تعزيزات عسكرية عبر كوباني.. هكذا تلاعب أميركا الأتراك وإدارة سوريا الجديدة
"دخلت 20 آلية أميركا إلى سوريا قادمة من إقليم كردستان العراق لتشييد قاعدة بكوباني"
منذ سقوط بشار الأسد، ويؤكد قائد المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع رفضه مبدأي المحاصصة والفيدرالية كما يرفض انتشار السلاح خارج أيدي الدولة.
غير أنه في الأيام الأخيرة كشفت تقارير محلية ودولية وصول تعزيزات عسكرية أميركية إلى مدينة عين العرب (كوباني) على الحدود التركية وتحدثت عن إنشاء قاعدة عسكرية هناك بالتزامن مع مواجهات مستمرة بين فصائل سورية موالية لتركيا والقوات الكردية الانفصالية المتمركزة بالمنطقة.
وفي تحليله للمشهد، أكد موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي أن التطورات توضح أن الولايات المتحدة لا تنوي مغادرة سوريا بل قررت تعزيز وجودها ودعم الانفصاليين الأكراد على الرغم من سقوط الأسد.
قاعدة جديدة
وقال الموقع إن القوات الأميركية تبدو قد عادت إلى عين العرب المدينة الواقعة على الحدود مع تركيا بعد أن غادرتها منذ ست سنوات وتقوم ببناء قاعدة عسكرية جديدة، وفقا للأنباء والصور المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أفاد في 4 يناير/ كانون الثاني 2025 بدخول رتل عسكري أميركي من 20 آلية إلى سوريا قادما من إقليم كردستان العراق عبر معبر الوليد.
وأوضح مديره رامي عبد الرحمن في تصريحات إعلامية أن المعدات التي تم نقلها عبارة عن "ذخائر وكتل إسمنتية لتعزيز قواعد عسكرية في إطار التمركز الأميركي بمدينة كوباني، إضافة لإرسال أسلحة وصهاريج وقود إلى قواعد موجودة داخل الأراضي السورية".
وأضاف أن القوات الأميركية تعززت "خلال الأسابيع الماضية خصوصا في دير الزور والحسكة والرقة وريف حلب الشمالي الشرقي وأنشأت تمركزات جديدة".
من جانبها، نفت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، في 3 يناير على لسان المتحدث باسمها، سابرينا سينغ خلال مؤتمر صحفي أي خطط أو نوايا لإقامة قاعدة أميركية في منطقة عين العرب.
وقالت سينغ: "اطلعت على بعض تلك الأخبار، لا توجد خطة لبناء قاعدة عسكرية في كوباني (عين العرب)".
وأكدت أن الجنود الأميركيين موجودون في سوريا لهزيمة تنظيم الدولة بشكل دائم وزعمت أن عين العرب لا توجد فيها قوات أميركية.
معارضة تركية
أشار الموقع الإيطالي إلى أن كوباني تعد منذ فترة طويلة مسرحا رئيسا للمواجهات بين مليشيا سوريا الديمقراطية الكردية المدعومة من الولايات المتحدة من جهة وتركيا من جهة ثانية.
وبحسب تعبيره، تشعر أنقرة بالانزعاج من الوجود الأميركي في كوباني وتعارض منذ سنوات الدعم الأميركي لقوات قسد، مضيفا أنها تكثف في الأثناء هجومها ضد الأكراد وحلفائهم.
وأشار إلى أن أكثر المعارك الضارية تتركز في مدينة منبج بين قوات قسد وفصائل مسلحة موالية لتركيا.
ويرجح "إنسايد أوفر" أن تكون مدينة عين العرب المرحلة التالية من الهجوم التركي، لا سيما أنها تتعرض بالفعل لقصف مدفعي.
وتهدف أنقرة إلى القضاء على ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية خاصة وأنها تخشى من أي أن يعزز أي حكم ذاتي للأكراد في سوريا النزعة الانفصالية لأكراد تركيا.
