عزام الأحمد.. راعي الانقسام الفلسطيني يتقلد أمانة سر "تنفيذية منظمة التحرير"

تصدر الأحمد الساحة الفلسطينية ضمن أبرز الأسماء المتسببة بتعميق الانقسام
أصبح عزام الأحمد أحد أبرز الشخصيات الفتحاوية المثيرة للجدل على الساحة الفلسطينية، أمينا لسر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وهو من أبرز المناصب في هرم السلطة.
وتقلد الأحمد هذا المنصب خلفا لحسين الشيخ الذي أصبح نائبا لرئيس اللجنة ونائبا للرئيس الفلسطيني محمود عباس، وذلك بعد اختياره خلال اجتماع برئاسة الأخير في رام الله مساء 3 مايو/أيار 2025.
وتأتي التغييرات في هرم القيادة الفلسطينية وسط مطالبات عربية وإقليمية ودولية لها بإجراء إصلاحات سياسية في السلطة الوطنية ومنظمة التحرير مع تواصل العدوان الإسرائيلي على غزة وتطلع عباس إلى حكم القطاع رغم رفض تل أبيب.

تدرج في المناصب
الأحمد من مواليد قرية رمانة غرب مدينة جنين شمالي الضفة الغربية عام 1947، وهو حاصل على درجة البكالوريوس في الإدارة والاقتصاد من العراق.
نشط في الحركة الطلابية وشغل منصب رئيس الاتحاد العام لطلبة فلسطين -فرع العراق.
كما أصبح نائب رئيس الاتحاد العام لطلبة فلسطين، رئيس الاتحاد العام للطلبة العرب 1976-1980.
تقلَّد منصب سفيرا لفلسطين ممثلا عن منظمة التحرير في بغداد وأصبح معتمدا لدى حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" بالعراق عام 1980.
وأصبح عضوا في المجلس الوطني منذ العام 1974، ثم عضوا في المجلس الثوري لـ "فتح" في المؤتمر العام الخامس للحركة عام 1989.
فاز مرتين في انتخابات المجلس التشريعي عامي 1996 و2006، وانتخب رئيسا لكتلة "فتح" البرلمانية.
تولى عدة وزارات في حكومات متعاقبة، أبرزها وزارة الأشغال العامة 1996-2003، ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات 2003-2004.
كما أصبح نائبًا لرئيس مجلس الوزراء ووزير دولة لشؤون القدس في حكومة الوحدة الوطنية عام 2007.
وتدرج في مواقعه التنظيمية داخل "فتح"، واليوم يتمتع بعضوية اللجنة المركزية التابعة لها، إضافة إلى عضويته في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.
ويعد منصب أمين سر اللجنة التنفيذية من المواقع المحورية داخل منظمة التحرير؛ إذ يتولى متابعة أعمال هذه اللجنة وتنسيق الاتصالات بين أعضائها.
وتقليديا، فإن من يحوز هذا المنصب، يمهد طريقه نحو رئاسة منظمة التحرير ومن ثم قيادة السلطة، في خطوة سبق أن سار عليها الرئيس عباس.
فبعد وفاة الرئيس الأسبق ياسر عرفات عام 2004، شغل عباس أمين سر اللجنة التنفيذية، ثم بات رئيسا للمنظمة وانتهى به المطاف كرئيس للسلطة.
وهي خطوة يخطو إليها اليوم حسين الشيخ وقد يتبعه فيها الأحمد حال سريان الأمور وفق ما يخطط لها دون تدخل من الشارع الفلسطيني الذي ينظر إلى هذه الطغمة الحاكمة على أنها فاسدة وبلا شرعية أو شعبية.
راعي الانقسام
وخلال السنوات الماضية، تصدر الأحمد الساحة الفلسطينية ضمن أبرز الأسماء المتسبّبة في تعميق الانقسام الداخلي بين فتح وحركة المقاومة الإسلامية حماس.
ويعد الأحمد مسؤول ملف المصالحة بحركة فتح، وقد تسببت تصريحاته ومواقفه التوتيرية والمتناقضة في إدامة الانقسام الذي بدأ عام 2007 بعد طرد حماس للسلطة من غزة.
