قناة إسرائيلية تفضح نتنياهو: مخططات تقويض حكم حماس فشلت وأدت لنتائج عكسية

منذ يومين

12

طباعة

مشاركة

بعد أكثر من 450 يوما على حرب الإبادة الجماعية في غزة، شككت قناة عبرية في مزاعم الحكومة الإسرائيلية حول قرب انهيار حكم حركة حماس لقطاع غزة.

وحذرت “القناة 12” من خطورة إنشاء حكم بديل لحماس، وترى أن "محاولة إجراء تغيير فوري للحكومة في غزة الآن، بالقوة العسكرية؛ لا تضمن الحفاظ على ميزة أمنية أو سياسية طويلة الأمد لإسرائيل".

واستشهدت القناة في تقريرها بتجربة الولايات المتحدة في أفغانستان مع حركة طالبان، التي تمكنت في نهاية المطاف من السيطرة على الحكم في البلاد.

وتطرق التقرير لعرض أسباب فشل خطة انهيار حكم حماس في غزة، مسلطا الضوء على المحاولات الفاشلة لإسرائيل في الاعتماد على العشائر في غزة كنموذج حكم بديل لحماس.

وعود مستهلكة

يشير التقرير في مستهله إلى أن "وعود القضاء على حركة حماس باتت مستهلكة". 

وتابع موضحا: "فكثيرا ما يقوم رجال الدولة الإسرائيليون منذ سنوات، منذ انتخابات 2009 بإلقاء الخطب والوعود بـ (الإطاحة بحكم حماس)".

وبحسب الموقع، فإن "الجميع، من بن غفير ونتنياهو من اليمين، إلى لبيد ويائير جولان من اليسار، مقتنعون بأننا على بعد خطوة من تحقيق الهدف المنشود". 

وتابع: "ولكل منهما رؤية مختلفة تماما وإجابة متباينة ردا على سؤال: من تريدون أن يحكم غزة بعد حماس؟ لكنهم جميعا متحدون، على يقينهم المطلق، بأن دور إسرائيل هو تحديد من سيحكم غزة (في اليوم التالي)".

وعلق التقرير: “هل من الممكن أن يكون الجميع مخطئين؟”

وأردف: "فبعد نحو 450 يوما من القتال في غزة، لا بد من الشك في أننا قريبون من انهيار قدرات حماس الحكومية".

وأضاف: "السباق ليس سباقا سريعا، بل ماراثون، إن محاولة إجراء تغيير فوري للحكومة في غزة الآن، بالقوة العسكرية، لا تضمن الحفاظ على ميزة أمنية أو سياسية طويلة الأمد لإسرائيل".

وحذر الموقع من أن أولئك الذين يركزون على إيجاد حكومة بديلة في غزة، "يتسببون في ضرر سياسي دائم لإسرائيل على الساحة الدولية".

ويفسر رأيه قائلا: "إن العالم ينظر إلينا بصفتنا المحتل لشعب غزة".

"إن البديل لحكم حماس قد يكون أسوأ بكثير، أما آثاره الثانوية فهي بعيدة كل البعد عن قطاع غزة"، يقول التقرير.

وأكمل: فعودة السلطة الفلسطينية إلى غزة يمكن أن تؤدي، في غضون سنوات قليلة، إلى استيلاء حماس على السلطة الفلسطينية الموحدة من الداخل وإقامة حكم حماس على بعد خمس دقائق من منطقة كفار سابا الواقعة بالقرب من الضفة، وهذا هو الخطر الذي لا أحد يأخذه في الحسبان".

وأردف: "الطريق إلى ذلك قد يكون عبر انتخابات ديمقراطية تماما في السلطة الفلسطينية، أو انقلاب سريع كما حدث في سوريا".

وشدد على أن هذا ليس الخطر الوحيد، حيث إن السعي وراء "حكم بديل"، يضر بجميع أهداف الحرب الأخرى.

