عقيد إسرائيلي يحذر: الحدود المصرية أصبحت تشكل تهديدا أمنيا لنا

منذ ٧ ساعات

12

طباعة

مشاركة

تصاعدت التوترات أخيرا على الحدود بين مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة، رغم هدوئها منذ توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1979.

وفي هذا الإطار، ترصد صحيفة "زمان إسرائيل" عددا من الأحداث أخيرا على الحدود، تنذر بظهور تهديدات جديدة على المدى الطويل، مستشهدة بسقوط أنظمة مفاجئة في المنطقة مثل سوريا.

ويحذر قائد لواء “باران” المسؤول عن هذه المنطقة العقيد شيمر رافيف، من أن الحدود قد تشهد تغييرات كبيرة بسبب زيادة التهديدات الأمنية الناتجة عن تهريب المخدرات واستخدام الطائرات بدون طيار، مع نقص المعلومات الاستخباراتية المتاحة للجيش الإسرائيلي.

وتذكر الصحيفة أنه في ظل تصاعد العنف، كانت الحدود قد شهدت حوادث دامية مثل هجوم أحد حرس الحدود المصريين الذي أدى إلى مقتل جنود إسرائيليين.

ولمواجهة هذه التحديات، تلفت إلى أن الجيش الإسرائيلي طور قدراته على التصدي للطائرات بدون طيار باستخدام أسلحة إلكترونية وتعزيزات تقنية.

ازدياد التهريب

وقالت الصحيفة: إن "الحدود التي يبلغ طولها 200 كيلومتر بين إسرائيل ومصر لا تعد إحدى الجبهات الرئيسة في الحرب الحالية، التي اندلعت عقب هجوم (حركة المقاومة الإسلامية) حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023".

ومع ذلك، تنوه إلى أن السياج الحدودي مع مصر يشهد تغييرات كبيرة في خضم هذا الصراع، حيث يحذر قائد اللواء الإقليمي المسؤول عن هذه المنطقة من إمكانية اشتعال هذه الجبهة.

وفي هذا الصدد، قال العقيد شيمر رافيف، خلال جولة على الحدود: "إذا سألت رئيس الأركان، فسيخبرك أن لدينا سبع ساحات في هذه الحرب، لكنه لا يحسب هذه الجبهة رغم الوضع القائم فيها".

وأضاف للصحيفة أنه منذ توقيع اتفاقية السلام بين إسرائيل ومصر والتي كانت الأولى بين تل أبيب ودولة عربية، بقيت الحدود هادئة إلى حد كبير. 

وبحلول عام 1982، انسحبت قوات الجيش الإسرائيلي من شبه جزيرة سيناء، التي احتلتها في حروب سابقة، ورُسمت الحدود بين الجانبين وفقا لخط حدودي اعتباطي رُسم في الرمال، من رفح إلى إيلات.

وذلك بموجب اتفاقية وُقعت عام 1906 بين الإمبراطورية البريطانية والدولة العثمانية، بحسب ما ورد عن الصحيفة.

وفي عام 2010، بدأت إسرائيل في بناء حاجز كبير على طول الحدود، وكان الهدف الرئيس منه منع دخول المهاجرين من إفريقيا وصد "الإرهابيين الإسلاميين العاملين في منطقة سيناء"، وفق وصف العقيد.

ويكمل رافيف: "في السنوات التي سبقت ذلك، كثر تهريب المخدرات والدعارة وتجارة بالبشر، وكان المتسللون من إفريقيا من أبرز التحديات".

وأضاف، متذكرا خدمته كقائد سرية في لواء المظليين، أنه كان من ضمن المرسلين من حدود قطاع غزة للمساعدة في التعامل مع آلاف المهاجرين الاقتصاديين وطالبي اللجوء الذين نُقلوا إلى المحطة المركزية في بئر السبع.

وبحلول عام 2013، يوضح رافيف أن بناء السياج الذي يبلغ طوله 241 كيلومترا كان قد اكتمل، وانخفض عدد الذين يعبرون الحدود لإسرائيل بشكل كبير.

ولكن مع ذلك، تؤكد الصحيفة العبرية أن المحاولات المتكررة لتهريب المخدرات عبر السياج العالي لإسرائيل استمرت. 

وأضافت أنه "عادة ما تنفذ هذه العمليات مجموعات من المهربين على الجانب المصري، حيث تُلقى حزم تحتوي على الهيروين أو الماريجوانا أو مواد محظورة أخرى عبر الحدود، لتُجمع على الجانب الإسرائيلي من قبل مهربين إسرائيليين يستخدمون الشاحنات".

وهنا، يقول رافيف إن "ظاهرة التهريب تطورت في العقد التالي، ورغم أنها كانت موجودة سابقا، فإنها لم تكن بهذا الحجم والعنف".

