غزة غائبة عن جدول أعمال أول زيارة خارجية لترامب إلى السعودية.. ما الأسباب؟

"الرياض طرحت شروطا تحضيرا لزيارة ترامب للمملكة"
أبعاد سياسية وإقليمية محيطة بالزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السعودية، خصوصا في ظل التصعيد على غزة وخطط إسرائيل لعملية عسكرية واسعة بالقطاع، إلى جانب التحفظ السعودي الواضح تجاه مناقشة ملف التطبيع مع إسرائيل.
وتحدثت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية عن زيارة ترامب إلى السعودية في 13 مايو/ أيار 2025، والتي تُعد أولى زياراته الخارجية بعد توليه الرئاسة.
واستعرضت أولويات الزيارة التي تركز على التعاون الاقتصادي والصفقات العسكرية والملف النووي الإيراني.
المصالح الثنائية
وأفادت الصحيفة بأن "قضية قطاع غزة لن تكون مدرجة على جدول أعمال أول زيارة خارجية لترامب إلى السعودية".
وذكرت أن "واشنطن والرياض والعواصم الخليجية الأخرى ستركز على قضايا العلاقات الثنائية والبرنامج النووي الإيراني".
وأشارت إلى أن "بعض الدبلوماسيين العرب يرون أن استعداد إسرائيل لعملية عسكرية واسعة في غزة يُلقي بظلاله على جولة الرئيس الأميركي، ولهذا السبب طلبت السعودية من الولايات المتحدة عدم التطرق إلى ملف التطبيع مع إسرائيل خلال القمة".
وتأكيدا على ذلك، أفادت مصادر لموقع "أكسيوس" الأميركي شاركت في التحضير للزيارة، بأن "قضية غزة لن تكون من أولويات جولة ترامب".
وبدلا من التطرق إلى المواضيع الحساسة المتعلقة بإسرائيل، سيناقش ترامب العلاقات الثنائية والاستثمارات، وفقا لما نقله التقرير الروسي عن "أكسيوس".
وحسب ما ذكرته الصحيفة، فإن "الأوساط الاقتصادية العربية تتوقع أن يولي ترامب اهتماما خاصا بالعقود في قطاعات مثل الطاقة والموارد المعدنية والخدمات المالية والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا والصناعة والرعاية الصحية".
وتابعت: "لا سيما أن الرياض كانت قد تعهدت سابقا بضخ 600 مليار دولار في الاقتصاد الأميركي خلال أربع سنوات، في حين وعدت الإمارات باستثمارات تصل إلى 1.4 تريليون دولار خلال عقد من الزمن".
وفي السعودية التي ستكون المحطة الأولى للرئيس الأميركي الـ47 بعد تنصيبه، ستُعقد قمة بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي، حيث سيُدعى قادة جميع دول المجلس.
وإلى جانب التعاون الاقتصادي، أضافت الصحيفة الروسية أن "قادة الدول الخليجية يعتزمون مناقشة مصير الاتفاق النووي لإيران مع حليفهم الرئيس، وسط تعثر الجولة الجديدة من المفاوضات لأسباب فنية".
ووفق ما ورد، فإن "اللاعبين الإقليميين يدعمون مساعي ترامب لحل أزمة البرنامج النووي الإيراني بالطرق السلمية، لكنهم يتوقعون منه توضيح موقفه بشأن ما إذا كان سيسمح لطهران بالاحتفاظ ببرنامجها لتخصيب اليورانيوم".
جدير بالإشارة إلى أن "ترامب، خلال ولايته الرئاسية الأولى، اختار السعودية أيضا لتكون أولى محطاته الخارجية، لكن الشرق الأوسط حينها كان مختلفا تماما.. إذ غيرت الحرب في قطاع غزة ملامح المنطقة، ومازالت المعارك المستمرة تثير قلق العالم العربي".
وبهذا الشأن، قال أحد المصادر: "تُقابَل زيارة ترامب إلى المنطقة في ظل الحرب في غزة بتقييم سلبي للغاية".
وعلل ذلك بأنه "كان قد أثار الكثير من الضجيج بإصراره على وقف إطلاق النار قبل تنصيبه ونجح في ذلك، لكن بعد ثلاثة أشهر من الاتفاق، ساء الوضع في غزة بشكل أكبر".
الضغط العسكري
وفي هذا السياق، سلطت "نيزافيسيمايا غازيتا" الضوء على أن "الحكومة الإسرائيلية وافقت على خطة العملية الهجومية المسماة (عربات جدعون)".
