ألمانيا تتجه لإنهاء حق اللجوء.. هكذا يخطط حزب البديل الأكثر تطرفا بأوروبا

منذ ٨ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في خضم الأزمة السياسية المتفاقمة في برلين، يلقى حزب البديل من أجل ألمانيا دعما كبيرا، لكنه يتعرض أيضا لمظاهرات بسبب سياساته المتطرفة.

ويخشى فريق كبير في برلين عودة “البديل من أجل ألمانيا” إلى الساحة السياسية؛ حيث يصنفه البعض على أنه أخطر حزب يميني متطرف في أوروبا. 

وقالت صحيفة "الإندبندينتي" الإسبانية: إن الناجي الشهير من "الهولوكست" ألبرشت واينبرغ، الذي يقترب من بلوغ عامه المائة، كان شاهدا على حدثين استثنائيين في نفس الأسبوع.

تمرير برلماني

فقد صادف 27 يناير/كانون الثاني 2025 الذكرى الثمانين لتحرير معسكر أوشفيتز بيركيناو في بولندا المحتلة من قبل النازيين؛ حيث كان محتجزا هناك. 

وبعد يومين، نجح حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف في وضع بصمته على اقتراحين بشأن الهجرة تقدم بهما الحزبان المحافظان، الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي. 

وأمام هذه الأحداث، عبّر واينبرغ عن مخاوفه قائلا: “أخشى أن يعيد التاريخ نفسه”، كما قرر إعادة جائزة وسام الاستحقاق الفيدرالية احتجاجا على تعاون المرشح لمنصب المستشار الألماني فريدريش ميرز مع حزب البديل لألمانيا اليميني المتطرف.

وقال واينبرغ (99 عاما)، الذي نجا من ثلاثة معسكرات اعتقال أثناء الهولوكوست: "أنا أشعر بخيبة أمل كبيرة في الوقت الحالي. لا أريد أن أعرف أي شيء. أستطيع أن أرى شبابي أمامي مرة أخرى. من الصعب تصديق ذلك".

ونقلت الصحيفة أن عضو البرلمان عن حزب البديل من أجل ألمانيا “برناد باومان”، عبّر عن انتصار حزبه بعد تمرير الاقتراحين الرمزيين قائلا: "إنها حقبة جديدة". 

ويسعى هذان الاقتراحان إلى تشديد سياسة الهجرة وإنهاء الحق في اللجوء.

وعلى خلفية تمرير هذا المشروع البرلماني، نظمت تحالفات في العديد من المدن الألمانية مظاهرات من أجل الديمقراطية وضد التعاون مع الحزب اليميني الشعبوي "البديل من أجل ألمانيا".

وعلى الفور، تلقت زعيمة حزب البديل لألمانيا، أليس فايدل، تهنئة من أحد ممثليها في مجموعة اليمين المتطرف الأوروبي، وهو رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، قائلا عبر إكس: "مرحبا بك في النادي". 

ونوهت الصحيفة إلى أن زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، فريدريش ميرز، أراد تدارك الوضع وأرسل إشارة إلى الناخبين، مفادها أن موقفه بشأن الهجرة بعيد كل البعد عما فعلته الحكومة حتى الآن. 

لكن، أتت خطوته بنتائج عكسية، والأسوأ من ذلك، أنه حصل على توبيخ من المستشارة السابقة، أنجيلا ميركل.

مستقبل الحزب

وأضافت الصحيفة أن الاستطلاعات تشير إلى أن واحدا من كل خمسة ألمان سيصوت لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا في الانتخابات التي ستجرى في 23 فبراير/شباط 2025. 

وبحسب هذه الأرقام، سيكون ثاني أكثر الأحزاب حصولا على الأصوات، متقدما على الأحزاب التي تشكل الائتلاف المكون من ثلاثة أحزاب والذي حكم حتى انسحاب الليبراليين في نهاية السنة. 

وانهار الائتلاف الحاكم في ألمانيا بزعامة المستشار أولاف شولتس والمكون من 3 أحزاب هي الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر والديمقراطي الحر.