وتابع: "حرية العمل الأمني لدينا تتقلص، والمخطوفون لا يزالون بعيدين عن ديارهم. وبالتالي، ربما يكون التخلي عن هدف غير قابل للتحقيق من شأنه أن يسمح لنا بالتركيز على ما هو أكثر أهمية بكثير".

إعادة الإعمار 

ويشكك التقرير العبري في وجود مصلحة إسرائيلية في عملية إعادة إعمار القطاع. 

حيث زعم أنه "في الوقت الحالي، ولتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية، تقوم إسرائيل بدعم غزة اقتصاديا من خلال نقل مليون طن من الإمدادات سنويا".

وأضاف: "لنتخيل للحظة ما سيحدث في "اليوم التالي": من أجل إعادة إعمار غزة، ستتدفق إليها موارد ضخمة من العالم عبر إسرائيل".

وأردف: "يعمل منسق أعمال الحكومة في المناطق بالفعل، تحت رادار الإعلام، على توسيع معبر كرم أبو سالم ليتسع لألف شاحنة يوميا".

واستطرد: "كل هذا (الخير) الذي تقدر قيمته بعشرات مليارات الدولارات سنويا، يجذب جهات اقتصادية في إسرائيل والسلطة الفلسطينية وغزة، وجل هذه الجهات تسعى لتحقيق أرباح كبيرة من عملية إعادة إعمار غزة".

“ومع ذلك، لا أحد يتوقف للحظة ليسأل: هل هذا يتماشى مع المصلحة الإسرائيلية؟” وفق التقرير.

حيث رأى أن إعادة الإعمار، بالتزامن مع النمو السكاني في القطاع، قد يهدد مصلحة إسرائيل. مشيرا إلى أن غزة هي الإقليم الذي يشهد أعلى معدل نمو ديمغرافي في العالم. 

فمنذ الانسحاب الإسرائيلي من القطاع عام 2005، تضاعف عدد سكان غزة، رغم أن الهجرة الخارجية حدَّت قليلًا من مستوى الزيادة، حسبما أفاد التقرير.

ورأى التقرير أن "الخطر يكمن في أن كل طفل في غزة ينشأ على حلم يظهر بوضوح في أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول، التي يُطلق عليها هناك "يوم العبور" (إلى داخل حدود إسرائيل). فهؤلاء يسعون إلى (العودة) إلى إسرائيل".

واستشهد على صحة حديثه قائلا: "إن شعار "من البحر إلى النهر" فاجأ الكثير من الإسرائيليين عندما سمعوه في مظاهرات عالمية.

وادعى أن هذا الشعار "ذو أصل حمساوي"، لكنه أصبح حاضرا الآن في كل مكان يوجد فيه الشعب الفلسطيني، في الضفة الغربية والأردن، في الدول الغربية وغزة.

وتابع: "إعادة الإعمار السريعة لغزة تُظهر للفلسطينيين أنه لا يوجد أي عقاب على أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بل على العكس، العالم سيستمر في تمويل سكان غزة وبناء بنية تحتية جديدة بدلا مما دمره الجيش الإسرائيلي".

ووفقا لاعتقاده، فإن "حماس تدرك جيدا أن الشرط لتحقيق ذلك، هو التظاهر باستبدال حكمها في غزة. وذلك للحصول على مليارات الدولارات، حيث يجب أن تضع في الواجهة شخصية (شكلية) تُستخدم كواجهة وهمية للحكم الجديد"، حسب ادعاء الموقع.

وأضاف: "هذا هو (الحكم البديل) في غزة، تماما كما لدى حزب الله حكومة لبنان الشرعية".

درس طالبان

ويستعرض التقرير العبري تجربة حكم طالبان في أفغانستان، ليثبت صحة رأيه.

ففي الوقت الذي قارن فيه كثيرون بين أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وهجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، يَبْرُز تشابه من نوع آخر، وفق التقرير.