وبحسبها فإن “هذه العملية تهدف إلى تصعيد الضغط العسكري على حماس”.
وتخطط إسرائيل لتنفيذ هذه المبادرة بعد انتهاء زيارة ترامب إلى المنطقة، وتشمل احتلالا تدريجيا لغزة لفترة غير محددة ودفع المدنيين نحو منطقة واحدة جنوب القطاع.
علاوة على ذلك، ذكرت الصحيفة أن "قنوات إيصال المساعدات للفلسطينيين ستُراجع بشكل كبير وتُقيد، وذلك لتحفيز الهجرة (التهجير) على الأرجح".
وبهذا الشأن، أكدت مصادر أن "البديل القانوني الوحيد للبقاء في المنطقة هو الخروج (التهجير) من غزة إلى دول ثالثة، وهو ما سبق أن اقترحه ترامب".
وفي هذا الإطار، نوهت الصحيفة إلى أن "رئيس الولايات المتحدة كان يفترض في البداية أن دول الخليج ستقوم بتمويل خطة إعادة توطين سكان غزة وإعادة إعمار القطاع بالكامل، تمهيدا لتحويله إلى منطقة سياحية".
من جانبها، أعلنت قيادة حركة حماس أن "توسيع العملية العسكرية الإسرائيلية سيعرض حياة الأسرى للخطر".
وتشير التقديرات إلى أن "أكثر من 20 شخصا مازالوا محتجزين لدى الحركة، ويُعتقد أنهم لا يزالون على قيد الحياة"، بحسب ما ورد عن الصحيفة.
وذكرت حماس في بيان لها: "موافقة حكومة الاحتلال الإسرائيلي على خطط توسيع العملية البرية في غزة تمثل قرارا واضحا بالتضحية بالأسرى الموجودين في القطاع".
كما طالبت الحركة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بـ"اتخاذ إجراءات فورية لوقف تصرفات القيادة الإسرائيلية ومحاسبتها على الأعمال العسكرية".
ونقلا عن مصادر موقع "أكسيوس"، فإن "ترامب قرر التخلي حاليا عن لعب دور نشط في ملف غزة، رغم محاولات سابقة للوساطة بين إسرائيل وحماس".
لا مفاجآت
وخلال فعالية أُقيمت في سفارة إسرائيل بواشنطن بمناسبة الذكرى الـ77 لما سمي بـ"إقامة الدولة العبرية" أي نكبة 48، صرح المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيفن ويتكوف، بأن هناك "جهودا كبيرة تُبذل حاليا لتوسيع اتفاقيات أبراهام".
وبحسب الصحيفة، قال ويتكوف: "سيكون هناك عدد معين، وربما كبير، من الإعلانات قريبا جدا.. ونأمل أن يسهم ذلك في تحقيق تقدم كبير بحلول عام 2026".
وفي هذا السياق، أوضحت "نيزافيسيمايا غازيتا" أنه "كان من المفترض أن تكون السعودية الدولة التالية التي تنضم إلى اتفاقيات أبراهام، لكن في ظل الظروف الراهنة، أصبح هذا الأمر مستحيلا".
ووفق تصريح مسؤولين عربيين، فقد طرحت الرياض شروطا؛ تحضيرا لزيارة ترامب للمملكة، أبرزها "عدم إدراج ملف تطبيع العلاقات مع إسرائيل ضمن جدول الأعمال".
ومن ناحية أخرى، نقلت الصحيفة عن أحد المصادر قوله: إن "السعودية تأخذ الأمر بجدية كبيرة ولا تريد أن تُخدع بأي شيء يتعلق بإسرائيل خلال الزيارة المرتقبة".
وأضاف أن "زيارة ترامب تشكل مخاطرة كبيرة لصورة المملكة في ظل الحرب على غزة".
ونتيجة لذلك، أبرزت الصحيفة أن "الديوان الملكي السعودي قرر الإشراف بدقة على تفاصيل جولة ترامب، بدءا من الجوانب الفنية وصولا إلى مضمون الحوار".
وأكدت أن "الرياض طلبت من واشنطن التركيز خلال القمة على ثلاثة محاور فقط؛ الصفقات العسكرية-التقنية ومصير البرنامج النووي الإيراني والتعاون الاقتصادي، دون إدخال أي مواضيع إضافية".
وشدد أحد المتحدثين على أنه "لن تكون هناك مفاجآت أو طلبات غير متوقعة، لا في العلن ولا خلف الكواليس".