وجاء ذلك إثر إقالة شولتس مساء 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 وزير المالية كريستيان ليندنر وانسحاب بقية وزراء الحزب الليبرالي من الحكومة، مما أدخل البلاد في أزمة سياسية عميقة ومهّد الطريق لإجراء انتخابات مبكرة.

ويبلغ معدل أصوات الديمقراطيين الاجتماعيين والخضر نحو 16 بالمئة و14 بالمئة على التوالي، في حين أنه من الممكن أن يخسر الليبراليون مقاعدهم في البرلمان.

ونقلت الإندبندينتي عن مصادر مقربة من الحكومة الألمانية السابقة، أن “حزب البديل من أجل ألمانيا يمكن أن يحظى بمزيد من الدعم أكثر من أي وقت مضى في الانتخابات التشريعية”.

ولكن لا يمكن مقارنته بالدعم الذي تتلقاه الأحزاب الأوروبية المماثلة، مثل "إخوان إيطاليا" أو "التجمع الوطني" الفرنسي، حيث إن لها عددا أكبر من المتعاطفين. 

وفي الشرق، تعد الأرقام مماثلة، ففي العديد من الولايات تبلغ النسبة حوالي 30 بالمئة، ولكنها ظلت متواضعة في غرب ألمانيا. 

وعموما، ترى الصحيفة أن ألمانيا، بسبب تاريخها، هي حالة مختلفة عن جيرانها الأوروبيين.

ففي سبتمبر/أيلول 2024، أسفرت الانتخابات في ثلاث ولايات من جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة عن نجاح كبير لحزب البديل في تورينغن (شرق)، ووقتها حصل على أكبر عدد من الأصوات.

ويعد بيورن هوكه زعيم “البديل من أجل ألمانيا” في تورينغن أحد أكثر زعماء الحزب تطرفا. 

وكانت هذه هي المرة الأولى التي يفوز فيها حزب البديل من أجل ألمانيا في ولاية بالبلاد.

وقد أحرز ذلك في ولاية بدأت فيها الاشتراكية الوطنية تكتسب زخما متزايدا، تقول الصحيفة.

بالإضافة إلى ذلك، ظفر حزب البديل من أجل ألمانيا في كل من ساكسونيا وبراندنبورغ بالمركز الثاني.

بديل للشباب

من جانب آخر، هناك عامل مهم للغاية، ويتمثل في الحاجز الصحي، أي رفض كل القوى السياسية الأخرى الدخول في تحالفات مع حزب البديل لألمانيا.

وهو ما يبقيها خارج الحكومات في الوقت الراهن، ولكن سيأتي وقت لن تكون فيه الأغلبية البديلة كافية، بحسب تقدير الصحيفة.

ونوهت إلى أن البعض يعتقد أن فشل إعادة التوحيد يفسر صعود حزب البديل من أجل ألمانيا في شرق البلاد. 

ويوضح أستاذ العلوم السياسية ماريو كولينج، قائلا: “في ألمانيا الشرقية، لم يجر إنشاء نظام حزبي أو تعزيز المجتمع المدني”.

في المقابل، هناك تقليص للخدمات الأساسية بشكل كبير. ولذلك، يجتاح المواطنين شعور بالتخلي. 

وقد استخدم حزب اليسار هذا المعطى ثم استغله حزب البديل من أجل ألمانيا، فهما متجذران للغاية في المجتمع المحلي. 

ويشير الخبير إلى أن الشباب، حيث يبدو حزب البديل المفضل بوضوح بالنسبة لهم، لم يعرفوا جمهورية ألمانيا الديمقراطية. 

بالنسبة لهم، يشكل “البديل من أجل ألمانيا”، جزءا من الحياة السياسية الطبيعية، حيث إنهم نشأوا مع هذا الحزب.

وعلى غرار حزب سارة فاجينكنيشت، يعارض “البديل من أجل ألمانيا” دعم الحرب في أوكرانيا ويؤيد فكرة التوقف عن تقديم المساعدات إلى كييف. 

من الناحية العملية، يدعو إلى رفع العقوبات المفروضة على روسيا وبالتالي إعادة فتح خط نورد ستريم 2 للغاز.

