مستبدو إفريقيا في روسيا للاحتفال بالنصر على النازية الأوروبية.. ما القصة؟

"تمكن الرئيس الروسي من إظهار الصورة التي أرادها ترويجها لنفسه أمام العالم"
بمناسبة يوم النصر على النازية الموافق 9 مايو/ أيار من كل عام، دعت موسكو ستة رؤساء دول إفريقية، تجمعهم علاقات الأسلحة وحب الاستبداد، بحسب صحيفة "لاراثون" الإسبانية.
وإلى جانب ذلك، تسلط هذه الزيارات الإفريقية لروسيا الضوء على العلاقات القوية التي تربط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالقارة السمراء.
وقالت الصحيفة: إن بوتين تمكن من جمع كامل عصابته الدولية للاحتفال بيوم النصر الذي نظم في موسكو.
وبينما اجتمع أقل من نصف دزينة من الزعماء الأوروبيين في كييف، تمكن الرئيس الروسي من إظهار الصورة التي أراد ترويجها لنفسه أمام العالم: صورة الزعيم القوي لعالم جديد متعدد الأقطاب، يتحدى القوانين والنظام الذي أنشأه الغرب.
وكان من بين الزعماء المدعوين للاحتفال شخصيات من أمثال نيكولاس مادورو، وتيودورو أوبيانغ، وميغيل دياز شانيل، وألكسندر لوكاشينكو؛ ويعرف جميعهم بتوليهم مناصب استبدادية، وفي أغلب الحالات، مشهورون بكرههم المزمن لحقوق الإنسان وحرية شعوبهم.
وقد أثار اجتماع العديد من الرؤساء الأفارقة في موسكو الكثير من الجدل حول طبيعة علاقتهم بالكرملين، وسبب التقائهم في موسكو، مع الأخذ بعين الحسبان، على وجه الخصوص، علاقاتهم مع الكرملين.

