وثائق جديدة.. كيف جمعت حماس معلومات دقيقة عن جيش الاحتلال قبل الطوفان؟

منذ ساعة واحدة

12

طباعة

مشاركة

أماطت وثائق جديدة ادعت إسرائيل العثور عليها خلال عدوانها على قطاع غزة، اللثام عن سنوات من الجهد، بذلتها حركة المقاومة الإسلامية حماس لجمع المعلومات الاستخباراتية عن البلدات والقرى الحدودية المحتلة.

وشملت هذه المعلومات الدقيقة تحركات وعادات كبار الشخصيات الإسرائيلية وضباط الأمن. ومن خلال جمعها، استطاعت حماس تنفيذ هجوم مفاجئ ودقيق، وفق وصف موقع "ذا ميديا لاين" الأميركي.

وقال الموقع إن هجوم طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أذهل إسرائيل في البداية، ثم مع تراجع الصدمة، أثير العديد من الأسئلة حول استعداد تل أبيب ومدى المعلومات الاستخباراتية التي كانت لديها، و"ما كان يمكن فعله لمنع مثل هذه المأساة".

وفقا لتقرير نشرته القناة 12 العبرية، جُمعت هذه الوثائق والمعلومات الحساسة على مدار سنوات، اخترقت فيها حماس كاميرات المراقبة في جميع أنحاء جنوب الأراضي المحتلة.

وتمكنت الحركة من التسلل إلى أنظمة حساسة، مما سمح لها بمراقبة تحركات الشخصيات الأمنية المهمة في منطقة الحدود عن قرب.

كاميرات المراقبة

بدوره، قال البروفيسور كوبي مايكل، الباحث في معهد دراسات الأمن الوطني، ومعهد "مسغاف للأمن القومي والإستراتيجية الصهيونية" الإسرائيليين: "من الواضح لفترة طويلة أنه -وبمساعدة من إيران- كانت حماس تجمع المعلومات الاستخباراتية بشكل منهجي واحترافي".

وأضاف أن "هذا يبرز أيضا مدى قابلية إسرائيل للاختراق؛ فالمهمة لم تكن مستعصية".

واستطرد: "نفذت حماس عملا ممتازا باستخدام الاستخبارات المفتوحة (OSINT)، وتمكنت من الوصول إلى كاميرات المراقبة، التي أصبحت منتشرة جدا اليوم، وهذا كان مصدرا لا ينضب من المعلومات الاستخباراتية".

وأضاف مايكل أن الجيش الإسرائيلي وجنوده يفتقرون أيضا إلى الانضباط العملياتي، حيث يتجاهلون في كثير من الأحيان التعليمات المتعلقة بأمن المعلومات واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

وأردف أن "مؤسسة الدفاع الإسرائيلية كان لديها نوع من اللامبالاة في هذا الصدد، كما أن السلطات لم تُعطِ هذا الموضوع أهمية كبيرة، مما جعله نقطة عمياء اتسعت بمرور الوقت".

ومن جهته، قال مؤسس منتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي العميد الركن (احتياط)، أمير أفيفي: "من أجل أن تمنع إسرائيل وجود جيش معاد على حدودها، فهي بحاجة إلى السيطرة الأمنية الكاملة على غزة".

ورأى أن "القدرات التي طورتها حماس نمت نتيجة لغياب السيطرة الإسرائيلية على قطاع غزة"، حيث انسحبت عام 2005 ضمن خطة أحادية.

وأضاف: "من 2005 حتى 7 أكتوبر، ومع غياب الوجود الإسرائيلي على الأرض، كان هناك نمو كبير في قدرات حماس، بما في ذلك قدراتها الاستخباراتية".

استخبارات بشرية

وطوّرت حماس أنظمة مراقبة متقدمة جدا تشبه تلك التي تمتلكها الاستخبارات الإسرائيلية، كما نفذت عمليات استخبارات بشرية، في حين أعاقت بشكل كبير قدرة إسرائيل على استخدام المصادر البشرية لجمع المعلومات الاستخبارية، وفق تقديره.

وقال: "منذ عام 1967، دخل سكان غزة إلى إسرائيل للعمل، حيث كانت فرص العمل والأجور المرتفعة تجعل منها وجهة عمل جذابة للفلسطينيين، واستمر هذا الاتجاه حتى بعد فك الارتباط الإسرائيلي عن القطاع عام 2005".

هذا الترتيب، مع سيطرة إسرائيل على معظم حدود قطاع غزة بعد الحرب، يعني أنهما كانا لا يزالان مرتبطين بشكل عميق، ويعتمد كل منهما على الآخر.

فبالنسبة لإسرائيل، وفر الفلسطينيون عمالة منخفضة التكلفة في مجالات معينة، كالزراعة، التي لم يعد معظم الإسرائيليين يعملون فيها.

أما بالنسبة للفلسطينيين، فقد أدى هذا إلى تحسين مستوى معيشتهم في واحدة من أكثر المناطق فقرا في العالم، وفق الموقع الأميركي.

وعلى مدى عقود، شهد عدد تصاريح العمل تقلبات، وغالبا ما ارتبط بتصاعد التوترات أو هدوئها، وكان أحد الأمثلة الواضحة على هذا التقلب في الأيام التي سبقت هجوم حماس المباغت.