موضحا: "ففي 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2001، بدأت القوات الأميركية عملية عسكرية كبرى لإسقاط حكم طالبان في أفغانستان".

ورأى الموقع أن "العملية كانت ناجحة". 

وبعد حوالي عام ونصف العام، أعلن وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد انتهاء العمليات الكبرى والانتقال إلى مرحلة "الغارات المركزة".

وأكمل: "بدأت الولايات المتحدة على الفور جهود إعادة إعمار أفغانستان، وضُخت مليارات الدولارات لحكومة الرئيس الجديد حميد كرزاي الذي فاز في انتخابات 2004، وتم كتابة دستور جديد يضمن المساواة".

وتابع: "في 2007، قتلت القوات الأميركية الملا داد الله، الذي كان قائدا عسكريا أسطوريا أشبه بـ "محمد الضيف" لدى طالبان".

وفي 2011 قتلت أسامة بن لادن، الذي وصفه الموقع أنه "كان بمثابة السنوار لتنظيم القاعدة".

ومع ذلك، "في عام 2024، باتت طالبان تحكم أفغانستان مجددا"، يقول التقرير.

وأضاف: "يجدر بنا أن نتعلم شيئا من التاريخ، فهذه ليست الحالة الوحيدة لفشل استبدال نظام حكم".

حماس لن تختفي

واعتقد التقرير أن حركة حماس "لن تختفي بين عشية وضحاها".

وفي هذا الصدد، انتقد حديث نتنياهو بخصوص إجابته على سؤال: “لماذا لم ينهر نظام حماس حتى الآن؟”

إذ برر نتنياهو فشله مصرحا: "بحثنا عن طرق لتوزيع المساعدات الإنسانية من خلال العشائر".

وزعم أن حركة حماس قامت "بقتلهم في البداية، والآن هناك عشائر أخرى تفعل ذلك".

وتابع: "ونحن نبحث الآن عن طريقة للقيام بذلك بشكل كامل، لأنه لا يمكنك إزالة حكم حماس إذا تركتها تقوم بتوزيع الاحتياجات الأساسية للسكان، مثل الغذاء الذي تسرقه، أو تقديم الخدمات كالمياه والصرف الصحي".

واستطرد: "علينا أن نفعل ذلك، وأن نأخذ هذه الأشياء بعيدا عن سلطتها، ونحن نعمل حاليا على خطة لانتزاع السيطرة (المدنية) من حماس واستكمال المهمة".

وعلق التقرير قائلا: "يظهر جواب نتنياهو خطأ جوهريا في فهم الوضع في غزة".

وتابع: "والأسوأ من ذلك، أن المتابعين سيتذكرون بدقة أنه قبل عام تقريبا، بعد أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، استخدم نتنياهو نفس التبرير في مقابلة صحفية بخصوص نقل الأموال القطرية إلى غزة".

حيث قال: "أردنا منع انهيار إنساني مدني من أمراض وجوع وأمور أخرى، أردنا إضعاف حماس، وليس تعزيزها". 

وعقب التقرير: مرة أخرى، كما في عام 2018 وما قبله، تتكرر الفرضية: "إذا اهتممنا بالسكان وفصلنا بين الاهتمام الإنساني وحماس، فسيسقط حكمها".

وأضاف: "هذا خطأ شائع بين جميع المحللين الإسرائيليين؛ الاعتقاد بأن (حماس تسيطر من خلال توزيع الغذاء)".

وادعى أن "الحقيقة معاكسة تماما"، إذ إن حماس "تتحكم بأسعار الغذاء في غزة لأنها السلطة الحاكمة".

ورأى الموقع أنه "حاليا، تُركز جهود حماس في غزة ليس ضد الجيش الإسرائيلي، بل على تعزيز سيطرتها على السكان المدنيين".