تيودورو أوبيانغ
وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس دولة غينيا الاستوائية، تيودورو أوبيانغ، لم يرغب، منذ الإطاحة بعمه في عام 1979، في تفويت أي مناسبة تبرهن على تطور العلاقات بين روسيا والدولة الإفريقية بشكل مستمر.
وفي السنوات الأخيرة، سافر كل من أوبيانغ وابنه إلى موسكو مرارا وتكرارا للقاء فلاديمير بوتين، في سلسلة من الاجتماعات التي كانت مثمرة في الإجمال.
وفي سنة 2023، أعرب أوبيانغ الأب للزعيم الروسي عن رغبته في تعزيز التعاون في مجال الأمن والدفاع، لأن "روسيا تدعم غينيا الاستوائية".
ولم يكن عليه أن يسأل مرتين. بعد توقيع اتفاقية بين أوبيانغ الابن ووفد روسي أُرسل إلى مالابو، سُجِّل وجود أول عناصر روسية تابعة لفيلق إفريقيا على الأراضي الغينية الاستوائية في حزيران/ يونيو 2024.
ويتمثل دورهم في تدريب القوات الغينية الاستوائية، كما يشاركون في تأمين أسر قادة البلاد.
في المقابل، حصلت موسكو على إمكانية الوصول إلى خليج غينيا، الذي كان مربحا بالنسبة لها؛ ووسعت نفوذها السياسي في القارة الإفريقية.
وفي السنوات السابقة، قدمت روسيا لغينيا الاستوائية إمدادات كبيرة من الأسلحة، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي بانتسير-إس 1 وأنواع مختلفة من المروحيات القتالية.
من ناحية أخرى، وقعت شركة النفط الروسية لوك أويل في سنة 2020 اتفاقية تعاون مع غينيا الاستوائية، والتي، "ستسمح للشركات الروسية أيضا باكتشاف إمكانات استغلال موارد غينيا الاستوائية"، وفقا لأوبيانغ.
إيمرسون منانغاغوا
ونقلت الصحيفة أن رئيس زيمبابوي وصل إلى السلطة في سنة 2017 بعد أن نفذ ببراعة انقلابا ضد زميله في الحزب، روبرت موغابي، الذي حكم البلاد لمدة 37 سنة.
وقد واصل إدارة البلاد بعد انتخابات اتسمت بالغموض والتزوير في سنة 2018.
وشارك منانغاغوا في العديد من الأعمال التي يدينها القانون الدولي، بما في ذلك تورطه في مذابح جوكوراهوندي في الثمانينيات والقمع القاسي للمحتجين في سنة 2019، عندما فتحت الشرطة الزيمبابوية النار وقتلت 17 متظاهرا.
ونظرا لتراكم العقوبات التي تواجهها حكومته من قبل القوى الغربية، استفاد منانغاغوا من علاقة بلاده بروسيا وتمكن من توطيدها. في الأثناء، دعمت زيمبابوي روسيا مرارا وتكرارا في الأمم المتحدة، خاصة في سياق الحرب في أوكرانيا، في إطار معاداة الغرب المشتركة التي تخدم مصالحهما الخاصة.
ومن جهتها استثمرت روسيا، من خلال شركات مثل روس تك وفي هولدينج، في أكبر مشروع للبلاتين في زيمبابوي، والذي تقدر قيمته بأكثر من ثلاث مليارات دولار.
يضاف إلى ذلك الاستحواذ على تكنولوجيا المراقبة الروسية، لرصد أنشطة المعارضين، والاهتمام المتكرر من جانب منانغاغوا بإبرام اتفاقيات جديدة للتعاون العسكري مع موسكو.
إبراهيم تراوري
وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس المدلل من قبل موسكو وزعيم الحركة القومية الإفريقية، لم يتغيب أيضا عن هذه المناسبة.
وقد وصل إلى السلطة في بوركينا فاسو بعد انقلاب ناجح في أيلول/ سبتمبر 2022، ونصّب نفسه زعيما للحركات الإفريقية الأكثر معارضة للغرب.
وعلى الرغم من وجود تقارير متعددة عن القمع السياسي، وقتل المدنيين في حملات عقابية من جانب الجيش البوركينابي، فإن كل هذا لا يقلل من حقيقة أن تراوري أصبح شخصية بارزة بشكل متنام في المشهد السياسي الإفريقي.
وتربطه علاقة وثيقة بموسكو، وبدأ التعاون العسكري مع روسيا تحت قيادته بإرسال مدربين روس لتحسين تدريب العسكريين البوركينابيين.
ويأتي ذلك بالإضافة إلى بيع معدات عسكرية خفيفة لمكافحة التهديد الإرهابي الذي يواجه الدولة الإفريقية.
في المقابل، منحت حكومته أخيرا شركة التعدين الروسية نورد غولد ترخيصا لاستغلال منجم الذهب بيسا بولي.
ومن المتوقع استخراج ما لا يقل عن 20 طنا من الذهب في الأعوام المقبلة. ورغم أن مالي هي البلد الإفريقي حيث تحتفظ روسيا بحضورها العسكري الأكثر نشاطا، يبقى إبراهيم تراوري، بلا شك، أقوى حلفاء فلاديمير بوتين السياسيين في منطقة الساحل.
عمر سيسكو إمبالو
ونقلت الصحيفة أن رئيس غينيا بيساو وصل إلى السلطة بعد مشهد مثير للقلق حيث لم يتضح أبدا ما إذا كان قد فاز في انتخابات سنة 2019.
وبعد أن أدى اليمين الدستورية في حفل غير رسمي، اتسمت حكومته بالتوجه الاستبدادي، والاضطهاد السياسي، والاعتقالات العشوائية.
وبفضل تعاطفه الكبير مع موسكو وتقربه منها، تنازل فلاديمير بوتن عن دين قدره 26.7 مليون دولار لغينيا بيساو. ولم يتغيب رئيس البلاد عن المحافل الروسية منذ اعتلائه الحكم.
دينيس ساسو نغيسو
وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الكونغولي زار موسكو مرارا وتكرارا في السنوات الأخيرة، حيث لوحظ التقارب مع فلاديمير بوتين. وفي نيسان/ إبريل 2025، وقعت الدولتان اتفاقيات لتطوير مشاريع مشتركة في قطاع الطاقة، مع التركيز على استغلال موارد النفط والغاز.
كما تمت مناقشة المبادرات الخاصة ببناء خطوط أنابيب النفط والبنية الأساسية الحيوية الأخرى لتحسين الاتصال في مجال الطاقة بين البلدين.
وخلال هذه الزيارات، كانت اتفاقيات التعاون العسكري بين جمهورية الكونغو وروسيا حاضرة بقوة، والتي تشمل تدريب القوات الكونغولية على التكتيكات العسكرية والعمليات المشتركة.

عبد الفتاح السيسي
ونوهت الصحيفة الى أن الرئيس المصري الذي بقي في الحكم منذ انقلاب سنة 2013، لم يفوت أيضا هذه المناسبة لتأكيد انسجامه مع نظيره الروسي.
ويعرف الرئيس المصري باستبداده وقمعه الشديد لشعبه. وعلى الرغم من ذلك، ساهمت الأهمية الإستراتيجية لمصر على الساحة الدولية في تبييض صورته من قبل الغرب.
ومنذ وصول السيسي إلى السلطة، أصبحت روسيا موردا رئيسا للأسلحة، بما في ذلك دبابات تي -90 أم أس، وطائرات سوخوي سو-35 المقاتلة، وصواريخ كيه اتش-31، وغيرها.
ويضاف إلى ذلك اتفاقيات أخرى للتعاون العسكري بهدف تدريب القوات المصرية، بما في ذلك التدريبات العسكرية المشتركة مع قوات من كلا البلدين.
لكن، تتمثل جوهرة التاج في التعاون بين مصر وروسيا في بناء محطة الضبعة النووية.
ويضاف إلى ذلك مشاريع مشتركة مختلفة تتعلق بقطاعي الطاقة والغاز. كما أن الاستثمارات الروسية في مصر وفيرة، وتغطي القطاعات الزراعية والسياحية والصناعية.