ويسعى من وراء كل هذا إلى خفض أسعار الغاز، وهو ما من شأنه أن يشكل راحة لدافعي الضرائب الألمان الذين يرون اقتصاد البلاد في حالة انحدار. 

ويؤيد قادة حزب البديل أوروبا المكونة من الدول القوية، دون التخلي عن الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي. 

ونقلت الصحيفة أنه بعد الحرب العالمية الثانية ومع إنشاء الجمهورية الاتحادية، بُذلت محاولات لمنع تكرار تجربة الاشتراكية الوطنية مرة أخرى، وطبقت آليات رقابة صارمة لهذا الغرض. 

ويتولى مكتب حماية القانون الأساسي مسؤولية التحقيق، وقد اكتشف بذلك الجماعات النازية الجديدة والفاشية والعنصرية. 

وكان حزب الشباب التابع لحزب البديل لألمانيا، "البديل الشبابي"، في دائرة الضوء.

ونهاية يناير 2025، دعا نحو مائة نائب في البرلمان إلى حظر حزب البديل من أجل ألمانيا. 

وبالمثل، أصر زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي على أنه لا يزال يستبعد أي ائتلاف مع حزب البديل لألمانيا. 

وفي المجمل، سيفوز الاتحاد لكنه سيحتاج إلى شركاء للحكم ولن يكون أمامه خيار سوى الديمقراطيين الاجتماعيين أو الخضر، وفق الصحيفة.

"ترحيل المهاجرين"

وأشار ميرز إلى أن "الهجرة قضية ذات أهمية كبيرة، خاصة بعد الهجمات الأخيرة، وبالتالي يجب إيجاد حلول في إطار التشريعات الأوروبية".

وفي ديسمبر/كانون الأول 2024، وقعت حادثة دهس في أحد أسواق عيد الميلاد المكتظة بمدينة ماغديبورغ شرقي ألمانيا، أسفرت عن مقتل 4 أشخاص وإصابة أكثر من 200 آخرين، وفق آخر حصيلة رسمية.

وكشفت وسائل إعلام ألمانية أن منفذ الهجوم هو طبيب سعودي يدعى "طالب" يبلغ من العمر 50 عاما وقالت إنه "مناهض للإسلام وداعم لليمين المتطرف والصهيونية".

وفي أغسطس/آب من نفس العام، نفذ لاجئ آخر هجوم طعن وتبناه تنظيم الدولة، مما أثار انتقادات من المعارضة المنتمية إلى أقصى اليمين تجاه سياسات الهجرة التي تتبناها برلين.

وقُتل 3 أشخاص وأصيب 8 آخرون بجروح خلال مهرجان بمناسبة ذكرى تأسيس مدينة زولينغن (غرب) في ذلك الشهر، في هجوم يشتبه بأن شابا عربي الجنسية (26 عاما) على ارتباط بتنظيم الدولة هو من نفذه.

وأدت الواقعة إلى تفاقم خلافات سياسية بشأن قواعد اللجوء والترحيل، إذ إن المشتبه به في الهجوم طالب لجوء لم تنجح الحكومة في ترحيله.

ووقتها، أعلنت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر حزمة مقترحة من التدابير الأمنية وسياسات اللجوء المشددة.

لكن، يبدو أن ميرز دخل في مياه مضطربة، حيث تهيمن الأحزاب القومية الشعبوية مثل حزب البديل لألمانيا على الخطاب عندما يتعلق الأمر بقضية الهجرة، وفق الصحيفة الإسبانية. 

في هذا المعنى، أوضح الخبير فرانكو ديلي دون، أن “حزب البديل من أجل ألمانيا وغيره من الأحزاب الأوروبية التي تتبنى هذه الأيديولوجية تقدم مقترحات معادية للأجانب وتفرض هيمنتها عندما يطالب السكان بإجابات بسيطة”. 

وإذا وقع هجوم، تعود القضية إلى الواجهة ويعود الحل القاسي إلى الظهور، فيما يرتبط المجرم "الإرهابي" بوضعه كلاجئ.

وتابع أن "حزب البديل من أجل ألمانيا تمكن من الاستفادة من هذا الأمر منذ أزمة سنة 2015".