ووفقا له، فقد أنشأت حماس أخيرا وحدة "السهم" التابعة لشرطتها، التي تُذكّر في أسلوب عملها بالقوة التنفيذية الخاصة التي أنشأها سعيد صيام عام 2007 لتولي حكم غزة بدلا من السلطة الفلسطينية. وأفاد التقرير بأن هذه القوة تعمل على معاقبة "لصوص الغذاء".

وفي ذات السياق، لفت التقرير إلى أن "الجيش الإسرائيلي أكد في إفادة قُدمت إلى المحكمة العليا منذ حوالي ثلاثة أسابيع أنه حتى هذه اللحظة، لا يمتلك الجيش الإسرائيلي سيطرة فعلية على السكان في قطاع غزة، ولم يتم القضاء على قدرات حماس في ممارسة صلاحياتها الحاكمة تماما".

وعد الموقع أن هذا التقدير "أقل من الواقع". وقال: "في الحقيقة، ورغم وجود معارضين لحماس في غزة، إلا أنها متغلغلة في جميع أجهزة السيطرة المدنية، مثل البلديات وإدارات المياه والكهرباء والدفاع المدني والتعليم والصحة، وبالطبع داخل جميع منظمات الإغاثة".

وأردف: "حتى الجيش الإسرائيلي، الذي حاول، كما وصف نتنياهو أعلاه، تعزيز حكم بديل من خلال العشائر لتولي توزيع الغذاء، خلص بعد خمسة أشهر إلى أن هذه التجارب فشلت تماما".

سلطة بديلة

ومن وجهة نظر التقرير، فإن "أي سلطة بديلة تدخل غزة، سواء كانت قوة عربية -حتى الآن، لا يوجد متطوعون- أو بشكل جزئي أو كامل من السلطة الفلسطينية (المجددة)، تحت اسم ما مثل (حكومة تكنوقراط)؛ ستكون مضطرة للتعاون مع حماس". 

"ووجود مثل هذه السلطة الوهمية، سيقيد قدرة الجيش الإسرائيلي على العمل إذا دعت الحاجة في قطاع غزة"، بحسب التقرير.

كما رأى أن "أي سلطة كهذه، ستطالب إسرائيل بالانسحاب الكامل من غزة والحفاظ على وحدة الأراضي الفلسطينية، وربما لاحقا توحيد غزة مع مناطق الضفة الغربية".

وبالتالي، "على إسرائيل أن تدرس البديل بعناية، وتعمل على إنشاء منطقة عازلة أمنية في شمال القطاع".

وتابع: "مناطق بيت حانون وبيت لاهيا ستكون خالية من الناس. وهي منطقة متاخمة للمراكز السكانية الإسرائيلية في عسقلان وسديروت وزيكيم وناتيف هاتارا وخط قطار أوفاكيم ونتيفوت". 

أما على طول باقي الحدود، نصح التقرير أن يتم إنشاء منطقة عازلة (محيط أمني)، ويُمنع دخول أي شخص إليها، حتى لأغراض زراعية. 

وبالنسبة لباقي القطاع، يرى التقرير أنه "على إسرائيل أن تنسحب منه بالكامل، وأن يتركوا الأمر لأهل غزة في تقرير مصيرهم، وأن يتحملوا عواقب أفعالهم".

وأضاف: "لا ينبغي لإسرائيل أن تتحمل مسؤولية غزة أو توفير الموارد لها، يمكنهم التواصل مع مصر".

واستطرد: "على إسرائيل أن تنفصل تماما عن غزة هذه المرة، دون الإبقاء على معابر حدودية يتم من خلالها تدفق أفضل المواد الخام من إسرائيل إلى غزة، وهي مواد استخدمتها حماس في بناء قوتها الاقتصادية والعسكرية".

واختتم قائلا: "وإذا نشأ هناك تهديد عسكري، فسنكون قادرين على التعامل معه على الفور، ولكن دون أي مسؤولية مدنية إسرائيلية عن مصير سكان غزة".