خطر أمني جديد

وعلى سبيل المثال، تشير الصحيفة إلى أنه في يناير/ كانون الثاني 2024، اقتربت مجموعة مكونة من حوالي 60 مهربا، معظمهم مسلحون، من الحدود على الجانب المصري في محاولة لتهريب بضائع محظورة إلى إسرائيل. 

ووفقا لقائد اللواء، ركض 10 من المهربين باتجاه الحدود، بينما أطلق الآخرون، وعددهم 50، النار على حراس الحدود المصريين لإجبارهم على الاحتماء، وأيضا على الجنود الإسرائيليين الذين أُرسلوا لإحباط التهريب.

وتذكر الصحيفة أن جنود الجيش الإسرائيلي ردوا بإطلاق النار، مما أسفر عن مقتل خمسة من المهربين. 

ومن الجانب الإسرائيلي، أُصيبت مجندة إسرائيلية بطلق ناري في بطنها، بحسب ما ورد عن الصحيفة. 

ومن وجهة نظر العقيد رافيف، فإن رد الجيش بإطلاق النار في هذه الحادثة لم يكن أمرا مفروغا منه، حيث تجنب حتى صيف 2023، التدخل في معظم حالات التهريب العنيفة.

لكن في 3 يونيو/ حزيران 2023، اخترق حارس حدود مصري (يدعى محمد صلاح) السياج المشترك مع إسرائيل وقتل 3 جنود إسرائيليين كانوا في موقع حراسة. 

وعلى إثر هذا الحادث، اتّخذ قرار بتغيير سياسة التعامل، إذ أدركت إسرائيل أن "علميات التهريب الإجرامية تشكل أيضا خطرا أمنيا"، على حد قول رافيف.

وحينها قال الجيش المصري إن ما حدث كان مطاردة لعناصر تهريب المخدرات، وهو ما تعارض مع الرواية الإسرائيلية التي أشارت إلى أنها عملية نفذها عنصر أمن مصري ضد جنوده.

حرب إلكترونية

ونتيجة لذلك، تلفت الصحيفة إلى أنه خلال الحرب مع حركة حماس في غزة، غير الجيش الإسرائيلي رسميا قواعد الاشتباك على الحدود مع مصر، وسمح للجنود باستخدام القوة المميتة ضد المهربين. 

كما أصدر كبار الضباط تعليمات للواء باران بـ "منع أي محاولة لعبور الحدود أو تهريب بضائع محظورة عبرها".

وبهذا الشأن، قال رافيف: "بعد تغيير سياسة إطلاق النار، تغير سلوك العدو، إذ لم يعد يقترب المهرب من السياج، لأنه يدرك أننا سنستهدفه".

وأضاف: "ولكن ظهرت إثر ذلك ظاهرة جديدة، وهي الطائرات المسيرة، التي بدأت في مايو/ أيار 2024، واكتسبت زخما”.

ووفق ما ورد عن رافيف، فإن المهربين على الجانب الإسرائيلي من الحدود يتسللون بهدوء إلى مناطق تبعد كيلومترا إلى خمسة كيلومترات عن السياج، بشكل خفي دون أن يلاحظهم أحد.

ثم يطلقون الطائرات المسيرة فوق الحدود المصرية، ليهبطوا بها في مناطق تبعد كيلومترا إلى ثلاثة كيلومترات عن السياج. 

ويتابع العقيد أن "المهربين يحملون على الجانب المصري الطائرات المسيرة ببضائع محظورة، ليعيد المهربون على الجانب الإسرائيلي تحليقها باتجاههم".

وهنا، أشار رافيف إلى أن "الجيش الإسرائيلي في البداية لم يكن على علم بحدوث هذه الظاهرة". 

وقال: "شعرنا على مدار شهرين بالانتصار على عمليات التهريب، واعتقدنا أنها توقفت تماما، ولكن اكتشفنا أنهم يستخدمون طريقة أخرى للوصول".

وفي هذا الإطار، تنقل الصحيفة عن العقيد رافيف قوله إنه "من الواضح اليوم أن كل من يقترب من الحدود يخطط لتنفيذ هجوم إرهابي"، وفق تعبيره.

وللحد من استخدام الطائرات المسيرة عبر الحدود، سُمح لقوات جيش الاحتلال بإطلاق النار عليها لإسقاطها. 

كما نشر الجيش -بحسب الصحيفة العبرية- وسائل حرب إلكترونية قادرة على تعطيل الطائرات المسيرة أو السيطرة عليها وإسقاطها.

