حال تهجير فلسطينيي غزة.. هل تنسحب مصر من كامب ديفيد وتعلن الحرب؟

إسماعيل يوسف | منذ ٩ أيام

12

طباعة

مشاركة

بعد سلسلة من المناوشات الكلامية بسبب مخطط إسرائيل وأميركا لتهجير فلسطينيي غزة إلى مصر، تصاعد الحديث أخيرا بشأن احتمالات انسحاب القاهرة من اتفاقية التطبيع مع تل أبيب "كامب ديفيد" بعدما باتت “بنودها بلا قيمة”.

مسؤولون مصريون أكدوا أن القاهرة بعثت بالفعل رسالة إلى الخارجية الأميركية والبنتاغون وأعضاء بالكونغرس وإسرائيل وبريطانيا وفرنسا وألمانيا تحذر من نيتها تلك، حال جرى المضي قدما نحو تنفيذ مخططات التهجير.

وقالوا لوكالة "أسوشيتد برس" الأميركية في 6 فبراير/ شباط 2025، إن الرسالة المصرية أوضحت لهم جميعا أن مخطط ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة "يعرض معاهدة التطبيع المصرية الإسرائيلية للخطر وينهي بنودها ومن ثم وجودها".

تزامن هذا مع تصاعد هيستريا إعلامية إسرائيلية بسبب ادعاءات غير مؤكدة عن نقل مصر قوات ومعدات إلى سيناء، عادّة هذا مؤشرا لنوايا مصرية لمحاربة إسرائيل.

أيضا صدرت تحذيرات إسرائيلية رسمية من شراء الجيش المصري أسلحة حديثة، رغم أنها ليست في حالة حرب مع إسرائيل.

فماذا يجرى بين القاهرة وتل أبيب؟ وهل ينهار اتفاق كامب ديفيد حقا؟ ولماذا تحرّض إسرائيل ضد الجيش المصري؟

هل تنوي مصر الحرب؟

بعد صموده ما يقرب من نصف قرن، بات اتفاق التطبيع بين مصر وإسرائيل الموقع عام 1979 مهددا، بسبب مخطط ترامب الخاصة بتهجير فلسطينيي غزة، وفق الرسالة المصرية التي سُلِّمت لواشنطن وإسرائيل ودول أوروبية.

كانت "رسالة القاهرة"، تُحذر بوضوح من أنه حال شروع إسرائيل في تنفيذ ما أعلنه ترامب، لتهجير فلسطينيي غزة لمصر والأردن، ستصبح معاهدة التطبيع من الماضي، واحتمال أن تتجدد الحرب بين مصر وإسرائيل.

تضمنت تهديدا صريحا بأن "تهجير الفلسطينيين سينهي معاهدة التطبيع مع إسرائيل"، حسبما أكدت “وكالة أسوشيتد برس”.

وتم إرسالها بعدما أعلنت إسرائيل عن التحرك لوضع خطط لتنفيذ المقترح الأميركي بترحيل أعداد كبيرة من الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر، للبقاء فيها أو للسفر منها لدول العالم، بما يتماشى مع اقتراح ترامب.

وبالتزامن أطلقت مصر حملة دبلوماسية خلف الكواليس لمنع تنفيذ مخطط ترامب، محذرة من أنها قد تزعزع استقرار المنطقة وتهدد معاهدة التطبيع التي أبرمتها مع إسرائيل منذ عقود، حسب أسوشيتد برس أيضا.

وكانت الحكومة المصرية استبقت التحذير ببيان قالت فيه: إن تهجير الفلسطينيين أو منعهم من العودة إلى وطنهم "يثير عودة الأعمال العدائية ويشكل مخاطر على المنطقة بأكملها وأسس التطبيع".

كما أكد مسؤولون مصريون لصحيفة "واشنطن بوست" أن القاهرة نقلت معارضتها الشديدة لمخطط التهجير للحكومتين الأميركية والإسرائيلية، وأبلغتهم بوضوح أن "المخطط يهدد الأمن القومي المصري، ويمكن أن يزعزع استقرار الشرق الأوسط".

وقد نقلت وكالة "جويش برس" اليهودية، في 6 فبراير 2025، عن وزارة الدفاع الإسرائيلية، أنه "على الرغم من المصالح الإستراتيجية المشتركة والأسباب العديدة لتجنب المواجهة العسكرية، فإن التوترات بين مصر وإسرائيل قد تتصاعد إلى صراع، سواء بسبب سوء التقدير أو الحوادث غير المتوقعة".

ولذلك، يؤكد المسؤولون العسكريون الإسرائيليون أنه يجب أن يظل الجيش الإسرائيلي مستعدا لاحتمال حدوث صدام مع مصر، حتى لو لم يسع أي من الجانبين بنشاط إلى ذلك"، وفق الوكالة اليهودية.

