الأرواح".
وأوضحت مقصدها قائلة: "الولايات المتحدة وضعت أمام حكومتنا حينها خيارين؛ إطلاق سراح أسرى أو تجميد البناء في المستوطنات لعدة أشهر".
واستطردت: “اختارت الحكومة إطلاق سراح الأسرى، هل يجوز الإفراج عنهم لصالح البناء في المستوطنات، لكن لا يصلح الأمر من أجل إنقاذ الأرواح؟”
وأشارت إلى أنها لا تخشى من إطلاق سراح الأسرى في الصفقة، ليس لأنهم ليسوا خطرين، بل لأن إطلاقهم لا يغير موازين الحرب.
وأضافت: "ما يُخيفنا أكثر هو ترك المختطفين في الأنفاق، وأن تعيق الحكومة الإسرائيلية الاتفاق (يتضمن 3 مراحل) قبل انتهائه، وأن يفضل نتنياهو الشراكة مع (وزير المالية المتطرف بتسلئيل) سموتريتش".
وأكدت الصحيفة أن "الحرب لن تنتهي عند تحرير جميع المختطفين، ولا عندما يعود جميع الجنود إلى منازلهم، ولكن عندما نفهم جميعا أن هناك شعبا على الجانب الآخر، له أيضا رغبة في العيش، ويجب علينا أن نراه"، في إشارة إلى الفلسطينيين,
وأردفت: "لن نتمكن من العيش في هذا الفضاء، إذا اعتمدنا فقط على قوتنا وعزيمتنا. إذا كنا نرغب في الحياة، فلا خيار أمامنا سوى السعي للاندماج في الشرق الأوسط".