رغم الحصار والتجويع.. كمائن المقاومة تواصل حصد أرواح جنود الاحتلال في رفح

منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في ظل حصار مُحكم يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على غزة جوا وبرا وبحرا وقصفا ينال كل شبر من القطاع وسط صمت وتواطؤ عربي وعالمي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تواصل المقاومة الفلسطينية تنفيذ الكمائن وإيقاع جنود الاحتلال بين قتيل وجريح.

وبثَّت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في 9 مايو/آيار 2025، مشاهد من كمين مركب ضد قوات الاحتلال في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، ضمن سلسلة عمليات "أبواب الجحيم".

وحسب المقطع، فإن المشاهد التي أظهرها هي للكمين رقم 2 من السلسلة، وتضمنت اشتباكات مع جنود الاحتلال في محور التوغل شرق مدينة رفح، جرت في 7 مايو 2025. 

وفي بداية الفيديو، قال قيادي ميداني في القسام: "فلتفتح أبواب الجحيم على مصرعها"، مع مشاهد من المقطع السابق الذي بثته الكتائب في 7 مايو.

وتلا ذلك عرض مشاهد فوقية أظهرت منطقة الكمين وتفاصيله المختلفة "دوار المشروع -شارع صلاح الدين- موقع الكتيبة الشرقية- محور التقدم من موراج باتجاه منطقة المقتلة". 

وأوضحت القسام أن الكمين بدأ باستهداف الطابق الأرضي لمنزل تحصن فيه عدد من جنود الاحتلال بعدد من قذائف مضادة للتحصينات والدروع ثم الاشتباك معهم بالأسلحة المناسبة.

وأفادت القسام بأن مقاتليها تراجعوا لعين نفق، واستدرجوا جنود الاحتلال لكمين بعدد من العبوات الناسفة، وفور وصولهم تمَّ تفجير العبوات وإيقاعهم بين قتيل وجريح.

ووثقت المشاهد دخول مسيّرة إسرائيلية وكلاب بوليسية للتأكد من خلو المكان من المقاومين، قبل وصول القوة الإسرائيلية إلى مكان الكمين، وكان عددهم 9 جنود؛ حيث تمَّ تفجيره وإيقاع أفراد القوة بين قتيل وجريح، وسط تكبيرات مقاتلي القسام.

ويُتهم جيش الاحتلال الإسرائيلي بإخفاء الأرقام الحقيقية لخسائره في الأرواح، خاصة مع تجاهل إعلانات عديدة للفصائل الفلسطينية بتنفيذ عمليات وكمائن ضد عناصره، تؤكد أنها تسفر عن قتلى وجرحى. 

ويفرض الاحتلال وفق تقارير دولية عديدة، رقابة عسكرية صارمة على وسائل إعلامها بخصوص الخسائر البشرية والمادية جراء ضربات "الفصائل الفلسطينية"، لأسباب عديدة، بينها الحفاظ على معنويات الإسرائيليين.

وتأتي العملية في إطار تصدي "القسام" للتوغل الإسرائيلي، في وقت تواصل فيه تل أبيب بدعمٍ أميركي منذ 7 أكتوبر 2023 جرائمَ إبادة جماعية في غزة، خلفت أكثر من 172 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

ومطلع مارس/آذار 2025، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل بدأ سريانه في 19 يناير/ كانون الثاني 2025، بوساطة مصرية قطرية ودعم أميركي، التزمت به حماس، وتنصل منه الاحتلال واستأنف الإبادة بغزة في 18 مارس/ آذار 2025.

ومنذ استئناف العدوان على غزة تصاعدت عمليات المقاومة الفلسطينية، وأقر جيش الاحتلال بمقتل 6 جنود -على الأقل-.

ورحَّب ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي بكمائن القسام وعدوها مشروعة لردع العدوان الإسرائيلي وتأديب الكيان على انتهاكات اتفاقيات وقف إطلاق النار، معربين عن سعادتهم بكمين المقاومة في رفح، ورأوه انتصارا ضد الاحتلال.

وأشادوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية على منصتي “إكس” و"فيسبوك"، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #رفح، #كتائب_القسام، وغيرها، بشجاعة مقاتلي القسام وذكائهم في تنفيذ الكمائن وإصابتهم الهدف ومراوغة جنود الاحتلال، وتحقيق خسائر في صفوف العدو.

وقدم ناشطون قراءات وتحليلات لكمائن المقاومة، وتحدثوا عما تحمله من دلالات على براعة المقاومة وتراكم خبراتها العسكرية والميدانية، مسلطين الضوء على أن العملية فاضحة لضعف وهشاشة جيش الاحتلال وفشله في توقع العملية وقراءة الميدان وتجنب كمائن المقاومة.