وأعربت وكالة "جويش برس" عن انزعاجها من أنه رغم الصعوبات الاقتصادية الكبيرة التي تواجهها مصر، فإنها تشهد إنفاقا عسكريا كبيرا.

وأكدت أن الجيش الإسرائيلي يرصد بانزعاج، أيضا، أنشطة عسكرية مصرية في وسط سيناء، واستعدادات لوجستية وبناء حواجز أسمنتية تهدف لمنع المركبات المدرعة الإسرائيلية من التقدم.

قالت: “أعرب مسؤولون سياسيون إسرائيليون عن قلقهم إزاء الحشد العسكري غير المسبوق الذي تقوم به مصر، بما في ذلك بناء الأنفاق والجسور فوق قناة السويس، وحذروا من أن هذه التطورات قد تسهل الانتشار السريع للقوات المصرية في سيناء”.

ويقول المحلل السياسي الإسرائيلي "يوني بن مناحيم"، إن "إسرائيل لعبت دورا مباشرا في دعم الحملة العسكرية المصرية ضد تنظيم الدولة في سيناء، وعرضت المساعدة باستخدام الطائرات بدون طيار والمعلومات الاستخباراتية عن مخابئ المتشددين".

"والآن يشكو المسؤولون الإسرائيليون من أن "مصر أظهرت عدم الامتنان، على الرغم من أن إسرائيل قدمت موافقة استثنائية بالسماح لمصر بنشر قوات عسكرية كبيرة في سيناء لمحاربة داعش"، كما يقول "مناحيم".

ورغم هذا التصعيد، نقلت قناة "العربية" السعودية في 8 فبراير 2025، عن مصادر لم تحددها أن "إسرائيل طمأنت مصر بشأن معاهدة التطبيع في رسالة تؤكد التزام تل أبيب بمعاهدة التطبيع الموقعة عام 1979".

وقالت إن القاهرة تلقت أيضا رسالة من الولايات المتحدة مفادها أن "واشنطن لا تنوي الصدام مع مصر أو أي دولة عربية أخرى بشأن الوضع في غزة".

لماذا يقلقهم جيش مصر؟

واكب هذه الأزمة، تحذير كبار مسؤولي الاستخبارات الإسرائيليين من أن "شيئا غريبا جدا يحدث في مصر من حيث تحركات القوات وتدريبات للجيش بالكامل، بما في ذلك سلاح البحرية والغواصات".

تقارير إسرائيلية وأميركية نشرتها صحف غربية أشارت لحشود عسكرية مصرية أمام بوابة الحدود مع غزة، وانتشار جيش مصر بكثافة، ونشرت حسابات إسرائيلية ومصرية صورا لهذه القوات، وانتقال فرقة الصاعقة 999 لمنطقة الحدود أيضا. 

صحيفة "بوش" العبرية وصفت تحركات الجيش المصري في سيناء بأنه أمر "مثير للقلق"، مشيرة إلى أن الجيش المصري أنشأ فرقا بآلاف الدبابات المنتشرة في سيناء تدريبات دون توقف.

وبرغم ترجيح محللين أن تكون مصر تستهدف بهذا توجيه رسالة لإسرائيل والغرب مرتبطة بأمنها القومي، فقد استمرت حملة تحريض واسعة من الجمهور والإعلام والسياسيين الإسرائيليين ضد الجيش المصري.

ووصل الأمر لقيام بعض الحسابات الإسرائيلية بالتحريض على ضرب مصر وقائيا بالسلاح النووي، لانتهاكها معاهدة كامب ديفيد وتسليح نفسها ونشر قواتها قرب الحدود.

قالوا: "ينبغي أن تشرح إسرائيل لمصر أنه بعد منح مصر كل سيناء مقابل التطبيع، ليس لدينا أي نية لشن حرب تقليدية أخرى ضد مصر، وبالتالي فإن أي هجوم مصري على إسرائيل سيقابله هجوم نووي شامل على القاهرة وبقية مدن الدلتا وسد أسوان".

وكان سفير الاحتلال السابق في القاهرة ديفيد غوفرين، حذر خلال حوار مع صحيفة "يديعوت أحرونوت" في 23 ديسمبر 2024 من "حدوث تغيرات في الوضع السياسي بمصر"، بعدما جرى في سوريا.

أكد أن "ما يزعجه هو تعاظم القوة التسليحية لمصر، واستثمار مبالغ ضخمة في الإنفاق العسكري، ومن ثم تخوفه أن يقع كل ذلك في يد نظام جديد، حال حدثت تغييرات في مصر على غرار سوريا".

ورأى أن "إسرائيل مطالبة بأن تأخذ في الحسبان القدرات العسكرية التي تبنيها مصر، وألا تعتمد على تفسير ذلك بنوايا مصر الإيجابية، لأنها قد تتغير بسهولة مع تغيير النظام، بعدما جرى في سوريا، وكما حدث عام 2012 مع صعود جماعة الإخوان المسلمين".