فقبل أيام من اندلاع الحرب، تجمع سكان غزة قرب الحدود محتجين على الحصار، وكرد فعل، منعت تل أبيب دخول العمال من غزة لفترة قصيرة.

ولتخفيف التوتر، رفعت إسرائيل الحظر وسمحت للعمال بالدخول مجددا لكن التوترات لم تهدأ، بل انفجرت في حرب غيّرت ملامح المنطقة بأكملها.

وأفاد الموقع بأن الترابط الاقتصادي موجود أيضا بالضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 وتُطلق عليها اسم "يهودا والسامرة".

وردا على الطوفان، خفضت إسرائيل عدد العمال المسموح لهم بالدخول من الضفة، من أكثر من 100 ألف عامل يوميا، إلى بضعة آلاف فقط.

أما من غزة، حيث لا تزال الحرب مستمرة، فلم يُسمح بدخول أي عمال منذ بداية الحرب.

وذكر الموقع أنه "قبل 7 أكتوبر، اعتقدت المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية وجزء كبير من المستوى السياسي أن دخول الفلسطينيين للعمل، سواء من غزة أو الضفة الغربية، يخفف التوترات ويقلل الدافع إلى الانخراط في أنشطة عدائية، مع خلق حافز للحفاظ على الهدوء".

وقال مايكل: "كانت هذه فرضية خاطئة، ففي غزة، لم يدفع ذلك حماس إلى تغيير أيديولوجيتها أو تقليل دافعها لتنفيذ مثل هذا الهجوم"، مضيفا: "لم تُحدث هذه الإستراتيجية تأثيرا إيجابيا، بل وفرت منصة استخباراتية لحماس".

ووفقا لأفيفي، فقد "كان من الواضح أن تصاريح العمل للفلسطينيين ستوفر معلومات استخباراتية واسعة لحماس".

وقال الموقع الأميركي: "في جميع أنحاء إسرائيل، وغزة، والضفة، هناك فلسطينيون تجمعهم روابط عائلية، وهي نقطة ضعف يُعتقد أن حماس استغلتها لجمع معلومات استخباراتية".

وتنفذ قوات الاحتلال يوميا مداهمات في الضفة الغربية، حيث تحتجز عشرات "المشتبه بهم" يوميا، مما يسهم في تحسين الرؤية الاستخباراتية، ونتيجة لذلك، كانت قدرة إسرائيل على إحباط الهجمات من هذه المناطق أفضل باستمرار، وفق زعمه.

الاعتماد على التكنولوجيا

وأضاف أفيفي: "بعد فك الارتباط بغزة، فقدت إسرائيل قدرتها الحاسمة على جمع المعلومات الاستخباراتية من المصادر البشرية، في وقت لا يمكن الاعتماد فقط على التكنولوجيا في هذا الجانب".

وقارن ذلك بالضفة الغربية، حيث "تتمتع إسرائيل بحرية كاملة في العمل والسيطرة على الساحة من خلال المستوطنات الضخمة".

وأوضح أن "هذا لم يكن ممكنا في غزة، مما جعل القدرة على توليد معلومات استخباراتية عالية الجودة غير موجودة".

وتابع الموقع أن "انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005 جعل من المستحيل تقريبا على جهاز الاستخبارات الإسرائيلي تجنيد عملاء فلسطينيين".

كما أدى الانسحاب إلى تكليف وحدة كوماندوز إسرائيلية بتجنيد العملاء، إلا أنها كانت عاجزة عن العمل من داخل غزة.

وعلى الرغم من أن قبضة إسرائيل الأمنية على الضفة الغربية أقوى بكثير مما كانت عليه في غزة، فإنها ليست محصنة ضد سيناريو مشابه ليوم 7 أكتوبر، وفق الموقع.

وأكد مايكل أنه "يجب على إسرائيل أن تفترض أن الفلسطينيين قادرون على جمع مثل هذه المعلومات الاستخباراتية عن إسرائيل من الضفة الغربية كما فعلوا من غزة، على الرغم من أن قدرات حماس هناك أكثر محدودية".

"لكن في النهاية، الجغرافيا لا تعني الكثير في مثل هذه الحالات، حيث يمكن الوصول إلى كاميرات المراقبة عن بُعد"، بحسب مايكل.

وقال: "في الوقت الحالي، لا تزال إسرائيل موجودة في غزة، حيث تعهدت الحكومة بالاحتفاظ بالسيطرة الأمنية في القطاع إلى أجل غير مسمى".

وأضاف أنه "مع وجود 100 محتجز لا يزالون في أيدي مقاتلي حماس، فإن تعويض سنوات من التراجع الاستخباري أصبح أمرا بالغ الأهمية".

ولفت أفيفي إلى أن "السيطرة الاستخباراتية الإسرائيلية تتزايد، ولكن لا تزال هناك ثغرات".

وادعى أن "هناك الكثير من المعلومات الاستخباراتية حول المحتجزين، ولكن هذا ليس كافيا لتحريرهم، ونادرا ما تتوفر الظروف العملية التي تسمح بتنفيذ عمليات إنقاذ لهم".