حفاوة وترحيب

وحفاوة بعملية القسام، أوضح الصحفي تركي الشلهوب، أن ضمن سلسلة كمائن "أبواب الجحيم" قام رجال المقاومة في رفح باستهداف منزل يوجد فيه جنود الاحتلال، ثم استدرجوهم إلى عين نفق مفخخة وفجروه بـ6 جنود وكلابهم.

وقال: إن المفارقة أن الطائرة المسيرة والكلاب الذين سبقوا الجنود لم يكتشفوا مكان وجود رجال القـسام.

وقال الناشط خير الدين الجبري: "9 جنود وكلبان راحوا.. المجموع: 11 كلبا بفكروا فش حد بالبلاد".

وقال أحد المغردين: "حين يصمت العالم.. تتكلم بنادق القسام"، مؤكدا أن "أبواب الجحيم ليست مجرد عملية، بل زلزال عسكري يهز الأرض من تحتهم".

وأضاف أن جيش الاحتلال ضاع بين دخان التفجير وصوت التكبير، قائلا: "هنا تُفرم الأساطير وتُصنع الكرامة، اللهم انصرهم نصرا يذهل الظالمين".

وعلق أحمد أبو زيد، على كمين المقاومة، قائلا: "بعد 19 شهرا من المعركة: كمائن محكمة - واستدراج احترافي.. وتصوير دقيق لآخر لحظة قبل تطاير الأشلاء".

إشادة وثناء

وإشادة بمقاتلي القسام وثناء عليهم، قال الطبيب المصري يحيى غنيم: "سلام على غزة، سلام على أبطالها ومقاومتها، سلام على رجالها ونسائها وأطفالها، سلام على صبرها وجلَدها، سلام على جرحاها وشهدائها".

وأكد أنها "ستبقى غرَّة فى جبين العروبة والإسلام ومعلمة تاريخية مهما حاول المجرمون طمسها".

وعرض الصحفي مختار غميض، المشاهد التي بثتها القسام للعملية، مشيرا إلى أن البعض تحدث بعد انتهاء الهدنة عن أسباب تراجع العمل المقاوم، وأن مراقبين أكدوا أن المقاومة أصبحت أكثر خبرة في نصب كمائن الموت وإخفاء العبوات المفخخة وعودة المقاومين سالمين.

وأكدت الإعلامية مايا رحال، أن "الجميل بأمر القسام والمقاومة بغزة أنها تبدع في إخفاء المتفجرات في أي كمين محكم، رغم أن جنود جيش الاحتلال يقومون بكشف مبكر للمنطقة بأجهزة الكشف العالية الدقة، ومع ذلك يفشلون في كشف متفجرات المقاومة".

وقالت: إن "المقاومة تدير المعركة ببطولة لا توصف".

وناشد أبو محمد اليمني، المقاومة قائلا: "يا كتائب القسام أنتم عنوان الكرامة وقلب الأمة النابض.. والله لا يبغضكم ولا يعاديكم إلا خائن بلا شرف".

وتساءل الصحفي محمد هنية: "كيف لرفح.. أن تُخطط للكمائن، تُوثق التحضيرات وترسل الرسائل، ثم تُنفذ وبتوثيق متعدد الكاميرات، ثم ترسل التفاصيل للقيادة، فتنشر بنفس اللحظة بيان مقتضب، ثم يوم والثاني يُنشر توثيق العملية".

وتابع تساؤلاته: “كيف لكل هذا التكامل أن يتواصل بعد إبادة رفح وفي ظل محورهم الجديد، وفي ظل زخم النار والقوات، كيف لهذه المعجزات أن تتحقق؟”

وقالت إيمان العمري، إن "القسام تُعَدّ من النماذج العسكرية الفريدة حيث دمجت بين التكتيكات الكلاسيكية للجيوش النظامية وأساليب حرب العصابات مما جعلها ظاهرة مميزة في العلم العسكري الحديث، وفقدانها لبعض قادتها لم يؤثر عليها، بل تعافت بسرعة وواصلت بكفاءة!".

تحليلات وقراءات

وفي تحليلات وقراءات للكمين وعمليات المقاومة، أوضح المحلل السياسي أحمد الحيلة، أن "المقاومة تكثف عملياتها النوعية في رفح، للتأكيد على أن كل قطاع غزة ساحة للمقاومة، حتى مدينة رفح التي تم تدميرها بنسبة 80 بالمئة، وأعلن نتنياهو قبل أسبوع بأنه تم تفكيكها بالكامل".

وأكد أن ذلك يزيد من إحباط الجيش العاجز عن تحقيق السيطرة وأهداف نتنياهو السياسية، قائلا: إن "كثافة العمليات النوعية وسقوط جنود وضباط قتلى وجرحى في معظم العمليات إن لم يكن في كُلّها، يدل على أن حرب الاستنزاف تزداد تكلفة على الاحتلال".