وبدأ الانقسام باقتتال داخلي مسلح بسبب عدم تمكين سلطة عباس لحركة حماس من الحكم وإقالة الحكومة التي شكلتها، وذلك على الرغم من فوزها الكاسح في انتخابات عام 2006.
ورغم توليه ملف المصالحة منذ سنوات، لم يحقق الأحمد أي اختراق يُذكر، بل استثمر الملف في تعزيز حضوره الإعلامي والسياسي والولاء لعباس.
ولطالما ظهر الأحمد مبتسما في لقاءاته مع قادة حماس ما يظهر حالة التكاتف، لكنه كان ينقلب فجأة عليهم على وسائل الإعلام ويتهمهم في التسبب في إدامة الانقسام.
وفي يوليو/تموز 2018، هدد الأحمد باتخاذ "خطوات عملية" لتقويض سلطة حركة حماس التي يصفها بـ"الانقلابية"، داعيا السلطات المصرية لدعم هذا المسعى.
وقال خلال مقابلة تلفزيونية من القاهرة في تصريحات لطالما كررها: "غزة مختطفة، أحب من أحب وكره من كره، إنها مختطفة من قوة مسلحة من حماس تسيطر على القطاع رغم أنف أبناء شعبنا".
ولطالما حاول الأحمد تأليب السلطات المصرية على حماس، كما اتهمها مرارا بالتدخل في الشأن المصري، كما فعل عام 2014، بعد شهور من انقلاب رئيس النظام الحالي عبد الفتاح السيسي على الرئيس الراحل محمد مرسي.
ففي عام 2014، أعرب الأحمد عن رفض فتح التام لما وصفه بتدخل حماس أو أي جانب فلسطيني في الشأن المصري، مشيرا أن هناك مؤشرات سلبية بسبب الممارسات التي تقوم بها تجاه مصر.
وجاءت خطوة الأحمد في وقت صعد الإعلام المصري الموالي للنظام هجومه على حماس واتهام مرسي بالتخابر معها، واختلاق أكاذيب بشأن شن الحركة عمليات داخل مصر.

محرّض رئيس
ومنذ 2006؛ عام فوز حماس بالانتخابات، قالت الحركة: إن الأحمد هو “أحد أبرز المحرضين ضدنا وأحد قادة الانقلاب ضد الحكومة الفلسطينية” التي تشكلت وقتها برئاسة القيادي الراحل إسماعيل هنية.
وأوضحت الحركة أن الأحمد “يواصل حملته التحريضية ضد الحكومة، ويرفض هو وقادة فتح دعوة المصالحة الوطنية الشاملة التي طرحها هنية”.
ولم يخفِ الأحمد دعمه الصريح للعقوبات المفروضة خلال سنوات الانقسام على قطاع غزة، بل تفاخر بذلك عبر وسائل الإعلام.
واعترف أنه أحد الذين شاركوا عباس والقادة المقربين منه، بوضع العقوبات التي فرضت على سكان غزة، لإجبارهم على الخروج ضد حركة حماس.
وقال في أحد تصريحاته: “أقول بملء فمي إن غزة ليست بحاجة إلى إمدادات من المواد الغذائية أو الإنسانية".
وأوضح في يناير/كانون الثاني 2019 أن إجراءات جديدة سنتخذها السلطة الفلسطينية ضد قطاع غزة قد تشمل الجوازات والشهادات التعليمية.
وأضاف الأحمد في تصريحات تلفزيونية عبر قناة العربية الحدث وقتها أن “هناك احتمالية لقيام السلطة بسحب موظفيها من معابر غزة الأخرى”.
وأردف: "تحملنا حماس إلى مرحلة القرف وانسحابنا من المعبر مجرد بداية وسنواصل خطواتنا حتى تقويض سلطة المليشيا".
وتابع: أنا من الذين دعوا لإعلان غزة إقليما متمردا من قبل مليشيا مسلحة منذ اللحظة الأولى لأحداث الانقسام".
وذكر أن "الأطفال قبل الشباب والنساء قبل الرجال والفصائل عليهم مسؤوليات ولم يعد مقبولا فقط أن ندين، وأنا واثق أن أهلنا في غزة سينتفضون (ضد حماس) كما انتفضوا في السابق".