وتشترك القيادة الجديدة في دمشق، إدارة العمليات العسكرية، في هذا الموقف مع أنقرة، وفق الموقع الإيطالي.
وقد أكد قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، منذ أسابيع خلال زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أن كل الأسلحة في البلاد ستخضع لسيطرة الدولة بما فيها سلاح القوات التي يقودها الأكراد.
وأعلن خلال مؤتمر صحفي مع فيدان في دمشق بأنه "خلال أيام سيعلن عن وزارة الدفاع وستشكل لجنة من قيادات عسكرية كبيرة لرسم هيكلية جديدة للجيش السوري"، و"ستبدأ الفصائل في إعلان حل نفسها والدخول تباعا" في الجيش.
ويزعم الموقع أن تركيا تسعى في الوقت الحالي، بعد أن دعمت المعارضة المسلحة ولعبت دورًا حاسمًا في سقوط نظام الأسد، إلى الاستفادة من تدخلها في المنطقة لافتا إلى أن الوجود الأميركي في كوباني قد يمثل عائقاً أمامها.
بدورها، تعارض إيران أيضًا الوجود الأميركي في سوريا، حيث حذر المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الولايات المتحدة من أن قواعدها العسكرية في سوريا "ستداس بأقدام الشباب السوري قطعا".
وخلال مراسم إحياء الذكرى الخامسة لاغتيال الجنرال قاسم سليماني، صرح خامنئي بأن "النصر سيكون حليف الشعب السوري وسيدحر المحتلين من بلاده قريبا أو بعيدا".
وجود مثير للجدل
ويبلغ الوجود الأميركي في سوريا حالياً نحو 2000 جندي، وهو ما اعترف به البنتاغون أخيرا بعد أن تحدثت التقديرات الرسمية لسنوات عن 900 جندي فقط.
وأشار الموقع الإيطالي إلى أن "الهدف الرسمي للوجود الأميركي على الأراضي السورية يتمثل في مكافحة تنظيم الدولة، إلا أنه مثير للجدل ومحل انتقادات بسبب عدم شرعيته بموجب القانون الدولي".
كما أكدت شخصيات مثل عضو الكونغرس الجمهوري السابق مات غايتز، أن القوات الأميركية موجودة هناك لحماية الموارد الإستراتيجية، مثل النفط والقمح، في شمال شرق البلاد.
من جانبها، أكدت دانا سترول، نائبة مساعد وزير الدفاع الأميركي للشرق الأوسط، أن هذه السيطرة تمنح الولايات المتحدة نفوذاً سياسياً على مستقبل سوريا.
وفي الإطار نفسه، تذكر تصريح الرئيس المنتخب دونالد ترامب منذ سنوات خلال لقائه نظيره التركي آنذاك رجب طيب أردوغان أن بقاء القوات الأميركية في سوريا "من أجل النفط فقط".
وأخيرا، صرح وزير النفط في الحكومة السورية المؤقتة غياث دياب بأن عددا من آبار النفط في البلاد لا تزال خارج سيطرة الإدارة الجديدة، ما يعقّد تشغيلها".
وذلك في ظل تواصل احتلالها من قبل الولايات المتحدة منذ عام 2014، وفق تعبير الموقع الإيطالي.
وقال دياب إن " قطاع النفط في سوريا يعاني بعد سقوط النظام البائد، من عدة صعوبات وتحديات، تشكل عائقا في تأمين المشتقات النفطية".
وأضاف بأنه "لا يزال عدد من الآبار النفطية خارج إدارة الدولة السورية، وهذا يعد من أكبر تلك العوائق وأبرزها ويزيد من معاناة الأهالي".
وعلى الرغم من عدم إشارته صراحة إلى الولايات المتحدة، يرى الموقع الإيطالي أن دياب يشير بوضوح إلى الوجود الأميركي في المنطقة على وجه التحديد.