وأضاف الحيلة أن "هذا ما يجعل 50 بالمئة من الاحتياط يرفضون الخدمة، و70 بالمئة من الجمهور الإسرائيلي يدعون لوقف الحرب".

وأشار إلى أن "الاحتلال يعمل على تجهيز مدينة رفح لتكون منطقة نزوح كثيف لسكان القطاع، بذريعة توزيع المساعدات فيها بإشراف أمني عسكري إسرائيلي، وهذا ربما يكون مقدّمة لدفع الفلسطينيين إلى سيناء بالقوة العسكرية في لحظة ما".

وأكد الحيلة أن "عمليات المقاومة (سلسلة أبواب الجحيم، في مدينة رفح ضرورة لإفشال أهداف الاحتلال، والدفع باتجاه وقف العدوان على غزة".

وأشار أحد المغردين، إلى أن "الكمين بدأ بخروج مجاهدي القسام من النفق لاستدراج الصهاينة لداخل منطقة (المقتلة) في الكمين"، قائلا: إن الملاحظ أن "النفق بجدران إسمنتية، ما يعني بأنه نفق قديم قبل 7 أكتوبر ويبدو أن المكان مقر سابق للمقاومة".

ولفت إلى "وجود متاريس مليئة بالتراب المستخرج غالبا من النفق المحفور"، مؤكدا أن "اختيار مكان الاشتباك مع جيش الاحتلال يكون بناء على معلومات استخبارية عن اقتراب جيش العدو من المقر والتخطيط لاستدراجه للمكان ليكون محكوما بظروف وقواعد المقاومة".

وأوضح أنه "بعد دخول المقاومين للنفق، أدخل الجيش الصهيوني الدرونز والأدلة الحيوية (الكلب) لتمشيط المكان للتأكد من خلوّه من العدو (المقاومة)، متعجبا من حدوث ذلك رغم أن الكلاب ضمن وحدة عوكيتس ومعناها (اللدغة) وهي مدربة بأعلى تدريب وبتكلفة عالية وخسرت ثلاثة جنود، و42 كلبا خلال حرب غزة".

ورأى كمال حبيب، أن "كمائن أبواب الجحيم في رفح أثبتت أن المقاومة روح تسري في فلسطين تغذت بدماء الشهداء وتعمدت بالمواجهة مع العدو من المسافة صفر بقذائف الياسين وبالكمائن المركبة".

وقال: "ولى زمان أن يكون للعدو قولا في نزع سلاح المقاومة أو ترحيل مقاتليها أو إخراجهم من غزة". مؤكدا أن "النكبة القادمة لن تكون عربية، بل ستكون صهيونية يتحرر فيها العالم من إجرام الاحتلال الاستيطاني ووحشيته".

وعد عادل عبده، "كمائن الجحيم رسالة لمن يهمه الأمر بأن، أولادكم في خطر!".

وعرض الصحفي يحيى اليعقوب، تفاصيل الكمائن التي عرضتها المقاومة، قائلا: إنها "تدل على تفوّق تخطيط المقاومة على جيش الاحتلال في الميدان، وتلقي الاحتلال هزائم ميدانية مذلة، وخسائر كبيرة في الآليات والجنود".

ورأى أن "الكمائن تدل على ضعف الجهود الاستخبارية للاحتلال، وتفوق المقاومة عليه في قدرتها على التخفي في أعقد ميدان قتالي، واستخدام الأنفاق بشكل فاعل في الهجوم والانسحاب والتنقل".

وقال اليعقوب: إن “الكمائن تدل على استخلاص المقاومة للدروس من الجولة الأولى من الحرب، بحيث تعتمد على تنفيذ الكمائن المحكمة”، كما أن الميدان "الأضعف" كما ظن الاحتلال تحول لأبواب جحيم ومعادلة جديدة ترسمها المقاومة برفح.

وأضاف أن “الكمائن تدل على فشل أي خطط سياسية لتهيئة رفح لأي مشاريع تصفوية؛ لأن هذه الكمائن تفقد الاحتلال قدرته على السيطرة الميدانية”.

وأشار شهبي مزيد إلى أن "المتأمل في كمين رفح الذي بثته المقاومة في إطار سلسلة عمليات أبواب الجحيم، يرى أن المقاومة ازدادت خبرة في صناعة الكمائن والرصد في كل مكان كاميرا تابعة للمقاومة".

ولفت إلى أن "المقاومة ازدادت خبرة في إخفاء العبوات بطريقة يستحيل كشفها حتى للكلاب المدربة على كشف المتفجرات"، قائلا: إن "الأهم أن المقاومين يعودون إلى مراكزهم بسلام في رفح".