من جانبه، قال مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون لإذاعة "كول بارما" الإسرائيلية، الدينية يوم 2 فبراير 2025: "إنهم (مصر) يستثمرون مئات الملايين من الدولارات في المعدات الحديثة كل عام، وليس لديهم أي تهديدات على حدودهم".

وتساءل عن أسباب استثمار الجيش المصري ملايين الدولارات لشراء معدات عسكرية حديثة رغم عدم مواجهته أي تهديدات، و"لماذا يحتاجون إلى كل هذه الغواصات والدبابات؟"

مؤكدا أنه "بعد هجوم 7 أكتوبر 2023 يجب أن يكون هذا مدعاة للقلق"، "لقد تعلمنا درسنا، علينا أن ننظر إلى ما يحدث هناك، علينا أن نستعد لكل سيناريو".

وحرض دانون الولايات المتحدة أن تسأل مصر: “لماذا تحتاج إلى كل هذه المعدات؟” وحث واشنطن على "إعادة تقييم القضية (تسليح مصر)".

وردا عليه، قال السفير أسامة عبد الخالق، مندوب مصر الدائم في الأمم المتحدة، إن "مصر دولة كبيرة ويلزمها جيش قوي"، موضحا أن "الدول القوية والكبرى تلزمها جيوش قادرة على الدفاع عن أمنها القومي".

وأوضح في مقابلة مع فضائية "القاهرة الإخبارية"، أن الردع وتوازن القوى في أنحاء العالم يضمنان الاستقرار، والشرق الأوسط ليس استثناء من ذلك.

أدوات ضغط أميركية

وبالتزامن مع حملة التحريض الإسرائيلية ضد مصر، نشرت صحف مصرية العديد من التقارير حول ضرورة الاستعداد للاستغناء عن المعونة الأميركية لو استخدمها ترامب كأداة ضغط ضد مصر لتقبل التهجير.

وقال خبراء سياسيون مصريون: إن أميركا تمتلك أدوات ضغط على مصر لتمرير مقترح التهجير منها المساعدات العسكرية والاقتصادية، لكنهم أكدوا أن مصر تستطيع الرفض ولديها أدوات ضغط بالمقابل.

فقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مصطفى كامل السيد، لموقع "المنصة" في 6 فبراير 2025: إن الولايات المتحدة تمتلك نظريا أوراق ضغط على الإدارة المصرية، وهي المعونة العسكرية والاقتصادية والمشتريات العسكرية الأميركية.

وأضاف: وأيضا العلاقات التجارية بين البلدين، والاستثمارات الأميركية في مصر، بالإضافة إلى النفوذ الأميركي لدى المؤسسات المالية الدولية، وتحديدًا صندوق النقد والبنك الدولي.

لكن "السيد" قال: إن كل ما سبق أدوات ضغط "نظرية"، أما عمليا فالكونغرس الأميركي وافق بالفعل على المعونة العسكرية لمصر ولن يتراجع عنها، والمعونة الاقتصادية التي تقدر بحوالي 300 مليون دولار، هي "مبلغ ليس بالكبير ويمكن الاستغناء عنه في حال احتدام الأزمة".

ويشير السيد إلى أن مصر تملك أدوات ضغط على الإدارة الأميركية في حال وقف المعونة العسكرية، إذ ترتبط هذه المعونة باتفاقية التطبيع مع إسرائيل، وبالتالي يمكن لمصر التلويح بتعطيل الاتفاقية أو تخفيض التمثيل الدبلوماسي مع إسرائيل ووقف التبادل التجاري معها.

ورفض القول: إن “مصر لا تمتلك قوة في مواجهة الضغط الأميركي”، مضيفا "يجب أن نفهم جيدا أننا في مصر ضهرنا مش للحيط ونستطيع الرد على ترامب ورفض مقترحاته".

ويرى مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير رخا أحمد حسن أن ترامب لن يستطيع قطع المساعدات الأميركية؛ لأنها مرتبطة بشكل أساسي بعملية التطبيع مع إسرائيل، وبالتالي قطعها يعني انتهاك الاتفاقية وهو ما لا تريده أميركا ولا إسرائيل.

وقال السفير رخا لموقع "المنصة": إن "ترامب يريد المساومة على المستوطنات في الضفة الغربية، بأن يقول مش عاجبكم هذا؟ طب أنا هتنازل عنه، وفي المقابل سأعلن ضم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية لإسرائيل".

وضمن الحشد الإعلامي من أجهزة إعلام السلطة، قال المذيع عمرو أديب: إن “رعب إسرائيل التاريخي هو مصر.. وإذا كُتب علينا القتال فالمصريون لها”.