كما تعهد بإفشال مشروع الميناء البحري بين غزة وقبرص، بحجة منع الانفصال عن الضفة الغربية، في وقت لم يفعل شيئًا لمنع تقسيم الأخيرة نفسها بالمستوطنات والحواجز العسكرية الإسرائيلية.

فاسد متناقض
يُلقب الأحمد محليا بـ “لص بغداد”، وهو لقب استحقه حين كان سفيرا لمنظمة التحرير في العراق، بعد اتهامه بشراء عقارات شخصية بأموال مخصصة لدعم الفلسطينيين، وفق ما قالت وسائل إعلام محلية.
وقال موقع الشاهد وشبكة الصحافة الفلسطينية اللذين يبثان من الضفة الغربية: إن الأحمد صرف في تلك الفترة رواتب لأفراد أسرته، منهم ابنته التي لم تكن تتجاوز الثامنة من عمرها، مبررًا ذلك بأنها “ترد على الهاتف في المنزل”.
وأوضحت الشبكة أن هذا أحد المشاهد العبثية التي “تعكس استباحة المال العام من قبل شخصيات محسوبة على رأس الهرم السياسي الفلسطيني”.
ومن ضمن فضائح الفساد والمحسوبية المرتبطة بالأحمد، فرضه تعيين قريبة زوجته، خولة الشخشير، وزيرة في حكومة الحمد لله عام 2014.
وواجه الأحمد الأمر بتكذيب علني على الهواء مباشرة، مؤكدًا أن اسمها وُضع في القائمة بطلب مباشر من الأحمد.
لاحقا، دفع الأحمد بتعيين ابن شقيقه، أحمد، مديرًا عامًا للشؤون القانونية في سلطة الأراضي، بعد إجبار المدير السابق على الاستقالة.
كما أُدرج اسم ابن شقيقه ضمن قوائم منح الدكتوراه في المغرب، وسط سخط واسع داخل سلطة الأراضي، وفق ما قال الموقعان اللذان يبثان من الضفة.
الفساد طال أيضا شقيقه علام الأحمد، محامي منظمة التحرير في الأردن، الذي اتهم بتلقي رشوة بقيمة 1.95 مليون دولار ضمن صفقة وهمية لشراء أرض في الأردن.
وفي لقاء مع الإعلامي اللبناني طوني خليفة، اعترف الأحمد بكل فخر أنهم كسلطة وحركة فتح من جماعة المخابرات الأميركية CIA.
ولكن عاد في مقابلة أخرى مع نفس الإعلامي منكرا حقيقة الفيديو، ومؤكدا أنه “مفبرك” رغم أنه لقاء بالصوت والصورة.
ووصلت تناقضات الأحمد إلى إصدار مواقف مختلفة تتعلق بالشؤون الداخلية لحركة فتح نفسها، خاصة فيما يتعلق بملف القيادي المفصول منها محمد دحلان.
وقال الأحمد في تسريبات صوتية سابقة إنه مقتنع ببراءة دحلان بنسبة 90 بالمئة، وإن عباس هو المسؤول عن فشل السلطة في غزة، متهما حركة فتح بـ"العاهرة".
لكنه في الاجتماعات الداخلية وعلى الشاشات، يهاجم القيادي المنافس لعباس بلا هوادة ويتهمه بالخيانة ويتزلف لرئيس السلطة للحفاظ على مكانته في السلطة.
المصادر
- شاهد.. عزام الأحمد يهدد بتقويض سلطة حماس
- حماس:عزام الأحمد هو أحد قادة الانقلاب ومؤتمره خطاب ردح مغرق في محاولات التضليل ونشر الأباطيل
- الأحمد: عقوبات غزة ستشمل وقف الجوازات والشهادات المدرسية
- عزام الأحمد يهاجم حركة حماس من القاهرة
- عزام الأحمد.. "لص بغداد" على هرم السلطة
- فساد عزام الأحمد يتصدر المشهد.. شبكة مصالح عائلية وفضائح أمنية وأخلاقية
- عزام الأحمد.. “لص بغداد” أمينًا لسر تنفيذية منظمة التحرير