"جبهة حقيقية"

وبالتأكيد على أن "ما يحدث اليوم هو سباق تعلم"، قال رافيف: “نحن ندرك أن المحاولات ستستمر، ومهمتنا هنا هي منع هذه الظاهرة من التطور”.

ومن ناحية أخرى، كشف العقيد أن "سيطرة إسرائيل على محور فيلادلفيا أسهمت في زيادة محاولات التهريب على طول الحدود الإسرائيلية المصرية". 

ومع ذلك، أعرب رفيف عن قلقه من أن التهريب باستخدام الطائرات المسيرة قد يتطور إلى تهديد أكثر خطورة، مثل الطائرات المسيرة المحملة بالمتفجرات أو طائرات كبيرة بما يكفي لنقل الأشخاص عبر الحدود.

وفي هذا الإطار، أشار إلى أن أحد التحديات الرئيسة لإسرائيل هي القدرة على الرد على هذه المحاولات. 

ويتساءل: "إذا اقترب شخص من السياج، يمكننا إطلاق النار عليه، ولكن ماذا لو أطلق أحدهم طائرة مسيرة من الجانب الآخر، على بعد 3 كيلومترات؟".

وألمح بذلك إلى أنه "في مثل هذه الحالات لن تتمكن سوى القوات المصرية من التصرف، وليس الجيش الإسرائيلي".

وعلى الجانب الإسرائيلي من الحدود، هناك تحد كبير يتمثل في القدرة على استخدام الذخيرة الحية ضد المهربين في المناطق البعيدة عن السياج، في الحالات التي تفشل فيها محاولات اعتقالهم. 

ويكمل رافيف حديثه قائلا: "إذا كانت الإجابة في الماضي هي إطلاق طلقات تحذيرية أو إطلاق النار على الأقدام، حتى لو كان المتورط مواطنا إسرائيليا، فإن محاولة الوصول إلى السياج كانت تُبرر إطلاق النار. ولكن ماذا يحدث إذا كان على بعد خمسة كيلومترات داخل الحدود؟".

وفي هذه النقطة، يشير إلى ما يُسمى بـ "إطلاق النار الصديق" قائلا: “إن التحدي يزداد لأن القوات الإسرائيلية وقوات أمن أخرى تعمل بنفس المكان”.

وكما تنقل الصحيفة العبرية، وصف رفيف الحدود المصرية بأنها "جبهة حقيقية" بسبب احتمال اشتعالها، لكنه أكد أنها ستظل دائما ثانوية.

وللتوضيح أكثر، شدد رافيف على أن "التهديد، على المدى القصير، يتمثل هنا في الإرهاب والطائرات المسيّرة أو الصواريخ؛ التي قد تأتي من سيناء". 

وعلى المدى الطويل، قد تتطور تهديدات أخرى، ففي إشارة إلى سوريا، يلفت إلى أن "إسرائيل تعلمت مؤخرا أن الأنظمة من حولها قد تسقط".

تهديدات محتملة

وفي هذا الإطار، يقول العقيد إن الوضع مستقر حاليا، حيث يجري محادثات مع زملائه على الجانب الآخر، في إشارة إلى مصر.

وتبرز الصحيفة هنا أن رافيف زار القاهرة قبل أسابيع قليلة من محادثته معها، وذلك بهدف تنسيق القضايا التكتيكية مع نظرائه المصريين. 

وفي مقابلته مع الصحيفة العبرية، قال: "طالما أن المصلحة المشتركة موجودة، نستغلها بالكامل مع الحفاظ على مصالحنا".

وعندما سُئل عن أكبر عائق، أجاب رافيف بأن "المشكلة تكمن في نقص المعلومات الاستخباراتية، لأن الاهتمام الذي توليه الدولة لهذه الحدود ليس مرتفعا جدا". 

وبشكل عام، أظهر أن "لديه ما يكفي من القوات على الحدود لمواجهة التهديدات الحالية"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن "هذا يعتمد كثيرا على ما ستؤول إليه هذه المنطقة الآن".

وفي هذا الصدد، تذكر الصحيفة أن لواء "باران" يضم حاليا كتيبتين نظاميتين فقط، "كاراكال" و"بردلس"، وكلاهما كتائب مشاة خفيفة مختلطة، إلى جانب بعض وحدات الاحتياط والدعم الشرطي.

وفي نهاية حديثه، خلص العقيد إلى أن "الحدود مع مصر هي واحدة من المناطق القليلة في إسرائيل التي تشهد وجودا دائما ومهما للمقاتلات".

كما يعتقد أنه "من السهل أن يصبح الوضع أسوأ وأكثر خطورة، ولهذا السبب تحديدا تعمل القوات الإسرائيلية على بناء مزيد من المواقع، وذلك استعدادا لاستقبال مزيد من القوات لمجابهة التهديدات المحتملة".